العودة   منتديات زهرة الشرق > >>{}{ المنتديات الادارية }{}<< > المواضيع المكررة والمخالفة

المواضيع المكررة والمخالفة كل ما يخالف قوانين المنتدى - مواضيع مكررة - مواضيع غير منسوبة لأصاحبها - مواضيع أكثر من الحد اليومي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03-02-05, 06:53 AM   #1
 
الصورة الرمزية النسر المحلّق

النسر المحلّق
نسـر الشـرق

رقم العضوية : 176
تاريخ التسجيل : Jul 2002
عدد المشاركات : 456
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ النسر المحلّق
وأشتاق لجنّة أمي!


وأشتاق لجنّة أمي!
(إلى كلّ الأطفال المصابين بداء السرطان)

يقول والدي أنّ عليّ الانتباه. يردّدها دوما ويمنعني عن اللعب مع بقيّة الرفاق. منذ ولدتُ وأبي يسنّ قوانين منعه عليّ دون أخي الذي يفعل ما يشاء. صحيح أنّه يكبرني بسنتين لكّنه لا يزال مثلي صغيرا، وهو بشقاوته المعهودة يتصرّف كما يحلو له ويريد. وجدتني مسلوبة الإرادة وتعوّدتُ أن أنصاع لأوامر أبي من دون اعتراض. أقنعتها نفسي بأنه من الأفضل أن أمتثل لقراراته لأنه يرى مصلحتي ويعي أكثر مني ما هي أسباب الموانع التي تعيقني. هكذا بقي الحاجز قائما بين رغبتي وبين لعبي مع الآخرين. والأغرب في الأمر أنني لم أكن أرى في ذلك أي إجحاف بحقي! ومرّت فصول وسنوات وتعوّدتُ على هذا النمط من الحياة. تساءلتُ لماذا عليّ دوما الانتباه وما وجدت لنفسي إجابة ترضيها! ألأننا نحن الصغار لا نجيد التفكير ولا نستوعب ما يفقه له الكبار؟ يقول والدي بأنني مختلفة عن أخي وعليّ تقبّل هذا الفارق بيني وبينه بِرِضا دون تخطّي الواقع. لم يشرح لي عن الأسباب الموجبة لموانعي وبقيتُ أتخبّط في حيرتي طويلا. واقع مرير هو ولا مجال للاعتراض عليه أو تلافيه. وهل أرفض أمرا بات طبيعيا بعد مرور الأعوام؟ أيّام مُرّة جعلتني جمراتها أحترق لضحكة وئام. لا أذكر يوما أنني تمكّنت من اللعب والركض مع الآخرين. كانت موانع والدي دوما تلاحقني وكأنه يخشى عليّ من شيء ما. أمّا غياب والدتي فله الأثر الأكبر في هذا الشعور بالعزلة والانطواء. لم أرها يوما معي، فوالدي يؤكّد بأنها غادَرَتْنا إلى رحاب الجنّة بعد ولادتي بثلاث سنوات. ربّما لهذا لم أشعر ليوم بهذا الإحساس بالارتياح والأمان الذي يتكلّم عنهما الصغار حين يلتجئون إلى أحضان أمّهاتهم بحثا عن غاية أو احتماء. قد يكون ذات الحنان أو العطف اللذان يعيرني إيّاهما والدي. لم أشعر بأنّه بخل عليّ بشيء من عاطفته السمحة وهو يلبّي لي كلّ احتياجاتي. ما يمنعه عني هو اللعب مع الآخرين كي لا أصاب بالإعياء. ذات مرّةً قرّرتُ أن أخالف توجيهاته وقمتُ بالركض واللعب مع الآخرين فأصبت بإنهاك شديد وأغمي عليّ. بعد أن صحوتُ وجدت نفسي في المستشفى وحولي أنابيب لا تعدّ ولا تحصى. اضطررتُ حينها على ملازمة الفراش لمدّة أسبوع وجدته ثقيلا... ثقيلا. يومها سمعتُ صدفة والدي يتحدّث عن مرض ما لم أفهمه ويعاني منه جسدي. سألتُ الممرّضة التي تهتمّ بي في غرفة العناية ماذا يعني مرض عضال؟ نظرّتْ إليّ نظرة حرجٍ تلمّستها في عينيها، امتزج فيها الذهول مع ملامح الشفقة، وابتسمت قائلة بأنّ هذا المرض لا يصيب إلاّ الكبار! كذبتْ الممرّضة عليّ. لم أُرِد أن أكسف خاطرها، فهي تهتمّ بي بشكل جيّد. لم أشأ أن أسأل والدي لأنني لا أريده أن يكذب عليّ، كما فعلت بي الممرّضة، وأنا أحبّه كثيرا. توجّهتُ بالسؤال إلى مدبّرة المنزل، فرمقتني مستكشفة وسألتني من أين أتيت بهذه الكلمة. هنا اضطررتُ أن أقوم بدور الممرّضة الكاذبة وتنصّلتُ من الإجابة كي لا أفضح والدي! مسكين