العودة   منتديات زهرة الشرق > { حواء الزهرة - للنساء فقط } > عالم الطفل والأم

عالم الطفل والأم العناية بصحة الأم الحامل - العناية قبل وبعد الولادة - العناية خلال فترة الحمل - رعاية المواليد - العناية بالطفل - غذاء وصحة الطفل . .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06-10-09, 02:03 AM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


نقار الخشب

على جذع إحدى الأشجار وقف نقّار الخشب ليلتقط الدّيدان المتراكمة عليها. وعندما بدأ عمله صاحت الشجرة بألم:
أُتركْني... أُتركني، أرجوك، لقد آلمتني كثيراً.
قال نقار الخشب بلطفٍ: إهدئي أيتها الشجرة، واصبِري علَى الأَلم قليلاً؛ لتعيشي مرتاحةً عمراً طويلاً. إنّني أخلّصك من الديدانِ التي تنخر جسدك.. أنتِ مريضةُ يا صديقتي.
ـ هذا هُراء.. إنّني في مقتبل العمر وفي صحةٍ جيدةٍ.
قالت الشجرة ذلك بغضبٍ وهزّت أغصانها بعصبيةٍ.
ـ حسناً سأترككِ وشأنكِ مادمتِ تعتقدين ذلك.
قال نقّار الخشب ذلك وطار بعيداً عنها وهو يشعر بالأسف عليها.
ومضت الأيّام.. وكانت الديدان تتكاثر بسرعةٍ يوماً بعد آخر، وبدأت الشجرة تشعر بالضعف، وغدا جذعها مملوءاً بالتجاويف.

وذات يومٍ مرّ بها نقّار الخشب فسمعها تصيح بصوتٍ واهنٍ:
أنقِذْني يا نقّار الخشب! أرجوك هَلُمِّ إليّ وساعِدني، إنّني علَى وشَك أنْ أموت.
تقدّم نقّار الخشَب وقال بحزنٍ:
لقد فات الأوان يا صديقتي، لقد غدوتِ مجرّد جذعٍ أجوَف لا قيمة له.
قال ذلك ثم طار عنها، وهو يشعر بالأسف مرةً أُخرى

الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	1_933374_1_34.jpg‏
المشاهدات:	99
الحجـــم:	51.1 كيلوبايت
الرقم:	3433   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	mohammed abe.jpg‏
المشاهدات:	96
الحجـــم:	52.2 كيلوبايت
الرقم:	3434   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	sqana skildpade.jpg‏
المشاهدات:	90
الحجـــم:	54.5 كيلوبايت
الرقم:	3435   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	sana skildpade 1.jpg‏
المشاهدات:	89
الحجـــم:	54.1 كيلوبايت
الرقم:	3436  

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:05 AM   #2
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


الواجهة » خدمات » مدينة للصغار » شارع القصص » صوم « شِيرين »
صوم « شِيرين »

فَتَحَت « شِيرين » عَينَيها، وأخَذَت تُحدِّقُ في وجهِ جَدّتِها الطيّبة.
نَهَضَت.. وسألَت بصوتٍ خَفيض: « هل أفاقَت ماما أيضاً ؟ ». قالَتِ الجدّةُ: « نَعَم، قُلتُ لها إنكِ تُردينَ أن تَصومي ».
دخَلَتَ أُمُّ شيرين إلى الغرفة. ومِثلَ مَن بَينَهما سِرٌّ تُخفيانهِ، تَظاهَرَت الجدّةُ بالابتعادِ عن شيرين. قالت الأمّ: « أفَقتِ ؟ ».
عَضَّت شيرين على شَفَتِها السُّفلى بِرِفق. كانت قد تَعلّمت هذه الحركةَ من أُمِّها، وكأنّها تُريدُ أن تقولَ: « لقد اتّخذتُ قَراري »!
عَقَدت « لطيفةُ بيگم » ما بينَ حاجِبَيها، ونَظَرت إلى أمّ زوجِها بعيونٍ قَلِقَة، وقالت: « ماما.. أنتِ قُولي.. أليس الصومُ لشيرين ما يَزالُ مُبَكّراً ؟ إنّها صغيرةٌ جداً، لم تَدخُلْ في السنةِ الثامنة »!
سَحَبَت أمُّ زوجِها طَرَفاً من غِطاءِ رأسِها على كَتِفِها، وحَمَلَت إناءَ الماءِ، وقالت وهي ذاهبةٌ إلى الوضوء: « لقد صارَت كبيرة ».
فَرَّت شيرين مِن نَظَراتِ أمِّها، وذَهَبت وراءَ جدّتِها. نادَتها لطيفةُ بيگم قائلة: « أسرِعي، لم يَبقَ وقتٌ كثيرٌ للسحور ».
جَلَست شيرين خلفَ المائدةِ بافتخار، لكنّها لم تَستَطع أن تأكُلَ شيئاً. وحتّى عندما قَدَّمت لها جدّتُها الخبزَ الدُّهني الطيّب، ووَضَعَت في صَحنِها كثيراً من الحلوى.. فإنّها لم تَستَطع أن تأكُل. إنّ تَناوُلَ الطعام في مثلِ هذا الوقتِ من السَّحَرِ كان عجيباً بالنسبةِ إليها، وكلّما حاوَلَت أن تأكُل لم تَجِد في نفسِها شَهيّةً للأكل.
ألَحّت عليها أمُّها برقّة: « إشرَبي كأسَ حليبٍ على الأقل ». كان في عينَي أمّها شيءٌ طَمأنَها. تَناوَلَت كأسَ الحليب، وشَربَته.


