|
شخصيات وحكايات حكايات عربية - قصص واقعية - قصص قصيرة - روايات - أعلام عبر التاريخ - شخصيات إسلامية - قراءات من التاريخ - اقتباسات كتب |
![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#1 | ||
هيئة دبلوماسية
رقم العضوية : 5616
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,417
عدد النقاط : 10
|
الخلافــة الفاطميــة
بسم الله الرحمن الرحيم
بدأ الضعف يدب في أوصال الخلافة العباسية السُّنّية، وظهرت أمارات الإعياء على جسدها الواهن، ولاحت آيات الضعف في ملامح الوجه والقسمات، وذلك في مطلع القرن الرابع، بعد أن تفككت الدولة، وصارت دولاً وممالك صغيرة، لا يربطها بدولة الخلافة سوى الاسم والدعاء للخليفة على المنابر. وشهد هذا القرن بزوغ ثلاث خلافات، تنازعت السلطة في العالم الإسلامي: الخلافة العباسية في بغداد، والخلافة الفاطمية في إفريقية، والخلافة الأموية في قرطبة، وأصبح للعالم الإسلامي -لأول مرة- ثلاثة من الخلفاء في ثلاثة أماكن مختلفة، يقتسمون الحكم، ويتنازعون فيما بينهم. قيام الدولة الفاطمية نجح أبو عبد الله الشيعي داعية الإسماعيلية في إعلان قيام الدولة الفاطمية في "رقادة" عاصمة دولة الأغالبة في (21 من ربيع الآخر 297هـ= 8 من يناير 910م)، ومبايعة عبيد الله المهدي بالخلافة، وجاء هذا النجاح بعد محاولات فاشلة قام بها الشيعة منذ قيام الدولة الأموية للظفر بالخلافة. وقد نجح أبو عبد الله الشيعي منذ أن وطأت قدماه بلاد "كتامة" في المغرب العربي في منتصف ربيع الأول (288هـ= فبراير 901م) في جمع الأتباع، وجذب الأنصار إلى دعوته، مستغلاً براعته في الحديث، وقدرته على الإقناع، وتظاهره بالتقوى والصلاح، ثم صارح بعض زعماء كتامة بحقيقة دعوته بعد أن اطمأن إليهم، وأنه داعية للمعصوم من أهل البيت، ولمَّح إلى أنهم هم السعداء الذين اختارهم القدر ليقوموا بهذه المهمة الجليلة. وبعد أن أحسن أبو عبد الله الشيعي تنظيم جماعته، والتزموا طاعته، بدأ في مرحلة الصدام مع القوى السياسية الموجودة في المنطقة، فشرع في سنة (289هـ = 901م) في مهاجمة دولة الأغالبة، ودخل معها في عدة معاركة، كان أشهرها معركة "كينوتة" في سنة (293هـ=906م) وعُدَّت نقطة تحوّل في ميزان القوى لصالح أبي عبد الله الشيعي؛ حيث توالت انتصاراته على دولة الأغالبة، فسقطت في يده قرطاجنة، وقسنطينة، وقفصة، ودخل "رقادة" عاصمة الأغالبة في (أول رجب 296هـ = 26 من مارس 909م). عبيد الله المهدي.. مؤسس الدول الفاطمية لا يستطيع أحد القطع برأي حاسم في نسب "عبيد الله المهدي"، فالشيعة الإسماعيلية يؤكدون صحة نسبه إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، في حين يذهب المؤرخون من أهل السُنّة وبعض خصوم الفاطميين من الشيعة إلى إنكار نسب عبيد الله إلى علي بن أبي طالب. ولكن على أية حال نحن أمام رجل يسمى عبيد الله، ويدّعي أنه صاحب الحق في إمامة المسلمين، وأنه من سلالة الإمام جعفر الصادق، وقد نجح أحد دعاته في إقامة دولة باسمه في إقليم إفريقية، وجزء كبير من المغرب الأوسط. خرج عبيد الله المهدي من مكمنه في "سلمية" من أرض حمص ببلاد الشام في سنة (292 هـ = 905م)، واتجه إلى المغرب، بعد الأنباء التي وصلته عن نجاح داعيته أبي عبد الله الشيعي في المغرب، وإلحاح كتامة في إظهار شخصية الإمام الذي يقاتلون من أجله، وبعد رحلة شاقة نجح عبيد الله المهدي في