العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة الثقافية }{}< > أوراق ثقافية

أوراق ثقافية دروس اللغة العربية - نصوص أدبية - مقالات أدبية - حكم عالمية [أنا البحر في أحشاءه الدر كامن - فهل سألوا الغواص عن صدفاتي]

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 20-05-03, 09:00 PM   #1

أحزان ليل
العضوية البرونزية

رقم العضوية : 629
تاريخ التسجيل : Jan 2003
عدد المشاركات : 451
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ أحزان ليل
من دفاتر الشعر المقاوم - عمر محاميد وأسباب الفرح


نتعرف على الشاعر الفلسطيني عمر محاميد من خلال قراءة قصيدته "أغنيات الأرض الخصبة بالأبطال" المنشورة بتاريخ 1/5/1979 حيث نستمع إلى ثلاثة أصوات متتابعة تبين لنا أسلوب الشاعر في تعامله مع أقانيم الخصب والعطاء من خلال حبه لأرضه المعطاء الساعية بصورة متواصلة إلى الخلاص حيث في "الأرض حلمي" الصورة القائلة: كان في الأرض سنابل / كان حقل يمتدّ حتى ابتعاد الشفق / كان في الحقل طيور.. أشجار.. وشمس.. / كانت حول الشمس نجوم وأحلام / عروس ودوالي / عرفت الامتداد نحو الشمس والوطن المغني / حالت بين الحلم والأرض الخصيبة / قبضة الريح وأسباب الرحيل"..

الصورة هنا، ومن خلال مسافة النشر التي تبقى في صلب قصيدة الشاعر عمر محاميد، ترسم حضور الأرض في مساحتي الماضي والحاضر، حيث في ماضيها كل هذا الامتداد والخصب وطلوع السنابل، وفي حاضرها حيث الاحتلال وقسوة الزمن المحاصر، وهو ما يستدعي حضور الصوت الثاني "حصار العمر" لنكون أمام صورة تقول: " من زمان كان يا ما كان / خرافة احتلال تغوص في أحشاء هذا الزمان / حاصروا الحلم بالدموع، ونامت الطيور في زمان الجوع / حاصروا الشفاه.. وحاصروا حتى الشجر / حاصروا المطر ثم قالوا للقمر / إياك أن تشع في مواسم الفجر / كان الانفجار.. ثورة بركان / وأغنية للشمس والسحر"..

إن التطلع إلى جوانب الصورة يضعنا مباشرة أمام مستوى يحرك صورة الماضي ليسلط الضوء على صورة الحاضر من جهة، وعلى صورة المستقبل من جهة ثانية. ووقفة عند صيغة " من زمان كان يا ما كان" تدخلنا في هذا المستوى الذي يطرحه الشاعر. فهو ينقل الصيغة بكل ماضيها، ليقول بضرورة الالتفات إلى ما سيأتي مع التوقف عند المغزى. وعلى المستمع أو القارئ أن يعي مباشرة أنه أمام صورة الاحتلال المنظور، في مساحة الحاضر، وهذا الاحتلال سيكون في قادم الأيام، مجرد خرافة تغوص في أحشاء هذا الزمان، وستكون كل الممارسات الموغلة في القسوة والبشاعة، مجرد صورة قبيحة يذكرها التاريخ في الدلالة على هذا الاحتلال الذي كان.. وطبيعي أن الانفجار يمكن أن يتمثل في الانتفاضة الباسلة في الوطن المحتل والتي تشكل ثورة بركان، وأغنية للشمس والسحر..

هذه الشمس، أو الأغنية، نراها أكثر حضوراً في الصوت الثالث " يا شمس" حيث: هناك من بعيد تأتي رياح العيد / أراها قادمة" ثم:" أبكي من فرح / أعطني يا شمس فجراً باسماً / أو دعيني أراقص الأشجار والمطر / وأنحني لنورك الذي نورته / وحفنة المطر".. لنكون بشكل مباشر أمام صورة المستقبل المرسومة في عملية التواصل مع الشمس، وطبيعي أن يلغي الشاعر كل المسافات الزمنية ليقول بحضور المستقبل في الراهن، فهو ينظر بشكل تأكيدي إلى ما هو قادم ليضعه في قبضة الأيام الحاضرة المعاشة.

