عن الشهيـــد

عن شهيد
نجوى شمعون


الصورة الأولى
يفر الدم من قاتله
ويزهر
في مواجهة مجنزرة
عينيه ضواري
يلوح بدمه الهائج ..
مراكب تبحر
صياد يطارد فريسته
يصطاد المناديل
أسقطت مدينتي شراع اليدين
وحجارة
العيون السود تنزف دمعا وهوية
الحقول ..
أشجار الزيتون
عصافير غزة
قد صوبوها وألقوها في شباك الجنود
وجريح يفر
يركض وجعا
يخبئ رصاصا بعينيه وسفر.


الصورة الثانية
برد وخوف ومجزرة
يركض الوجه مخلفا ألف آهه
جند يدوسون الأجساد والحقل والندى
جرح
أم تخرج من شباك الحلم حمامة
فتسقط أيام العمر مسرعة
بلا بريق تهتز شجرة الدار
والإبنة متعبة
تحنط في ذاكرة الحقول
والبسمة الهاربة
وأخضر حضن المطر
يا بيروت علمينا كيف ننعطف
شمالا مع الموت
ونبعث في كف الصدى
خبزا وريحانا وصهيلا.


الصورة الثالثة
موعد يجمعنا دون وعد
والكلمة اغتربت في الوادي البعيد
ضيق هذا السلام
عنيف عنيف
هذا السلام..والظلام يهبط رويدا
على شفاه الخاصرة
وأضيع منك
جدول ماء وإتساع الدائرة
موعد يجمعنا ليفرقنا
في العبور إلى موت مفاجئ
غرفة التوقيف ويسرقنا المحقق من جلودنا
فنصير قنبلة وعاصفة
نتوه من جديد بمذبحة
زنزانة الموتى
الحارس يحتجز فكرة مخضبة وصور
فنصير مقلاع وكرمل
وحجز وموت وصديقا للزلازل
على باب الريح أسند جبهتي فتشتعل المسافة بيننا
كلما تطايرت غيما
ووجمر وصاعقة .


الصورة الرابعة
أشجار تترنح من مشهد تلو المشهد
والجند مشغولين ببكارة الدم
إلى أي حد يحترف القاتل وجه القتيل ويقبله
نطلع من صفحات الجرائد
رميت القلب في دفتر الغياب
وجئت وحيدا
وجئت منكسرا على القذيفة
أتذكر بكاء الغد
تغطس ثم تطفو في كل درب
وامس هو غدي وأول أمس
كان لعينيك سؤال
كان لهما بريق الموت
لكني لم أشأ
أن تغزل الموت عنوة
ويهاجمنا البرد
أذكر الكلمة الأخيرة والقبلة الأخيرة
كان لعينيك لغة الصمت
أشجار في عينيك تترنخ وأصوات تقترب
بالموت .


الصورة الخامسة
أسماء تليت على فوهة الدبابة
ووجهك نور
لكن البندقية تكبر على حافة الحقل
فنصتطدم بجثة الكرمل
معلقة ..
ونبحث عنك ..
في رحيل العتمة
نبحث عن وجهك الراحل
وعن آخر الكلام المعلق
أسماء تليت على فوهة دبابة
وعكا ينحرها المشهد
وحيفا تنفض أنوتثها خنجرا
ابتعدت عن شفاه الكرمل قبل وبيوت
وبكاء محموم .


الصورة السادسة
طفلة تجمع ما تناثر من أب
حصى وخوخ وأوسمة
تناثر( مخه ) على أرصفة الليل
يودعنا ..ويترك صبارا ينمو
قببا وسيوفا من عظامه وسلاسل وانهار
طفلة تجمع الكلمات
والذكرى حجرا في بئر
لا مفر من مصافحة الشهيد
وهو يمضي نحو الشمس
ويعرف أكثر منا
عن الموت وآخر اللحظات.