أبي، فهو لا يعلم بأنني أعلم! بعدها لم أتوجّه بسؤالي إلى الكبار لأنني تعلّمتُ درسا مهمًّا منهم، وهو عدم الإجابة بصراحة على الأسئلة الصعبة التي تحرجهم. أو ربّما قد لا يفهمونها! سألتُ صديقتي لمياء عن معنى الكلمة، فأجابت بلا مبالاتها المعهودة وقلّة شعورها الصارخ أنني أعاني من مرض خبيث. وبرغم تأكيدها لي بأنها علمت بالأمر من والدتها لم أصدّقها. ريم، صديقتي الأخرى، قالت بأنّ الأمراض الخبيثة لا تصيب إلا الضعفاء أمثالي. صدّقتها ليس لأنني ضعيفة وإنما لأنّ الصغار يقولون الحقيقة التي يسمعونها من الكبار ولا يخبّئونها عليّ.
كيف يكون المرض خبيثا؟ ألأنّه لا يفصح عن مبتغاه؟ ألأنه يختفي في الجسد فلا يكتشفوا مكانه؟ ألأنّه يرفض الخروج من الجسد؟ أم لأنّ لا دواء له كما سمعت والدي يؤكّد؟ سؤال لم أتمكّن من الإجابة عليه وبقي يراود ذهني طويلا. وعندما أعيتني الإجابة سألت أخي الأكبر علّه يسعفني. كيف يمكن للمرض أن يكون خبيثا؟ ذهل لسؤالي وكاد أن يبكي ولا أعرف لماذا! استقبلني بضمّة عفويّة فتناسيت الأمر. لم يهدأ لي بال ورحتُ أفكّر في إجابة تعيرني بعضا من فهم. ومع السؤال تكاثرت الأسئلة التي بقيت من دون حلول. لا أفهم لماذا يخبّئ الكبار عن الصغار ما يعلمون به. وكأنّ الأمراض عيب لا يجوز التكلّم عنها! لم أقتنع بما سمعته من أحاديث الصغار، ومهما يشرحون لي لن أفهم حقيقة الأمر. وبقيتُ على هواجسي أسأل ما بي. إن كان المرض يختبئ في جسدي فلماذا لا يبحثون عنه؟ لماذا يتحاشى جميع من أعرفهم الإفصاح عن حقيقته؟ وهل وحدي أنا من يأوي مرضا خبيثا؟ بقيت هذه الأسئلة تجول في خاطري إلى أن قرّر والدي مصارحتي بعد أن وجدني حزينة لا قوّة لي ولا رغبة في الحياة. قال والدي بأنني أعاني من مرض يعدّ من الأورام الخبيثة. يقال له خبيث لأنّ لا مجال لاستئصاله. هكذا فهو يربى في داخلنا دون أن نتمكّن من معالجته. سألتُ والدي وهو في خضمّ حديثه معي ماذا يعني مرض عضال. أجابني بنوع من الأسف والحرج بأن كلّ مرض يحدده الطبّ ولا مجال لاستئصاله أو معالجته بالأدوية يكون عضالا ولا إمكانية لإيجاد حلول له. أردف بعدها أن أسباب هذه الأمراض لا تُعرف بعد وقد يأتي يوما يكتشف لها علاجات ناجعة وهي مسألة وقت لا اكثر. تمنّيت لحظتها لو أنني ولدتُ في زمن توجد فيه علاجات لتلك الأمراض الخبيثة. أنهى والدي حديثه معي فانشرحت أساريري بعض الشيء لعلمي بما يصيبني وقد وجدت أخيرا تلك الأجوبة التي بحثتُ عنها طويلا. أكان من الصعب عليه قول ما تقدّم به من شرح؟ لا أفهم لماذا تتعقّد الأمور إلى هذه الدرجة حين يريد الكبار مصارحتنا بالحقيقة. أم لأن الحقيقة غالبا ما تكون جارحة!
ما لم يقله والدي بصراحة هي أن المرض العضال فتّاك وهو في النهاية يقودني إلى الموت. لم أفهم مما خوفه. أهو خوف عليّ من الرحيل؟ أم أنه خوف من أن يبقى بمفرده مع أخي؟ ربّما لم يدرك بأنني في حالتي هذه أشتاق لجنّة والدتي!
ويبقى المرض يحفر مأساته في جسدي.


توقيع : النسر المحلّق
ضوء فلك مسافر أنا...
إن تهتِ فضاءً أتيتك!
دمعة حلم رائعٍ أنا...
إن تخيّلتني فارسًا اختطفتك!
نظرة ودٍّ مشاكسةٍ أنا...
تنساب حنانًا وتأتيني بك!
زهرة وردٍ من بستانك أنا...
إن قطفتني احمرّت وريقاتها خجلاً
و...تناثرت تباعًا على نبض قلبك!
ومن أناملك الوجلى...
خرجت بالحلم ضوءً يحمرّ دمًا
وعلى الوجنتين يرسم الملامح
ويطوف أبراجك سعدًا ووجد...
وإلى كوكب الزهرة يرحل بك!!!

النسر المحلّق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:57 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)