العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة الثقافية }{}< > أوراق ثقافية

أوراق ثقافية دروس اللغة العربية - نصوص أدبية - مقالات أدبية - حكم عالمية [أنا البحر في أحشاءه الدر كامن - فهل سألوا الغواص عن صدفاتي]

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 29-11-13, 07:34 PM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
مشاركة مظاهر وظواهر في الشعر العربي ــ القسم الأول ــ


مظاهر وظواهر نوعية في الشعر العربي ــ القسم الأول ــ

November 12, 2011 at 12:32pm

الشعر كحقل من حقول الفنون المعبرة والمؤثرة في حركة السياق التاريخي و الإجتماعي للتطور ، وكإطار عريض للأفكار والأحاسيس والوجدان والتخيل والرؤى ، لابد أن تشكل الأحداث والأنعطافات والتحولات الجذرية وآثارها رفداً وأفرازاً هائلاً على مجراه وأشكال التنقلات الحاسمة في بناء موضوعاته وآفاقه .. وإذا التاريخ عموماً هو " التغيير " فإن تاريخ الشعر ــ كما جاء في إحدى الدراسات النقدية ــ : هو و " أشكاله الجديدة " وما يدخل فيها من قفزات وتغييرات ومذاهب ، أو مايطرأ عليها من مد وجزر أيضاً ..
والشعر العربي منذ ظهور المعلقات الجاهلية وفي ظل سيادة نظم خاصة تحددت بهيكل معين يقوم على تنوع الأغراض الشعرية ووحدة الإيقاع والقافية في القصيدة ــ أي وحدة البيت ــ ، لم يكن عاقراً ببروز أشكال وظواهر أخرى ــ بجانب المعلقات ــ ذات خلفيات إجتماعية مهمة وقفت في مواجهة سلطة القبيلة وقوانينها . فظهور الصعاليك كان بلا شك رد فعل لهذه السلطة وجبروت وترف الأغنياء ، ومغزى عميقاً ذا دلالات واعية لتمرد مجموعة من الشعراء والتفافهم حول بعضهم ، مشكلين بذلك وحدة إجتماعية من هؤلاء الذين " نبذتهم " قبائلهم بسبب لونهم أو كون أمهاتهم " إماء سوداء " ومتبنين بنفس الوقت نظاماً خاصاً خارج حدود العصبية بلا سيد أو مسود ، يؤمن بالعدالة والتعاون والشراكة الإجتماعية ...
ولعل ما جهر به الصعاليك في عصر سلطة البطون ولأفخاذ القريشية ، وما تمخضت عنه مواقفهم المتمثلة في أشعار " عروتهم " عروة بن الورد ، ولامية الشنفرى وغيرهما ، ومن ثم تنقلهم وعدوهم المضني في الصحراء ، وحياتهم الشاقة القاسية ، جاء ليعطي هذه الظاهرة بعداً مؤثراً ، طالما جوبه بالإهمال والنسيان والتغافل ــ أنْ لم نقل التحامل ــ من سدنة التاريخ السلفي للأدب .
كما برز في هذا العصر وعصر صدر الأسلام أطار " أخلاقي " معيَّن مثله شاعر الهجاء المخضرم " الخطيئة " هذا الإطار الذي حمل أوجهاً متعددة وتناقضات غير عادية لطريقة " ما " في الحياة أثارت كثيراً من التساؤلات والتحليلات ، بغض النظر عن الأثر الذي خلفته ، أو المواقف التي إرتهن الشاعر و "لسانه " الذي " أسكت " الناس ــ على حد وصف الخطيئة نفسه في رده على سؤال لحسان بن ثابت ـ ..
ومن جانب آخر فإن تمرد وثورة عنترة بن شداد العبسي ومن ورائه العبيد ضد سادة القبائل ، من أجل حرية وكرامة الملونين ، كان عملية تحول إجتماعي مهمة ، وركيزة فكرية جديدة تعززت بقتال المضطَهدين لنيل حقوقهم الإنسانية ، فترسيخ تلك المثل لاحقاً ...
