العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة العامة }{}< > زهرة المدائن

زهرة المدائن مدن فلسطينية - تاريخ القدس - تراث فلسطين - شهداء فلسطين - الفلكلور الفلسطيني - أغاني فلسطينية - أخبار العالم - أخبار السياسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 16-11-02, 07:04 PM   #1

أقرب صاحب
محرر في زهرة الشرق

رقم العضوية : 287
تاريخ التسجيل : Aug 2002
عدد المشاركات : 1,248
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ أقرب صاحب
نظرة إلى المستقبل


نظرة إلى المستقبل

إدوارد سعيد

كل من له علاقة بفلسطين يعيش اليوم في حال من الصدمة والغضب. ان الهجوم الإسرائيلي الكولونيالية الشامل (بدعم بشع وغبي من جورج بوش) علي الشعب الفلسطيني يفوق في وحشيته الهجمات التي قادها شارون سابقاً ضد هذا الشعب في 1971 و1982. كما ان المناخ السياسي والأخلاقي اليوم أكثر فجاجة وتبسيطاً بكثير، فيما يلعب الإعلام دوراً تخريبباً أكبر في إبراز المنظور الإسرائيلي (كما في التركيز الدائم علي الهجمات الانتحارية الفلسطينية بمعزل عن سياقها: الاحتلال اللا شرعي المستمر منذ 35 سنة). إضافة إلى ذلك هناك الهيمنة الأميركية غير المسبوقة عالمياً، واستحواذ الحرب علي الإرهاب علي جدول الأعمال الدولي، مقابل الحضيض الجديد من التفكك والتشرذم اللذين بلغهما العالم العربي.
كل هذه العناصر مجتمعة شحذت وغذْت غرائز شارون الدموية، ما يعني عملياً ان بمقدوره الآن اقتراف مقدار أكبر من الدمار من دون أي رادع. لكنه في الوقت نفسه يبقي، مثلما كان طوال حياته، محكوماً بالتحجر والحقد الأعمى، الملازمين دوماً للفشل سياسياً وحتى عسكرياً. ان في الصراعات بين الشعوب عناصر أكثر مما يمكن إلغاؤه بالطائرات والدبابات، كما لا يمكن للحرب علي المدنيين العزل - مهما استمر شارون في تكرار تعويذته الغبية والمملة عن الإرهاب - أن تقود إلى نتيجة سياسية دائمة من النوع الذي يحلم به. فالفلسيطينون باقون. ومن شبه المؤكد أنه في النهاية لن يحصد سوي الخزي والرفض من جانب شعبه. فهو لا يملك خطة سوي تدمير كل ما له علاقة بفلسطين والفلسطينيين. وقد فشل في تركيزه المهووس علي ياسر عرفات والإرهاب في تحقيق شيء سوي دعم مكانة عرفات، وتسليط الضوء في الوقت نفسه علي مدي جنون شارون.
لكنه في النهاية مشكلة متروكة للإسرائيليين. أما بالنسبة إلينا فعلينا أن نبذل كل جهدنا الأخلاقي لنضمن استمرار مسيرتنا علي رغم كل العذاب والدمار الذي تفرضه هذه الحرب الإجرامية. وعندما يقول سياسي سابق بمكانة وشهرة زبيغنيو بريزينسكي بصراحة علي التلفزيون الوطني أن إسرائيل تتصرف مثل نظام العزل العنصري في جنوب أفريقيا، يمكننا التأكد بأن هذا ليس رأيه وحده، وان عدداً متزايداً من الأميركيين وغيرهم يشعرون بخيبة أمل متنامية تصل إلى حد الاشمئزاز تجاه إسرائيل، ويرون أنها محمية باهظة الثمن تستنزف الولايات المتحدة وتضاعف من عزلتها الدولية وتصيب سمعتها لدي حلفائها ومواطنيها بضرر كبير. والسؤال في هذه المرحلة العصيبة هو ما الذي يمكننا تعلمه من الأزمة الحالية وما هي العناصر التي يجب إدراجها في خططنا للمستقبل؟
ما سأقوله الآن قد يتسم ببعض الانتقائية، لكنه ثمرة، مهما كانت متواضعة، لسنين طويلة في العمل للقضية الفلسطينية كشخص ينتمي إلى العالمين العربي والغربي. وإذ لا يمكنني بالطبع أن اعرف كل شيء أو أقول كل شيء فقد اختصرت قولي في نقاط أربع مترابطة ببعضها بعضاً:
1) فلسطين ليست قضية العرب والمسلمين وحدهم، بل تهمّ عوالم كثيرة مختلفة، متناقضة ومتقاطعة في الوقت نفسه. لذلك لا بد للعاملين من اجل فلسطين وعي هذه الأبعاد الكثيرة وبذل جهد دائم لتثقيف الذات عنها. ونحتاج لهذا الغرض إلى قيادة يقظة راقية وعالية الثقافة، والي دعم ديموقراطي لها. فوق ذلك علينا أن ندرك - مثلما أصر مانديلا دوماً في ما يخص كفاحه في جنوب أفريقيا - ان فلسطين من القضايا الأخلاقية الكبرى في عصرنا، ولذا يجب التعامل معها علي هذا الأساس. إنها ليست مسألة مفاوضات تجارية ومقايضات، أو وسيلة للوصول إلى مركز سياسي، بل قضية تحتم علي الفلسطينيين احتلال موقع التفوق الأخلاقي والحفاظ عليه.