الوصول إلى "سجلماسة" متخفيا في زي التجار، واستقر بها. ومن ملجئه في سجلماسة في المغرب الأقصى أخذ عبيد الله المهدي يتصل سرًا بأبي عبد الله الشيعي الذي كان يطلعه على مجريات الأمور، ثم لم يلبث أن اكتشف "اليسع بن مدرار" أمير سجلماسة أمر عبيد الله؛ فقبض عليه وعلى ابنه "أبي القاسم" وحبسهما، وظلا في السجن حتى أخرجهما أبو عبد الله الشيعي بعد قضائه على دولة الأغالبة. وكان أبو عبد الله الشيعي حين علم بخبر سجنهما قد عزم على السير بقواته لتخليصهما من السجن، فاستخلف أخاه "أبا العباس" واتجه إلى سجلماسة، ومر في طريقه إليها على "تاهرت" حاضرة الدولة الرسمية فاستولى عليها، وقضى على حكم الرّستميين، وبلغ سجلماسة فحاصرها حتى سقطت في يده، وأخرج المهدي وابنه من السجن. ويذكر المؤرخون أن أبا عبد الله الشيعي حين أبصر عبيد الله المهدي ترجّل وقابله بكل احترام وإجلال، وقال لمن معه: هذا مولاي ومولاكم قد أنجز الله وعده وأعطاه حقه وأظهر أمره. وأقام أبو عبد الله الشيعي وعبيد الله المهدي في سجلماسة أربعين يوما، ثم رحلوا عائدين فدخلوا رقادة في يوم الخميس الموافق (20 من شهر ربيع الآخر 297هـ= 7 من يناير 910م). وخرج أهل القيروان مع أهل رقادة يرحبون بالإمام المهدي، وفي يوم الجمعة التالي أمر عبيد الله أن يُذكر اسمه في الخطبة في كل من رقادة والقيروان، معلنا بذلك قيام الدولة الفاطمية. خلاقة عبيد الله الفاطمي استهدف عبيد الله الفاطمي منذ أن بويع بالخلافة واستقامت له الأمور أن يدعم مركزه، وأن تكون كل السلطات في يديه، وأن يكون السيد المطلق على الدولة الناشئة والدعوة الإسماعيلية، وكان لا بد من أن يصطدم مع أبي عبد الله الشيعي مؤسس الدولة، ولم يجد غضاضة في التخلص منه بالقتل في سنة (298هـ= 911م) بعد أن أقام له دعائم ملكه، وأنشأ دولة بدهائه وذكائه قبل سيفه وقوته. أثار مقتل أبي عبد الله الشيعي فتنة كبيرة قام بها أتباعه من أهل كتامة، وقدّموا طفلا ادعوا أنه المهدي المنتظر، وامتدت هذه الدعوة وقويت، واضطر عبيد الله إلى إرسال حملة قوية إلى أرض كتامة بقيادة ابنه لقمع هذه الفتنة، فألحق بهم الهزيمة وقتل الطفل الذي ولّوه باسم المهدي. بناء المهدية الجامع الكبير بالمهدية خاب أمل أهل المغرب في عبيد الله المهدي، وساء ظنهم به بعد أن ذهبت الوعود التي وعدهم بها أبو عبد الله الشيعي سُدى، فلم ينقطع الفساد بخلافة المهدي، ولم يحل العدل والإنصاف محل الظلم والجور، بالإضافة إلى السياسة المالية المتعسفة التي انتهجها الفاطميون في جمع الضرائب، والتفنن في تنويعها حتى فرضوا ضريبة على أداء فريضة الحج. وزاد الأمر سوءا قيام عبيد الله المهدي ودعاته بسبّ الصحابة على المنابر فيما عدا علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والتغيير في صيغة الأذان، وهو ما لا يمكن أن يقبله شعب نشأ على السنة، وتعصّب لمذهب الإمام مالك. وكان من نتيجة ذلك أن اشتعلت عدة ثورات ضد عبيد الله المهدي، ولكنه وإن نجح في إخمادها فإنه أصبح غير مطمئن على نفسه في مجتمع يرفض مذهبه ويقاطع دولته مقاطعة تامة؛ ولذا حرص على أن يبعد عن السكنى في رقادة مركز المقاومة السُنّي، وأسس مدينة جديدة عُرفت باسم "المهدية" في سنة (303هـ= 915م) على طرف الساحل الشرقي لإفريقية (تونس) فوق جزيرة متصلة بالبر، ولم ينتقل إليها إلا في سنة (308هـ= 920م) بعد أن استكمل بناءها