الإحسان والحياة

.
[SIZE=3]الإحسان من الحسن,والحسن غاية الجمال ومنتهى الكمال.والحسن بطبيعته الفطرية,وخصائصه المميزة.خلاصة اللغات والدعوات والرسالات والآداب بأنواعها المختلفة,ومجالاتها المتعددة.والإحسان في اللغة يتضمن معان كثيرة منها على سبيل المثال:
1-الإتقان والإجادة.يقال:فلان حسُن عمله إذا أتقنه وأجاده.ومنه قوله تعالى:"الذي أحسن كل شيء خلقه.."الآية السجدة.
2-الإنعام على الغير.يقال :أحسن فلان إذا تفضل عليه وأبره
.ومنه قول الشاعر
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم**فطالما استعبد الإنسان إحسان.
3-ومنه إنعام الله على سائر خلقه ,من إيجاد وإمداد,ومن حفظ ورعاية.كما جاء على لسان يوسف غليه السلام وهو يواجه فتنة الشهوة وفتنة الملك :"قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي.."الآية يوسف وهو يخاطب أبوه:"وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو.."الآية يوسف.والإحسان أعلى مراتب الدين ,وأشرفها كما جاء في تعريف الإحسان :"أن تعبد الله كأنك تراه ,فإن لم تكن تراه فإنه يراك"البخاري.فالإحسان بهذا التعريف الجليل يكسب النفس تصورا جميلا للحياة ,وطبيعة هذا الدين .لذا فقد جعل الله أركان الإسلام وأركان الإيمان أساسا متينا ليقوم عليهما سقف الإحسان فيتم الباء.قال الغزالي رحمه الله:إن ميزان النجاح في السير إلى الله هو الوصول إلى مقام الإحسان الذي في الحديث الصحيح :أن تعبد الله كأنك تراه .." وهو الذي يعبر عنه بمقامي المشاهدة والمراقبة , فالمراقبة أن تستشعر أن الله يراك ,والمشاهدة أن تعبد الله كأنك تراه.فإذا أردت أن تعرف قصورك من تمامك وتقصيرك من كمالك فابحث في قلبك عن هذين المقامين...ولا وصول لهذين المقامين والقلب مريض.فأمراض القلب تحجب الأنوار,ومالم يستنر القلب لايستشعر.كما أنه لاوصول إلا بكثرة ذكر وتأمل .فالذكر والفكر هما طريقا الوصول إلى المراقبة والمشاهدة.انتهى ولئن كانت العوالم في طبيعتها تنقسم إلى قسمين:عالم الغيب وعالم الشهادة,فإنهما بين يدي الإحسان عالم واحد له جلاله ووقاره وهيبته في الضمي البشري:"هو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق ,وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير"سورة الأنعام.إن الاتصال بالله تعالى وطلب العون منه والمدد أساس العبادات كلها سواء أكانت عبادة مالية أو بدنية أو فكرية أوغير ذلك.وما افتقرالقلب إلى شيء
كافتقاره الدائم إليهما إذ جعلها سبحانه الغاية:"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"سورة الذاريات.ثم خولنا سبحانه الأرض وما عليها ليبلونا فيما آتانا :"هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها.."سورة هود.وحتى لايخدعنا سراب استبداد قال:"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا.."سورة الملك."إنا جعلنا ماعلى الأرض زينة لها لنبلوكم أيكم أحسن عملا"سورة الكهف.وجعل لنا على طول الطريق-إن أخذتنا سنة الهوى,أو تقلقل بنا صوت الفتور-مطمحا تتوق إليه النفوس فكأنما نشطت من عقال:" أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين"سورة العنكبوت.ويوم أن ضل الفكر المعاصر عن حقائق وجوده,وغاية خلقه أضحى:
كريشة في مهب الريح عاصفة**لاتستقر على حال من القلق.
أجل.لقد قفز العلم في هذا العصر قفزات علمية هائلة لم تعهد لها البشرية نظيرا من قبل.ولا غرو إذ كان للإحسان دوره الجبار في صنع كل تقدم مادي وازدهار حضاري.إن وضع الخطط وتنفيذ البرامج التنموية ,ووضع الآليات الإستراتيجية المستقبلية لتحسين مستوى الدخل وما إلى ذلك من ظاهر الإحسان ومقاصده التي نحن بصدد الحديث عنه.لكنه للأسف إحسان ناقص .إحسان مؤقت.إذ ضل الإحسان طريقه إلى عالم الغيب بكونه الامتداد الأمثل لعالم الشهادة.:"إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها..""من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها.."يقول علماء الإدارة:إذا فشلت في التخطيط فقد خططت لتفشل.وما إفلاس الحضارة الغربية اليوم في حقوق الإنسان ورفع البؤس عن كاهل الناس.وإيجاد نظام عالمي إنساني موحد,أو في القضاء على الإرهاب الفكري والثقافي والسياسي رغم تفوقها المادي الكبير إلا مصداقا لما قرر سابقا من عدم جودة وإتقان.:"قل هل أنبأكم بالأخسرين أعمالا؟الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "سورة الكهف.وكما أن الإيمان –أحبتي-يمثل حجر الزاوية في بناء الشخصية الإسلامية ,وكما أنه يعطي الحياة معناها الجميل وقيمتها الأجمل.