العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة العامة }{}< > حدائق بابل

حدائق بابل تاريخ العراق - التراث العراقي - الفلكلور الشعبي العراقي - اللاجئين العراقيين - صور الحرب العراقية - مدن عراقية - السياسة العراقيـة كل يوم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 24-06-09, 01:36 AM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
مشاركة أيران الثورة والبطيخ


إيران : الثورة والبطيخ (2)


سهر العامري
22/06/09
--------------------------------------------------------------------------------

لا ينبغي لي أن أتحول الى قارئ كف ثم أحكم على ما ستؤل له الأوضاع الملتهبة في الشوارع طهران الإلهية مثلما كان الخميني يسميها . هذه الشوارع التي تحولت بعيون ورثته الى شوارع شيطانية يطاردون فيها الفتية والفتيات بالرصاص الحي الذي أعطى للهبة الجماهيرية لون الثورة الحمراء . وإذا ما قدر لي ، وأنا عازم على ذلك ، أن أطل على مستقبل الهبة تلك فلا بد من العودة الى ساعات ثورة 1979م ، تلك الثورة التي تكللت بالنجاح في نهاية الأمر ، ولأسباب مهمة من بينها :
1- ظلم نظام الشاه محمد رضا بهلوي ، المدعوم من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة ، وقد تفاقم ظلمه هذا في أواخر أيام حكمه بثورته التي سماها بالثورة البيضاء ، تلك الثورة التي سلم فيها مفاتح إيران الاقتصادية للشركات الغربية ، وكذلك لإسرته وللحاشية القريبة منها،وهذا ما جعل البرجوازية التجارية الإيرانية تنحاز الى جانب الثوار .
2- الوجود الواضح للقوى اليسارية على مختلف تنظيماتها ، والتي كانت تشعل نيران الثورة هنا وهناك وبشكل منظم ، فالخميني لم يكن وراءه حزب سياسي ، وإنما اعتمد على تاريخه السياسي الطويل في مقارعة نظام الشاه ، وعلى رجال الدين الذين لم ينخرطوا في تنظيم سياسي معروف ، مثلما عليه الحال بالنسبة لأحزاب اليسار الإيرانية ، تلك الأحزاب التي شكل قادتها المتواجدون على أرض الثورة ، وبين نيرانها ، قيادات ميدانية توجه الجماهير الثائرة الوجهة التي تضمن ديمومة الثورة ونجاحها ، بينما كان الخميني يرسل خطاباته عبر أشرطة الكاسيت من العراق أولا ، ثم من باريس ثانيا. هذا بالإضافة الى أن الخميني نفسه كان على صلة ببعض هذه الأحزاب خاصة حزب توده من خلال بعض من أعضاء ذلك الحزب في العراق ، هؤلاء الأعضاء الذين طلب منهم الخميني مرة تزويده بكتب عن الماركسية اللينينية واشترط أن تكون تلك الكتب مترجمة الى الفارسية ، وقد تم له ما أراد بعد أن نقلت إليه تلك الكتب الى داره في النجف.
3- كانت المخابرات الغربية وخاصة الأمريكية ترغب باستبدال النظام الملكي في إيران بنظام ديني متشدد ، لا يخرج عن نفوذها ، وقد تجلت هذه الرغبة واضحة بالطلب من الشاه في عدم زج جيشه اللجب في حرب ضد الجماهير الثائرة التي كانت تجوب شوارع المدن الإلهية! ثم الطلب إليه فيما بعد بالرحيل من إيران هو وأسرته على ما ذكرت ذلك فرح ديبا زوجة الشاه في مقابلة صحفية معها . والدليل الآخر على تلك الرغبة هو أن فرنسا بنت في ضواحي باريس قبة خضراء للخميني القادم من العراق ، والذي صرح هو يغادر مطار بغداد باتجاه تلك المدينة قائلا : سأظل أحارب أمريكا حتى لو جعلتني أنتقل من مطار الى مطار. ورب سأئل يسأل: ما مصلحة أمريكا من نجاح ثورة يقودها رجل دين يريد حربها ؟