وتشييدها، وأقام تحصيناتها ومرافقها المختلفة، وأصبحت المهدية قلعة حصينة للفاطميين بالمغرب ومركزا لعملياتهم الحربية والبحرية، وظلت حتى مطالع العصر الحديث أكبر مركز إسلامي للجهاد في البحر المتوسط. التفكير في غزو مصر تطلع المهدي إلى فتح مصر والأندلس؛ لأنه رأى أن المغرب لم تسلس له قيادتها، وتشتعل فيها الثورات من وقت لآخر، كما أنها قليلة الموارد، وبدأ في التأهب لفتح هذين الإقليمين؛ فوجه أولى حملاته إلى مصر بقيادة "حباسة بن يوسف" في سنة (301هـ = 913م) فدخل مدينة "سرت" بالأمان، ثم زحف إلى "أجدابية"، واستولى عليها بالأمان، ثم دخل "برقة". وفي أثناء إقامته ببرقة التقى بالجيوش العباسية، ودارت بينهما عدة معارك انتهت بهزيمة العباسيين، وزحف حباسة نحو الإسكندرية، وأدركه "أبو القاسم بن عبيد الله المهدي" بجيش كبير فدخلا الإسكندرية معا، بعد أن غادرها أهلها، وواصلا الزحف حتى الفيوم، لكن الحملة اضطرت إلى الرجوع والانسحاب بعد ظهور قوات العباسيين بقيادة "مؤنس الخادم"، ثم تكررت المحاولة سنة (307هـ= 919م) ولكن لم يُكتب لها النجاح، كما أن محاولات المهدي لفتح الأندلس باءت بالفشل. وقد نبهت هذه المحاولات الخلافة العباسية إلى أن استمرار هذه المحاولات يتطلب وجودا عسكريا قويا في مصر، بعد أن اكتشف القائد مؤنس الخدام الذي تصدّى لهذه المحاولات وجود موالين للفاطميين في مصر؛ فأسند العباسيون إلى "ابن طغج الإخشيد" ولاية مصر، بالإضافة إلى ولايته على الشام؛ حتى يتمكن من مواجهة خطط الفاطميين. وفاة عبيد الله المهدي وبعد فترة حكم ناهزت ربع قرن من الزمان توفي المهدي في (15 من ربيع الأول 322 هـ= 5 من مارس 934م) وخلفه ابنه أبو القسام محمد، وكانت فترة عبيد الله المهدي بمثابة عهد التأسيس وإرساء القواعد، بعد عهد التمهيد والإعداد على يد الداعي أبي عبد الله الشيعي. منقول
التعديل الأخير تم بواسطة بلبلة الأسكندرانية ; 16-11-06 الساعة 10:39 PM
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
#2 | ||
هيئة دبلوماسية
رقم العضوية : 5616
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,417
عدد النقاط : 10
|
مصــر الفاطميــة
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ أن أقام الفاطميون دولتهم في المغرب ورسخت أقدامهم فيها وهم يتطلعون إلى فتح مصر، وتكررت محاولاتهم لتحقيق هذا الحلم منذ سنة (301هـ= 913م) غير أنها لم تلق نجاحًا، وكلما أخفقت محاولة أردفوها بأخرى دون ملل أو يأس، حتى إذا تولى المعز لدين الله الفاطمي أمر الدولة عزم على فتح مصر أقدم على عمل ما يعينه على ذلك، فأصلح الطرق المؤدية إليها وحفر الآبار، وأقام الاستراحات لجنده على مسافات منتظمة، ثم اختار لأداء هذه المهمة واحدًا من أكفأ قادته وأمهرهم، وهو جوهر الصقلي، الذي نجح فيما فشل فيه غيره، وصنع لنفسه مجدًا لا يبليه الدهر؛ ففتح مصر، وأقام عاصمة هي القاهرة، وأنشأ مسجدًا هو الجامع الأزهر. وهذا القائد النابه أصله من صقلية، ولد بها سنة (312هـ= 924م) ولا يذكر التاريخ شيئًا عن حياته الأولى، ثم انتقل إلى القيروان والتحق بخدمة الخليفة المعز لدين الفاطمي، فلما توسم فيه الذكاء والفطنة عني بتثقيفه وتعليمه وتدريبه في مجالات مختلفة، فلم يخيب ظنه، وأظهر نبوغًا فيما أسند إليه من أعمال، فكافأه الخليفة الذي يعرف قدر الرجال بما يستحق، وأسند إليه القيام بالأعمال