بيض اماراتي في السلة الأوروبية

بيض اماراتي في السلة الأوروبية
صوفيا ـ د.محمد خلف

تاريخ النشر 31/05/2009 06:00 AM




القاعدة الفرنسية في أبو ظبي
الحدث الأهم في الخليج في الأسبوع الذي مضى هو تدشين أول قاعدة بحرية فرنسية في أبو ظبي مؤهلة لاستقبال القطع الحربية من كل الأحجام. فهل ان فرنسا تعيد رسم حدودها الاستراتيجية، أم أن المقصود توجيه رسالة الى ايران مفادها أن اوروبا مؤهلة لدعم أصدقائها الخليجيين؟


القاعدة، كما ذكرت المصادر الفرنسية ستكون داعمة للمكونات الجوية والبرية الملحقة بها، وسيضم الجزء الجوي منها عددا من الطائرات الفرنسية من طراز «ميراج- 2000» و«رافال» التي ستجثم على جزء من خليج قاعدة ضفرة الاماراتية المزودة بمنظومة رادارات تتيح لها الهبوط والاقلاع. ويعكس قرار باريس انشاء هذه القاعدة العسكرية الثابتة في دولة الامارات العربية المتحدة بعد خمسين عاما من التوقف عن بناء قواعد عسكرية خارج الاراضي الفرنسية، نية الادارة الساركوزية للدخول المباشر في اللعبة الاستراتيجية في مطلع القرن الواحد والعشرين. ويقول الخبيران الفرنسيان ميراي ديتوي وجان غيسنيل ان ساركوزي يمهد بهذه الخطوة لانخراط فرنسا في كتلة الدول الكبيرة في الخليج لثلاثة اسباب رئيسة هي:
ان الخليج هو المنطقة النفطية والغازية الاولى في العالم، وابوظبي حيث ستقام القاعدة تقع على فرسخين من مضيق هرمز، معبر 40% من النفط المستهلك عالميا، وبالتالي فان الوجود العسكري الفرنسي هناك ضروري في حال نشوب مواجهة مع ايران، او اذا ما حاول الحرس الثوري عرقلة الملاحة في المضيق.
ان وجود قاعدة فرنسية ثابتة في ابو ظبي سيتيح لفرنسا وسائل استخبارية فاعلة وميدانية في منطقة عريضة بين داكار السنغال والخليج، وبينهما نجامينا تشاد وجيبوتي في جوار الصومال، وهي دائرة تضم معظم الساحل الافريقي والعربي، حيث تتمركز مخاطر العمليات الارهابية خارج افغانستان وباكستان.
ان هذه القاعدة ستكون اقرب القواعد الاجنبية الى الساحل الايراني، وما يحمل مؤشرا رمزيا في سياق احتمالات تطور النزاع الاميركي – الايراني وقيام واشنطن او تل ابيب بقصف محتمل لمواقع عسكرية ونووية ايرانية.

ثورة جيو- استراتيجية
زيارة الرئيس ساركوزي الى كل من الامارات العربية وقطر والسعودية العام الفائت، عكست التوجه السياسي للدبلوماسية الفرنسية الى تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع البلدان الثلاثة في المجالات السياسية والعسكرية والاستخبارية والاقتصادية بعد التراجع الكبير للدور الفرنسي في المنطقة خلال السنوات الاخيرة. وكانت الامارات اتفقت مع فرنسا في العام 2008 على اقامة هذه القاعدة التي ستضم ما بين 400 – 500 عسكري. ويرى الخبراء العسكريون ان هذه القاعدة سترفع التعاون العسكري بين البلدين الى مستوى اكبر مما كانت وفرته اول اتفاقية عسكرية بينهما موقعة في العام 1977. وبحسب مساعد مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ايريس ديدييه بيليون فانها القاعدة الدائمة الاولى التي تقيمها فرنسا منذ انتهاء الحقبة الاستعمارية.
ومع ان الباحث الفرنسي حاول مقاومة اغراء اعتبار الحدث ثورة جيو- استراتيجية، الا انه اعترف بأن هذه المرحلة تكرس رسميا عملية تقارب بدأت منذ اعوام مع دول الخليج لاسيما الامارات. ويشير بيليون الى وجود رؤيتين تتعايشان معا، في هذا السياق، الاولى تعتبر هذه القاعدة دعما للقوات الاميركية المنتشرة في المنطقة منذ سنوات طويلة، ودليلا على انخراط ساركوزي في الاستراتيجية الاميركية، فيما الثانية تعتبرها محاولة من دول المنطقة لتجنب وضع البيض كله في سلة الحليف الاميركي.
ولعل من البديهي القول ان استجابة ساركوزي السريعة لبناء هذه القاعدة، تعبر عن تنامي حجم المصالح الفرنسية الاقتصادية في المنطقة التي تنتج اليوم أعلى كتلة من السيولة النقدية التي عرفها التاريخ النقدي تقترب من الـ500 مليار دولار سنويا، وهو مبلغ قابل للارتفاع مع تغير اسعار النفط وارتفاع حجم الطلب عليه في المستقبل، كما يعبر في الوقت نفسه عن عمق الشراكة الفرنسية داخل النظام العالمي لحماية بلدان مجلس التعاون الخليجي، من اي مخاطر محتملة تهدد منابع النفط، وفي مقدمتها الخطر الايراني الراهن، والتهديد الابعد لقوى اقليمية كبيرة اخرى في المستقبل مثل الهند والباكستان، هذا مع ضرورة عدم نسيان الاستثمارات الفرنسية الكبيرة في المنطقة وفي مقدمها توظيفات شركة توتال النفطية.

