العودة   منتديات زهرة الشرق > { حواء الزهرة - للنساء فقط } > عالم الطفل والأم

عالم الطفل والأم العناية بصحة الأم الحامل - العناية قبل وبعد الولادة - العناية خلال فترة الحمل - رعاية المواليد - العناية بالطفل - غذاء وصحة الطفل . .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 23-01-06, 07:08 PM   #1
 
الصورة الرمزية sama

sama
العضوية الماسية

رقم العضوية : 2371
تاريخ التسجيل : Nov 2004
عدد المشاركات : 1,440
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ sama
مشاركة غدر أبـو قير حكايات ألف ليلة وليلة


[ALIGN=CENTER]غدر أبـو قير



كان في "الإسكندرية" صبّاغ ماهر اسمه "أبو قير". وكان يُتقن صباغة القماش بالألوان الزّاهية الجميلة.

ولكنّ أبا قيرٍ كان كسولاً لا يحبّ العمل، ومهملاً يَعِدُ زبائنه بأن ينجز لهم صباغة ثيابهم ثمّ لا يفي بوعده. وكانوا عندما يحضرون لأخذ أغراضهم يجدونها من غير صباغٍ، فيزعم أبو قير لهم أنّه كان مريضًا، أو أنه مشغولٌ كثيرًا، فلم يتمكّن من الوفاء بوعده لهم.

بعد مدّةٍ من الزّمن، ساءت سمعته في أحياء الإسكندريّة، وعرف النّاس أنّه صبّاغ كسول وكاذب ومُهمل، لا يهمّه من الحياة إلاّ أن يأكل بشراهةٍ، فتركه الزّبائن وكسد عمله.

وفي أحد الأيّام، جاء إلى دكان أبي قير رجلٌ غريبٌ لم يسمع بمعاملته السّيئة، وسلّمه قطعةً حريريةً من القماش، وطلب أن يصبغها له. فوعده أبو قير بإنهاء صباغتها بعد أسبوعٍ واحدٍ، وأخذ منه الأجر مقدّمًا.

بعد أسبوعٍ، جاء الرّجل الغريب لكي يأخذ قطعته الحريرية؛ لكنّ أبا قير شعر بقدومه، فهرب إلى دكّان جاره الحلاّق واختبأ فيه. وهكذا كان أبو قير يختبئ كلّما شعر بقدوم زبونٍ لم ينجز له عمله. وكان الرّجل الغريب يجد دكان أبي قير خاليًا كلما زاره. ولمّا عثر عليه مرّةً، عاتبه ووبّخه، ثم تخاصم الإثنان وتشاجرا.

لما يئس الرّجل الغريب من وعود أبي قير. ذهب إلى القاضي وشكا إليه أنّ أبا قير كَذَبَ عليه وخدعه وأخذ أجرًا على صباغة قطعة الحرير من دون أن ينجز وعده، فلم يصبغ قطعة الحرير، ولم يرجع المبلغ الذي أخذه مقابل الصّباغة.

عندئذٍ أصدر القاضي حكمًا على الصّباغ الخدّاع بالسّجن لمدّة أسبوعين، ثم أمر بإغلاق مصبغته، ومنعه ممارسة مهنة الصّباغة، لئلا يقع الزّبائن في شباك كذبه وخداعه.

أمضى أبو قير في السّجن أسبوعين، ثم خرج بائسًا حزينًا، ولابُدّ أن يبحث عن عملٍ يُوفّر له حاجته من المال والطّعام. ذهب إلى جاره الحلاّق الذي كان يختبئ لديه، فشكا إليه بؤسه وسوء حاله، وأنّه أصبح من الصّعب عليه أن يجد عملاً بعد أن عرف أهل الإسكندريّة سيرته السّيئة وإهماله في عمله.

كان الحلاق، واسمه أبو صير، طيّب القلب، بسيطًا ومُهذّبًا. فأشفق على جاره القديم أبي قير، واستقبله استقبالاً حسنًا، وأكرمه وأنزله عنده، وأخذ يشاركه في المال الذي يجنيه من عمله كلّ يوم.

وفي يومٍ من الأيّام، قال أبو قير لصديقه أبي صير: "أليس من المُحزن، يا صديقي، أن أصير إلى هذا الحدّ من البؤس والفقر، وأنا أمهر العاملين في صباغة الأقمشة، وأحسن صبّاغ يتّقن مزج الألوان في الإسكندريّة كلّها. إنّي آخذ الثياب باهتة اللّون، وبعد أن أصبغها تخرج من بين يديّ زاهيةً برّاقةً، تُسرّ النّاظرين".