الكبيرة حتى صار كاتبه في سنة (341هـ=952م)، ثم ولاه قيادة حملته لفتح بلاد المغرب سنة (347هـ= 958م)؛ فنجح في مهمته واستولى على مدينة "فاس" سنة (349هـ= 960م) وبلغ ساحل المحيط الأطلسي، ولم يكتف بالفتح والغزو بل استطاع أن ينشر الأمن والسلام فيما فتح وأن يوطد أركان الدولة في هذه النواحي. غزو مصر ولما عزم المعز لدين الله على الاستيلاء على مصر، وكان قد استعد لذلك لم يجد خيرًا من قائده المحنك جوهر الصقلي ليقوم بهذه المهمة، وجعل تحت قيادته مائة ألف أو ما يزيد من الجنود والفرسان، بالإضافة إلى السفن البحرية. وخرج المعز لدين الله الفاطمي في وداع جيشه الكبير في (14 من ربيع الأول 358هـ= 4 من فبراير 969م) فبلغ برقة بليبيا. استأنف الجيش المسير حتى وصل إلى الإسكندرية؛ فدخلها دون مقاومة، ومنع جوهر الصقلي جنوده من التعرض لأهلها، وأمرهم بالتزام الهدوء والنظام، مستهدفًا من ذلك التقرب من المصريين والتودد إليهم، وكانت مصر في هذه الفترة تمر بمرحلة عصيبة؛ فالأزمة الاقتصادية تعصف بها، والخلافة العباسية التي تتبعها عاجزة عن حمايتها بعد أن أصبحت بغداد أسيرة لنفوذ البويهيين الشيعة، ودعاة الفاطميين يبثون دعوتهم في مصر ويبشرون أتباعهم بقدوم سادتهم، وجاءت وفاة كافور الإخشيد سنة (357هـ= 968م) -وكانت بيده مقاليد مصر- لتزيل آخر عقبة في طريق الفاطميين إلى غايتهم المأمولة. الطريق إلى الفسطاط ولما علم أهل الفسطاط بقدوم الفاطميين اختاروا واحدًا من كبار العلويين بمصر هو "أبو جعفر مسلم" على رأس وفد، ليفاوض القائد الفاتح ويطلب الصلح والأمان، فالتقى الوفد به عند قرية "أتروحة" على مقربة من الإسكندرية في (18 من رجب 358هـ= 18 من يونيو 969م) فأجاب جوهر طلب الوفد، وكتب عهدًا تعهد فيه بأن يطلق للمصريين حرية العقيدة على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، وأن ينشر العدل والطمأنينة في النفوس، وأن يقوم بما تحتاجه البلاد من ضروب الإصلاح. غير أن أنصار الإخشيديين رفضوا عهد الأمان وعزموا على القتال، إلا أنهم لم يثبتوا في المعركة التي دارت بينهم وبين جوهر في "الجيزة" في (16 من شعبان 358هـ= 5 من يوليو 969م)، واضطر أهالي الفسطاط إلى تجديد طلب الأمان من جوهر بعد هزيمة الإخشيديين، فقبل جوهر الصقلي التماسهم، وأذاع على الجند بيانًا حرّم فيه أن يقوموا بأعمال العنف والنهب؛ فهدأت النفوس واطمأن الناس وعاد الأمن إلى نصابه، وفي اليوم التالي دخل جوهر عاصمة البلاد إيذانًا ببدء مرحلة جديدة في تاريخ مصر والشام. بناء القاهرة والجامع الأزهر وما كاد يستقر الأمر لجوهر الصقلي حتى بدأ في إنشاء عاصمة جديدة لدولته الفتية، ووضع أساسًا لها في الشمال الشرقي للفسطاط، فبنى سورًا خارجيًا من الطوب اللبن يحيط بمساحة تبلع 340 فدانًا، جعل سبعين منها للقصر الكبير مقر الحكم والسلطان، وخمسة وثلاثين فدانًا للبستان، ومثلها للميادين، وتوزعت المساحة المتبقية -وقدرها مائتا فدان- على القبائل الشيعية والفرقة العسكرية، حيث اختارت كل منها مكانًا خاصًا بها عرفت به مثل زويلة، وكان ذلك نواة لعاصمة الدولة الفاطمية في المشرق، التي سميت في بادئ الأمر بالمنصورية، ثم عرفت بعد ذلك بالقاهرة. ثم شرع الصقلي في نشر المذهب الشيعي في مصر، فألغى الخطبة للخليفة العباسي، وألغى لباس السواد شعار العباسيين، وزاد في الأذان عبارة "حي على خير العمل"، وأمر