* * *

في الصباحِ.. ذَهَبت إلى المدرسةِ بدونِ أن تأكلَ شيئاً. قالت لها أُمُّها وهي تَنظُر إليها قَلِقَةً عليها: « هل أنتِ متأكِّدة أنّكِ لا تُريدينَ البقاءَ في البيت ؟ أخشى أن تَتعَبي كثيراً في المدرسةِ وتَجوعي ».
في تلك اللحظةِ دَخَلَ الأبُ الغرفةَ، كأنّه يَستَعِدّ لأن يَذهَبَ إلى الإدارة، قال: « الأفضَلُ أن تذَهَبَ إلى المدرسةِ، إذا انشَغَلَت هناكَ فإنّها لا تَشعُرُ بالجوع ».
سارت شيرين على مَهْلٍ ذاهبةً نَحوَ سيّارةِ أبيها، وهي تَقولُ لأعشابِ الجُنَينة وأزهارِها: « أنا صائمة »! ذَهَبت وجَلَست في سيّارةِ أبيها.
شيئاً فشيئاً.. أحسَّت شيرين أن شيئاً في بطنِها يَتَحرّك ويُدَغدِغُها. ولمّا أرادت أن تَبُوحَ بِسرِّها لإحدى زميلاتِها لَعَقَت شَفَتَها الجافّةَ وقالت: « كأنّ فَراشات تَتحرّك في بَطني هنا وهناك ». ولمّا قالت إنّها صائمة ما كانت تَتَوقّع أنّ البناتِ لا يَجتَمِعْنَ حَولَها، فلَم يَكُنْ مُهمّاً لَهُنّ أنّها صائمة.. ما عدا واحدةً أو اثنَتَينِ من البناتِ تَعَجَّبتا ونَظَرتا لها بِعُيونٍ مُتَّسِعة.
النهارُ يَمضي على مَهْل. وشيرين أضناها العطش. مرّاتٍ عديدةً بَلَعَت رِيقَها لِتُزيلَ العطش.
حاولَت أن تُركِّزَ انتِباهَها لِتَستَمع إلى كلامِ المعلّمة، ولكنّ تَفكيرَها كانَ يَشرُدُ باستمرارٍ إلى الخُبزِ الدُّهنيّ والحَلوى اللذيذةِ التي لم تأكُلْ منها عند السحور. وفجأةً لَكَزَتها المعلّمةُ بيدِها، فعادَت إلى نفسِها. كانت المعلّمةُ تقولُ: «... ولهذا نَستَريحُ نِصفَ ساعةٍ احتفِالاً بهذا اليومِ المبارك، وفي هذه النصفِ ساعة أوزّعُ بَينكُنَّ مقداراً من الحلويّاتِ والعصير ». ولَعَقت شيرين شفتَيها الجافّتينِ بلسانِها الصغير.
ولمّا وَصَلت النَّوبةُ إليها لم تَعرِفْ ماذا تَفعَل. تناوَلَت كاسَ العصيرِ وقِطَعاً من الحلويّات، وهي تقولُ في نفسِها: « لكنّي صائمة! ». غيرَ أن المعلّمة ذَهَبت، وخَجَلت شيرين أن تُرجِعَ ما تناوَلَته. كانت جالسةً بلا حركةٍ لَحَظات، كالمُذنِبة.. وفي يدِها الحلويّات وكأسُ العصير. كانت الحلوياتُ قد دَبَّقَت يدَها، وبدونِ أن تُفكّرَ وَضَعت قطعةً من الحلويات في فمِها ولَعَقَتها. كانت لذيذةً جداً. لم تُفكّر. دَسَّت بقيةَ الحلوياتِ في فمِها وأخَذَت تَمضَغُها بأسنانِها البيضاءِ الحادّة.
تَحَسّنت حالتُها الآن، قالت: « لا أقولُ لأحد ». لكنّها كانت خَجِلةً من نَفسِها. وكان خَجَلُها يَزدادُ كلّما اقتَرَبَ وقتُ الانصرافِ إلى البيت.


* * *

عِندما كانت تَمضي إلى البيتِ.. شَعَرت بالحَقارةِ والعذاب.
لكنّ الجدة كرَّمَت هذا « الكائنَ الحقير » واحتَضَنتها بِحَنانٍ قائلةً: « ما شاء الله.. ما شاء الله يا بِنتي الحُلوة. لَم يَبقَ على وقتِ الإفطارِ إلاّ ساعات ».
ثمّ أخَذَت بيدِ شيرين وذهَبَت بها إلى غرفةِ نَومِها، قالت: « تَعالَي.. تعالَي وانظُري ماذا خَيَّطتُ لبِنتي العزيزة ».
كانَ على سريرِ شيرين بِنطالٌ جديدٌ وقميص.
خَنَقَت شيرينَ العَبرَة. وجَلَسَت الجدّةُ تَقرأُ القرآن. وعندما رأت شيرين جدَّتَها الحنَونَ بثيابِها البيضاءِ النظيفة.. تَذكّرت الملائكة. وفكَّرت بأنّها هي مِثلُ الشيطان.. فارتجَفَت. وخَرجَت بِضَجَرٍ من الغُرفةِ إلى غُرفةٍ أخرى تَبحَثُ عن أُمِّها. كانت أُمُّها في غرفةِ الاستقبال.
تَوقَّفت لحَظَاتٍ تَنظُر إلى أُمّها بِصَمتٍ، وغَرَقت في التفكير. رَفَعَت الأُمُّ رأسَها وقالت: « السلامُ عليكِ يا بِنتي العزيزة، هل أنتِ بخير ؟ ».
أضافت الأمّ: « لابُدّ أنّكِ جائعةٌ جدّاً ومُتعَبَة.. أليس كذلكَ يا عزيزتي ؟ ».
التَصَقَت شيرين بأُمِّها، وغَطَّت وجهَها بِطَيّاتِ ثوبِ الساري الذي تَرتَديه أُمُّها. وبطريقةٍ عجيبة.. فَهَمَت كلٌّ مِن الأمِّ والبنتِ أفكارَ الأخرى.
سَحَبت لطيفةُ بيگم يَدَها من بينِ طَيّاتِ شَعرٍ ابنتِها، وحَدَّقَت في عَينَيها المضطربتَينِ.. قالَت: « ماذا يا بِنتي ؟ ».
ارتَجَفَت شَفَتا شيرين.. غَطَّت وجهَها بقماشِ الساري الرقيق، وقالَت إنّها قد أفطَرَت! بعد هذا الاعتِرافِ.. سَيطَرَ الصَّمتُ على الغرفةِ لَحَظات. خافَت شيرين، وفكّرت أنّ أُمَّها خائفةٌ أيضاً من هذا الذي عَمِلَته شيرين. لكنّ أُمَّها وَضَعَت يَدَها على عُنُقِ شيرين وأخَذَتها باتّجاه الكَنَبَة، ثمّ قالت وهي تُداعِب شَعرَ ابنتِها: « لا يَجب أن تَبكي وتَخجَلي، أنتِ ما تَزالينَ صغيرةً جدّاً. لابُدّ أنّ الشيطانَ قد وَسوَسَ لكِ كثيراً ».
سألَت شيرين بصوتٍ مُنَخفِض: « أذهَبُ إلى جَهَنَّم ؟ ».
احتَضَنَتها أُمُّها وقالت: « لا »، ثمّ ضَحِكت. لكنّ صَوتَها كان مُختَلِطاً بالبُكاء. قالَت: « ألاَ تَعرِفينَ أنّ اللهَ يَعلَمُ كلَّ شيء ؟ لكنْ.. كلُّهم يَنْسَون ».

كانت لطيفة بيگم تَنظُرُ إلى الجُنَينَة مِن خلالِ النافذة.. لكنّها غارِقةٌ في أفكارِها. قالَت مَرّةً ثانية: « يَنسَونَ أنّ اللهَ لا يَحكُمُ علَينا مِن خلالِ ما نعمَلُ، بل المهمُّ عِندَهُ أن نُحِاولَ القيامَ بالأعمال؛ لأنّه يَعلَمُ كم نحنُ البشرَ ضُعَفاء ».
ثمّ نَظَرت بحنانٍ إلى وجه ابنتِها الدامِعَةِ العَينَينِ، وقالت: « ولهذا فإنّ صَومَكِ ما يزالُ صوماً مع أنّكِ قد أفَطرتِ. أنا واثِقَةٌ أنّ المَلَكَ الذي يَكتُبُ أعمالَنا جميعاً قد كَتَب عَملَكِ هذا بحروفٍ مِن ذَهَب.. ثُمّ إنّكِ ما تزالينَ صغيرةً جدّاً ».
نَظَرت شيرين في عَينَي أُمِّها وقالت: « لازم أقول لجدّتي إنّي قد أفطرت ».
ابتَسَمَت أُمُّها وقالت: « جَدّتُكِ مَسرورةٌ جدّاً لأنكِ صُمتِ لأوّلِ مَرّة، فالأفضَلُ أنْ لا تَقطَعي علَيها سرورَها ».


