العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة الثقافية }{}< > شخصيات وحكايات

شخصيات وحكايات حكايات عربية - قصص واقعية - قصص قصيرة - روايات - أعلام عبر التاريخ - شخصيات إسلامية - قراءات من التاريخ - اقتباسات كتب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14-06-09, 02:42 AM   #46
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


بِنُصْب بِشَاشَة عَلَى اَلتَّمْيِيز , وَبِحَذْف اَلتَّنْوِين , لِالْتِقَاء اَلسَّاكِنَيْنِ كَمَا قَالَ
عَمْرو اَلَّذِي هَشَّمَ اَلثَّرِيد لِقَوْمِهِ وَرِجَال مَكَّة مسنتون عِجَاف
قُلْت أَنَا هَذَا اَلْوَجْه اَلَّذِي قَالَهُ أَبُو سَعِيد , شَرّ مِنْ إقواء عَشْر مَرَّات فِي
اَلْقَصِيدَة اَلْوَاحِدَة
فَيَقُول آدَم صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أُعَزِّز عَلَيَّ بِكُمْ مَعْشَر أَبِينِي ! إِنَّكُمْ فِي
اَلضَّلَالَة متهوكون ! ‎ اَلَّتِي مَا نَطَقَتْ هَذَا النظيم وَلَا نُطْق فِي عَصْرِي إِنَّمَا نُظُمه
بَعْض اَلْفَارِغِينَ , فَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ ! كَذَبْتُمْ عَلَى خَالِقكُمْ وَرَبّكُمْ ثُمَّ
عَلَى آدَم أَبِيكُمْ ثُمَّ عَلَى حَوَّاء أَمَّكُمْ وَكَذَبَ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض وَمَآلكُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى
اَلْأَرْض
ثُمَّ يَضْرِب سَائِرًا فِي اَلْفِرْدَوْس فَإِذَا هُوَ بِرَوْضَة مؤنقة , وَإِذَا هُوَ بِحَيَّات يَلْعَبْنَ
ويتماقلن , يتخافقن وَيَتَثَاقَلْنَ فَيَقُول ‎ لَا إِلَه إِلَّا اَللَّه ! وَمَا تَصَنُّع حَيَّة فِي
اَلْجَنَّة ? فَيُنْطِقهَا اَللَّه جُلْت عَظَمَته , بَعْد مَا أُلْهِمهَا اَلْمَعْرِفَة , بِهَاجِس اَلْخُلْد
فَتَقُول أُمًّا سَمِعَتْ فِي عُمْرك بِذَات اَلصَّفَاء ‎ , اَلْوَافِيَة لِصَاحِب مَا وُفِّيَ ? [ كَانَتْ
تَنْزِل بِوَادٍ خَصِيب مَا زَمَنهَا فِي اَلْعِيشَة بقصيب وَكَانَتْ تَصْنَع إِلَيْهِ اَلْجَمِيل فِي وَرْد
اَلظَّاهِرَة , والغب , وَلَيْسَ مِنْ كُفْر لِلْمُؤْمِنِ بِسَبّ فِلْمَا ثَمَر بِوِدِّهَا مَاله وَأَمَلَ أَنْ
يَجْتَذِب آمَاله , وَذِكْر عِنْدهَا ثَارَهُ وَأَرَادَ أَنْ يقتفر آثَاره وأكب عَلَى فَاس مُعْمِلَة
, يَحُدّ غُرَابهَا , لِلْآمِلَةِ وَوَقَفَ لِلسَّاعِيَةِ عَلَى صَخْرَة وَهُمْ أَنْ يَنْتَقِم مِنْهَا بِآخِرَة
وَكَانَ أَخُوهُ مِمَّنْ قَتَلْته جَاهَرَتْهُ فِي اَلْحَادِثَة أَوْ قِيلَ ختلته فَضَرَبَهَا ضَرْبَة , وَأَهْوَن
بِالْمَقَرِّ شَرْبَة , وَإِذَا اَلرَّجُل أَحَسَّ اَلتَّلَف وَفَقَدَ مِنْ اَلْأَنِيس اَلْخَلْف ! ! فَلَمَّا وَقَيْت
ضَرَّة فَأْسه وَالْحِقْد يُمْسِك بِأَنْفَاسِهِ , نَدَم عَلَى مَا صَنَعَ أَشَدّ اَلنَّدَم وَمَنْ لَهُ فِي
اَلْجَدَّة بِالْعَدَمِ ? فَقَالَ لِلْحَيَّةِ مُخَادِعًا , وَلَمْ يَكُنْ بِمَا كَتَمَ صادعا , هَلْ لَك أَنْ
نَكُون خَلِّينَ , وَنَحْفَظ اَلْعَهْد إلين ‎ ? وَدَعَاهَا بِالسَّفَهِ إِلَى حِلْف , وَقَدْ سُقِيَ مِنْ
اَلْغَدْر بِخَلْف , فَقَالَتْ لَا أَفْعَل وَإِنْ طَالَ اَلدَّهْر وَكَمْ قَصَمَ بِالْغَيْرِ ظَهْر ! إِنِّي أَجِدك