2) هناك أنواع مختلفة من القوة، أبرزها بالطبع القوة العسكرية. لكن ما مكّن إسرائيل ان تفعل ما تفعله بالفلسطينيين خلال السنين الـ54 الأخيرة كان نتيجة حملة تم تخطيطها في شكل علمي ودقيق لتسويغ أعمال إسرائيل وفي الوقت نفسه تشويه وطمس أعمال الفلسطينيين. أي ان القضية لم تكن مجرد امتلاك جهاز عسكري قوي بل تعبئة الرأي العام، خصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. انه نوع آخر من القوة يأتي من عمل متأنٍ منهجي يقود الرأي العام إلى التماثل بسهولة مع موقف إسرائيل، فيما لا يظهر الفلسطينيون من خلاله إلا في صورة أعداء إسرائيل، وبالتالي كأشخاص منفّرين وخطرين ومعادين لنا . وقد تراجعت أهمية أوروبا في شكل متواصل منذ الحرب العالمية الثانية كحلبة للصراع، فيما أصبحت أميركا، علي الصعيد العالمي، ساحته الرئيسية. لكننا لم ندرك أبداً أهمية التنظيم المنهجي لعمل سياسي علي النطاق الشعبي، سعياً إلى وضع لا يفكر فيه الأميركي العادي فوراً بـ الإرهاب كلما سمع كلمة فلسطيني . ان هذا النوع من العمل يوفر حماية فعلية للمكاسب التي تحقق علي الأرض خلال مقاومتنا للاحتلال الإسرائيلي.
إذن، ما سمح لإسرائيل ان تعاملنا كما يحلو لها هو افتقارنا إلى تأييد قطاعات من الرأي العام تردع شارون عن جرائمه الحربية وترفض ادعاءه ان ما يفعله هو مكافحة الإرهاب. وإذا وضعنا في الاعتبار التأثير الإيحائي الهائل للصور التي تبثها ليلاً نهاراً شبكات مثل سي ان ان ، في تقارير تكرر للمشاهد الأميركي مئة مرة في الساعة تعبير التفجير الإرهابي ، فإن من أبشع أنواع الإهمال عدم تشكيل فريق من أمثال حنان عشراوي وليلي شهيد وغسان الخطيب وعفيف صافية (وكثيرين غيرهم) يكون في واشنطن علي أهبة الاستعداد للحضور علي سي ان ان أو غيرها ليقدم قصة فلسطين علي حقيقتها ويوفر السياق الصحيح والفهم لما يجري ويديم لنا حضوراً أخلاقيا إيجابيا أمام الرأي العام. نحن بحاجة إلى قيادة تدرك أهمية هذا باعتباره عنصراً أساسياً في الحياة السياسية في عصرنا الحالي، عصر الاتصال الإلكتروني، وافتقارنا إلى هذا الإدراك هو جزء من مأساتنا اليوم.
3) لا فائدة تذكر من العمل السياسي المسؤول في عالم تسيطر عليه قوة عظمي واحدة من دون معرفة عميقة بتلك القوة العظمي، بتاريخها ومؤسساتها وتياراتها المتضاربة وسياستها وثقافتها. ولا غني، مع توفر كل ذلك، عن معرفة كاملة بلغتها. لكن لا يسعنا إلا البكاء لوضعنا البدائي الفاشل عندما نستمع إلى الناطقين باسمنا، والناطقين العرب عموماً، عندما يهرفون بما لا يعرفون عن أميركا، وبلغة مرتبكة ركيكة، وينتقلون خلال جملة واحدة من رمي الذات لرحمة أميركا إلى صب اللعنات عليها إلى التماسها المساعدة! ان أميركا ليست كتلة متجانسة واحدة، ولنا فيها أصدقاء بالفعل وآخرون يمكن كسبهم. ويمكننا تنمية وتعبئة واستعمال جالياتنا والجاليات المتصلة بها كجزء من عملنا السياسي التحرري، مثلما فعلت جنوب أفريقيا أو مثلما فعلت الجزائر في فرنسا أثناء كفاحها من أجل الاستقلال.
المطلوب هو التخطيط والانضباط والتنسيق. إننا لم نفهم أبدا سياسات اللا عنف. إضافة إلى ذلك لم نفهم القوة التي تكمن في مخاطبة الإسرائيليين في شكل مباشر، بالشكل نفسه الذي خاطب فيه المؤتمـــر الوطني الأفريقي البيض في جنوب أفريقيا، ضمن خط سياسي يرفض الإقصاء ويقوم علي الاحترام المتبادل: أي الدعوة إلى التعايش رداً علي انعزالية إسرائيل وعدوانيتها. ان هذا بالتأكيد لا يشكل تنازلاً، بل هو نداء إلى التضامن وضرب الحصار علي الانعزاليين والعنصريين والأصوليين.