( من المجموعة القصصية « الزوجة الشابّة وقصص أخرى »، تأليف الشاعرة القاصّة الباكستانية زيب النساء حميد الله، ترجمة إبراهيم رفاعة )


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:13 AM   #3
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


إطلالة

« حسين » يحاول أن ينظر من خلال الشبّاك إلى الحديقة بعد تساقط الثلج.. لكنّه لا يرى شيئاً واضحاً، اقترب من الزجاجة ومسح ما تجمّع عليها من بخار الغرفة.. الذي حجب عينيه عن النظر إلى ذلك المنظر البهيج.
فُتحت الباب فجأةً... التفت « حسين » فسألته أُمُّه:
ـ ماذا تفعل يا ولدي ؟
ـ أمسح الزجاج لأتطلّع إلى الأشجار والزهور التي غطّاها الثلج.
ـ ألا تتناول إفطارك يا عزيزي ؟
ـ أمّاه.. منظرٌ لطيف هذا الذي أراه.
ـ شوّقتَني يا « حسين ».. سأجلس معك لأستمتع بعالم الطبيعة الجميل.
ـ كم أصبحتُ يا أمّاه أشتاق إلى منظر نزول المطر، أو هبوب الرياح أو تجمّع الغيوم، أو شروق الشمس، وغروبها، وكم أصبحتُ آنَسُ بمراقبة الهلال حتّى يصبح بدراً، ثمّ يبدأ بالتناقص.

ـ حبيبي « حسين »، لو رافق متعتَك النفسيّةَ هذه تفكّرٌ وتدبرّ لكنتَ أكثر استئناساً بما ترى. يلتفت « حسين » إلى أمّه « فاطمة » ويسألها بلهفة وكأنّه أفاق من حلم كان سارحاً فيه:
ـ وكيف يا أمّاه ؟!
ـ رحِمَ اللهُ والدي، كنتُ أخرج معه وأنا طفلة إلى المزرعة وأتفكّر في أنواع الفاكهة التي تحملها أشجارُ بساتيننا.. كان يسألني:
ـ بِم تفكّرين يا بُنيّتي « فاطمة » ؟
فأُجيبه:
ـ عجيبةُ هذه الاشجار يا أبتاه، كيف تتلوّن، وتتشكّل، وتتنوّع!
فكان يقول:
ـ حبيبتي « فاطمة »، إحفَظي عنّي هذا الحديث الذي تعلّمتُه من السيّد « عبدالباري » إمام جماعة مسجدنا، فقد قال لنا يوماً: تعلّموه وعلّموه أبناءكم، وهو قول الإمام الكاظم عليه السّلام: « طُوبى لمَن كان صَمتُه فِكرا، ونَظرُه عِبَرا، وكلامُه ذِكْرا ».. فإذا نظرتِ إلى شيء فانظري إلى ما خلفه.
ـ وكيف يا أمّاه تستطيع أعيننا أنْ تنظر من خلفِ شيءٍ مادّي كثيف ؟
نعم، أعينُ البصر لا تستطيع ذلك، أمّا أعينُ البصيرة فهي قادرةٌ إذا قوّاها المرءُ بحسن الإيمان والتقوى والعبادة والتفكّر، وكان قلبُه شفّافاً لا تحجبه عن أنوار المعرفة أوساخُ الذنوب ولا دخانُ المعاصي.
ـ وكيف ذلك ؟! حديثُكِ يا أمّاه لطيف، ولكنّه يحتاج إلى شاهد على الأقلّ.
ـ أنتَ يا « حسين » ولدٌ ذكي.. فقبل دقائق حينما أردت الاستمتاع بمشاهدة منظر الحديقة البهيج مسحتَ زجاجةَ الشبّاك، ولولا أنّها شفّافة لما استطاعت عيناكَ يا ولدي رؤيةَ هذا المنظر المُؤنس.
ـ ثمّ ماذا نستطيع يا أمّاه أنْ نأخذ من العِبر من خلال هذا المنظر البسيط ؟ إنّها شُجَيرات وبعضُ ثمار تتساقط عليها قطراتُ ماءٍ وثلج... ها!
ـ لو أعملتَ فكرك يا شاطر، وأطلقتَ عقلَك.. لرجعتَ تحدّثني عن معانٍ لطيفةٍ جذّابة. أُوه، أشمّ رائحة الشاي يكاد يحترق فيفسد طعمه.. من رخصتك يا حبيبي، أنتظرك على المائدة.
ـ سأتي بعد قليل إنْ شاء الله.
ويسرح خيال « حسين » في عالم تلك الحديقة الصغير، ويأخذ فكره الصغير بالتوسّع والطيران عبر النافذة، وتأخذ نظرته بالتعمّق في ما خلف الصورة، حتى نسيَ نفسه أو كاد، بل لم يرَ نفسَه إلاّ في سياحة.
أفاق حسين على نداء والده:
ـ ولدي حسين.. يكاد الشاي يبرد، هل تأتي لتتناول إفطارك معنا ؟ ماذا بك يا ولدي ؟! ما هذه الدموع تملأ عينيك ؟! هل أنت تبكي لشيءٍ يُحزنك ؟
ـ أبكي! لا، ولِمَ أَبكي ؟ ( تعجّب « حسين » وأخذ يمسح مقلتيه فيحسّ في يديه بللاً لم يَدرِ كيف تحدّر على وجنتيه ).
سأَل الأَب زوجته عمّا أَزعج حسيناً، فتطمئنه أنْ لا شيء ممّا يظنّه.