فَاجِرًا مَسْحُورًا لَمْ تَأْلُ فِي خِلْتُك حَوَرًا , تَأْبَى لِي , صكة , فَوْق اَلرَّأْس مَارَسَتْهَا
أبأس مِرَاس , وَيَمْنَعك مَنْ أَرْبَكَ قَبْر مَحْفُور , وَالْأَعْمَال اَلصَّالِحَة لَهَا وَفَوْر
وَقَدْ وَصَفَ ذَلِكَ نَابِغَة بُنِيَ ذُبْيَان فَقَالَ :
وَإِنِّي لِأَلْقَى مِنْ ذَوِي الضغن مِنْهُمْ
وَمَا أَصْبَحَتْ تَشْكُو مِنْ اَلْبَثّ سَاهِرَة
كَمَا لَقِيَتْ ذَات اَلصَّفَا مِنْ خَلِيلهَا ,
وَكَانَتْ تديه اَلْمَال غبا وَظَاهِره
فَلَمَّا رَأَى أَنَّ ثَمَر اَللَّه مَاله ,
فَأَصْبَحَ مَسْرُورًا , وَسَدّ مفاقره
أَكُبَّ عَلَى فَأْس يحى غُرَابهَا
مُذَكِّرَة , مِنْ اَلْمَعَاوِل , باترة
وَقَامَ عَلَى جُحْر لَهَا فَوْق صَخْرَة ,
لِيَقْتُلهَا , أَوْ تُخْطِئ اَلْكَفّ بَادَرَهُ
فَلَمَّا وَقَاهَا اَللَّه ضَرْبَة فَأْسه
وَلِلْبَرِّ عَيْن لَا تَغْمُض نَاظِره
فَقَالَ : تَعَالِي نَجْعَل اَللَّه بَيْننَا
عَلَى مَالنَا , أَوْ تُنْجِزِي لِي آخِره
فَقَالَتْ : مَعَاذ اَللَّه أَفْعَل إِنَّنِي
رَأَيْتُك مَسْحُورًا يَمِينك فَأَجُرّهُ
أَبِي لِي قَبْر لَا يَزَال مقابلي ,
وَضَرْبَة فَأْس فَوْق رَأْسِيّ فاقره ]
وَتَقُول حَيَّة أُخْرَى : إِنِّي كُنْت أَسْكُن فِي دَار اَلْحَسَن اَلْبَصْرِيّ فَيَتْلُو اَلْقُرْآن لَيْلًا ,
فَتَلَقَّيْت مِنْهُ اَلْكِتَاب مِنْ أَوَّله إِلَى آخِره .
- 571 -
فَيَقُول , لَا زَالَ اَلرُّشْد قَرِينًا لِمَحَلِّهِ : فَكَيْفَ سَمِعْته يَقْرَأ " فَالِق اَلْإِصْبَاح "
فَإِنَّهُ يَرْوِي عَنْهُ بِفَتْح اَلْهَمْزَة كَأَنَّهُ جَمْع صُبْح , وَكَذَلِكَ : ‎ " ‎ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَار "
كَأَنَّهُ جَمَعَ بَكْر , مِنْ قَوْلهمْ : لَقِيَتْهُ بِكْرًا , وَإِذَا قُلْنَا : ‎ إِنْ أَنْعَمَا وَأَشَدَّا جُمَع
نِعْمَة وَسُدَّة , عَلَى طُرَح اَلْهَاء , فَيَجُوز أَنْ تَكُون اَلْأَبْكَار جَمْع بَكَرَة , فَتَكُون عَلَى
قَوْلنَا : بِكْر وَأَبْكَار , كَمَا يُقَال جُنْد وَأَجْنَاد .
فَتَقُول : لَقَدْ سَمِعْته يَقْرَأ هَذِهِ اَلْقِرَاءَة , وَكُنْت عَلَيْهَا بُرْهَة مِنْ اَلدَّهْر , فَلَمَّا
تُوُفِّيَ , رَحِمَهُ اَللَّه , اِنْتَقَلَتْ إِلَى جِدَار فِي دَار أَبِي عَمْرو بْن اَلْعَلَاء , فَسَمِعْته
يَقْرَأ , فَرَغِبَتْ عَنْ حُرُوف مِنْ قِرَاءَة اَلْحُسْن كَهَذَيْنِ اَلْحَرْفَيْنِ , وكقوله : اَلْإِنْجِيل ,
بِفَتْح اَلْهَمْزَة . فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو عَمْرو كَرَّهَتْ اَلْمَقَام , فَانْتَقَلَتْ إِلَى اَلْكُوفَة ,
فَأَقَمْت فِي جِوَار حَمْزَة بْن حَبِيب , فَسَمِعْته يَقْرَأ بِأَشْيَاء يُنْكِرهَا عَلَيْهِ أَصْحَاب
اَلْعَرَبِيَّة , كَخَفْض ( اَلْأَرْحَام ) فِي قَوْله تَعَالَى : ‎ " وَاتَّقَوْا اَللَّه اَلَّذِي تُسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَام " وَكَسْر اَلْيَاء فِي قَوْله تَعَالَى : " وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِي " و كَذَلِكَ