قد يلاحظ في هذه القصيدة التي انقسمت إلى ثلاث أغنيات، أو ثلاثة أصوات، أن الشاعر يشكل تشكيلاً متعدداً في استحضار الزمن وإعطائه المعنى الذي يريد، فهو: " في الأرض حلمي" يفتح التشكيل على صورة الاحتلال وكيف اغتصبت كل ما هو جميل وحولته إلى النقيض، فكانت المسافة واقعة تحت ضاغط مباشر ينسف كل ما كان رائعاً أمام العين والقلب والشريان، هنا تكون الأرض حلماً يستحضره الشاعر في الماضي والمستقبل، ليكون أمام أرضه بصورتها الزاهية، وشكلها المرتبط بالحرية.

في "حصار العمر" ينسف كل مسافة منظورة وآنية ليجعل الحاضر أقرب إلى السقوط في مساحة الدوران السريع للزمن مما يجعله دفعة واحدة في خبر "كان" وليتطلع في ذات الوقت إلى ما جعل هذا الحاضر خبراً أو "خرافة احتلال" من خلال التوقف عند ما يحدث "الانفجار.. ثورة بركان" لتتسع الصورة التي أصبحت من الماضي – حسب القصيدة – محتوية على زمنين في حاضر الشاعر "المعاش" أولهما مرتبط بصورة "استقرائية" تقول بسقوط الاحتلال وزواله، وثانيهما مرتبط بصورة تمهد لحدوث الصورة السابقة وهي "استقرائية" أيضاً تقول بثورة عارمة..

/ في " يا شمس" محاولة إلغائية أيضاً لكل مسافة طبيعية لسير الزمن، من خلال القفز مباشرة إلى حالة التطابق مع صورة الحرية والخلاص من الاحتلال. وحالة العيش في زمن الحرية هذا وكأنه أصبح جزءاً واقعياً في مساحة الزمن "نورك الذي انتشر.. لك النور الذي نورته وحفنة المطر..".. وهكذا..

في الانتقال إلى قصيدة أخرى نشرت في العام 1980 تحت عنوان "اعترافات لوطني الجميل" نقف مع الشاعر عمر محاميد أمام صورة لا تبتعد كثيراً عن الصور السابقة، فالشوق يحمل الشاعر إلى القدس المزدان بخدّ صبية، وهو في هذا يدخل لحن الأرض ولحمها ليعيش كل معاني النبض الواقعي والحالم " سنسير على مهل من سهل الزيتون / لقمة كرملنا الأخضر / تحملني الريح إِليك إِليك / تطير بنا فوقك يا بن العامر / أنت السابح في حلمي، في حلم الشمس..".. وهي الصورة التي تصطدم دائماً ببشاعة الاحتلال ووجوده الضاغط "أقتات رغيفاً من خبزك / هذا المجبول بعرق الفلاحين / صاروا مع الأيام / سجناء.."..

في البال والذاكرة والحلم يبقى الوطن في صورته الجميلة المشرقة الزاهية، وتبقى الأشياء ذات بريق أخاذ رائع، وفي لحظة انفتاح العين خارج كل هذا الشعور بالجمال، تأتي الصورة الضاغطة لتقول بوجود الاحتلال الذي لا يرحم، ومن هنا ينبع ويحضر السؤال الجارح: لماذا..؟؟.. وكيف لمثل هذه الحياة المحاصرة أن تبقى هكذا " يا وطن الزيت الزيتون التين الزيت العنبر / يا أجمل حلم يتجدد تحت النار وتحت القيد / وتحت السوط / ستظل أغنية واحة ماء يتفجر / لماذا أغني وكلّ الشوارع تمزق وجهي / تلسع حبي وتهرب.."..