بالجهر بالبسملة في قراءة القرآن في الصلاة، وزيادة القنوت في الركعة الثانية من صلاة الجمعة، وأن يقال في خطبة الجمعة: "اللهم صل على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وفاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا"، وكان هذا إيذانا بترك المذهب السني في مصر. وتأكيدًا لهذا قام جوهر بإنشاء الجامع الأزهر الذي بدأ العمل فيه في (24 من جمادى الأولى 359هـ= 4 من إبريل 970م). سياسة التمكين وسعى جوهر لدعم الفاطميين في مصر وتثبيت نفوذهم، مستعينًا بسياسة هادئة، فعمل على تمكينهم من الجهاز الإداري والسيطرة على الوظائف الكبيرة في الدولة، فلم يدع عملا إلا جعل فيه مغربيًا، وفي الوقت نفسه بدأ في اتخاذ عدة إصلاحات لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد، وتخفيف حدة المجاعة التي أصابتها بسبب نقص الحبوب، وأمده المعز لدين الله بالسفن المحملة بالغلال، ووضع نظامًا دقيقًا لجمع الضرائب يقوم على العدل والإنصاف، وأثمرت هذه السياسة عن استقرار واضح للفاطميين في البلاد. ثم تطلع جوهر إلى تأمين حدود مصر الشمالية بعد أن اطمأن إلى جبهته الداخلية المتماسكة، فنجح في ضم الشام بعد جهود مضنية، وكانت السيطرة على الشام تمثل هدفًا إستراتيجيًا لكل نظام يتولى الحكم في مصر، كما نجح في رد غارات القرامطة الذين حاولوا الاستيلاء على القاهرة، وألحق بهم هزيمة ساحقة سنة (361هـ= 971م) في منطقة عين شمس. الخليفة الفاطمي في القاهرة ولما رأى جوهر الصقلي أن الوقت قد حان لحضور المعز لدين الله لتولي الأمور في مصر كتب إليه يدعوه إلى الحضور؛ فخرج المعز من "المنصورية" عاصمته في بلاد المغرب، وكانت تتصل بالقيروان، فوصل القاهرة في (7 من رمضان 362هـ= 11 من يونيو 972م)، وأقام في القصر الذي بناه جوهر، وخرج في اليوم الثاني لاستقبال مهنئيه. وعقب وصول الخليفة الفاطمي عزل جوهر الصقلي عن دواوين مصر، واختفى جوهر عن الحياة، فلم يعهد إليه الخليفة بمهام جديدة، حتى إذا ظهر خطر القرامطة في بلاد الشام وباتوا خطرًا محدقًا بالدولة استعان المعز لدين الله بقائده النابه جوهر في سنة (364هـ= 974م) لدفع هذا الخطر، ثم عاد إلى الاختفاء ثانية. الأيام الأخيرة جوهر الصقلي وظل جوهر الصقلي بعيدًا عن تولي المناصب حتى وفاة المعز لدين الله وتولي ابنه العزيز بالله الفاطمي، إلى أن عاد الخطر القرمطي في الظهور من جديد في الشام، ولم يجد الخليفة العزيز بدًا من الاستعانة به مرة أخرى؛ اعترافًا بكفاءته وقدرته، فتولى قيادة القوات الفاطمية التي زحفت إلى بلاد الشام، حتى إذا تحقق النصر وزال خطر القرامطة عاد من جديد إلى الاختفاء، ولزم بيته حتى توفي في (20 من ذي القعدة 381هـ = 28 من يناير 992م) بعد أن حكم مصر أربع سنوات نيابة عن الخليفة الفاطمي في مصر، وهي تعد من أهم فترات التاريخ الفاطمي في مصر؛ حيث نجح بسياسته الهادئة وحسن إدارته من إحداث التغييرات المذهبية والإدارية التي هيأت الاستقرار للدولة الجديدة، وعبّرت عن مظاهر سيادتها. منقول |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#3 | ||
هيئة دبلوماسية
رقم العضوية : 5616
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,417
عدد النقاط : 10
|
نهاية الخلافــة الفاطميــة
بسم الله الرحمن الرحيم