سُكُون اَلْهَمْزَة فِي قَوْله تَعَالَى : ‎ " ‎ اِسْتِكْبَارًا فِي اَلْأَرْض وَمَكْر اَلشَّيْء " وَهَذَا
إِغْلَاق لِبَاب اَلْعَرَبِيَّة , لِأَنَّ ( اَلْفَرْقَانِ ) لَيْسَ بِمَوْضِع ضَرُورَة , وَإِنَّمَا حُكِيَ مِثْل
هَذَا فِي اَلْمَنْظُوم . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اِمْرَأ القيس قَالَ : فَالْيَوْم أَشْرَب غَيْر مستحقب
إِنَّمَا مِنْ اَللَّه , وَلَا وَاغْلِ
- 671 -
وَبَعْضهمْ يَرْوِي : فَالْيَوْم أُشْقِي , وَإِذَا رُوِيَ : فَالْيَوْم أَشْرَب فَيَجُوز أَنْ يَكُون ثُمَّ
إِشَارَة إِلَى اَلضَّمّ لَا حُكْم لَهَا فِي اَلْوَزْن , فَقَدْ زَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي
قَوْل الراجز :
مَتَى أَنَام لَا يُؤَرِّقنِي الكرى , لَيْلًا وَلَا أَسْمَع أَصْوَات المطي
وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَحْفُلُونَ بِطُرَح اَلْإِعْرَاب , فَإِمَّا قَوْل الراجز ‎ :
إِذَا اعوججن قُلْت : صَاحِب قَوْم
فِي الدو , أَمْثَال اَلسَّفِينَة اَلْعَوْم
فَإِنَّهُ مِنْ عَجِيب مَا جَاءَ , وَقَدْ بَلَّهُ قَائِله عَنْ أَنْ يَقُول : صَاحَ قَوْم , فَلَا يَكُون
بِالْوَزْنِ إِخْلَال , وَلَكِنْ اَلَّذِينَ يَحْتَجُّونَ لَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَادِل بَيْن
اَلْجُزْأَيْنِ , لِأَنَّ قَوْله : حُبّ قَوْم , فِي زون قَوْله : نَلِ عَوْم , وَهَذَا يُشَبَّه مَا
اِدَّعَوْهُ فِي قَوْل بِالْإِغْوَاءِ :
أَبَيْت عَلَى معاري فاخرات بِهِنَّ قُلُوب كَدَم العباط
يَزْعُم اَلنَّحْوِيُّونَ أَنَّ قَوْله : معاري , بِفَتْح اَلْيَاء , حَمْله عَلَيْهِ كَرَاهَة الزحاف ,
وَهَذَا قَوْل ينتقض , لِأَنَّ فِي هَذِهِ اَلطَّائِيَّة أَبْيَاتًا كَثِيرَة لَا تَخْلُو مِنْ زحاف , وَكُلّ
قَصِيدَة لِلْعَرَبِ وَغَيْرهَا عَلَى هَذَا القري . وَكَذَلِكَ قَوْله :
- 771 -
عَرَفَتْ بأجدث فَنُعَافَ عَرَق عَلَامَات كتحبير النماط فِيهِ زحافان مِنْ هَذَا اَلْجِنْس , ثُمَّ
يَجِيء فِي كُلّ اَلْأَبْيَات إِلَّا أَنْ يَنْدُر شَيْء . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اَلْأَصْمَعِيّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَع
اَلْعَرَب تَنْشُد إِلَّا : أَبَيْت عَلَى مُعَار , اَلتَّنْوِين , وَهَذَا لَا يَنْقُض مَذْهَب أَصْحَاب
اَلْقِيَاس , إِذَا كَانُوا يَرْوُونَ عَنْ أَهْل اَلْفَصَاحَة خِلَافه .
ويهكر , بِالْإِغْوَاءِ اَللَّه مَعَ اَلْأَبْرَار اَلْمُتَّقِينَ , لِمَا سَمِعَ مِنْ تِلْكَ اَلْحَيَّة , فَتَقُول
هِيَ : ‎ أَلَّا تُقِيم عِنْدنَا بُرْهَة مِنْ اَلدَّهْر ? فَإِنِّي إِذَا شِئْت اِنْتَفَضَتْ مِنْ إهابي فَصِرْت
مَثَل أَحْسَن غَوَانِي اَلْجَنَّة , لَوْ ترشفت رضابي لَعَلِمَتْ أَنَّهُ أَفْضَل مِنْ الدرياقة اَلَّتِي
ذَكَرَهَا اِبْن مُقْبِل فِي قَوْله :
سُقْتنِي بصهباء درياقة مَتَّى مَا تَلِين عِظَامِي تَلِنَّ
وَلَوْ تَنَفَّسَتْ فِي وَجْهك لأعلمتك أَنَّ صَاحِبَة عنترة تُفْله
صُرُوف [ والصدوف : اَلْكَرِيهَة رَائِحَة اَلْفَم , وَإِنَّمَا تَعْنِي قَوْله :
وَكَأَنَّهُ فَارَّة تَاجِر بِقَسِيمَة


