اللاجئون الفلسطينيون بعد ستين عاما: من سيئ الي اسوأ!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الكاتب والمؤرخ البريطاني الشهير ارنولد توينبي أن من اشد المعالم غرابة في النزاع حول فلسطين هو ان تنشأ الضرورة للتدليل علي حجة العرب ودعواهم. هناك حتي الآن ما يزيد علي (ستة ملايين) شخص من اللاجئين العرب الفلسطينيين، بيوت آبائهم واجدادهم في قبضة الاسرائيليين، وكذلك هي املاك الذين تقع بيوتهم علي الجانب الاسرائيلي من خطوط هدنة 1949.
فلو ان اي شعب آخر غير العرب ذاق مرارة هذه المعاملة وعلي يدي اي شعب آخر غير الاسرائيليين، لادرك العالم كله ان هناك ظلما فادحا جري ارتكابه بحق ضحايا لم يقترفوا شيئا يستحقون عليه مثل هذا العقاب، ولكان من شأن هذا الانتهاك الصارخ للحقوق الانسانية ان لا يثير السخط وال فحسب، بل ان يؤدي الي اتخاذ الخطوات الفعالة لازالة الظلم ورفع الغبن.
والحقيقة ان الحل العادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين لا يخفي علي احد الا لمن لا يريد ان يري ولا ان يسمع، فالمجتمع الدولي ممثلا في الجمعية العامة للامم المتحدة هو الذي تبني القرار 181، قرار تقسيم فلسطين، وهو الملزم بايجاد الحلول الشرعية وليس التعسفية.

ان مشكلة اللاجئين التي عولجت من قبل الامم المتحدة بالقرار 194 القاضي بحق اللاجئين بالعودة الي وطنهم والتعويض عما لحق بهم من اضرار هو الشرعي. وكانت الجمعية العامة للامم المتحدة قد ربطت قبول عضوية اسرائيل في المجتمع الدولي بالتزامها الصريح بقرار 194 وتحديدا بالفقرة الحادية عشرة منه، ويظهر ذلك واضحا في نص القرار 273 الداعي الي قبول اسرائيل عضوا في الامم المتحدة تمهيدا لتطبيق القرار 181 المنشئ لدولة اسرائيل.
ففي لبنان وسورية والاردن يعيش اكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني يقيمون في 24 مخيما كلها تفتقد الي الخدمات الضرورية تقريبا، كتمديدات مياه الشرب الصحية وشبكات الصرف الصحي، والخدمات الاجتماعية والصحية، وكل منها ظلت مساحته علي ما هي عليه منذ انشائها قبل ستين عاما دون مراعاة للنمو السكاني وتوالي الاجيال.

ففي لبنان ازيلت مخيمات من الوجود بالقوة المسلحة كتل الزعتر وضبيه وجسر الباشا اثناء الحرب الاهلية.
وفي سورية باستثناء (اليرموك) الذي هو ليس مخيما، وانما واجهة لتجمع فلسطيني ـ سوري مختلط وغير معترف به كمخيم من الاونروا، هناك عشرة مخيمات ليست احسن حالا، كلها تعاني من الاكتظاظ السكاني وغياب الخدمات الاساسية، ويكفي زيارة لمخيم سبينه وخان دنون وخان الشيح وجرمانه... للوقوف علي الحرمان من مياه الشرب الصحية ومستنقعات مياه الصرف، وانعدام الخدمات الاجتماعية والصحية الاساسية.

وكذلك المخيمات العشرة في شرق الاردن علي حالها وكما خلقتني منذ النكبة، واسواها مخيم نازحي 67 المعروف بمخيم غزة، فهو محروم من ابسط الحقوق الانسانية بما فيها الحق في الاقامة والعمل والتنقل لعدم امتلاكهم وثائق شخصية.
اما عن اللاجئين الفلسطينيين في العراق واحوالهم وما حل بهم، فاقل ما يمكن القول به انه العار الذي علق في جبين الانظمة العربية المعنية وجامعة الدول العربية ولن يمحي.
ان ما حدث للاجئين الفلسطينيين في العراق كان مجرد (رسالة) لمن يعنيهم الامر، بان الحل ليس بموجب القرار 194، وليس بالاصرار علي الحق في العودة الي الديار، وانما بالتوطين والتعويض والتهجير لمن لا يرغب. وتلك هي رؤية بوش وقبله كلينتون ومعهما اولمرت لحل هذه القضية.
فهل يشارك (الاشقاء) بحشرهم اللاجئين ومخيماتهم في الزاوية للوصول الي هذه النتيجة؟
جمال سلامة

رسالة الكترونية