وتابع أبو قير كلامه: "وأمّا أنتَ يا صديقي أبا صير، فإنّك حلاّق ماهر، خفيف اليد، ولكن زبائنك قليلون، وإذا بقيتَ قانعًا بما أنت عليه، فستظلّ قليل المال، فقير الحال. هيّا بنا نرحل عن هذه المدينة، إلى مكانٍ آخرٍ، نجد فيه الزّبائن الأغنياء الذين يُقدّرون مهارتك ومهارتي، فنكسبُ من عملنا مالاً وفيرًا ونصبح بعد وقتٍ قصيرٍ من الأغنياء".

فكّر الحلاق أبو صير في كلام صديقه الصّباغ أبي قير، واقتنع به. فاتّفقا على أن يُهاجرا معًا من المدينة، ويتشاركا في كلّ ما يكسبانه من عمليهما، وأن يتقاسماه معًا في أمانةٍ وصدقٍ.

وعَلِمَ الصّديقان أن سفينةً كبيرةً ستغادر ميناء المدينة بعد أيّامٍ قليلةٍ، وستُبحر إلى بلادٍ عديدةٍ.

انضمّ أبو قير وأبو صير إلى المُسافرين على ظهر السّفينة، وكان عددهم كبيرًا، بعضهم تجّار يُسافرون ليجلبوا بضائع وسلعًا متنوّعةً، وبعضهم عُمّال يُسافرون بحثًا عن عملٍ في أيّ بلدٍ من البلاد، وبعضهم يُسافر سائحًا مُتفرّجًا على بلاد الله الواسعة.

لم يلبث المُسافرون أن تعرّفوا بالحلاّق أبي صير حتّى أقبلوا عليه يقصّون شعرهم، إذ وجدوه حلاقًا ماهرًا طيّب القلب، رضيّ النّفس؛ فأكرموه وأكثروا له العطاء.

وسارت السّفينة في البحار، وكانت تنتقل من ميناءٍ إلى ميناءٍ، فينزل منها بعض المُسافرين، ويصعد غيرهم مكانهم، والحلاّق النّشيط يُلبّي رغبات المُسافرين في قصّ شعرهم من دون كللٍ أو مللٍ. وكان يقتسمُ مع صديقه الصّباغ كلّ ما يكسبه من أجرٍ على عمله. ولمّا كان الصّباغ يحبّ الأكل، فإن الحلاّق كان يرغب إلى زبائنه في أن يكون أجره طعامًا وشرابًا وفاكهةً، ليتمكّن صديقه الصّباغ أن يأكل ما يحبّ ويشتهي.

كان أبو قير، عندما يشبعُ، يلتفت إلى أبي صير ويقول له: "إنّ الله رَزَقني صديقًا وفيًّا مثلك، وإنّي أرجو أن أردّ لكَ معروفك عندما أجد عملاً يُكسبني مالاً". وسمع ربّان السّفينة بمهارة الحلاّق أبي صير فاستدعاه ليقصّ له شعره. أُعجبَ الرّبان بنشاطه وخفّة يده، فرغب إليه أن يتردّد عليه يومًا بعد يومٍ ليقصّ له شعره. وأعطاه الكثير من الطّعام والحلوى ليشبع بهما رفيقه الأكول.

كان أبو قير يلتهم الطّعام الذي يكسبه رفيقه الحلاّق، ولا يترك له إلاّ بضع حبّاتٍ من الزّيتون، وبضع لُقيماتٍ من الخبز. وكان أبو صير يتناول ما ترك له الأكول برضا وصبرٍ، فلا يتذمّر ولا يتأفّف.

عندما بلغت السّفينة نهاية رحلتها، ورست في آخر ميناءٍ في الرّحلة، التفت ربّانها إلى أبي صير وقال له: "إنّك رجلٌ كريمٌ ونشيطٌ، وإنّي أدعوك إلى البقاء معنا، تنتقل من بلدٍ إلى بلدٍ وتمارس عملك بين ركّاب السّفينة الذّين يريدون قصّ شعرهم، أو تخفيف لحاهم وشواربهم، وهكذا تكسب مالاً وتتفرّج على بلاد الله الواسعة في وقتٍ واحدٍ".