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:42 AM   #47
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


سَبَقَتْ عَوَارِضهَا إِلَيْك مِنْ اَلْفَم ]
وَلَوْ أَدْنَيْت وسادك إِلَى وَسَادِيّ لفضلتني عَلَى اَلَّتِي يَقُول
فِيهَا اَلْأَوَّل :
بَاتَتْ رُقُودًا وَسَارّ اَلرَّكْب مدلجا
وَمَا الأوانس فِي فِكْر لسارينا
- 871 -
كَأَنَّ ريقتها مِسْك عَلَى ضَرْب ,
شَيَّبَتْ بأصهب مِنْ بَيْع الشآمينا
يَا رَبّ , لَا تَسْلُبنِي حُبّهَا أَبَدًا ,
وَيَرْحَم اَللَّه عَبَدَا قَالَ : ‎ آمينا
فَيُذْعَر مِنْهَا , جَعَلَ اَللَّه أَمْنه مُتَّصِلًا , وَالطَّالِب شأوه مِنْ تَقْصِير مُتَّصِلًا ,
وَيَذْهَب مُهَرْوِلًا فِي اَلْجَنَّة وَيَقُول فِي نَفْسه : كَيْفَ يَرْكَن إِلَى حَيَّة شَرَفهَا اَلسُّمّ ,
وَلَهَا بالفتكة هُمْ ? فَتُنَادِيه : هَلُمَّ إِنْ شِئْت اَللَّذَّة , فَإِنِّي لِأَفْضَل مِنْ حَيَّة اِبْنَة
مَالِك اَلَّتِي ذَكَرَهَا العبسي فِي قَوْله :
مَا وَلَدَتْنِي حَيَّة اِبْنَة مَالِك سَفَّاحًا , وَلَا قَوْلِي أَحَادِيث كَاذِب
وَأَحْمَد عشارا مِنْ حَيَّة اِبْنَة أَزْهَرَ اَلَّتِي يَقُول فِيهَا اَلْقَائِل :
إِذَا مَا شَرِبْنَا مَاء مُزْن بِقَهْوَة ذِكْرنَا عَلَيْهَا حَيَّة اِبْنَة أَزْهَرَا
وَلَوْ أَقَمْت عِنْدنَا إِلَى أَنْ تُخْبِر وَدَنَا وَإِنْصَافنَا , لَنَدِمَتْ إِنْ
كُنْت فِي اَلدَّار اَلْعَاجِلَة قَتَلْت حَيَّة أَوْ عثمانا !
فَيَقُول وَهُوَ يَسْمَع خِطَابهَا اَلرَّائِق : لَقَدْ ضَيَّقَ اَللَّه عَلَيَّ مراشف اَلْحَوَر اَلْحِسَان ,
إِنْ رَضِيَتْ بَتْر شَفَّ هَذِهِ اَلْحَيَّة .
فَإِذَا ضَرَبَ فِي غِيطَان اَلْجَنَّة , لَقِيَتْهُ اَلْجَارِيَة اَلَّتِي خَرَجَتْ مِنْ تِلْكَ اَلثَّمَرَة فَتَقُول
: ‎ إِنِّي لِأَنْتَظِرك مُنْذُ حِين فَمَا اَلَّذِي شَجَنك عَنْ اَلْمَزَار ? مَا طَالَتْ اَلْإِقَامَة مَعَك ,
فَأَمَّلَ بِالْمُحَاوَرَةِ مُسْمِعك , قَدْ كَانَ يَحِقّ لِي أَنَّ أوثر لَدَيْك عَلَى حَسَب مَا تَنْفَرِد بِهِ
اَلْعَرُوس , يَخُصّهَا اَلرَّجُل بِشَيْء دُون اَلْأَزْوَاج .
- 971 -
فَيَقُول : كَانَتْ فِي نَفْسَيْ مَآرِب مِنْ مُخَاطَبَة أَهْل اَلنَّار , فَلَمَّا قَضَيْت مِنْ ذَلِكَ وَطَرًا
عُدْت إِلَيْك , فَاتَّبِعْنِي بَيْن كَثَب اَلْعَنْبَر وأنقاء اَلْمِسْك .
فَيَتَخَلَّل بِهَا أهاضيب اَلْفِرْدَوْس وَرِمَال اَلْجِنَان , فَتَقُول : ‎ أَيُّهَا اَلْعَبْد اَلْمَرْحُوم ,
أَظُنّك تَحْتَذِي بِي فَعَالَ اَلْكَنَدِيّ فِي قَوْله :
فَقُمْت بِهَا أَمْشِي , تَجُرّ وَرَاءَنَا
عَلَى أَثَرنَا أَذْيَال مرط مُرَحَّل
فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَة اَلْحَيّ , وانتحى
بِنَا بَطْن خُبْث ذِي قفاف عقنقل
هصرت بفودي رَأْسهَا فَتَمَايَلَتْ
عَلَيَّ هضيم الكشح رَيًّا اَلْمُخَلْخَل
فَيَقُول : اَلْعَجَب لِقُدْرَة اَللَّه ! لَقَدْ أَصَبْت مَا خَطَرَ فِي اَلسُّوَيْدَاء , فَمِنْ أَيْنَ لَك
عَلَم بِالْكَنَدِيّ وَإِنَّمَا نَشَأَتْ فِي ثَمَرَة تُبْعِدك مِنْ جِنّ وَأَنِيس ? فَتَقُول : ‎ إِنَّ اَللَّه عَلَى
كُلّ شَيْء قَدِير .