استأثر وزراء الدولة الفاطمية بالنفوذ منذ النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، وبدأ عصر الوزراء العظام الذين يقبضون على مقاليد الأمور ويختارون ويستبدون بالأمر دون الخلفاء الفاطميين، ويُسيِّرون شؤون الحكم حسبما يريدون، ويختارون خلفاء لا يحولون بينهم وبين تنفيذ مشيئتهم. وبرز من هؤلاء الوزراء: الأفضل بن بدر الجمالي في عهد المستعلي بالله (487- 495هـ)، والآمر بأحكام الله (495- 524هـ) وطلائع بن رزيق في عهد الفائز (549-555هـ)، وأسد الدين شيركوه، وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي في عهد الخليفة العاضد، آخر خلفاء الفاطميين (555- 567هـ). ولاية العاضد في ظل سيطرة الوزراء على الدولة، اختار طلائع بن رزيق الوزير الفاطمي "عبد الله بن يوسف بن الحافظ" من أبناء البيت الحاكم خليفة للدولة، ولقبه بالعاضد لدين الله، وذلك في سنة (555هـ= 1160م)، وكان حدثا صغيرا، لا يتجاوز عمره عشر سنين؛ فقد وُلِدَ في (20 من المحرم 546هـ)، وكان من عادة الوزراء في نهاية عصر الدولة الفاطمية اختيار خلفاء من صغار السن، حتى يسهل عليهم تصريف شؤون الدولة دون تدخل من أحد، غير أن العاضد نجح بمساعدة بعض الأمراء في التخلص من وزيره المستبد بالأمر دونه سنة (556هـ =1161م) وأحل مكانه في الوزارة ابنه العادل بن طلائع، وظل في الوزارة سنتين حتى خلعه "شاور" والي الصعيد في سنة (558هـ=1163م). الصراع على الوزارة ونظرا لأن منصب الوزارة كان محط أنظار كثيرين من قادة الجيش وكبار رجال الدولة؛ فقد قامت منافسات للظفر بهذا المنصب الجليل؛ ولهذا لم يهنأ شاور بمنصبه الجديد؛ إذ نجح "ضرغام" أحد كبار رجال الدولة في خلعه، والجلوس مكانه في منصب الوزارة؛ فهرب شاور إلى الشام مستنجدا بـ"نور الدين محمود" صاحب دمشق؛ ليعيده إلى منصبه، وفي الوقت نفسه استنجد ضرغام بـ"عموري" الصليبي ملك بيت المقدس. لبى كل من نور الدين محمود وعموري نداء مَن استنجد به؛ فأرسل نور الدين سنة (559هـ = 1164م) حملة بقيادة أسد الدين شيركوه، ومعه ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي وكان في السابعة والعشرين من عمره، وحضر الصليبيون إلى مصر بقيادة عموري، وتتابعت حملات نور الدين وعموري على مصر، حتى بلغ عددها ثلاثا، وانتهى الأمر بهزيمة الصليبيين، وانتصار حملة نور الدين، والقضاء على الوزيرين المتنافسين، وتقليد أسد الدين شيركوه منصب الوزارة في سنة (564هـ = 1169م). أصبح أسد الدين صاحب السلطان الفعلي في البلاد بعد أن اختاره العاضد وزيرا له، ولقبه بالملك المنصور أمير الجيوش، وقلده جميع أمور الدولة، وكان شيركوه أهلا لما أُسنِدَ إليه؛ فاستطاع في الفترة القصيرة التي قضاها في الوزارة أن يقبض على زمام الأمور في البلاد، وأن يوزع الإقطاعات على عساكره؛ غير أنه تُوفِّي بعد أن ظل في منصبه ما يقرب من ثلاثة أشهر، وخلفه في منصبه ابن أخيه صلاح الدين. صلاح الدين والنهاية شرع صلاح الدين منذ أن اعتلى كرسي الوزارة في تثبيت مركزه في البلاد، وتقوية نفوذه وسلطانه؛ فاستمال قلوب الناس نحوه بحسن سياسته، وكسب ثقتهم بعدالته ونزاهته، وعمل على إمساك زمام الأمور في يده، وإحكام قبضته على شؤون الدولة؛ فأسند مناصب الدولة إلى أنصاره، وأبعد كبار رجال الخليفة عن القاهرة، وأضعف نفوذهم، وأخذ إقطاعاتهم ومنحها لرجاله وقواده، ومنع الخليفة من الاتصال بالناس؛ فصار سجين قصره، وجعل اسم نور الدين محمود يأتي في الخطبة بعد الخليفة الفاطمي. أثار ذلك حنق أهل القصر وأتباع الخليفة الفاطمي وجنده من السودان؛ فدبروا مؤامرة لاغتيال صلاح الدين في أواخر سنة 564هـ غير أنه علم بالمؤامرة؛ فقبض على زعيمها، وقمع الثائرين عليه، ثم خطا صلاح الدين خطوة كبيرة نحو القضاء على الدولة الفاطمية بإحلال المذهب السني محل المذهب الشيعي؛ فعمل على إنشاء المدارس لتدريس المذهب السني، وكانت المدرسة الناصرية التي أُنشِئت في الفسطاط لتدريس المذهب الشافعي أول مدرسة أنشأها صلاح الدين في مصر، ثم تلاها بإنشاء مدرسة أخرى لتدريس المذهب المالكي، ثم تبعه أفراد أسرته ورجال دولته، فأنشئوا مدارس أخرى لتدريس المذهب السني. ثم عزز ذلك بتعيين صدر الدين عبد الملك بن درباس الشافعي قاضيا للقضاة؛ فجعل القضاء في سائر الديار المصرية شافعية؛ فاستعاد بذلك المذهب السني قوته، وأخذ المذهب الإسماعيلي في الاختفاء تدريجيا حتى لم يبقَ له أنصار في مصر. وعلى الرغم من انفراد صلاح الدين بحكم مصر دون أن ينازعه منازع، وسيطرته على مقاليد الأمور في مصر؛ فإنه لم يسارع إلى إقامة الخطبة للخليفة المستضيئ بنور الله العباسي، وأعرض في بادئ الأمر عن تنفيذ رغبة نور الدين محمود في إحلال اسم الخليفة العباسي محل الخليفة الفاطمي، واعتذر بتخوفه من أن يثير هذا العمل غضب أهل مصر. غير أن صلاح الدين إزاء إصرار نور الدين محمود جمع أمراء جيشه ليستشيرهم في أمر قطع الخطبة للخليفة الفاطمي؛ فترددوا كثيرا، لكن فقيها يدعى "الأمير العالم" قطع هذا التردد وأبدى عزمه على القيام بهذا الأمر، حيث صعد المنبر في أول جمعة من شهر (المحرم 567هـ= سبتمبر 1171م) قبل الخطيب ودعا للخليفة العباسي فلم يعارضه أحد. وفي الجمعة الثانية أمر صلاح الدين الخطباء في مساجد الفسطاط والقاهرة بإسقاط اسم العاضد من الخطبة، وذكر اسم الخليفة العباسي محله، معلنا بذلك نهاية الخلافة الفاطمية، وتبعية مصر للخلافة العباسية. وكان العاضد إذ ذاك مريضا فلم يعلمه أهله وأصحابه، ثم لم يلبث أن توفي بعد ذلك بعدة أيام، وبموته انتهت الدولة الفاطمية التي حكم خلفاؤها الأوائل رقعة شاسعة امتدت من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا، ودُعي لأحد خلفائها على منابر بغداد عاصمة الخلافة العباسية عاما بأكمله. -------------------------------------------------------------------------------- منقول |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#4 | ||
المراقب العـام
رقم العضوية : 1295
تاريخ التسجيل : Oct 2003
عدد المشاركات : 29,779
عدد النقاط : 263
|
[ALIGN=CENTER]اهلا بالاخت بلبلة الأسكندرانية تاريخ حافل لما قام به هذا القائد جوهر الصقلي لتعزيز سيطرة الدولة الفاطمية على مصر وهكذا كانت حضارتهم (سادت ثم بادت) وهكذا لكثير من الحضارات كل الشكر تقديم هذه السيرة ودمتي[/ALIGN] |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#5 | ||
هيئة دبلوماسية
رقم العضوية : 5616
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,417
عدد النقاط : 10
|
بسم الله الرحمن الرحيم
اخى العزيز حبى الكويت شكرا جزيلا لحضرتك
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
#6 | ||
المراقبة العامة
رقم العضوية : 540
تاريخ التسجيل : Dec 2002
عدد المشاركات : 16,580
عدد النقاط : 10
|
الغاليه بلبلة