فأجابه أبو صير قائلاً: "أشكرك أيّها الرّبان على دعوتك، لكنّني لا أستطيع تلبيتها لأنّني مُرتبط مع صديقي أبي قير على أن نسافر معًا ونقيم معًا ونتاجر معًا ونتقاسم ما نكسب بالتّساوي، وليس من الأمانة أن أنقضَ الإتّفاق أو أخلف الوعد، أو أترك صديقي أبي قير في بلادٍ غريبةٍ، لا يعرف فيها أحدًا، ولا يعرفه أحدٌ".

فقال ربّان السّفينة لأبي قير: "إن صاحبك لا يريد أن يعمل عملاً نافعًا ليكسب من تعبه، وقد أحَبَّ حياة الكسل والإعتماد على نشاطك وعملك. وهذه الصّفات ليست صفات الصّديق الشّريف. إنّه أنانيّ يحبّ نفسه فقط، ومن الخير أن تجعله يعمل لئلا يظلّ كسولاً يعتمد على عمل غيره. وعلى كلّ حالٍ هذا أمر يخُصّك، وإنّي أتمنّى لك الخير والسّعادة، وإلى اللقاء".

شكر أبو صير ربّان السّفينة، وتمنّى له سفرًا سعيدًا ورحلةً هادئةً لا تهبّ فيها رياحٌ شديدةٌ على السّفينة.

وحمل أبو صير أمتعته ونزل من السّفينة إلى الأرض، يتبعه رفيقه أبو قير.

وبعد أن تجوّلا في طُرُق المدينة، وتعرّفا بأشهر أحيائها، استأجر أبو صير غرفةً أقام فيها مع رفيقه.

وفي اليوم التّالي، ذهب أبو صير إلى سوق المدينة واتّخذ مكانًا له وبدأ يُمارس مهنة الحلاقة. وفي المساء، عاد إلى الغرفة حاملاً الطّعام والفاكهة، فأكل رفيقه أبو قير كثيرًا وبقي لأبي صير القليل القليل.

استمرّت الحال على هذا الشّكل: الرّجل الطيب، أبو صير، يعمل في حلاقة الشّعر طوال النّهار، ثم يحمل معه الطّعام في المساء؛ وأبو قير يمضي الوقت متكاسلاً، مُتمدّدًا ثم يشارك رفيقه في الأكل.

وبعد عدّة أسابيع، شعر أبو صير بالتّعب والإرهاق بسبب العمل المتواصل من غير راحةٍ. وما لبث أن وجد نفسه في صباح يومٍ من الأيّام مريضًا، لا يستطيع القيام من فراشه من شدّة الألم وارتفاع الحرارة.

وكان من الواجب أن يتولّى أبو قير خدمة رفيقه والإشراف على إسعافه ومداواته وتوفير الطّعام له. ولكنّ أبا قير، بدلاً من ذلك، غافل رفيقه المريض الذي يتلوّى من الألم، وسرق كيس النّقود وأوهمه بأنّه ذاهب لإحضار الدّواء والطّعام.

تجوّل أبو قير في طُرُق المدينة وأسواقها، وراقب النّاس فيها، فلاحظ أنّهم يلبسون ثيابًا بيضاء وسوداء. وبينما كان يشتري بعض الفاكهة من أحد الدّكاكين، سأل البائع: "لماذا لا تلبسون ثيابًا ملوّنةً بألوانٍ أخرى غير الأبيض والأسود؟". فأجابه البائع: "ليس في المدينة صبّاغ يتّقن تلوين الثياب وسائر الأقمشة".

عندئذٍ رأى أبو قير أنّ الفرصة سانحة ليستفيد منها، فذهب إلى قصر السّلطان وطلب مقابلته. فلمّا أَذن السّلطان لأبي قير بالدخول، روى لهُ قصّته، وقال إنه رجل غريب، قدم من الإسكندريّة على ظهر سفينةٍ، وأنّه يحسن صباغة الأقمشة الحريريّة والقطنية والصّوفيّة، فيجعلها حمراء وصفراء وخضراء وزرقاء، كما يريد صاحبها، وأنه على استعدادٍ للقيام بعمله في هذه المدينة وإفادة أبنائها من مهارته وخبرته.

اقتنع السّلطان وساعد أبا قير في إنشاء مصبغةٍ كبيرةٍ، وأمر بأن تُشتَرى له الأدوات اللاّزمة وأن يعمل عنده عددٌ من العمّال.

وما كاد الناس يعرفون بأن مصبغة بدأت تعمل في مدينتهم، حتّى أقبلوا عليها يصبغون أقمشتهم بالألوان الحمراء والصّفراء وغيرها.