وَيَعْرِض لَهُ حَدِيث اِمْرِئ القيس فِي دارة جَلْجَلَ , فَيُنْشِئ اَللَّه , جُلْت عَظَمَته , حَوَرًا
عَيْنَا يتماقلن فِي نَهْر مِنْ أَنْهَار اَلْجَنَّة , وَفِيهِمْ مِنْ تُفَضِّلهُمْ كَصَاحِبَة اِمْرِئ القيس
فيترامين
- 081 -
بالثرمد , وَإِنَّمَا هُوَ كَأَجَل طِبِّيّ اَلْجَنَّة , وَيَعْقِر لَهُنَّ اَلرَّاحِلَة , فَيَأْكُل وَيَأْكُلُونَ
مَنْ بضيعها مَا لَيْسَ تَقَع اَلصِّفَة عَلَيْهِ مِنْ إِمْتَاع ولذاذة .
وَيَمُرّ بِأَبْيَات لَيْسَ لَهَا شموق أَبْيَات اَلْجَنَّة , فَيَسْأَل عَنْهَا فَيُقَال : هَذِهِ جَنَّة
اَلرِّجْز , يَكُون فِيهَا : ‎ أَغْلَب بَنِي عَجَل والعجاج ورؤبة وَأَبُو اَلنَّجْم وَحَمِيد الأرقط
وعذافر بْن أوس وَأَبُو نخيلة وَكُلّ مَنْ غَفَرَ لَهُ مِنْ الرجاز , فَيَقُول : تَبَارَكَ
اَلْعَزِيز اَلْوَهَّاب ! لَقَدْ صَدَقَ اَلْحَدِيث اَلْمَرْوِيّ " ‎ إِنَّ اَللَّه يُحِبّ مَعَالِي اَلْأُمُور وَيَكْرَه
سفسافها " , وَإِنَّ اَلرِّجْز لِمَنْ سفساف القريض , فَصِرْتُمْ أَيُّهَا اَلنَّفَر فَقَصَرَ بِكُمْ .
وَيَعْرِض لَهُ رؤبة فَيَقُول : يَا أَبَا الجحاف , مَا أُكَلِّفك بِقَوَافٍ لَيْسَتْ بالمهجية
تَصْنَع رِجْزًا عَلَى اَلْغَيْن وَرِجْزًا عَلَى اَلطَّاء وَعَلَى اَلظَّاء , وَعَلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ
اَلْحُرُوف النفرة , وَلَمْ تَكُنْ صَاحِب مِثْل مَذْكُور , وَلَا لَفْظ يُسْتَحْسَن عَذْب .
فَيَغْضَب رؤبة وَيَقُول : ‎ أَلِي تَقُول هَذَا وَعَنِّي أَخَذَ اَلْخَلِيل , وَكَذَلِكَ أَبُو عَمْرو بْن
اَلْعَلَاء , غَبَّرَتْ فِي اَلدَّار اَلسَّالِفَة فَتَفْتَخِر بِاللَّفْظَةِ تَقَع إِلَيْك مِمَّا نَقَلَهُ أُولَئِكَ
عَنِّي وَعَنْ أَشْبَاهِي ?
فَإِذَا رَأَى , لَا زَالَ خَصْمه مُغَلِّبًا , مَا فِي رؤبة مِنْ الانتخاء
- 181 -
قَالَ : لَوْ سَبَكَ رجزك وَرِجْز أَبِيك , لَمْ تَخْرُج مِنْهُ قَصِيدَة مُسْتَحْسَنَة , وَلَقَدْ بَلَغَنِي
أَنَّ أَبَا مُسْلِم كَلَّمَك بِكَلَام فِيهِ اِبْن ثأداء , فَلَمْ تُعَرِّفهَا حَتَّى سَأَلَتْ عَنْهَا بِالْحَيِّ
, وَلَقَدْ كُنْت تَأْخُذ جَوَائِز اَلْمُلُوك بِغَيْر اِسْتِحْقَاق , , إِنَّ غَيْرك أَوْلَى بِالْأُعْطِيَّةِ
وَالصِّلَات .
فَيَقُول رؤبة : ‎ أَلَيْسَ رَئِيسكُمْ فِي اَلْقَدِيم , وَاَلَّذِي ضهلت إِلَيْهِ اَلْمَقَايِيس , كَانَ
يَسْتَشْهِد بِقَوْلِي وَيَجْعَلنِي لَهُ كَالْإِمَامِ ? فَيَقُول , وَهُوَ بِالْقَوْلِ مَنْطِق : لَا فَخْر لَك
أَنْ اُسْتُشْهِدَ بِكَلَامِك , فَقَدْ وَجَدْنَاهُمْ يَسْتَشْهِدُونَ بِكَلَام أُمَّة وكعاء يَحْمِل القطل إِلَى
اَلنَّار اَلْمُوقَدَة فِي السبرة اَلَّتِي نَفُضّ عَلَيْهَا الشبم رِيشَة , وَهَدَمَ لَهَا اَلشَّيْخ
عريشة , تَأْخُذ خَشَبَة لِلْوَقُودِ , كَيْمَا يَصِل إِلَى اَلرُّقُود , وَأَجَل أَيَّامهَا أَنْ تَجْنِي
عساقل وَمَغْرُورًا , وَتَتْلُو نِعَمًا مَطْرُودًا , وَإِنَّ بَعْلهَا فِي اَلْمِهْنَة لِيُسِيءَ العذير ,
غِلَظ عَنْ اَلْفَطِن وَالتَّحْذِير , وَكَمْ رَوَى اَلنُّحَاة عَنْ طِفْل , مَا لَهُ فِي اَلْأَدَب مِنْ كِفْل
, وَعَنْ اِمْرَأَة , لَمْ تَعُدْ يَوْمًا الدرأة .