4) الدرس الأهم لفهم أنفسنا يتجسد في المآسي الرهيبة في الأراضي المحتلة علي يد إسرائيل. الواقع الثابت هو أننا شعب ومجتمع، وان مجتمعنا سيستمر علي رغم هجوم إسرائيل الشرس علي السلطة الفلسطينية.
أننا شعب لأن لنا مجتمعاً يواصل المسيرة - وقد واصلها منذ 54 عاماً - رغم كل الانتهاكات والدورات التاريخية المهلكة التي دارت علينا وكل المآسي التي خضناها. انتصارنا الأكبر علي إسرائيل هو أن شارون ومن لفّ لفه لا يملكون القدرة علي فهم ذلك، وهذا ما سيحتّم عليهم الفشل علي رغم قوتهم العسكرية الهائلة ووحشيتهم التي لا تعرف حدوداً. لقد تجاوزنا مآسينا وكوارثنا، بينما لم يستطع إسرائيليون مثل شارون ذلك. وسيذهب شارون إلى قبره من دون ذكر سوي انه قاتل العرب والسياسي الفاشل الذي جلب علي شعبه المزيد من الاضطراب وانعدام الأمن. المفترض لأي زعيم السعي ليترك للأجيال المقبلة شيئاً يمكن البناء عليه. لكن شارون وموفاز ومؤيديهم في حملتهم السادية بكل ما فيها من الموت والمجازر لن يتركوا شيئاً سوي شواهد القبور: انهم الموت الذي لا يولد سوي الموت.
أما نحن كفلسطينيين فاعتقد أننا تركنا لمن يلينا رؤية ومجتمعاً صمدا أمام كل محاولات القتل. وهذا بذاته إنجاز لا يستهان به. والمهمة للجيل المقبل، أبنائي وأبناءكم، للانطلاق من هذه النقطة بروح عقلانية انتقادية مشبعة بالأمل والصمود.


توقيع : أقرب صاحب
زهرة الشرق

أقرب صاحب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-11-02, 11:18 PM   #2

الصديقة الوفية
عضوية متميزة

رقم العضوية : 471
تاريخ التسجيل : Nov 2002
عدد المشاركات : 227
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ الصديقة الوفية

جميل هذا المقال ، الذي كتبه إدوارد سعيد

شكرا لكي أقرب صاحب على كتابته لنا ، وإنا

مهما كتبنا لأمنا فلسطين لن نوفيها حقها .


توقيع : الصديقة الوفية

الصديقة الوفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-11-02, 09:14 AM   #3
 
الصورة الرمزية ابويافا

ابويافا
سفيـر الشـرق

رقم العضوية : 47
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 1,031
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ ابويافا

اقرب صاحب /

اخي العزيز ...

نتوقف امام الاسم .. ادوراد سعيد .. المثقف الفلسطيني الاول .. والرائد .. صاحب الفكر المتحمس لقضيته و الفلسطيني .




الموضوع جميل جدا وبارك الله فيك .


توقيع : ابويافا
.

ابويافا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-02, 04:44 PM   #4
 
الصورة الرمزية super_man

super_man
عضوية متميزة

رقم العضوية : 382
تاريخ التسجيل : Oct 2002
عدد المشاركات : 211
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ super_man

مشكووور أخوي أقرب صاحب على الموضوع




بارك الله فيك أخوي



وكل عام وأنت بخير


توقيع : super_man

super_man غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-12-02, 12:51 PM   #5

صهيل
سفيرة زهرة الشرق

رقم العضوية : 50
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 1,781
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ صهيل

السلام عليكم ،,،,،

موضوع غني جدا ... ومجهود طيب .. جزاك الله كل الخير

تقبل تقديري

اختك صهيل


صهيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-12-02, 11:35 AM   #6
 
الصورة الرمزية حـــــازم

حـــــازم
قلب الزهرة النابض دفئاً جيل الرواد

رقم العضوية : 62
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 19,284
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حـــــازم

[c]
اخــي الفاضـــل

أقرب صــاحب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

[/c][c]

أشــكرك اخي العزيز على مجهوداتك الرائعــة

كما اشكرك على تفضلك بنقل هذا الموضوع القيم لنا

وشكراً لصاحب الموضوع

الكاتب : إدوارد ســعيد

بارك الله فيك أخي

مع الموشاة بالـورد
اخوك
حــــــــازم
[/c]


توقيع : حـــــازم
زهرة الشرق
zahrah.com

حـــــازم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:03 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)