بعد مدّةٍ قليلةٍ، بدأ يظهر في طُرُق المدينة شباب يرتدون ثيابًا ملوّنةً جميلةً.

وهكذا أصبحت مصبغة أبي قير مقصد النّاس الرّاغبين في الألوان الجديدة، وأصبح أبو قير غنيًا مِن كثرة مَا ربح من عمله.

أمّا أبو صير، الرّجل الطّيب، فقد ظلّ في غرفته وحيدًا لا يشعر أحدٌ بمرضه. وبقي على هذه الحال عدّة أيامٍ، إلى أن سمع أحد الجيران أنينه، فدخل عليه، فلمّا رآه على هذه الحال، أسرع فأحضر إليه طبيبًا فعالجه ووصف له الدّواء المناسب.

لازم الجار أبا صير، وأشرف على إعطائه الدواء في المواعيد التّي قرّرها الطّبيب، وأحاطه بعنايته.

وعندما تمكّن أبو صير من تناول الطّعام، كان الجار الطّيب يشتري له ما يحتاجه ويقدّمه إليه.

وطالت إقامة أبي صير في غرفته، ولم يتماثل إلى الشّفاء إلاّ بعد أسابيع عديدةٍ. وبالرّغم من كلّ ما حدث لأبي صير من أعمال أبي قير معه، فقد ظلّ يظنّ أن أبا قير وقع له حادث منعه من العودة إلى البيت، وأنّه ربّما أخذ النّقود ليشتري بها طعامًا لهما...



لم يخطر لأبي صير أن رفيقه كان سيّئ النّية لأنّه هو كان طيّب القلب، رضيّ النّفس، بسيطًا.

خرج أبو صير من الغرفة بعد شفائه من مرضه، وسار في المدينة ليبحث عن رفيقه، وليبحث عن عملٍ يوفّر له عيشه.

وبينما هو يسير في الطّريق، وصل إلى مصبغة أبي قير، وشاهد النّاس مزدحمين أمامها. وبعد أن سأل بعضهم عن ذلك، عرف أنّه أمام مصبغة رفيقه القديم، وأنّ هؤلاء النّاس يريدون صباغة ثيابهم وتلوينها بالألوان الجميلة، وعرف أن رفيقه الصّباغ أصبح مشهورًا وغنيًا.

دخل أبو صير المصبغة ليقابل أبا قير ويسأله عن أحواله، وكيف استطاع أن ينجح في هذا الوقت القصير.

وعندما أطلّ أبو صير على داخل المصبغة، رأى منظرًا غريبًا لم يكن يتوقّعه. لقد رأى أبا قير يجلس على منصّةٍ عاليةٍ، وهو يستند على الوسائد الحريريّة، ويحيط به الخدم من كلّ جانبٍ، ويلقي الأوامر على هذا وذاك، فيُنفّذ كلّ واحدٍ ما أمره به.

ولم يكد أبو صير يقترب من منصّة رفيقه الصّباغ، حتّى أشار أبو قير على أحد الخدم بأن يقبض على أبي صير ويرميه أرضًا ويضربه مئة ضربةٍ.
ولم يستطع أبو صير المسكين أن يتكلّم، فتلقّى الضّربات بصبرٍ وألمٍ. وبعد الضّرب، ألقاه أحد الخدم في الشّارع...

ولكن ماذا فعل أبو صير بعد ذلك؟

وهل سيظلّ أبو قير ناجحًا في عمله؟

لا، إنّه لا بدّ من أن ينتصر الرّجل الوفيّ على الغادر الخائن، ولا بُدّ أن يتغلّب الرّجل النّشيط على الكسول.

ولكنّ كيف سيحدث ذلك، وكيف سيَلقى كلّ منهما ثمرة عمله..


يــــــــــــــــــــتبع
[/ALIGN]


توقيع : sama
يا رب أحفظ لى من أحب

زهرة الشرق، أكبر تجمع عائلي

sama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-06, 05:02 PM   #2
 
الصورة الرمزية عطر الحياة

عطر الحياة
خطوات واثقة

رقم العضوية : 3953
تاريخ التسجيل : Jan 2006
عدد المشاركات : 140
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ عطر الحياة

قصة جميلة أختي

جزاك الله خيراً


عطر الحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-06, 02:54 AM   #3
 
الصورة الرمزية فطوم

فطوم
عضوية جديدة

رقم العضوية : 3967
تاريخ التسجيل : Jan 2006
عدد المشاركات : 38
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ فطوم

قصة جميلة أختي

جزاك الله خيراً


توقيع : فطوم
(اللهم صلي وسلم على محمد وال محمد )


***فطوم***

فطوم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-02-06, 03:31 AM   #4
 
الصورة الرمزية sama

sama
العضوية الماسية

رقم العضوية : 2371
تاريخ التسجيل : Nov 2004
عدد المشاركات : 1,440
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ sama

[ALIGN=CENTER]

اخواتى الاعزاء كل الشكر والتقدير على مروركم وتعلقكم على مشاركتى

وحالا سأكمل بقايا الحكاية .