إنَّ تلك المظاهر والظواهر ، رغم أنها قد أحدثت هزات ما ، وتطرقت الى الجانب الإجتماعي بأشكل متباينة ، ولكنها بقيت تدور في النظم الإتباعية المعروفة للقصيدة الجاهلية ، ولم تتجاوزها .. وفي هذا الإطار الإتباعي تُدرج أيضاً المدرسة " الحولية " أو " الشعر المحكَك " وروادها " زهير بن أبي سلمى ، وكعب بن زهير والخطيئة وآخرون " مع أنها أدخلت تطوراً نسبياً على القصيدة ، بخروجها متكاملة بعد مرور عام على نظمها من خلال تهذيبها وتثقيفها ، أي بمعنى دخول الصنعة على الشعر .. وقد جاءت هذه المدرسة التي إستمرت لفترة غير قليلة في عصر صدر الإسلام ، لترافق ولادة الشعر الديني للمؤمنين بعد الأفكار الجديدة التي بشر بها الدين الإسلامي وكفاح الشعراء ضد مخلفات الجاهلية التي وقف منها الإسلام موقف النقيض .لقد إستفاد الشعراء هنا وهم في غمرة حماسهم للدفاع عن المثل والأفكار للدين الجديد من القرآن كمعين فكري ولغوي وإجتماعي ، وأرضية للتبشير ومقارعة مناوئي الدعوة الروحية . إلاّ أن تلك الموضوعات الوليدة والجديدة على أهميتها لم ترافق تغييراً مؤثراً يُذكر في أطر المواصفات الفنية للهيكل القديم ــ ولعل " بردة " كعب بن زهير المشهورة في مدح الرسول خير مثال على ذلك ..
وبدخولنا العصر الأموي حيث إحياء ونشاط الإستقراطية القريشية وإستعادة مواقعها من جديد . فصراع وتناحرات الأحزاب والمذاهب ، نكون أمام ولادة وتطور نوعين مهمين من أنواع الشعر هما الشعر السياسي، والشعر الغزلي . كما إن إتساع ظاهرة " النقائض " بين جرير و الفرزدق والأخطل في سوق " عكاظ " كان إفرازاً آخر لحالة هذا العصر والمساجلات التي دارت بين العلويين والأمويين .
رغم أنها من طرف آخر صبت في منحى الإلهاء الجماهيري الذي إستغلته الأدوات الحاكمة ودفعت بإتجاه شحنه وتضخيمه .. وبجانب النقائض تستعيد حركة الصعاليك الفقراء الناقمين والمنادين بالعدالة الإجتماعية حيويتها ممثلة بقصائد " مالك بن الريب " ..
وبنجاح الثورة العباسية عام 750 م وقيام الحواضر العربية والإسلامية وبروز دور المدينة على أنقاض البداوة والعصبية ــ إلاّ مظاهر طفيفة من تعصب بعض الشعراء لقبائلهم ــ ، ثم التطور السريع والشامل الذي أحدثته الدولة الجديدة ــ بعد إستقرارها ــ على صعيد العلوم والآداب .
وخاصة بين القرنين الثامن والعاشر ، يكون الشعر هو أيضاَ قد خطا خطوات نوعية مهمة توجت بحركات ونقلات تجديدية سواء في نظم القصيدة الفنية أو موضوعاتها ..
وإذا كانت ولادة " العروض " في بداية القرن الثامن على يد العالِم اللغوي " الخليل بن أحمد الفراهيدي " قد شكلت طوراً مهماً في تقنين موسيقى الشعر بوضع ضوابط و أسس له من خلال الأوزان الخمسة عشر ، والتي زاد عليها " الأخفش الأكبر " واحداً آخر لا حقاً لتصبح ستة عشر ، ثم تحديد ثماني تفعيلات رئيسية يقوم عليها الشعر العربي ، فإلتزام الشعراء بذلك .. إلاّ أن هذا لايعني إن شعراء العصر الأول لم يضيفوا شيئاً أو يأتوا بجديد ليلائم التغييرات التي أصابت المجتمع والدولة ، وإنعكست آلياً على الشعر . لذا جاءت ولادة مجموعة الشعراء المجددين " المولِّدين " ــ أبي تمام ، وأبي نوّاس ، وأبي العتاهية ، وبشار بن برد وآخرين ــ ثورتهم على مواصفات القصيدة الجاهلية ونظامها القائم على تعدد الأغراض الشعرية والوقوف على الأطلال ، كمحصلة طبيعية من محصلات العصر ، وبقدر ما أصبحت هذه الحركة ظاهرة بتجانسها وأفكار الحياة الجديدة وما تخللها من رفد وتفاعل فكري وثقافي ، فإنها تكون قد ترسخت بآفاق تغيير عميقة . إذ أنها ليس مجرد تطور عابر بل تجربة وأفق شعري جديد . لقد وقف شعراء هذه المدرسة موقف السخرية من الشعر القديم ، ومن هؤلاء الذين مابرحوا يكتبون عن الأطلال والبكاء عليها في العصر الجديد . منها سخرية أبي نواس بقوله : " قل لمن يبكي على رسم درسْ ،،، واقفاً ما ضرَّ لو كان جلسْ "
وكثيراً ما إستفادوا من القرآن وروح العصر والحضارة في الدفاع عن مذهبهم في الشعر وصورهم وافكارهم ومعانيهم التي بدأت وقتئذ غير مألوفة و " غريبة " . كما أعادوا بنفس الوقت " الأعتبار " للشعر ضد هؤلاء الذين رؤوا فيه عنصر " فحش وضلالة " . وإتجه آخرون للإسترشاف من الفلسفات وتنوع الثقافات كأبي تمام ، والى التصوف ومفاهيم الزهد كأبي العتاهية .
ورغم أن شعراء هذه المدرسة أرتكنوا لعروض " الخليل " وأوزانه ، إلا أن محاولاتهم في مواجهة " وحدة البيت " ـ ولو بحدود معينة ــ شكلت قفزة في تطور القصيدة العباسية . حتى وصل البعض منهم حد التمرد على هذه الأوزان ، والكتابة على بحور أخرى ، أو أبتكار أوزان جديدة .لقد جوبهت ولادة هذه المدرسة بمواقف متعارضة ومتباينة من قبل النقاد واللغويين . فمنهم من ناصرها مقيِّماً ، كقول " أبي هلال العسكري " وتأكيده على : " حق الشاعر بإختيار صوره وألفاظه " . أو دفاع " الجاحظ " و " الصولي " ضد تحامل " الآمدي " وموقفه الهجومي من هذا الجديد ، و إدعائه ب " قصور " الصنعة عند شعرائه . كما رافق هذا الجديد في العصر الأول والعصر الذي ولاه دراسات لغوية ومنهجية ونقدية ساهمت في إغناء التصورات والأفكار رغم تعارضها . كدراسة " إبن طباطُبا العلوي " في كتابه " عيار الشعر " ومحاولته " تأسيس عيار للشعر عن المهمة والماهية والأداة ومواجهة محنة الشاعر المحدث في عصره " . أو " قُدامة بن جعفر " في " نقد الشعر " و ووضع بعض الأسس في صناعة الشعر . و " إبن سلام " في " طبقات الشعراء " . والملاحظات الكثيرة " للأصفهاني " في " الأغاني " . ومن ثم " الجاحظ " وآراؤه بتكوين منهج للشعر يعتمد على " الوزن والعروض ، والقوافي والمقاطع ، واللغة والغريب ،والمعاني ومقصودها ، وتمييز الجيد من الرديء . " وتلك الأفكار التي جاء بها الفيلسوف " إبن خلدون " وتناوله لمسألة الإنسجام الموسيقي في الشعر ، وأفكار نقاد آخريين يقتربون من آراء " أرسطو طاليس " في " كتاب الشعر " ، والقائمة على تحديد غريزتي " المحاكاة والموسيقى " كدافعين أساسيين للشعر ...
ولم تتوقف حدود الأضافات عند هذه المدرسة فقط ، إذ أن إنفجار ثورتي القرامطة والزنج وظهور شعرائهما المعبرين عن تطلعات هاتين الثورتين ، فشعراء الشطار والعيّارين الفقراء لاحقاً قد رفد القصيدة العربية بموضوعات جديدة أغنت آفاقها ، ووسعت من عطاء الشعراء ...