وكما أنه العامل الرئيس في إيجاد ذلك الجيل الفريد في أخلاقه ودعوته وفي تجارته وجهاده ومعاملته وفتوحاته .فإذا هم أئمة الهدى ,وقادة الأمم,وسادة الشعوب,وإذا هم يبرِّزون في كل ناحية,ويسبقون في كل نشاط حضاري,ويتفوقون تفوقا لم يسبقوا إليه,ولم يلحقوا فيه.:"وذلك جزاء المحسنين"أقول إذا الإيمان كذلك .فإن الإحسان هو الذي ينقل المؤمن روحا وجسدا إلى المرحلة التي يفتح الله بها على قلب صاحبها فتوحات العلم والمعرفة وبركات النصر وكرامات الأولياء(بعيدا عن هرطقات الصوفية)المرحلة اليقينية,والتي تذوب عند عتبة بابها وساوس الشك وخواطر التردد.وهي ذات المرحلة التي يتجلى المولى تبارك وتعالى لعباده الصالحين,ودعاته الصادقين فيكشف لهم حقائق الأمور,ويفيض عليهم من خصائصها:الثبات المطلق,والتسليم المطلق.:"وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين.فلم جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي ففلما أفل قال لاأحب الآفلين.فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من الضالين.فلمال رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يقوم إني بريء مما تشركون.."الآية سورة الأنعام."وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمأن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم.""وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين""ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال ربي أني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين""فلما بلغ معه السعي قال يابني إني أرى في المنام أي أذبحك فانظر ماذا ترى؟قال ياأبت افعل ماتؤمرستجدني إن شاء الله من الصابرين.فلما أسلما وتلّه للجبين.وناديناه أن ياإبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين."إلى غيرها من الآيات ,والتي يبرز من سياقها ونظمها ومقصدها مقام الإحسان وأثره الحسن.ولعلها أصعب المراحل الوجدانية والعملية كما يبدو.ليس من أهلها المنبطحون الكسالى.إنما أهلها الدعاة الصادقون المشمرون عن سواعد الجد .إن هب داع الحق للإصلاح والتغيير والتجديد حدا حاديهم يشق ضباب السادرين,وعنان الغافلين.:أنا لها يارسول الله.وإن طغى الفساد واستفحل أمره,نفض صغيرهم دثار الخنوع محققا طموح طاعن في السن:"ياليتني فيها جذعا"كيف لا؟وهم يستنشقون عبير الأمل,وأريج القرب,وشذا الفراديس:"إن رحمة الله قريب من المحسنين"فإذا الباطل حصيدا كأن لم يغن أهله بالأمس كما كان هشيما تذروه الرياح وكان الله على شيء مقتدرا.ونعمت المقولة"والله ماذل ذو حق ولو تكالبت عليه الدنيا,وماعز ذوباطل ولو من جبينه القمر"
• تأصيل:
• إن مما يحز في النفس أن السواد الأعظم من أبناء هذه الأمة أضاعوا المرجعية الثقافية والفكرية والأدبية التي ينبغي الرواح إليها كل حين.المرجعية التي لها الحق والسلطان في تحديد المفاهيم ,وضبط التصورات ,وتقرير الصالح من العادات,وكنس الشاذ من ة الأفكار والخواطر.المرجعية هي وحدها فقط التي تحكم وتنتقد وترجِّح وتفصل دون تنكر للملكات والمواهب والقدرات .إذ أن لها من الصلاحية ما يجعله قمينة بذلك.:"ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون."فإما إتباع الشريعة وإما إتباع الأهواء.ولذا فإنه من المؤسف أن الإسلام لم يعد هو الآمر والناهي في المسألة.لم يعد هو صاحب الكلمة المصيرية وملكها."أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا..؟" إن الإسلام هو المرجعية الحقة التي ارتضاها لأهل الأرض والسماء عقيدة وشريعة تضمنتا كل مقاصد الحسن والجمال ودلالاته.فالحسن ماشهد بأنه حسن,والقبيح ماشهد بأنه كذلك.وهل كارثة الأمة إلا في عقلها اليوم؟وكذلك مفهوم الجمال ومفهوم القدر ومفهوم الحياة..والذي يهمنا كثيرا في هذا المقام هو تحقق العاملين بمقام الإحسان .إذ أن الإسلام بطبيعته تكاليفه,وإشراقه مقاصده ينتقل بالعاملين من دائرة
• الحسن إلى دائرة الأحسن.:"للذين أحسنوا الحسنى وزيادة .."يونس."ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة .."فيا ترى مال هؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثا.
• تلك الضروب الحسان التي لاعداد لها ولاحصر,والذي أراه بعد ذالك التطواف كله أن وضع الحديث" أن تعبدالله كأنك تراه.." في كتب الحديث لايتوافق ومقاصد الإحسان إذ ينبغي أن ينقل إلى باب المعاملات وينقل أيضا إلى باب طلب العلم وصناعة الحضارة الفكرية والإنسانية ,فهو اللائق به والأجدر.إنه لأعظم حديث في البناء.والسلام.[/SIZE]