لكم
[/ALIGN]


sama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-02-06, 03:34 AM   #5
 
الصورة الرمزية sama

sama
العضوية الماسية

رقم العضوية : 2371
تاريخ التسجيل : Nov 2004
عدد المشاركات : 1,440
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ sama

[ALIGN=CENTER]انتصار أبي صير


علمنا في قصة " غدر أبي قير" أن قاضي الإسكندرية حكم بإقفال مصبغة أبي قير لسوء معاملته ، فلجأ أبو قير إلى جاره الحلاق أبي صير فأكرمه وساعده .

وعلمنا أن أبا صير كان يحلق شعر ركاب السفينة التي سافر عليها مع جاره الحلاق وكان يقتسم معه كل ما كان يكسبه من مال وطعام .

وعندما نزلا من السفينة، انصرف أبو صير إلى عمله في الحلاقة، إلى أن تعب ومرض من كثرة العمل.

وعلمنا أن أبا قير سرق نقود رفيقه وتركه مريضا ، وأنشأ مصبغة كبيرة .

وبعد أن شفي أبو صير من مرضه ، أراد أن يزور مصبغة أبي قير ، ولكن أبا قير طرده من المصبغة.

فماذا حدث بعد ذلك؟

عاد أبو صير إلى غرفته حزيناً. وفي اليوم التالي، شعر أنه في حاجة إلى الاستحمام بالماء الساخن ليعود إليه النشاط ، فخرج من غرفته ، وأخذ يسأل عن حمام عام يستحم فيه أهل المدينة، فأخبره الناس الذين سألهم، أنه لا يوجد في بلدهم مثل هذه الحمامات .

عندئذ ، خطرت لأبي صير فكرة ، وأراد أن يحققها ، فتوجه إلى قصر السلطان وطلب مقابلته . فلما دخل عليه قال له : " أيها السلطان العظيم ، إن الناس في بلدي كانوا يأتون إلى دكاني فأحلق لهم شعرهم ، ثم يذهبون إلى أحد الحمامات العامة ، فيستحمون بالماء الساخن ، ويفركون أجسامهم بالليف والصابون ، وهكذا يشعرون بالنظافة والنشاط. وإن الله قد أمرنا بالنظافة لأنها تساعد على بقاء الجسم صحيحا من الأمراض.فهل تسمح لي، أيها السلطان الكريم ، بأن أدير حماما عاما .

استحسن السلطان فكرة إنشاء الحمام ، وأمر أتباعه بتحضير كل الأشياء اللازمة التي يطلبها أبو صير ، لإقامة هذا الحمام .
وبعد أن تم تحضير كل شيء ، وأصبح الحمام جاهزا ، حان يوم الافتتاح، وجاء السلطان والوزراء ليشاهدوا دارا للاستحمام لم يشاهدوا مثلها في بلدهم من قبل . لقد أعجب السلطان بالمياه الساخنة المتدفقة من ثقوب في الجدران، وأعجب بالبخار المتصاعد في أرجاء الحمام .
وبعد الاستحمام شعر السلطان براحة ونشاط، فكافأ أبا صير بكيس من الذهب ، وقدم له الوزراء والمرافقون هدايا مختلفة.

وبعد أيام قليلة، أصبح حمام أبي صير حديث الناس في بيوتهم ودكاكينهم . وزاروه واستحموا فيه واستحسنوه، كما يستحسنون كل شيء جديد مفيد. وأصبح له شهرة واسعة في كل أحياء المدينة.

كان أبو صير يدير عمله في أمانة وإخلاص ويخدم زبائنه كأنه صديق لهم. ونجح أبو صير وأصبح لديه مال كثير. ولكن النجاح والمال لم يجعلاه يغيّر من أخلاقه الفاضلة، فظل لطيفا، متواضعا، طيب القلب.