موضوع تاريخي شيق من حيث الاحداث ومعرفة ماحصل في تلك الفتره والتاريخ مليئة بهذه الاحداث شكرا لك |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#7 | ||
مشرفة أقسام المرأة
رقم العضوية : 5393
تاريخ التسجيل : Sep 2006
عدد المشاركات : 6,916
عدد النقاط : 113
|
تارخ عظيم للخلافة الفاطمية
مشكورة على الموضوع |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#8 | ||
هيئة دبلوماسية
رقم العضوية : 5616
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,417
عدد النقاط : 10
|
بسم الله الرحمن الرحيم
حبيبتى الغالية حياة شكرا لكى حبوبتى |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#9 | ||
هيئة دبلوماسية
رقم العضوية : 5616
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,417
عدد النقاط : 10
|
بسم الله الرحمن الرحيم
حبيبتى الجميلة منار الزهور شكرا لكى حبيبتى |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#10 | ||
مشرف أول
رقم العضوية : 4355
تاريخ التسجيل : Mar 2006
عدد المشاركات : 2,085
عدد النقاط : 10
|
[ALIGN=CENTER]
الأخت العزيزة بلبلة موضوع تاريخي ممتاز يذكر تاريخ الفاطمين الذين نسبوا إلى فاطة كذبا وزورا فهم أولاد عبيد الله بن ميمون القداح المجوسي الأصل وقد فتحوا مصر وبنوا مدينة القاهرة ومن حكامهم الحاكم بأمر الله الذي يعده الدروز إله من دون الله ولحكام الفاطميين وخاصة المتأخرينمنهم مخازي وفضائح ورغم أن الفاطميين كانت حاضرة مملكتهم في مصر إلا أن مصر ظلت سنية ولإحسان إلهي ظهير كتاب الإسماعيلية تاريخ وعقائد ممتاز في موضوعه وأيضا لعبد الرحمن بدوي كتاب المذاهب الإسلامية ذكر فيه تاريخ الفاطميين ومعتقداتهم وخلفاءهم وأعمالهم[/ALIGN] [ALIGN=CENTER] شكرا بلبلة على هذا الموضوع القيم ![]()
توقيع : معاذ
زهرة الشرق
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
#11 | ||
هيئة دبلوماسية
رقم العضوية : 5616
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,417
عدد النقاط : 10
|
بسم الله الرحمن الرحيم
اخى العزيز جدا معاذ شرفت موضوعى بتعليقك عليه شكرا جزيلا لك |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#12 | ||
المشرف العام
رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,839
عدد النقاط : 203
|
اشكرك بلبلة
على ماقدمتية لنا وقد بنى الفاطمين مسجد الازهر ليكون مركزا لنشر فكرهم الباطنى ولكن اله اراد غير ذلك فكان الازهر منارة لاهل السنة وقد جاء صلاح الدين الايوبى وانهى تلك الدولة واعاد المذهب السنى مرة اخرى دمت بخير احمد المصرى |
||
![]() |
![]() |
![]() |
#13 | ||
هيئة دبلوماسية
رقم العضوية : 5616
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,417
عدد النقاط : 10
|
رد: الخلافــة الفاطميــة
بسم الله الرحمن الرحيم
اخى الكريم احمد المصرى شكرا لحضرتك وللأخ معاذ على زيادة التوضيح شكرا جزيلا لكما |
||
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
زهرة الشرق - الحياة الزوجية - صور وغرائب - التغذية والصحة - ديكورات منزلية - العناية بالبشرة - أزياء نسائية - كمبيوتر - أطباق ومأكولات - ريجيم ورشاقة - أسرار الحياة الزوجية - العناية بالبشرة
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك
(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)