الصورة السابعة
صديقي يرى ما تخبئه العيون
يقول زيتونا وفتيل حرب وجيثارة
لعاشق
وقبلة للعيون السود
ويرحل ضاحكا ليحرك أشجار الحب فينا
ورائحة الدم تملأ عينيه
ترسمه حينا بندقية
وتارة دم يسبح في المجدلية
صديقي يعرف عن النساء
ولكنه أيقن أن العيون تخبئ بنادق ولوز
ويقول مندفعا عن الوجه الخجول
تفاحة
وعن القيود تذكرة للحرية
صديقي يا صديقي المطرز بيافا
وعيون خزاعة وطولكرم
هنالك على خطوط النار شبت
بنادقنا وخاصمت خوفي عليك
لكنها اللحظة العابرة
لأصف السماء فوقنا سماء
وتحتنا مذبحة .


الصورة الثامنة
لم ترتوي الأرض من لعبة خاطفة
أهديك دمي
والصورة النابضة ..
لم ترجع عن موتك أعشاب المقابر
أهديك صوتي
لم تعد بعد الطلقة موال
أهديك روحي
لكن روحي الآن على شفا قذيفة
من يقلع عن موتي
سجن وسجان..من يوقف وجهي من
دم مندفع وقت الحصار
كل أبواب عبسان مقفلة في وجه الريح
لكن الريح تمضغ حجارتهم
جتث خلف المزارع وأسلاك تضيق
منافذ العشق
لكنهم يعشقون حمرة أشجارها
حين يرحلون .


الصورة التاسعة
دمه يسيل يصب في النيل محارة
يوجعه النيل ..فيمضي حزينا
دمه ينزف فيصب في المنفى
يخضعه للتحقيق حينا وللمنفى بعد الظهيرة
فيحمل حزنا ويمضي
دمه يتقافز من بعيد في كل بلاد
الحارس والعسكر
والمعتقل والكرباج
أنا عربي ودمي يستباح قال
..ثم صمت
لأن البلاد التي دخلها
كانت تستقبل القتلة
وتلقيه في المساء
دمه يسيل ماءا وبلاد لم تعترف به
والعروبة منفى وجلاد
دمه يصب في جرش
أصوات المغنين تعلو على دمه
يوقفه المحقق من انت
ويضيع دمه على طاولة المساء
توجعه أحذية الجنود وغربة
فيمضي ..
كل البلاد محاصرة بخوذة الريح
ومنديل الأحبة ما زال يلوح للشهيد ودمع
والبلاد التي دخلها تسيجه
وتستقبل القتلة
وتلقيه للمساء فيمضي متشققا
وقمر .



الصورة العاشرة
بقايا ..
وكانوا يتحدثون عن مجزرة
عن جبين سقط ولم يسقط
عن صور وذاكرة مملحة
معسكرات الجيش
وبقايا الشهداء
يمحى الدم عن الأشجار وعن النهار
ويتركه للذاكرة
منشى وقبلة باردة
يخرج الدم مع الشهيد
ويترك بقعة للشفة المغمضة
ولا يذبل في عيون الأمل
وكانوا يتحدثون عن مذبحة
عن صدر نزف تحت المجنزرة وليل بغيض
وبقايا لحم الشهداء
وخاطرة لم تستفيق من القبل
لنرسم ملامحنا فيخرج شهيد
نكتب أسماءنا فيهرع جريح
ولم تستفيق غزة من ذبحها
ولم تكمل نابلس إغمائتها
حتى تنقض عينان وحشيتان
خطى قاتلة
وبقايا دم ..
وبقايا ظلك تعانق الناصرة
وأيدي المذبحة تمتد إلى رفح
وأيدي المذبحة تنتشر في الدهيشة وبقايا
للأيدي وعرق .


منقول لكم مع التحية

أخوكم المحبوب

اخي

صور لبقايا الجند
وصلاح الدين هناك يقف
يبكي
وعيناه تغمرنا بشجاعة
لم نعرفها

صلاح الدين وماسك غمد سيفه بعيدا خلف الشمس
وعلى اكتافهما محمد
جمال
ايمان
وعلى راس القافلة يقف اميرنا
ابوجهاد


حفظك الله

وبارك الله فيك

الاخ القدير محبوب

مشاركة راااائعة للغاية وكلمات قوية جدا

ألف شكر لك أخوي على الموضوع والاحتيار المفيد

تمنياتي لك بالسعادة والهناء


أختك همسة

مراااحب
أخي محبوب
شكرا لهذا النقل..ولهذه الكلمات..

فدك

السلام عليكم
أخي محبوب قصيده حلوه
تأمـــــــــلات