وأحبه الجميع وكثر أصدقاؤه . وكان من بين هؤلاء الأصدقاء قائد حرس السلطان. وكان أبو صير يعتني به كلما حضر للاستحمام ، ويحيطه بالإكرام ، ولا يأخذ منه أجراً .

وكان قائد الحرس يشكر أبا صير ويقول له: " أرجو أن أتمكن في يوم من الأيام ، من أن أخدمك خدمة كبيرة، لأرد لك بعض ما فعلت نحوي من معروف وإكرام" .

وفي يوم من الأيام ، بينما كان أبو صير منصرفاً إلى عمله في الحمام بجد ونشاط ، فوجئ بأبي قير ، الصباغ الخبيث، يدخل عليه وهو يبتسم ، كأنه لم يقم بأي عمل سيئ تجاه أبي صير.
نسي أبو صير سيئات الصباغ كلها ، واستقبله استقبالا عاديا كما يستقبل أي زائر من الزائرين.

اعتذر أبو قير له عن الإساءات التي سببها له وطلب إليه أن يعفو عن الماضي ، لأنه نادم على ما فعل ، ووعده بأن يكون له صديقاً وفياً طول العمر .

عفا أبو صير عنه، ودعاه إلى الاستحمام عنده كضيف عزيز. وبعد الاستحمام ، جلس الاثنان يستعيدان الأيام الماضية، من "الإسكندرية"، إلى رحلة السفينة، إلى القدوم إلى هذا البلد، وكيف أصبح كل منهما صاحب عمل كبير، ومال كثير.

وهنا قال أبو قير لزميله: " إذا أردت أن يزداد حمامك شهرة وفائدة ، فخذ مني أسماء هذه الأنواع من الدهان والأدوية ، وتعلّم مني كيف يتم مزج كميات منها ، حتى تحصل على مزيج جديد ، طيب الرائحة، يجعل الجلد لينا ناعما . وإني أنصحك أن تدهن به جسم السلطان عندما يحضر للاستحمام ، فسيكون الارتياح والإعجاب بهذا المزيج ، وسيكافئك على ذلك".

وودع أبو قير أبا صير ، ووعده بأن يزوره كلما سنحت له الفرصة .

صدق أبو صير الطيّب ، كلام أبي قير ، واشترى أنواع الدهان والأدوية التي حددها له ومزجها ، واستخرج منها مزيجا جديدا وضعه في قارورة خاصة ، واحتفظ بها استعدادا لزيارة السلطان المقبلة .

لما تأكد أبو قير بأن أبا صير قد هيأ المزيج الذي وصفه له ، تابع تنفيذ خطته الشريرة ضد أبي صير. فذهب إلى السلطان وأخبره بأنه علم بأن أبا صير قد أعد مؤامرة لقتله ، وأنه اشترى المواد السامة ومزجها لكي يدهن بها جسم السلطان عندما يزور الحمام .

غضب السلطان على أبي صير ، وأراد أن يتأكد من أن كلام أبي قير صحيح ، فتوجه مع أفراد حرسه إلى الحمام . وبعد أن استحم بالمياه الساخنة ، أحضر أبو صير قارورة المزيج ، وطلب إلى السلطان أن يأذن له بتدليك جسمه بهذا المزيج الذي يفيد الجلد ويكسب الجسم صحة ونشاطا . عندئذ ، هز السلطان رأسه وأشار إلى حرسه بأن يقتادوا أبا صير إلى السجن.

حمل الحرس أبا صير المسكين بعد أن ضربوه ضرباً شديداً ، وهو لا يدري سبب ذلك.

حزن أبو صير، وتساءل في نفسه وهو في السجن : " ماذا فعلت من سوء حتى ألقى هذا الجزاء "؟

أمر السلطان قائد الحرس بأن يضع أبا صير في كيس مملوء بالحجارة الثقيلة ، ويحمله في قارب إلى وسط البحيرة التي يطل عليها قصر السلطان . عندما يتلقى القائد إشارة من السلطان يرمي الكيس في الماء. وعندما ذهب قائد الحرس ليجلب أبا صير من السجن ، وينفذ أمر السلطان ، وجد أبا صير حائرا ، وكان يحاول أن يتذكر عملا سيئا قام به، فلم يجد ذنبا يستحق العقاب والسجن .