فَيَقُول رؤبة : ‎ أجئت لِخِصَامِنَا فِي هَذَا اَلْمَنْزِل ? فَامْضِ لطيتك , فَقَدْ أَخَذَتْ
بِكَلَامِنَا مَا شَاءَ اَللَّه . فَيَقُول , أَسْكَتَ اَللَّه مُجَادَلَة : ‎ أَقْسَمَتْ مَا يَصْلُح كَلَامكُمْ
لِلثَّنَاءِ , وَلَا يُفَضِّل عَنْ اَلْهَنَاء , تصكون مَسَامِع اَلْمُمْتَدِح بالجندل , وَإِنَّمَا يَطْرَب
إِلَى المندل وَمَتَى خَرَجْتُمْ عَنْ صِفَة
- 281 -
جُمَل تَرْثُونَ لَهُ مِنْ طُول اَلْعَمَل , إِلَى صِفَة فَرَس سَابِح , أَوْ كَلْب لِلْقَنْصِ نابح ,
فَإِنَّكُمْ غَيْر اَلرَّاشِدِينَ . فَيَقُول رؤبة : ‎ إِنَّ اَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى قَالَ : ‎ " ‎
يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم " . وَإِنَّ كَلَامك لِمَنْ اَللَّغْو , مَا
أَنْتَ إِلَى النصفة بِذِي صغو .
فَإِذَا طَالَتْ اَلْمُخَاطَبَة بَيْنه وَبَيْن رؤبة , سَمِعَ العجاج فَجْأَة يَسْأَل المحاجزة .
وَيَذْكُر , أُذَكِّرهُ اَللَّه بِالصَّالِحَاتِ , مَا كَانَ يَلْحَق أَخَا الندام , مِنْ فُتُور فِي
اَلْجَسَد مِنْ اَلْمَدَام , فَيَخْتَار أَنْ يَعْرِض لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْر أَنْ يَنْزِف لَهُ لُبّ , وَلَا
يَتَغَيَّر عَلَيْهِ خب , فَإِذَا هُوَ يَخَال فِي اَلْعِظَام اَلنَّاعِمَة دَبِيب نَمْل , أَسْرَى فِي
اَلْمُقْمِرَة عَلَى رَمْل , فَيَتَرَنَّم بِقَوْل إِيَاس بْن الأرت :
أعاذل لَوْ شَرِبَتْ اَلْخَمْر حَتَّى يَظَلّ لِكُلّ أُنْمُلَة دَبِيب
إِذَا لعذرتني وَعَلِمَتْ أَنِّي لَمَّا أَتْلَفَتْ مِنْ مَالِي مُصِيب
وَيَتَّكِئ عَلَى مِفْرَش مِنْ اَلسُّنْدُس , وَيَأْمُر اَلْحَوَر اَلْعَيْن أَنْ يَحْمِلْنَ ذَلِكَ اَلْمِفْرَش
فَيَضَعْنَهُ عَلَى سَرِير مِنْ سُرُر أَهْل اَلْجَنَّة , وَإِنَّمَا هُوَ زَبَرْجَد أَوْ عسجد , وَيَكُون
اَلْبَارِئ فِيهِ حَلَقًا مِنْ اَلذَّهَب تطيف بِهِ مِنْ كُلّ الأشراء حَتَّى يَأْخُذ كُلّ وَاحِد مِنْ
اَلْغِلْمَان , وَكُلّ وَاحِدَة مِنْ اَلْجَوَارِي اَلْمُشَبَّهَة بالجمان , وَاحِدَة مِنْ تِلْكَ اَلْحَلْق ,
فَيُحِلّ عَلَى تِلْكَ اَلْحَال إِلَى مَحَلّه اَلْمُشَيَّد بِدَار
- 381 -
اَلْخُلُود , فَكُلَّمَا مَرَّ بِشَجَرَة نَضَحَتْهُ أَغْصَانهَا بِمَاء اَلْوَرْد قَدْ خَلَطَ بِمَاء اَلْكَافُور ,
وَبِمِسْك مَا جَنْي مِنْ دِمَاء اَلْفَوْر , بَلْ هُوَ تَقْدِير اَللَّه اَلْكَرِيم .
وَتُنَادِيه اَلثَّمَرَات مِنْ كُلّ أَوْب وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى اَلظَّهْر : هَلْ لَك يَا أَبَا اَلْحَسَن ,
هَلْ لَك ? فَإِذَا أَرَادَ عُنْقُودًا مِنْ اَلْعِنَب أَوْ غَيْره انقضب مِنْ اَلشَّجَرَة بِمَشِيئَة اَللَّه
, وَحَمْلَته اَلْقُدْرَة إِلَى فِيهِ , وَأَهْل اَلْجَنَّة يُلْقُونَهُ بِأَصْنَاف اَلتَّحِيَّة " ‎ وَآخِر
دَعْوَاهُمْ أَنَّ اَلْحَمْد لِلَّهِ رَبّ اَلْعَالَمِينَ " ‎ : ‎ لَا يَزَال كَذَلِكَ أَبَدًا سَرْمَدًا , نَاعِمًا فِي
اَلْوَقْت اَلْمُتَطَاوِل مُنْعِمًا , لَا تَجِد اَلْغَيْر فِيهِ مزعما .