ومن ناحية أخرى فإن ولادة " الموشح " في الأندلس في القرن العاشر الميلادي بعد التطور والتفاعل الحضاري بين ثقافات مختلفة ، وأشكال التغيير التي دخلت في بناء على حساب وحدة البيت والوزن والقافية الواحدة ، جاء ليشكل نقلة نوعية كبيرة في صلب البنى العامة للشعر العربي وموضوعاته بنفس الوقت .. وهناك من النقاد المعاصرين من أورد بعض النبذ الشعرية " لأبي العلاء المعري ، وإبن دريد " كنماذج خارج إطار القوانين التقليدية المعروفة .
هذا إضافة الى ولادة الوان شعرية عامية في هذا العصر كالزجل والمواليا وكان وكان والقوما وغيرها .. أما عن الشعراء فإن ماجاء به " المتنبي " و " أبو العلاء المعري " و " أبن الفارض " وآخرون ، من أفكار ونظرات للحياة والكون . كان حقلاً آخر من حقول تطور القصيدة العربية وإخصاب مضامينها ..
كل ذلك بلا شك رفد الشعر العربي بمقومات النهوض والإزدهار لفترة طويلة ، حتى عصر الإنحطاط بسقوط بغداد في منتصف القرن الثالث عشر ، ومن ثم إنحطاط الشعر معه من خلال إثقاله بعسف البلاغة والتصنع والجمود حتى القرن التاسع عشر ..
ومع إن الظلام الذي خيَّم على الحياة الإجتماعية والأدبية لأكثر من خمسة قرون قد أضعف ــ والى حد بعيد ــ من موضوعات الشعر ، وجعلها رهينة للإضطهاد بشقيه السياسي والفني ـ اللغوي ــ إلا اننا لا يمكن نغفل أو نعدم تلك المحاولات غير القليلة لبعض الشعراء في تصريحهم وتعبيرهم عن تناقضات العصر ونقمتهم وتمردهم ، إلا أنها لم تشكل ثقلاً ما يُذكر في حركة التجديد ، عدا " البند " الذي ظهر في القرن السابع عشر في العراق على يد " إبن معتوق الموسوي " . إلاّ أنَّ تجاوزه للنظام التقليدي بإعتماده على بحري الهزج والرمل وإطلاق القافية اعتبر خطوة مهمة الى الأمام ، وعُدَّ " اكثر أشكال الشعر قرباً من الشعر الحر وإرهاصاً له " ــكما جاء في نظام الشاعرة " نازك الملائكة " الذي رسمته له . إن هذا اللون رغم ما أحدثه من تغيير في شكل القصيدة فقد بقيت موضوعاته تقليدية غير مهمة وغير متناسبة وهذا التغيير .. وإنتهى به المطاف الى الإهمال والنسيان ليصبح أثراً على الرف لا أكثر بعد أن تغافله الشعراء الكبار ولم يحترموه أو يكتبوا به ــ سوى بعض الشعراء من الطبقة الثانية ــ وبعد عدم إشارة كتب الأدب له . عدا كتاب واحد هو " البند في الأدب العربي ــ تاريخه ونصوصه ل " عبد الكريم الدجيلي " الصادر في بغداد 1959 ..
..


توقيع : حسين الحمداني


زهرة الشرق

zahrah.com

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مظاهر , الأول , الشعر , العربي , القسم , وظواهر

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شعر الحداثة والشتات في الشعر العربي أحزان ليل أوراق ثقافية 7 04-02-22 01:48 AM
كل زيت....... ولة فائدة للشعر شمس الشموس1 العناية بالشعر 8 02-09-11 01:15 PM
معلومات مفيده للشعر sweet roro العناية بالشعر 4 20-07-11 12:03 PM
محاليل ولوسيونات لشطف وتقوية الشعر امل2005 العناية بالشعر 13 11-06-10 12:18 AM


الساعة الآن 07:18 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)