قال لقائد الحرس في حزن وألم : " يا سيدي ، ماذا فعلت لكي يأمر السلطان بسجني وقتلي . إن أهل المدينة يحبونني وقد خدمتهم بأمانة وإخلاص " . فلما أخبره قائد الحرس خبر المزيج السام ، أقسم له أبو صير أنه بريء مما نسب إليه ، وأنا أبا قير الغشاش هو الذي أشار عليه بصنع هذا المزيج .
وأدرك قائد الحرس أن أبا صير صادق في كلامه ، وأن أبا قير خدعه ، فرق قلبه ، وأشفق عليه ، وعزم على أن ينقذ حياته. واتفق معه على أن يرسله إلى جزيرة بعيدة ومنها يركب سفينة إلى الإسكندرية، المدينة التي جاء منها. وفي الوقت نفسه يقوم قائد الحرس بتنفيذ أمر السلطان ويلقي في البحيرة كيسا مليئا بالحجارة .

وفي الوقت المحدد، أشار السلطان من نافذة القصر، فقام قائد الحرس وألقى الكيس في البحيرة. وهكذا اعتقد السلطان أن أبا صير قد غرق في الماء.

ولكن شيئا مفاجئا حدث عندما أشار السلطان بيده ، لقد سقط الخاتم العجيب من إصبع السلطان في ماء البحيرة وضاع .

حزن السلطان حزنا شديدا لضياع خاتمه . وكان لهذا الخاتم قوة عجيبة ، ويكفي أن يحركه من يلبسه في إصبعه ، حتى يشع منه شعاع خارق يهلك أي إنسان يوجه إليه . وكان أتباع الملك يتحدثون بخوف عن قوة هذه الخاتم الخارقة.

لم يخبر السلطان أحدا بما حدث خوفاً من أن يعرف الناس أن السلطان أصبح من غير خاتم، فيتفرقوا من حوله ، ويعصوا أوامره .

أما أبو صير فقد نجا من الموت ، حسب الخطة التي نفذها قائد الحرس . وعاش في الجزيرة في انتظار السفينة التي ستنقله إلى مدينته ، " الإسكندرية " .

كان أبو صير يقضي وقته في الجزيرة في البحث عن أي شيء يأكله ليعيش . ووجد أن صيد السمك هو أسهل الأشياء لتأمين طعامه ، فكان يذهب في الصباح إلى شاطئ البحيرة ، ولا يعود إلا بعد أن يصطاد ما يكفيه من الطعام .

وفي صباح يوم جميل ، اصطاد أبو صير سمكة كبيرة . وبينما كان يقطعها ليشويها على النار ، وجد في جوفها خاتما جميلا ، فأخذه ووضعه في إصبعه .

في هذا الوقت ، شاهد أبو صير قاربا من قوارب الصيد يقترب من الشاطئ ، وعليه ثلاثة صيادين ومعهم كلب أسود . وما كاد أبو صير يرفع يده للسلام عليهم ، حتى انبعث من الخاتم شعاع مضيء ، أصاب الكلب الأسود ، فسقط ميتا على الفور .

ذهل الصيادون الثلاثة لموت الكلب الوفي ، وكان ذهول أبي صير أكبر ... عندئذ ، رأى أبو صير قارباً آخر عليه قائد حرس السلطان الذي أنقذ أبا صير من الموت . لقد جاء يحمل إليه الطعام .

واقترب القارب من الشاطئ ، فأسرع إليه أبو صير مسرورا ، شاكرا له ما يفعله من أجله .

لما روى أبو صير لقائد الحرس قصة الخاتم الذي وجده في قلب السمكة ، وموت الكلب الذي كان مع الصيادين ، حذّره القائد من هذا الخاتم وقال له : " شكرا لله لأني جئت في الوقت المناسب لأبين لك خطر هذا الخاتم الذي يهلك كل إنسان أو حيوان يصيبه شعاعه .

طلب أبو صير إلى قائد الحرس أن يصحبه إلى السلطان لكي يعيد إليه خاتمه العجيب ، ويحكي له قصة أبي قير معه وخيانته، فافق قائد الحرس على ذلك ، وعاد من الجزيرة بعد أن اصطحب معه أبا صير .

دخل أبو صير على السلطان ، ففوجئ به. ولكن قبل أن يتكلم السلطان ، كان أبو صير يقدم إليه الخاتم العجيب. فرفع السلطان يديه إلى السماء وشكر الله الذي أعاد إليه خاتمه . ثم أخبره أبو صير قصته الكاملة مع أبي قير ، وكيف كان الصباغ يقابل الخير بالشر ، والأمانة بالخيانة ، والصدق والوفاء بالكذب والغدر .

نادى السلطان بعض حرسه وأمرهم بإحضار الصباغ الخائن .