لقد تصاعدت نيران الثورة في إيران غبّ دخول الجيش السوفيتي الى أفغانستان دعما للانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام الملك محمد ظاهر شاه ، ذلك الانقلاب الذي آل مصيره الى ضباط موالين لموسكو ، وذلك حين صار السوفيت يأخذون بنظرية الانقلابات العسكرية في تغيير أنظمة الحكم بعد أن كانت هذه النظرية حكرا على أمريكا وحلفائها الغربيين .
لقد أفزع ذاك الانقلاب الدوائر الغربية وفي المقدمة منها سيدة العالم الغربي ، أمريكا ، خاصة وأن السوفيت مدوا نفوذهم الى الغرب من مكامن النفط في الخليج العربي عن طريق انقلاب آخر قاده ضباط ماركسي النزعة في الجيش الأثيوبي هو منغستو هليلي مريام الذي يقابله على الضفة الشرقية للبحر الأحمر نظام ماركسي آخر هو نظام الحكم في جمهورية اليمن الديمقراطية ، ولهذا السبب بذات صارت الدوائر الغربية تخشى من أن يقوم ضابط شيوعي في الجيش الإيراني بانقلاب على نظام شاه إيران وعند ذاك تصبح الطريق سالكة أمام السوفيت الى خليج النفط ، ولهذا وجدوا أي الأمريكان أن أفضل ضمانة لهم بالاحتفاظ بإيران وقطع الطريق على السوفيت في تمددهم هو أن يقوم نظام ديني فيها في وقت أعلنت فيه أمريكا الحرب الإسلامية المقدسة ! ضد الروس في أفغانستان ، وذلك عن طريق تجنيد الألوف من المقاتلين المسلمين من العرب ومن غيرهم في حرب جهاد أمريكية دارت رحاها على الأرضة الأفغانية لسنوات ، وقد استعانت أمريكا هذه ببعض الدول الإسلامية وكذلك بحركة الأخوان المسلمين في أكثر من بلد إسلامي وعربي ، وهذا في ذات الوقت الذي كانت فيه أمريكا تقدم دعمها المخلص للنظام الديني في إيران حيث قامت المخابرات الغربية بكشف قادة عسكريين شيوعيين من أعضاء حزب الشعب الإيراني ( توده ) في الجيش الإيراني لحكومة الخميني التي قامت بتصفيتهم على الفور رغم أنهم كانوا يشاركون مشاركة فعالة في معارك تحرير مدينة المحمرة من قبضة القوات العراقية . ولم تكتف ِ حكومة الخميني بقتل أولئك الضباط بل عمدت الى تصفية أهم قيادات ذلك الحزب بمن فيهم سكرتير الحزب ، كيانوري .
وعلى هذا الأساس يمكن القول أن الهبة الجماهيرية الحالية في إيران تختلف عن هبة الجماهير العظيمة الى أفضت الى انتصار الثورة عام 1979م ، وذلك من أوجه كثيرة من أهمها :
1- إن الهبة الجماهيرية الحالية يقودها ممثلو الطبقة المتوسطة الذين خرجوا من معطف النظام نفسه ، وهم على استعداد لمساومة ذلك النظام على حساب تطلعات الجماهير الثائرة عندما يقوم نظام الولي الفقيه بتحقيق بعض من مطالبهم ، ومن هنا تظهر الخشية من ضياع أهداف هذه الحركة الجماهيرية العظيمة في تحقيق نصر مبين يفضي الى تبديل شكل الحكم الثيوقراطي في إيران الى حكم وطني ديمقراطي ، ليس فيه ذكر لولاية الفقيه التي يرفضها الكثيرون من رجال الدين الشيعة .
وعلى ذلك لا يستطيع أحد أن يبخس الدور المهم لقيادة أية حركة جماهيرية في التحولات الاجتماعية الكبرى التي تظهر بفعل قوانين التحول الاجتماعي ، تلك القوانين التي تجري بشكل موضوعي مرن ، وليس بشكل حاد ، مثلما عليه الحال مع القانون الطبيعي الذي يحول الماء الى بخار عند درجة حرارة معينة لا رجوع عنها ، ومن دون أن يلتفت الى صدام أو الى الخميني ، بينما يستطيع قائد دولة ما أن يؤخر حركة اجتماعية في تطورها المتصاعد الى الأمام ، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك ، منها نكوص تطور الحركة الاجتماعية في العراق على عهد صدام ، وفي الاتحاد السوفيتي على عهد برجنيف ، والى هذه الحقيقة أشار لينين ، رجل روسيا العظيم ، في بعض من كتاباته .