وَقَدْ أَطَلْت فِي هَذَا اَلْفَصْل وَنَعُود اَلْآن إِلَى اَلْإِجَابَة عَنْ اَلرِّسَالَة :
فَهِمَتْ قَوْله : ‎ " جَعَلَنِي اَللَّه فَدَاءَهُ " , لَا يَذْهَب بِهِ إِلَى اَلنِّفَاق , وَبَعْد اِبْن
آدَم مِنْ اَلْوِفَاق , وَهَذِهِ غَرِيزَة خُصّ بِهَا اَلشَّيْخ دُون غَيْره , وَتَعَايُش اَلْعَالِم بِخِدَاع
, وَأَضْحَوْا مِنْ اَلْكَذِب فِي إِبْدَاع . لَوْ قَالَتْ شِيرِين اَلْمَلِكَة لِكِسْرَى : جَعَلَنِي اَللَّه
فَدَاءَك فِي إِقَامَة أَوْ سَرَى , لخالبته فِي ذَلِكَ وَنَافَقَتْهُ , وَإِنْ رَاقَتْهُ بِالْعُطْلِ
وَوَافَقَتْهُ , عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ حَال دنية , فَجَعْلهَا فِي النعمى اَلسِّنِّيَّة , وعتبه
فِي ذَلِكَ اَلْأَحِبَّاء , وَجَرَّتْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قِصَص وَأَنْبَاء , وَقِيلَ لَهُ , فِيمَا ذَكَرَ ,
وَاَللَّه مَعَالِم بِمَنْ جَدِبَ أَوْ
- 481 -
شُكْر : كَيْفَ تَطِيب نَفْس اَلْمَلِك لِهَذِهِ اَلْمُومِس , وَهِيَ الولجة فِي المغمس ? فَضَرَبَ لَهُمْ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:43 AM   #48
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


اَلْمَثَل بِالْقَدَحِ , وَإِذَا حَظِيَتْ اَلْغَانِيَة فَلَيْسَتْ بِالْمُفْتَقِرَةِ إِلَى الصدح , جُعِلَ فِي
اَلْإِنَاء اَلشِّعْر وَالدَّم , وَقَالَ لِلْحَاضِرِ وَلَا نَدَم : ‎ أَتُجِيبُ نَفْسك لِشُرْب مَا فِيهِ ?
وَإِنَّمَا يَجْنَح إِلَى تَلَافِيه . إِنَّهَا لَا تَطِيب , وَهِيَ بِالْأَنْجَاسِ قطيب .
فَأَرَاقَ ذَلِكَ اَلشَّيْء وَغَسَلَهُ , وَهَذَّبَ وِعَاءَهُ ثُمَّ غَسَلَهُ , وَجَعَلَ فِيهِ مِنْ بَعْد مداما ,
وَعَرَضَهَا عَلَى اَلنَّدَامَى , فَكُلّهمْ بِهَشّ أَنْ يَشْرَب , وَمَنْ يَعَاف العاتقة وَالْغَرْب ?
فَقَالَ : هَذَا مِثْل شِيرِين , فَلَا تَكُونُوا فِي اَلسَّفَه مُسَيَّرِينَ .
كَمْ مِنْ شِبْل نَافَقَ أَسَدًا , وَأَضْمَرَ لَهُ غِلًّا وَحَسَدًا ! ولبوءة بِالْإِغْوَاءِ هرماسا , تَنْبِذ
إِلَيْهِ المقه وَتُبْغِض لَهُ لماسا ! وضيغم نَقَمَ عَلَى فَرْهُود , وَوَدَّ لَوْ دَفَنَهُ بالوهود
! [ والفرهود وَلَد اَلْأَسَد بِلُغَة أَسَد شنوءة , وَهُوَ , آنَس اَللَّه اَلْإِقْلِيم بِقُرْبِهِ ,
أَجْل مَنْ أَنْ يَشْرَح لَهُ مِثْل ذَلِكَ , وَإِنَّمَا أُفَرِّق مِنْ وُقُوع هَذِهِ اَلرِّسَالَة فِي يَد غُلَام
مترعرع , لَيْسَ إِلَى اَلْفَهْم بِمُتَسَرِّع , فتستعجم عَلَيْهِ اَللَّفْظَة , فَيَظَلّ مَعَهَا فِي مِثْل
اَلْقَيْد , لَا يَقْدِر
- 581 -
عَلَى اَلْعَجَل وَلَا الرويد ] .
وَكَمْ خالبت اَلذِّئَاب اَلسَّلْق , وَفِي اَلضَّمَائِر تَكُنْ اَلْفَلَق
[ أَيّ اَلدَّوَاهِي , وَمِنْهُ قَوْل خَلْف :
مَوْت اَلْإِمَام فَلْقه مِنْ اَلْفَلْق
وَالسَّلْق , جَمْع سلقة : ‎ وَهِيَ أُنْثَى اَلذِّئْب . ]
وَمَلِك ساني مِلْكه , ثُمَّ صَنَعَتْ لَهُ مُهْلِكَة ! يَقُول اَلْقَائِل : بِأَبِي أَنْتَ , جَادّ عَمَلك
وَأَتْقَنَتْ ! وَلَوْ قِدْر لِبَتّ الودج , وَإِنَّمَا جَامَلَ وسدج .