ولما أحضر الحرس أبا قير بين يدي السلطان، وتأكد السلطان من صدق أبي صير ، أمر بوضع أبي قير في كيس وإلقائه في الماء حتى يغرق أمام عينيه ، ليتأكد من الخلاص منه . وفعل الحرس ما أمرهم به السلطان .

أكرم السلطان أبا صير وطلب إليه أن يظل عنده معززاً مكرماً. لكن أبا صير كان قد اشتاق إلى العودة إلى أهله ، فطلب إلى السلطان أن يسمح له بالعودة إلى "الإسكندرية " .

وافق السلطان على طلب أبي صير ، وأعطاه الهدايا الكثيرة . ولما مرت سفينة في ميناء المدينة حملته مع الهدايا إلى بلده. وقد ودع الجميع أبا صير ، بالإكرام والاحترام ، وهم يذكرون صدقه وأمانته وإخلاصه ، ويتحدثون عن انتصاره على غدر رفيقه أبي قير ...[/ALIGN]


توقيع : sama
يا رب أحفظ لى من أحب

زهرة الشرق، أكبر تجمع عائلي

sama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-06, 06:06 PM   #6
 
الصورة الرمزية meme_hams

meme_hams
* همـــس الحنين *

رقم العضوية : 20
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 1,026
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ meme_hams

[ALIGN=CENTER]

أستــــاذتــي * سمــا *

هــذه القصــة جميلــة جــدا

حيــث أنــها موجــودة لــدي ظمــن كتبـــي

المفضلـــة ولــدي السلسلــــة الكامــلة ...

تحيــــاتي وتقديــــري لـــــ حنين ــــــك .....

[/ALIGN]


توقيع : meme_hams
معك ِ زهرتي الحلوه ...الأوقات لها طعم أحلى



~ ماتغيب إلا الصور عمر المشاعر ماتغيب ~ كم عزيز مانشوفه وهو في الخاطر قريب ~

meme_hams غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-06, 06:23 PM   #7
 
الصورة الرمزية حـــــازم

حـــــازم
قلب الزهرة النابض دفئاً جيل الرواد

رقم العضوية : 62
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 19,284
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حـــــازم
 اوافق قصــــة أكثر من رائعة تبين الصراع بين الخير والشر


[ALIGN=CENTER]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

الأخت الكريمة : ســــما

لا أخفي عليكِ
شدتني القصة كثيراً
فرأتها بتمعن
وقرأت كل حرف فيها
لأن في البداية لفت إنتباهي
أسم أبو قير
وهو أسم أحد المناطق عندنا في الإسكندرية
في البداية توقعت أن اننا سنتعرف
على سبب التسمية
ولكن من خلال سرد القصة
تعرفت على شئ آخر
هذا الصاحب الذي لا يملك ذرة من الحياء
وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان
وهي تحكي قصة الصراع
بين الخير والشر

ومهمـــا طغى الشر حتى لو بالزيف
لابــد أن يسيطر الخير

وإن كنتِ رمزتِ من خلال القصة
بالشر لأبو قير
فقد كان الخير واضحاً من خلال
أبا صير


حقاً قصة أكثر من رائعـــة
وهي تؤكد أن الخير لابد أن ينتصر في النهاية
على الشـــر

أكرر شكري وتقديري لكِ
على روعة الطرح

وإن شاء الله يستفيد منها الجميع
كباراً وصغاراً

وفقكِ الله

تحيتي وصفو ودي
حــــازم
[/ALIGN]


توقيع : حـــــازم
زهرة الشرق
zahrah.com

حـــــازم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-02-06, 10:11 PM   #8
 
الصورة الرمزية الحياة

الحياة
أبـوعزمـي - مشــرف

رقم العضوية : 1621
تاريخ التسجيل : Apr 2004
عدد المشاركات : 3,440
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ الحياة

أختي سما


قصة جدا جميلة شدتني كثيرا قرأتها بتمعن وفعلا تعبر عن الوفاء الذي تقابله الخيانة وتقبلي فائق .


توقيع : الحياة
زهرة الشرق

الحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-07, 01:56 PM   #9
 
الصورة الرمزية نسمة المسلمة

نسمة المسلمة
عضوية جديدة

رقم العضوية : 9227
تاريخ التسجيل : Oct 2007
عدد المشاركات : 27
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ نسمة المسلمة
رد: غدر أبـو قير حكايات ألف ليلة وليلة


حلوة القصة


توقيع : نسمة المسلمة
[align=right][/align]

نسمة المسلمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)