2 - غياب شبه تام تقريبا للأحزاب اليسارية التي ساهمت مساهمة نشطة في نجاح ثورة 1979م ، وذلك لأن رجال الدين في إيران ، وبمباركة من الدول الغربية ، قاموا بقمع جميع الحركات اليسارية الإيرانية قمعا فظيعا قتل من جرائه من قتل ، وفر الى خارج البلاد من فر ، وقد وصل هذا القمع حتى الى بعض رجال الدين الأحياء منهم والأموات ممن كانوا على علاقة بتلك الأحزاب اليسارية ، فمن الأحياء تمت تصفية آية الله محمود الطلقاني بالسم بعد أن خرج من لقاء صاخب مع الخميني ، كما لوحق الدكتور علي شريعي الذي قتله جهاز مخابرات الشاه ( السافاك ) في لندن ، والذي لقبته الجماهير الإيرانية بعد نجاح الثورة 1979م بمعلم الثورة الى قبره الذي يرقد فيه في مقبرة السيدة زينب من دمشق ، وذلك بنزع اسمه من أحد شوارع العاصمة طهران ، وبتهمة هي أنه كان ماركسيا أو قريبا من الأحزاب الماركسية الإيرانية .
3- كان رجال الدين في إيران قبل ثورة 1979م من الفقراء في أغلبهم ، ويعيشون بشكل طفيلي على ما يتبرع لهم به تجار البازار أو أغنياء الشيعة من مال على شكل خمس أو صدقات ، ولهذا كانوا هم وقتذاك قريبين الى الطبقات المعدمة في المجتمع الإيراني ، أما اليوم فقد قعدوا هم على عيون المال في إيران ، وتحولوا من طفيليين الى أسياد في دولة صار فيها رجل الدين المعمم ومن دون علم أو خبرة في السياسة والدبلوماسية سفيرا في هذه الدولة أو تلك ، صار فيها المعمم ذاك رئيس جمهورية أو وزيرا ، ولا شك أن رجال الدين هؤلاء يتمتعون بنفوذ بين أوساط في المجتمع الإيراني خاصة تلك الأوساط المرهبة بالخوف من القيامة واليوم الآخر ، وهي حالة تقابل حالة بعض الناس في روما إبان حكم الكنيسة في العصور الوسطى ، وهؤلاء المرهبون يقفون متربصين للآن ، وينظرون للأحداث الجارية في مدنهم الساعة بعين بعيدة ، وهذا علامة من علامات ضعف الهبة الجماهيرية التي تجري فصولها في شوارع إيران اليوم .
4- غياب العامل الخارجي بهذا الشكل أو ذاك عما يجري في إيران اليوم ، وذلك لأسباب منها غياب الحرب الباردة ، وانهيار الاتحاد السوفيتي ، واختفاء شبح الدولة الشيوعية الذي كان يؤرق أصحاب رؤوس المال في أمريكا ، ولهذا عادت إيران ليست بذات الأهمية الجغرافية الكبيرة بالنسبة الى الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد أن صارت الأخيرة تحيط بإيران من كل الجهات ، فهي تحتل العراق من جهة إيران الغربية ، وتحتل أفغانستان من جهتها الشرقية ، هذا بالإضافة الى التواجد الأمريكي في بعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي المنهار والتي تحد إيران من الشمال ، أما من الجنوب فالأساطيل الأمريكية تسبح في خليج العرب وفي بحرهم ، وفي مضيق هرمز الفرس وسواحلهم ، مثلما تسبح كذلك في المحيط الهندي .
وعلى ما مر فأنا أضع في حسابي كل العوامل التي سطرتها قبلا حين أمد البصر الى شوارع إيران اليوم ، وحين أقارن بين الحركة الجماهيرية العارمة سنة 1979م وبين الحركة التي تجري الآن فيها ، ولا أريد لنفسي أن أصبح قارئ كف مثلما أسلفت ، وأتنبأ بنتائج محسومة لحركة اجتماعية قد تقف بها قيادتها عند نصف الطريق وربما عند ربعه ، ومع كل ذلك أستطيع القول من أنه لا يمكن للكاتب أن يقدم للقارئ أمانيه في نجاح او فشل حركة اجتماعية تجري فصولها بشكل موضوعي وخارج ذاته ، فشتان ما بين الأماني والواقع !


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أيران , الثورة , والبطيخ

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
"عز الدين القسام" رائد حركة الجهاد في فلسطين حــــر زهرة المدائن 4 29-01-07 11:51 AM


الساعة الآن 01:08 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)