لا معنى هنا لأن يبقى الشاعر في هذه المساحة أو تلك، مساحة المستقبل، ومساحة الماضي، إذ الهروب لا معنى له وإن كان هروباً مليئاً بالتطلع إلى الشمس، لذلك كان كل هذا الإغراق في الحاضر رغم قسوته وعنفه "الزرع أصفر كالموت أصفر / لماذا أناديك فتهربين / كأوراق الخريف تهربين / أعني على الرقص فوق هاتيك الجبال / لا تحرموني حفنة المطر اللذيذ / فإما أعيش وفي عنقي كل أسماء الشجر / وإما أموت وفي عنقي كل ألحان القتال..".. للخروج نحو طريق الخلاص بشكل لا يقبل بأي قفزات تطوي الزمن لأن القصيدة هنا لا تسمح بمثل هذه القفزات.

يلحظ في هذه الاعترافات للوطن الجميل أنّ المسافة الأكثر قرباً إنّما هي مسافة واقعية ، وهو الواقع الذي يطلب أو يتطلّب العمل على الخلاص من كل ضغطه وضغوطاته. فالشاعر لا يقول بالسعي خلف الحلم حتى آخر المشوار، ولا يقول بإسقاط الحلم وحرقه. من جهة ثانية فالشاعر لا يسعى إلى الالتصاق بدفء الشمس إلى حدّ الاحتراق، ولا يسعى إلى الابتعاد عن الشمس إلى حد الارتعاش، وهكذا يسعى الشاعر إلى إعطاء الصورة ما تستحق من ألوان وخطوط وتفاصيل. لذلك كان الانشداد إلى الحلم والتحول مباشرة إلى ما يحقق هذا الحلم من خلال التطابق مع الواقع والنظر إلى جوانبه وجزئياته وتفاصيله، ثم السير على طريق الخلاص والحرية.

في قصيدة " طريق الشمس" المنشورة بتاريخ 4/10/1988 يأتي صوت الانتفاضة بشكل لا نلحظه في الكثير من القصائد التي كتبت عن الانتفاضة في الوطن المحتل أو خارجه. تقول هذه القصيدة: " لم يعرفوا أين الطريق / لكنهم ساروا / وفي عيونهم بريق / للسماء لون / وللجبال لون / للبحار حدّ / وللسهول حدّ / وللدول والدويلات حدّ / وليس للأحزان في بلادي / يا بلادي حدّ / لم يعرفوا أين الطريق / لكنهم ساروا / وفي جباههم حريق / وفي عيونهم بريق / لكنهم ساروا وساروا / يحملون الشمس والوطن الحياة"..

لا يمكن لهذه القصيدة / وقد أوردت النصَّ كاملاً / أن تقرأ بمعزل عن العنوان "طريق الشمس" لأنه يضعنا أمام طريق معروف واضح الملامح والمعالم رغم ابتداء القصيدة بالقول " لم يعرفوا أين الطريق" وإعادة ذلك قبل نهايتها.. فالشاعر يعرف تماماً أن الطريق الذي سار عليه الشعب لا يمكن أن يكون مجهولاً أو غائم الملامح، لذلك كان هذا البريق في العيون وهذا الحريق في الجباه بما يدل على الإرادة والتصميم والتماسك.

لا بدّ هنا من الوقوف طويلاً أمام هذا الانعطاف الحاد في القصيدة نحو الغنائية الحزينة المرة حين رأى الشاعر أن " ليس للأحزان في بلادي / يا بلادي حدّ ..".. بعد أن تبدت الصورة في القول :" للسماء لون / وللجبال لون / للبحار حدّ / وللسهول حدّ / وللدول والدويلات حدّ / فلماذا لا يكون للحزن في بلادي حدّ."... وكان طبيعياً أن يرى الشعب الفلسطيني أنه لا طريق للخلاص، ولا طريق لإنهاء هذا الحزن، ولا طريق للتواصل مع الفرح، إلا بالبحث عن طريق ينتهي بالوصول إلى الحرية. وطبيعي أن طريق الخلاص كان يتطلب سلاحاً مماثلاً أو مساوياً أو مشابهاً لسلاح الاحتلال، وكان يتطلب قوة عسكرية مساوية أو مشابهة، ولكن أين الطريق إلى ذلك؟؟ فكانت الخطوة على طريق الثورة والتسلح بالحجارة والأدوات البسيطة، بعد غياب الطريق الآخر.