مخاطر
ويرى المراقبون ان صانعي القرار في الامارات يدركون ويعرفون ان المخاطر التي تهدد امنهم الوطني، مصدرها الضفة المقابلة من الخليج اي الهند وباكستان وايران، وهذا التقويم قادهم تلقائيا الى عقد مقارنات بين ما يعرف باسم عناصر القوة الصلبة في الامارات، واي من هذه الدول، والاستنتاج النهائي لا يصب في مصلحتهم، اذ مع ان ايران تبدو الاضعف بالمقارنة مع الدولتين الاخريين، الا انها مع ذلك تتفوق بحوالي 18 مرة على الامارات من حيث عدد السكان، وحوالي 19 مرة من حيث المساحة، فضلا عن القوة المسلحة، وهو ما يدفعها الى البحث عن وجود عسكري دولي تضيفه الى الوجود الاميركي من باب تنويع العلاقات العسكرية، وفرنسا وفق السياسة الخارجية الاماراتية هي الشريك الغربي الاخر المناسب الى جانب أميركا، لاسيما وانها ترتبط مع هذه الدولة باتفاقية عسكرية تجددت وتفعلت العام 1991 والحقت باتفاق للدفاع المشترك في العام 1995.
وتحدد مصادر دبلوماسية غربية ثلاثة اسباب دفعت ساركوزي الى التحرك خليجيا وربما ايضا متوسطيا وهي:
- الخوف من الانسحاب الاميركي من العراق وما يتركه من فراغ خطير من الناحية الاستراتيجية.
- اعتماد ادارة اوباما استراتيجية تقلص التدخل الاميركي الخارجي بنحو خمسين في المئة، وهو ما ينبغي تحمله من قبل حلفائها وعلى رأسهم فرنسا.
- ادراكه الدقيق والكامل ان واشنطن لا تعترض على تحرك فرنسا في المنطقة.
ويأتي الدخول الفرنسي الى الاراضي والمياه والاجواء الخليجية مترافقا مع عودة باريس الى الحلف الاطلسي الذي كان الرئيس ديغول انسحب من جناحه العسكري في العام 1966 بعد تصادمه مع الرئيس الاميركي انذاك ليندون جونسون الذي رفض وجود اي مستوى من الندية في العلاقات بين البلدين وكثيرا ما تجاهل المصالح الفرنسية.
والحقيقة ان ساركوزي ومنذ جلوسه في الكرسي الرئاسي لا يترك فرصة للتأكيد أن فرنسا جزء اساسي من النظام العالمي في التعامل مع ايران والخليج، وهو يعرف ان خطر حرب اميركية – ايرانية او اسرائيلية- ايرانية يخيم شبحه على الشرق الاوسط مع تزايد الرفض الايراني للحوافز الغربية ودخول حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة في اسرائيل على خط التهديدات بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الايرانية.
وقد وجهت ايران انتقادات مباشرة الى الامارات واتفاقها مع باريس لاقامة هذه القاعدة، ولكن المحللين الاماراتيين ردوا على هذه الانتقادات مشيرين الى الترسانة الهائلة من الاسلحة الروسية والصينية والكورية الشمالية التي تراكمها ايران قبالة الدول الخليجية التي تتلقى منها بشكل متواصل التهديدات بانها ستكون هدفا للصواريخ الايرانية في حال شنت واشنطن أو تل ابيب الحرب على الجمهورية الاسلامية.
والانزعاج الايراني ليس مرده بالتأكيد الجنود الفرنسيون الخمسمائة الذين سيتواجدون في هذه القاعدة، وانما الى الالتزام الفرنسي السياسي والعسكري حيال أمن الامارات ودول الخليج العربية بشكل عام.


منقول فقط

حتى يكون هناك صفحة جديدة
يجب ان تعيد ايران الجزر الثلاثة المحتله
من قبلهم الى الامارات وهنا تظه حسن النوايا

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة okkamal حتى يكون هناك صفحة جديدة يجب ان تعيد ايران الجزر الثلاثة المحتله من قبلهم الى الامارات وهنا تظه حسن النوايا

السلام عليكم
كان تصرف الامارات حكيما أن تحي نفسها وهي التي لاقدره لها على ذلك وكانت الامارات قد أستعانت بامريكا سابقا
وأمريكا حليف لنظام الشاه الساقط في ايران وكنا توسمنا خيرا بالحكومه الجديدة في ايران ولكنها يبدوا تلعب نفس اللعبه الامريكيه في المنطقة فلا بأس للامارات أن تفعل ما يبدوا لها مناسبا للدفاع عن مصالحا ولتعليقاتكم

كما ارى


شكرا لمروركم الكريم والتعليقات الدقيقه