إن الإسلام هو المرجعية الحقة التي ارتضاها لأهل الأرض والسماء عقيدة وشريعة تضمنتا كل مقاصد الحسن
.................................................. .................
عزيزى طارق
مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر للتشريع
الشريعة الإسلامية هي منظومة القيم الانسانيه التي تهدف إلى ضرورات يستحيل الحياة بدونها وهى حفظ النفس والنسل والدين والمال والعقل وحاجيات وتحسينيات لا تكتمل إنسانية البشر بدونها
اذا لابد من عودة ابناء الامه الاسلاميه الى المرجعيه الثقافيه والفكريه الادبيه والتمسك بمبادئ الشريعه الاسلاميه

شكرا طارق لعرض هذا الموضوع

ارق تحيات .........تقى

[ALIGN=CENTER]


"قل هل أنبأكم بالأخسرين أعمالا؟الذين ضل سعيهم في الحياة

الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " (سورة الكهف)

أخي طارق السكري

أن التقليد الأعمى جعل الكثير ينسلخ عن مبادئه والتي ترعرع عليها

أن المادة هي اللغة السائدة بوقتنا هذا فأصبح وللاسف لكل فعل ردة فعل

أن الرأسمالية أصبحت هي الطريق السائد والمتبع بين الكثير ، الا ماندر

أن الاحسان وهو مايعني التواصل والمحبة والرأفة والترابط والألفة بين

البشر، أصبح اليوم من ينادي به يعتبر أنسان بنظرالمتكبرين أنسان ساذج

اللهم أجعلنا ممن يتبعون شرعك وهدي نبيك صلى الله عليه وسلم . بارك

الله فيك على هذا الطرح القيم ولك مني خالص التحية والتقدير .[/ALIGN]

الكاتب الأصلي: حبىالكويت [ALIGN=CENTER] "قل هل أنبأكم بالأخسرين أعمالا؟الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " (سورة الكهف) أخي طارق السكري أن التقليد الأعمى جعل الكثير ينسلخ عن مبادئه والتي ترعرع عليها أن المادة هي اللغة السائدة بوقتنا هذا فأصبح وللاسف لكل فعل ردة فعل أن الرأسمالية أصبحت هي الطريق السائد والمتبع بين الكثير ، الا ماندر أن الاحسان وهو مايعني التواصل والمحبة والرأفة والترابط والألفة بين البشر، أصبح اليوم من ينادي به يعتبر أنسان بنظرالمتكبرين أنسان ساذج اللهم أجعلنا ممن يتبعون شرعك وهدي نبيك صلى الله عليه وسلم . بارك الله فيك على هذا الطرح القيم ولك مني خالص التحية والتقدير .[/ALIGN]

مشكووور اخي طارق السكري

على الطرح المفيد وجزاك الله خير

الأخت المقاصدية تقى..أشكرك

العين الساهرة ..أحسنت في ردك..هذه آثار حتمية لركود العقلية المقاصدية لدى المسلمين..

الأخت الفاضلة ..محبة الهدى..أشكر مرورك الكريم