بعد لحظات:
ـ السلام عليكم.
أمّه: عليكم السلام.. كيف أنت يا « حسين » ؟ هل أنت منشرح الصدر ؟
ـ أجل، وأشتهي الطعام.
أبوه: كُلْ يا حبيبي هذه الجُبنة وتكون أَنفع مع الجوز.
أمّه: إنّه ـ يا « أبا حسين » ـ يشتهي الأطمعة الفكرية أَكثر من اشتهائه الأَطعمة الماديّة.
أبوه: ماذا تعنين بذلك ؟!
أمّه: سيحدّثنا هو بعد أن ينتهي من إفطاره.
وبعد دقائق:
أمّه: أَتشتهي الشاي يا
« حسين » ؟
ـ مع والدي، نعم.
أمّه: تفضّلا إذن.. ومع الشاي يحلو الحديث، أليس كذلك يا ولدي ؟
ـ أَجل يا أُماه، حاولتُ أَن أَغور في معاني الصور ودلالاتها فوصلتُ إلى عظمة الخالق وكيف أنّه حوّل هذا التراب الأَسمر اللون الضارّ أكُله إلى أنواع الزروع الجميلة من خضرة الأوراق وألوان الزهور الزاهية والفواكه والخضروات المختلفة الطعم من حلوٍ وحامضٍ والكثيرة المنافع، وفكّرتُ كيف عجز العلم الحديث رغم تطوره المدهش أن يصنع في معامله حبّةً أو فاكهةً من هذا التراب.؟!
أمّه: جميلٌ يا بنيّ.. وماذا أيضاً ؟
ـ وصلت إلى أنّ الله تعالى رحيم بنا، حيث خلق لنا كلّ ما ينفعنا ولم يكتفِ بطعامٍ واحدٍ ينفعنا، بل خلق لنا أَنواع الفاكهة ومن كلّ فاكهة أنواعاً كثيرة... فمثلاً خلق مئات الأنواع من التمر وهكذا العنب والرمان وغيرها، لئلاّ نضجر من الطعام الواحد.
أبوه: وهل هذا كلّ ما وصلتَ إليه يا حبيبي ؟
ـ أشعر يا أَبتاه أنّ هنالك رحمةً ومحبّةً تغمرنا جميعاً، فحتَّى لا نسأم من الرتابة ولكي يتجدّد لنا النشاط جعل الله الليل والنهار والبرد والحَرّ والنوم ثم اليقظة والصحو ثمّ السحاب والمطر والرعد والبرق والرياح العاصفة ثمّ الهدوء، والشتاء ثم الربيع ثم الصيف، والشمس ثم القمر والنجوم.. لقد وهب الله لنا كلّ ما نحتاجه وزيادة كالأب الذي يدلّل ولده ويعطيه كل ما يريده منه.
أبوه: وكيف لا وقد وهبني الله أَيضاً زوجةً مخلصةً كأمّك، وولداً عاقلاً مثلك.
أمّه: ولكنّ أشجار المحبّة تيبس إذا انقطعت عنها قطراتُ المودّة.. وقد قال الله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مَنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجَاً لِتَسْكُنوا إِليها وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذلِك لأيَتٍ لَقِوْمٍ يَتَفَكَّرُون .
حسين: هذه الآية في سورة الروم.. إنّها الآية الحادية والعشرون.
أبوه وأمّه: بُوركت بُوركت يا حافظ القرآن!

الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	image001868.jpg‏
المشاهدات:	85
الحجـــم:	49.4 كيلوبايت
الرقم:	3437   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	National_Geographic_2005__16_.jpg‏
المشاهدات:	99
الحجـــم:	25.7 كيلوبايت
الرقم:	3438  

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:17 AM   #4
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني



مدينة للصغار » شارع القصص » وفاء
وفاء

« صالح » رجلٌ يُحبّ عائلتَه، وقد رَزقَه اللهُ مِنْ زَوْجَتِهِ المخلصة ابناً وبنتاً، هُما: عليٌّ ووفاء. وكانَ يَحنُو عليهما ويَرعاهما رعايةً خاصّةً مُحافظاً على سَلامتهما مِن الأمراضِ ومساوئ الأخلاق، ويحرصُ كثيْراً على عَافيتِهما البدنيّةِ والروحيّة..
وكانَ لولدهِ « عليّ » صديقٌ يُحبُّهُ اسْمهُ « فلاح »، اعتادَ أَنْ يَذهبَ مَعه كلَّ يومٍ إلى المدرسةِ وَيرجعا مَعاً إلى البيتِ.. يَدرسَان سويّةً، ويَلعبان معاً.
في صبيحةِ أحدِ الأيام، وبينما كانَ « عليّ » يتناولُ فطوره مَع عائلتهِ، سَألَ أبَاه:

ـ لِمَ اِخترتَ يَا أبي اسمي هذا
« عليّاً » ؟
ـ لأنّي تمنّيت أَنْ يكونَ لي ولدٌ شَهمٌ شُجاعٌ يتعلّم الشجاعة من عليّ.
ـ هَا.. ثُمَّ لمَ اخترتَ لأُختي اسمَ « وَفاء » ؟
ـ إنّه لِذكرى وَفاء والدتِكَ مَعي، حَيثُ خَدمتني زَمناً كنتُ فيه مُصَاباً بعلّةٍ طويلة، حتّى شافانيَ اللهُ منها ببركةِ الدّعاء.
ـ إذَن.. « وفاء » ثمرةُ المودّةِ والوفاء، يا أبَهْ.. ها ؟
ـ أتمنّى أنْ تكونَ وَفيّاً يا ولدي مَع أهلِكَ وأقربائِك، وجميع إخوانِكَ الطيبين.
ـ إن شَاءَ اللهُ. أوه، لَقد تأخّرتُ عنْ صَديقي « فلاح » وهو يَنتظرني عِند بابِ الدّار لِنذهبَ مَعاً إلى المدرسة.
ـ انتظرني يا وَلدي قليلاً حَتّى أُعطيَ أُختَكَ دواءها ثمَّ آتي مَعكَ، أَخشى عليكَ وعلى صديقك مِن عبورِ الشارعِ.
ـ الوقتُ أمامي قليلٌ، ليستْ لديَّ فُرصَةٌ، أستودعُكم الله.
الأمُّ: إِنتبهْ جيّداً يَا ولدي،.. في حفظِ اللهِ ورِعايته.
وَبعد دقائق يَمرُّ « صالح » مِن الشارعِ الذي مَرّ مِنه ولدُه « عليّ »، فيرى الناسَ متجمهرين.. يُهرعُ إلى المكانِ وكأنْ قَلبَه أحسّ بشيءٍ من القَلقِ لأمْرٍ ما. خُطواتٌ عاجلةٌ.. رَبّاه مَا هذا ؟!
وَصَل إلى حيث النّاس تَجمعوا ينظرونَ، فوجَد « صالح » بُقَعَاً مِنَ الدَمِ على حافّةِ الشّارع، أخَذَ قلبه بالاضطرابِ، فَتلاقَفَ أنْفَاسَه، ثُمَّ حَوّلَ بَصَره مَدهُوشَاً فرأى كُتُباً على الأرضِ مُتناثرةً.. دَقّقَ فِيها نَظَرَهُ، فَوجَدَها وقد كُتِبَ عليها.
الاسم: علي صالح.
الصفَ: الرابع الابتدائي.
المدرسة: أبو ذر الغفاري..
عِندها كادت قواه أنْ تَنهارَ، فأخذَ يهمسُ مع نَفْسِه:
ـ وَلدي علي.. لا أراكَ اللهُ مَكرُوهاً.. وَلدي علي.. أين أنت يا ولدي ؟
وفاضَت عيناه بالدّموعِ، ثُمَ التفتَ فرأى سيّارة الحادثِ وَاقفةً وَقد اتّكأَ عليها سائِقُها مُطْرِقاً مُتأسِّفَاً لما جَرى. فأرادَ « صالح » أنْ يُهرعَ إليهِ ليسأَلَه عَنْ حالِ وَلدهِ، فإذا بِصاحبِ الحانوتِ الحاج « عبدالله » يُمسِك بذراعهِ من الخلْفِ.. التفتَ « صالح » مُستغرِباً فَرآه مُبتَسِماً، فبادره:
ـ أُهَنّئُكَ يا « صالح ».
ـ تُهنِّئُني ؟! يا حاج « عبدالله »، أين وَلدي « عليّ » ؟
ـ إنّه بخير، لقد ذَهبَ مَع صَديقه « فلاح »..
ـ إلى أينَ ذَهبا يا حاج ؟ّ!
ـ إلى المستشفى.
ـ وهل أُصيب أحدهُما بأذى ؟
ـ لقد تَعجَّلَ الصبيُّ « فلاح » في عُبورهِ فَصَدمتهُ هذه السّيَارة.. فما كان مِن ولَدِك الشّجاع الوفيّ إِلاّ أن سحبه إلى الخلفِ بِقوّةٍ، وإلاّ كانَ قَد دُهِسَ، فلم يُصَبْ « فلاح » ـ وللهِ الحمدُ ـ إلاّ في يدهِ، ثُمّ حملَه « عليّ » في سيارةِ أُجرةٍ مُسْرِعاً بِهِ إلى ( مستشفى الحريّة )، تراهما هُناك، لا أراك اللهُ إلاّ خيراً.
أسرعَ « صالح » إلى بيتِ « مصطفى » والد « فلاح »، وأخبَره بالحادثِ سِرّاً لِئلاّ تَضطرب والدةُ « فلاح »، فذهبا مُسرِعَين إلى المستشفى.
وهناك وَجَدا « فلاح » على السريرِ وقد ضُمّدتْ يَدُه، وإلى جانِبه « عليّ » يُمازحهُ ويُضاحِكُه، و « فلاح » ينكمشُ وَجهه مِن الألمِ، فالتفتَ « مصطفى » إلى صاحبهِ « صالح » وقَال له:
ـ أشكر لك ولِولدك هذا اللطفَ الذي غَمَرتُماني بِهِ، وأُهنّئك يا « صالح » على تربية هذا الولد الوفيّ.
فلمّا رآهما « عليّ » أسْرعَ إليهما مسلِّماً، وهوَ ينظر إلى وجهِ « مصطفى » قائلاً له بلهفة:
ـ إطمئِنّ يا عَمّ، « فلاح » بخير، لقد قال الطبيبُ إنّه لَم يُصَبْ إلاّ بشيءٍ طفيف، وسيَخرجُ اليومَ مِن المستشفى بإذن الله، وسنذهب غداً إلى المدرسةِ معاً.
انحَنى عليه « مصطفى » وقد اغرَورقَت عيناهُ بالدمعِ، وقبّله.





الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	6.jpg‏
المشاهدات:	112
الحجـــم:	50.9 كيلوبايت
الرقم:	3440   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	National_Geographic_2005__36_.jpg‏
المشاهدات:	114
الحجـــم:	49.8 كيلوبايت
الرقم:	3441  
الصور المرفقة
نوع الملف: bmp untitled.bmp‏ (118.2 كيلوبايت, المشاهدات 147)
نوع الملف: bmp تحدي خ.bmp‏ (16.8 كيلوبايت, المشاهدات 106)

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:20 AM   #5
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


الدراهم المباركة

أُهديَ لرسول الله صلّى الله عليه وآله اثنا عشر درهماً، فقال لابن عمّه الإمام عليّ عليه السّلام: يا عليّ، خذْ هذه الدراهم فاشترِ لي ثوباً ألبسُه. قال عليّ: فجئتُ به إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فنظر إليه فطلب أقلَّ منه، قائلاً: يا عليّ، غيرُ هذا أَحَبُّ إليّ، أترى صاحبَه يُقيلُنا ؟ أي أيرضى البائعُ إرجاعَه. قال عليُّ: فجئتُ إلى صاحبه فقلت: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد كرِه هذا، يريد ثوباً دونه، فأقِلْنا فيه. فرَدّ عَلَيَّ الدراهم، فجئتُ بها إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله.
يُكمل الإمامُ عليُّ عليه السّلام تلك القصّةَ فيقول: فمشى معي رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى السوق.. فنظر إلى جاريةٍ قاعدةٍ على الطريق تبكي، فقال لها: ما شأنُكِ ؟ قالتْ: يا رسولَ الله، إنّ أهلَ بيتي أعطَوني أربعة دراهم لأشتريَ لهم بها حاجةً فضاعت، فلا أجسر أنْ أرجِعَ إليهم. فما كان من المصطفى صلّى الله عليه وآله إلاّ أنْ أعطى هذه الجارية المتحيّرة المسكينة أربعةَ دراهم، قائلاً لها بعد أنْ طمأَنَها: إرجِعي إلى أهلِكِ.

ثمّ يمضي صلوات الله عليه إلى السوق ليشتري قميصاً متواضعاً بأربعة دراهم، فلبسه وحمِد الله « سبحانه » أنْ كساه ثوباً جديداً، وكان قد تصدّق بأربعة دراهم على الجارية، فبقيَ عنده أربعةُ دراهم ممّا أُهديَ إليه. فلمّا خرج من السوق رأى رجلاً ليس عليه ثوب، لشدّة فقره، وهو يقول: مَنْ كساني كساه اللهُ من ثياب الجنّة. فخلع النبيُّ صلّى الله عليه وآله قميصه الذي اشتراه وكسى به ذلك السائل الفقير.
وعاد صلوات الله عليه وآله إلى السوق ليشتري بالأربعة دراهم الباقية لديه قميصاً آخر، فاشترى ذلك ولبسه وحمِد الله ورجع إلى المنزل. وإذ كان في الطريق رأى الجاريةَ نَفسَها قاعدة على الطريق تبكي، فقال لها: ما لَكِ لا تأتين أهلَكِ ؟ أي: لماذا لا ترجعين إلى أهلِكِ بعد أنْ أنتهتْ مشكلةُ ضياع الدراهم ؟! فأجابته قائلةً: يا رسولَ الله، إنّي قد أبطأْتُ عليهم وأَخافُ أنْ يضربوني، فقال لها: إمشِ أمامي ودُلّيني على أهلِك. فجاء رسولُ الله صلّى الله عليه وآله حتّى وقف على باب الدار، ثمّ قال: السلامُ عليكم يا أهلَ الدار. لكنّهم لم يجيبوه، فأعاد السلام، فلم يُجيبوه أيضاً، فأعاده ثالثةً فقالوا: عليكَ السلام يا رسولَ الله ورحمةُ الله وبركاته. وبما أنّ ردّ السلام واجب، لذا قال النبيّ صلّى الله عليه وآله لهم: ما لكم تركتُم إجابتي في أوّل السلام والثاني ؟ فقالوا: يا رسول الله سمِعنا سلامَك فأحْبَبْنا أنْ نستكثر منه. قال لهم: إنّ هذه الجاريةَ أبطأتْ عليكم، فلا تُؤاخذوها. فما كان منهم إلاّ أن قالوا له: يا رسول الله، هيّ حرّةُ لممشاك. أي أنّهم أعتقوها بعد أن كانتْ مملوكة، وذلك كرامةً لخُطُوات المصطفى صلوات الله عليه وآله إليهم.
فماذا قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وقد سُرّ بذلك ؟ قال:
ـ الحمدُ لله، ما رأيت أثنَي عَشَر درهماً أعظمَ بركةً من هذه، كسى بها عُريانيْن، وأعتق بها جارية.

الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	73006_imgcache.jpg‏
المشاهدات:	86
الحجـــم:	227.2 كيلوبايت
الرقم:	3443  

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:24 AM   #6
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني



مدينة للصغار » شارع القصص » قبل الامتحان
قبل الامتحان

دقّ جرسُ الانصراف من المدرسة.. وخرج التلاميذ من الصف. بعضهم يجري بسرعة، وبعضهم يَزعَق بصوت مرتفع، وبعضهم يتحدّث مع زميله.
حمل ( هاني ) محفظته ودخل في موجة التلاميذ وهم يتدافعون للخروج من باب المدرسة . جاءته دفعة من ورائه في الزحام، ثمّ دفعة أخرى من يساره. لكنه لم يهتمّ. إنّ ما يفكّر فيه هاني هو امتحان العلوم غداً. وعليه أن لا يضيّع الوقت في المنزل.. لابدّ أن يُطالع فصل ( الهواء ) وفصل ( الحرارة ).
وأمام المدرسة تحدّث هاني مع صديقَيه محسن وعمّار. ثمّ صافحهما، وافترقوا كلّ واحد منهم في اتجاه.
كان هاني يسير بين التلاميذ الراجعين إلى بيوتهم عندما انتبه إلى صوت كأنه يناديه. فُوجئ هاني بما سمع:
ـ هاني يا جُرثومة.. وجهك وجه البومة!
التَفَت بسرعة إلى جهة الصوت. إنه ( طلال ) التلميذ المشاغب بين عدد من الكسالى الوَقِحين.. يضحكون باستهزاء. وانحنى أحدهم إلى الأرض.. تناول قشرة بطيخ ورمى بها هاني وهو يقول ضاحكاً:
ـ يا وجه البومة!
وشاهد بعضُ التلاميذ العابرين هذا المنظر.. فانفعل هاني واحمرّ وجهه. ونظر إلى طلال وأصحابه نظرة يشتعل فيها الغضب. وبسرعة هجم عليهم ليضربهم بمحفظة كتبه، فهرب طلال وجماعته ودخلوا في زحام التلاميذ ضاحكين بصوت مسموع.


* * *

في الطريق إلى الدار.. كانت في قلب هاني نار غضب ملتهبة، كان في داخله يخاطب طلال: « حيوان.. كلب »! وأحسّ بطعمٍ مرّ في فمه من الانفعال.


* * *

في المنزل.. نادَته أمّه ليتناول مع أهله طعام الغداء. والواقع أنّ الإهانة التي تَلقّاها لم تترك له رغبة في طعام. لكنْ.. ماذا يقول لأُمّه ؟! لا يدري كيف نطق بكذبة:
ـ أنا شبعان.. أكلتُ في المدرسة.


* * *

وبعد نصف ساعة.. جاءت إليه أخته الصغيرة ( هانية )، وطلبت منه أن يساعدها في حلّ مسألة في درس الحساب. لم يكن هاني قادراً على تحمّل أحد. صاح بأخته الصغيرة بجفاء.. وذهبت هانية تبكي.


* * *

استلقى على فراشه لينام قليلاً بعد الظهر، فما قَدَر أن ينام.. كانت صورة طلال وأصحابه لا تفارقه. مدّ يده إلى المنضدة القريبة. تناوَل كتاب العلوم.. وأخذ يقلّب أوراقه، ونظر إلى درس ( الحرارة ) و ( الهواء ): طُرق انتقال الحرارة.. الأولى طريقة التوصيل، الثانية طريقة الإشعاع. ثمّ قال بعصبية: والثالثة.. شتائم الأولاد الكلاب.. الجبناء! لماذا يصعد الهواء الساخن إلى الأعلى ؟ لماذا تهبّ الرياح من مناطق الضغط العالي إلى مناطق الضغط الواطئ ؟ لماذا تهبّ عليه هو إهانات التلاميذ الزِّفت.. الملعونين ؟!


* * *

وجاء الليل.. وما قرأ هاني من كتاب العلوم إلاّ أوراقاً قليلة، وبغير تركيز. لقد وَعَد أباه قبل أيام أنه سيُحضِّر للامتحان جيداً، ليحصل على درجة عالية.. لكنّه إلى الآن لم يُحضّر، وها هو يكاد يستسلم للنوم.
وحينما نام.. رأى نفسه في معركة حامية مع طلال: قَبضَ على رقبة طلال، وأخذ يضربه ويضربه.. حتّى أوقعه على الأرض.


* * *

أيقظته أمّه لصلاة الفجر. فتح هاني عينَيه. الطقس مُنعِش.. فيه لَسعةُ برد خفيفة. هذا يومٌ جديد. توضّأ لصلاة الفجر، ثمّ وقف باتّجاه القِبلة.. وبدأ يصلّي. جميلُ هو لون الفجر: هواء نقي، ولذّة في القلب.
بعد صلاة الفجر.. تذكّر أخته الصغيرة. إنّه يحبّ هانية كثيراً.. فلماذا صاح بوجهها بدون شفقة ؟!
وتذكّر أشياء أخرى: لماذا كذب وقال لأمّه إنّه أكل في المدرسة ؟! لماذا شَتَم طلال في غِيابِه ؟! كثيراً شَتَمه! لماذا لم يقرأ جيّداً فصلَي الحرارة والهواء ؟! أخطأوا لمّا سخروا منه وأهانوه.. فهل يجوز أن يُخطئ هو مِثلَهُم ؟! أخطأوا خطأً واحداً.. أمّا هو فقد ارتكب سِلسِلة من الأخطاء: كَذَب، وشَتَم، ولم يَدُرس، وطَرَد هانية بجفاء!
تذكّر هاني هذا كلَّه وهو ما يزال جالساً على سجّادة الصلاة. نَدِم هاني كثيراً.. وبَسَط يدَه نحو السماء. وجد هاني نفسَه يتكلّم مع الله. طلب من الله أن يسامحه، وأن يجعله يحبّ هانية أكثر. وطلب منه أيضاً أن يُعَقِّل طلال. وأخيراً طلب من الله أن يساعده في الامتحان. وكرّر هاني الطلبَ مرّات.. فأحسّ أنّ الله يسمعه.. فدَمِعَت عيناه.


* * *

عند إفطار الصباح.. جلس هاني إلى جنب هانية، وقَبّل جَبينَها، فابتسمت البنت الصغيرة بالفرح.
ولمّا دّقت الساعة السابعة.. حمل محفظته وخرج. وفي الطريق إلى المدرسة فكّر في الامتحان.. وتَمنّى مِن قلبه أن يُساعده الله.
وأيقَنَ هاني أنّ الله سيُساعده، لأنّه سَمِع اعتذارَه ورأى دموعَ عينَيه.




حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:26 AM   #7
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني



مدينة للصغار » شارع القصص » وَعَدتُ أُمّي
وَعَدتُ أُمّي

تَرجَّلوا من خيولهم في وسط البرّيّة.. واختبأوا وراء مُرتفَع رملي هم وخيولهم الثلاثة. ستة عيون جريئة تتطلّع إلى الطريق البرّي هنا وهناك.. لعلّ قافلة سيئة الحظ تمرّ في هذا المكان، فيبدأوا الغارةَ والهجوم.
قال أحدهم: لا أثر لقافلة!
نطق كبيرهم وهو يتحسّس خنجره بيده: إنتظِرْ.. لا تَعجَلْ!
.. ومضت ساعة من الانتظار، قبل أن يَلُوح لهم راكب يقطع الصحراء بمفرده. ولمّا اقترب من مكمنهم ركبوا خيولهم مسرعين، وأحاطوا بناقته، وهم يدورون حوله.
قال كبير قطّاع الطريق للرجل الذي أذهلته المفاجأة: خيرٌ لك أن تُخرج ما معك من نقود.. وإلا فقدتَ حياتَك!
قال الرجل المسافر وهو يشير إلى جيبه: ليس معي غير ثمانين ديناراً. نصفها دَين أريد أن أؤدّيه إلى صاحبه. والبقية نفقتي في السفر.. هي كل ما معي.
نظر إليه رئيس اللصوص نظرة فاحصة، ثمّ قال لرفيقَيه: دعوه يذهب.. يبدو عليه أنّه ساذج وفقير. ثمانون ديناراً فقط ؟! إنها لا تنفعنا شيئاً!


* * *

واصَلَ الرجل طريقَ سفره. وعاد اللصوص إلى كمينهم وراء تلّة الرمل.
مرّت ساعة وهم يترقّبون وصول قافلة.. ومرّت ساعات ولا شيء يبدو في هذا الطريق الصحراوي.
قال أحدهم وهو يتذكّر: لماذا تركناه يذهب ؟! إنّ ثمانين ديناراً أفضل من لا شيء.
وقال الآخر: إنّه اتّجه إلى القرية. لابدّ أنه قد مرّ بها وواصل طريقه. لِنَلحقْ به!
لم يعترض الرئيس، فقد خاب أمله في الحصول على قافلة يكسبون من سَلبها الكثير. واتّفقوا ثلاثتهم على أن يكمنوا له وراء القرية. وانطلقت خيولهم تسبق الريح. حتّى إذا بلغوا صخرةً كبيرة في البريّة اختبأوا خلفها هناك.
وما هو إلا قليل من الوقت حتّى أنفسهم أمام المسافر نفسه.. وحيداً في هذه الصحراء الخالية.
قال له أحد قطّاع الطريق بنبرة حادّة: هاتِ ما عندك.. وإلاّ قتلناك!
نظر إليه المسافر وقال: الواقع.. أنّه كان معي ثمانون ديناراً كما قلت لكم. سلّمتُ نصفها إلى صاحبها في القرية، وبقي عندي أربعون احتاج إليها في طريق عودتي إلى بلدي.
أشار كبير اللصوص أشارة.. فأخذ الآخَران يفتّشان الرجل وناقته.. فما وجدوا معه غير أربعين ديناراً.


* * *

التفت إليه كبيرهم وقال بدهشة: قُل لي.. لماذا أخبرتَنا بحقيقة ما معك ولم تكذب علينا ؟! وأنت تعرف أننا قُطّاع طريق.. شُغلنا النهب والقتل!
قال الرجل بصوت هادئ: الواقع.. أني في طفولتي وعدتُ أمّي أن لا أكذب أبداً وسمع اللصوص قول المسافر فضحكوا بسخرية.. قَهقَهوا بصوتٍ عالٍ. قال له أحدهم وهو يغالب الضحك:
ـ يا لَك من أحمق أبلَه! وَعَد أمّه أن لا يَكذِب! قاه.. قاه.. قاه!
قال الآخر وهو يمسك بطنه من شدة الضحك:
ـ شيء مضحك والله.. منذ زمان لم أضحك هكذا!.. مضحك والله!


* * *

أمّا كبير اللصوص فلم يكن يضحك. كان مطأطئاً رأسَه إلى الأرض، وقد بَدَت عليه علامات تفكير جدّي، وتغيّرت ملامح وجهه. أحسّ في داخله بشيء شبيه بوميض خاطف، جعله يُطرِق مُفكِّراً.
وبعد لحظات قال للرجل المسافر:
ـ عَجَباً! وعدتَ أمّك وأنت صغير أن لا تكذب، وبقيتَ وفيّاً بوعدك! أمّا نحن.. أمّا نحن.. فما وَفَينا لله لمّا أمرنا أن لا نعمل معصيته ولا نعتدي على الآخرين! عفوَك يا الله.. عفوَك.. عفوَك.
ثم قال له:
ـ إذهَبْ في طريقك سالماً.. لن يتعرّض لك أحد منّا.
ثمّ التفتَ كبير اللصوص إلى صاحبَيه، وقال لهما بصوتٍ حازم:
ـ لن أكون رفيقكما بعد اليوم.. إلاّ أن تتوبا. أمّا أنا فقد تُبتُ إلى الله من السرقة وقطع الطريق.
.. في تلك اللحظة، هبّت نسمة باردة في وسط الصحراء.. داعَبَت وجهه، فأحسّ ببرودة لذيذة تَسري إلى داخل قلبه.



الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	22.jpg‏
المشاهدات:	87
الحجـــم:	54.5 كيلوبايت
الرقم:	3444   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	20.jpg‏
المشاهدات:	92
الحجـــم:	69.2 كيلوبايت
الرقم:	3445   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	decision_Qatarat-new%2520%28317%29.jpg‏
المشاهدات:	90
الحجـــم:	25.9 كيلوبايت
الرقم:	3446   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	emils mor zahraa.jpg‏
المشاهدات:	92
الحجـــم:	44.2 كيلوبايت
الرقم:	3447  
الصور المرفقة
نوع الملف: bmp خ16.bmp‏ (16.8 كيلوبايت, المشاهدات 96)

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:36 AM   #8
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


مدينة للصغار » شارع القصص » الجذور
الجذور

في حديقةٍ غَنّاءَ كان النهرُ يَجري.. النهرُ يَهَب الماءَ للأشجارِ والأزهارِ، ويُصغي إلى حَفيفِ أوراقها وإلى أحاديثِها.. ذاتَ صباحٍ سَمِعَ النهرُ حوارَ الوردةِ الحمراء مع الوردةِ البيضاء.
قالت الحمراء: أنا أجمَلُ الأزهار.. انظُري كيف أهتمّ بجمالِ مَظهري..
قالت البيضاء: يا صديقتي، هناك أشياء أخرى ينبغي أن نهتمّ بها أيضاً.
سألت الحمراء: مثلاً ماذا ؟!
البيضاء: علينا أن نهتم بجذورنا أيضاً.
قالت الحمراءُ بدَهشة: الجذور!
قالت البيضاء: نعم.. انظُري جيّداً إلى مياهِ النهرِ كيفَ تَجرِفُ مَعها كلَّ يومٍ جُزءاً من التربة!
سألت الحمراء: وماذا يعني هذا ؟!
أجابت البيضاء: معناه أننا سنَنجَرفُ أيضاً وننتهي.. علينا أن نَمُدَ جُذورَنا عميقاً في الأرضِ حتّى يشَتدَّ عُودُنا.
صاحَت الحمراءُ بعصبية: أنتِ حَمقاء يا عزيزتي. تَترُكينَ أوراقكِ الزاهية، وتُنفِقينَ وقتَكِ في مَدِّ العُروقِ داخلَ الترابِ والطين !!
لم تُصْغِ الحمراءُ إلى كلامِ جارتِها..
وتَمُرُّ الأيّام ومياهُ النهر تجَرِفُ التربةَ كلّ يوم.
وذاتَ يومٍ.. شعَرتِ الحمراء بأنها تهتزّ، وكانت أمواج النهر تهزّ جذورها الضعيفة.
صاحت الحمراء: النجدة! النجدة! أنقِذوني.
هَمَسَت البيضاءُ بحزن: يا لَها مِن نهايةٍ تَعيسة.. ليتها سَمِعَت نَصيحتي!






الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	Billede 002.jpg‏
المشاهدات:	93
الحجـــم:	241.4 كيلوبايت
الرقم:	3449   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	Billede 012.jpg‏
المشاهدات:	92
الحجـــم:	28.1 كيلوبايت
الرقم:	3450   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	Billede 019.jpg‏
المشاهدات:	93
الحجـــم:	7.7 كيلوبايت
الرقم:	3451   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	Billede 030.jpg‏
المشاهدات:	87
الحجـــم:	168.2 كيلوبايت
الرقم:	3452   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	Billede 024.jpg‏
المشاهدات:	94
الحجـــم:	120.4 كيلوبايت
الرقم:	3453  


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:45 AM   #9
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني



مدينة للصغار » شارع القصص » الفلاّحُ وصانعُ الجِرار
الفلاّحُ وصانعُ الجِرار

عاشَ في إحدى القرى البعيدة رَجُلان، كانا مُولَعَينِ بأخبارِ الطَّقس.
قد يَظُنُّ البعضُ أنّهما كانا صديقَينِ بسببِ ذلك. ولكنّ ما حَصلَ هو العكس، فقد كانَ كلٌّ يُضمِرُ الكراهيةَ للآخَر.
والسببُ بسيطٌ جدّاً؛ لأنّ أحدَهُما كان فلاّحاً، أمّا الآخَرُ فقد كانَ صانِعَ جِرار.
كان الفلاّحُ يتطلّعُ إلى السماءِ كلَّ يومٍ وينَتظِرُ هُطولَ المطر، وكانَ صانعُ الجِرارِ يَشعُرُ بالفَرحةِ كلّما شاهَدَ أشعّةَ الشمسِ وهي تَغمُرُ الآنيةَ الطينيةَ بالنورِ والدِّفء.
وذاتَ يومٍ ألقى الفلاّحُ نظرةً على الأُفق وأكّدَ لِمَن حَولَهُ في المَقهى بأنّ الغَدَ سيكونَ مُمطِراً، وقال بثقة: إنني أشمُّ رائحةَ المَطرِ مُنذُ الآن.
غَضِبَ صانِعُ الجِرارِ وقالَ بعصبيّة: أُراهِنُ على أنّ الغَدَ سيكونُ صَحْواً، وسَتُلهِبُ أشعَّةُ الشمسِ ظَهرَ هذا الفلاّحِ الأحمَق !
وجاءَ الغَد، كانَت قِطَعُ الغُيومِ الصغيرةِ تَعبُرُ السماءَ كسُفُنٍ مُبحِرَة.
وكانت الشمسُ تُشرِقُ حيناً وتَختَفي خلفَ السُّحُبِ حيناً آخر، وهكذا خَسِرَ الاثنانِ الرِّهان.
وسَمِعا وهما يَعودانِ أدراجَهُما نحوَ المنزِلِ تَهكُّماتِ رجالِ القريةِ وفِتيانها.
ومَرَّتِ الأيّام.. وذاتَ صباحٍ فُوجئ أهلُ القريةِ بالفلاّحِ وصانعِ الجِرارِ وهما يَتَحدّثانِ مَعاً بوُدّ.
تَعجَّبَ الجميعُ وتَهامَسوا فيما بَينَهُم عن السرِّ الذي يَكمُنُ وراءَ هذهِ العَلاقةِ الحَميمة.
وسُرعانَ ما عَرَفوا السرَّ عندما شُوهِدَ الفلاّحُ وصانعُ الجِرارِ وهما يَعملانِ معاً.
كانَ الفلاّح يُساعِدُ جارَهُ صانعَ الجِرارِ في أيّامِ الصَّحوِ فيَرصفُ الآنيةَ الطينيةَ في الفِناءِ تحتَ أشعّةِ الشمس، وفي الأيّام المُمطِرةِ كانَ صانعُ الجرارِ يُشارِكُ الفلاّحَ في عملهِ في الأرض.
وتساءل الناسُ عمّن أوحى لهما بهذهِ الفكرةِ، لكنّ أحداً لَم يَعرِفْ ذلك.


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 02:56 AM   #10
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


الحَجَرُ الصغير

قالَ الحَجَرُ الصغيرُ وهو يتأمّلُ الصُّخورَ الكبيرةَ بحُزن:
ـ ما أضألَني! ليتَني كنتُ صَخرةً عِملاقَة !
كانَ أشدَّ ما يُؤلِمُه أن يَرى الناسَ يَؤمُّونَ الجَبَلَ فلا يَختارونَ سِوى الحِجارةِ الكبيرة، وكانَ يَغبِطُ في نفسهِ تلكَ الصُّخورَ وهي تَتَّخِذُ طريقَها لِتُساهِمَ في بناءِ المَساجِدِ والمدارِس، أمّا هو فقابِعٌ في مكانهِ لا يَكتَرِثُ لَه أحَد.
ومَرَّتِ الأيّامُ.. وكادَ الحجرُ الصغيرُ أن يَنسى نفسَه.
وذاتَ صباحٍ مُشرِقٍ جميلٍ التَقَطَ الفتى الفلسطينيُّ ذلكَ الحجَرَ، ثُمّ قَذفَ بهِ وجهَ المُحَتلِّ الغريب، وعندَها أصبَحَ لِلحجارةِ الصغيرةِ شأنٌ كبيرٌ؛ لأنّها ستُحرِّرُ القُدسَ وتَبني الوطن.


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 12:55 PM   #11
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


[align=center]جزيت الجنة ووالديك وذريتك
.[/align]

.


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-09, 02:05 AM   #12
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيام1 مشاهدة المشاركة
[align=center]جزيت الجنة ووالديك وذريتك
.[/align]

.
السلام عليكم
شكرا هيام للمرور تقبلي تقديري


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-11-10, 12:40 AM   #13
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


[align=center]يثبت الموضوع
وهنيئاً لكل طفل يتطلع ليوم غد أجمل مما يسبقه
[/align]


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-10, 08:32 PM   #14
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: كتاب قصص الاطفال -حسين يعقوب الحمداني


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيام1 مشاهدة المشاركة
[align=center]يثبت الموضوع
وهنيئاً لكل طفل يتطلع ليوم غد أجمل مما يسبقه
[/align]
تحاتي لكم وليدكم الرقيقه
وتقديري للتثبيت
شكر لهام


الحب يعيش بيه أهله


توقيع : حسين الحمداني


زهرة الشرق

zahrah.com

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
-حسين , الاطفال , الحمداني , يعقوب , كتاب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لوحة -حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 12 25-01-23 02:35 PM
رغبه -حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 7 22-11-22 12:39 AM
نصوص شعرية * حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 18 22-11-22 12:38 AM
ال-دي-أن-أي -حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 18 17-01-22 07:03 PM
صور صورة -حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 10 24-10-14 03:51 AM


الساعة الآن 05:50 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)