كان الأمر أكثر إلحاحاً من أي انتظار لأن الأحزان قد تراكمت بشكل خانق، ولأن الأرض تسعى إلى الخلاص منذ سنوات، فكانت هذه الخطوة الشعبية العارمة المرتبطة بالتصميم :" لكنهم ساروا وساروا/ يحملون الشمس والوطن الحياة".. ليكون الوصول إلى المغزى القائل إن الطريق الذي اختاره الشعب يؤدي بشكل تلقائي إلى التواصل مع الوطن والحياة، أو مع حرية الوطن، لنكون في نهاية الأمر مع صورة تقول: لقد عرفوا الطريق تماماً.

أخيراً يمكن القول إنّ الشاعر عمر محاميد استطاع أن يعبّر عما أراد بشكل متميز جعلنا نقترب إلى حدّ بعيد من الصور التي رسمها بريشة النثر، لنفهم دفء اللغة وجماليتها من خلال خصوصية تمتع بها وكوّنها في قصيدته. وإذا كانت بعض قصائد المقاومة تتفوق بهذا الجانب أو ذاك عند شعراء آخرين حين يتعاملون مع هذه الموضوعات، فإن ميزة عمر محاميد تنبع من إصراره على شحن قصيدة النثر بجمالية تقربها إلى النفس..

يذكر أن الشاعر من مواليد أم الفحم عام 1956.. سافر سنة 1977 إلى الاتحاد السوفياتي والتحق بكلية الصحافة في جامعة لينينغراد حيث حصل على ماجستير في الصحافة وعاد إلى الوطن عام 1983 والتحق بالجامعة العبرية للحصول على الدكتوراه وهو يعمل في مركز الأبحاث التابع لجامعة بير زيت ويقيم في أم الفحم مدينته.

نشر عمر محاميد قصائده في العديد من صحف ومجلات الوطن المحتل صدر له:

" أزهار فلسطينية في أنشودة الغضب" شعر / 1977.

" طريق المدينة حجارة وصقور" شعر / 1981.


مع التحية


توقيع : أحزان ليل





أحزان ليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-05-03, 12:59 PM   #2
 
الصورة الرمزية دموع القمر

دموع القمر
عضوية متميزة

رقم العضوية : 137
تاريخ التسجيل : Jul 2002
عدد المشاركات : 253
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ دموع القمر

الاخ الكريم أحزان ليل


مجرد اختيارك لهذا الموضوع فهو بحد ذاته تألق وروعة

أحييك لهذه الروعة في الاختيار


تقبل احترامي


دموع القمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-03, 01:04 PM   #3

أحزان ليل
العضوية البرونزية

رقم العضوية : 629
تاريخ التسجيل : Jan 2003
عدد المشاركات : 451
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ أحزان ليل

دموع القمر

تشرفت بحضورك هنا


أشكرك عزيزي على تواجدك



لك كل المنى


توقيع : أحزان ليل





أحزان ليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-03, 10:35 PM   #4
 
الصورة الرمزية حياة

حياة
المراقبة العامة

رقم العضوية : 540
تاريخ التسجيل : Dec 2002
عدد المشاركات : 16,580
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حياة

الشاعر الفلسطيني عمر محاميد

جميل ماقراته عن هذا الشاعر

دوما اختيارك راقي



حياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-03, 02:47 PM   #5
 
الصورة الرمزية ابويافا

ابويافا
سفيـر الشـرق

رقم العضوية : 47
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 1,031
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ ابويافا

.. تحية /






أخي الكريم ،
ربما تأخرت كثيرا


ولكن

جميلة هذا الطلب من شاعر ، فلسطيني

فلماذا لا يكون للحزن في بلادي حدّ




سؤال ،


ويحتاج للتأمل أكثر من الاجابة .



اشكرك


توقيع : ابويافا
.

ابويافا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:21 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)