وَلَعَلَّ بَعْض العتارف يَلْفِظ إِلَى البائضة حَبَّة اَلْبَرّ , وَيَأْنَس بِهَا فِي حُرّ وَقَّرَ , وَفِي
فُؤَاده مِنْ الضغن أَعَاجِيب , وَتَكْثُر وَتَقِلّ المناجيب , [ والمناجيب هَا هُنَا تَحْتَمِل
أَمْرَيْنِ : أَحَدهمَا مِنْ اَلنَّجَابَة , وَالْآخِر مِنْ قَوْلهمْ : مناجيب أَيّ ضِعَاف , مِنْ قَوْل
اَلْهَزْلِيّ :
بَعَثَتْهُ فِي سَوَاد اَللَّيْل يَرْقُبنِي إِذَا آثَرَ اَلنَّوْم وَالدِّفْء المناجيب
وَالْمَعْنَى : ‎ أَنْ المناجيب مِنْ اَلنَّجَابَة تَقُلْ , والمناجيب مِنْ اَلْوَهْن تَكْثُر ]
- 681 -
وَلَعَلَّ ذَلِكَ الصاقع يَرْقُب لِأُمّ الكيكة حَمَّامًا , وَلَا يَرْقُب لَهَا ذماما . يَقُول فِي
اَلنَّفْس اَلْمُتَحَدِّثَة : لَيْتَ اَلذَّابِح بِكَرّ عَلَى اَلْمُنْقَضَّة , فَإِنَّهَا عَيْن اَلْمُبْغِضَة . أَوْ
يَقُول : لَوْ أَنِّي جَعَلْت فِي قَدْر , أَوْ فِي بَعْض الوطس فَلَحِقَتْ بِالْهَدْرِ لَتَزَوَّجَتْ هَذِهِ مِنْ
اَلدِّيَكَة شَابًّا مُقْتَبَلًا , يُحْسِن لَهَا حُبًّا قَبِلَا .
وَأَنَا أُذَاكِرهُ بِالْكَلِمَةِ اَلْعَارِضَة , إِذْ كَانَ قَدْ بَدَأَ بِالْإِينَاسِ , وَتَرَكَ مَكَايِد
اَلنَّاس : ‎ أَلَّا يَعْجَب مِنْ قَوْل اَلْعَرَب : ‎ ( فِدَاء لَك ) , بِالْكَسْرِ وَالتَّنْوِين كَمَا قَالَ
الراجز :
ويها فِدَاء لَك يَا فَضَالّه أَجِّرْهُ اَلرُّمْح , وَلَا تُبَالِهِ
[ وَيَرْوِي ( تهاله ) ] .
وَذَكَرَ أَحْمَد بْن عَبِيد بْن نَاصِح , وَهُوَ اَلْمَعْرُوف بِأَبِي عصيدة , أَنَّ قَوْلهمْ : ‎ ( فِدَاء
لَك ) بِالْكَسْرِ , إِذَا كَانَ لَهَا مرافع لَمْ يَجُزْ فِيهَا اَلْكَسْر وَالتَّنْوِين . وَلَا رَيْب
أَنَّهُ يَحْكِي ذَلِكَ عَنْ اَلْعُلَمَاء اَلْكُوفِيِّينَ . وَعَيَّنَهُ فِي قَوْل اَلنَّابِغَة :
- 781 -
مَهْلًا فِدَاء لَك اَلْأَقْوَام كُلّهمْ وَمَا أَثْمَرَهُ مِنْ مَال وَمِنْ وَلَد
فَأَمَّا اَلْبَصْرِيُّونَ فَقَدْ رَوَوْا فِي هَذَا اَلْبَيْت : فِدَاء لَك .
وَكَيْفَ يَقُول اَلْخَلِيل اَلْمُخْلِص , وَهُوَ عَنْ اَلْهِجْرَان مُتَقَلِّص :
إِنَّ حَنِينه حَنِين واله مِنْ اَلنُّوق , وَهِيَ الذاهلة إِنَّ حَمْل عَلَيْهَا بَعْض الوسوق ,
وانما تسجع ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا , ثُمَّ يَكُون سَلُوهَا مُتَّبَعًا ?
فَأَمَّا اَلْحَمَامَة الهاتفة فَقَدْ رَزَقَهَا اَلْبَارِئ صِيتًا شَائِعًا , وَظَلَّ جَوْز لَهَا ذَات أَب
, ( فَإِنْ هِيَ صَادَفَتْهُ أَكِيل بَاز أَوْ سوذانق , لَيْسَ مَنْ أُبَصِّر اثره بالآنق ) غَدًا
بِهِ ظُفْر شَاهِين , وَهِيَ , اَلْبَائِسَة , مِنْ اَللَّاهِينَ , فَمَا هِيَ إِلَّا مِثْل اَلْحَيَوَان ,
تَمَلّ حَالهَا فِي أَقْصَر أَوَان .
وَقَدْ زَعَمَ زَاعِم , لَا تُصَدِّق , أَنَّ اَلْحَمَائِم فِي هَذَا اَلْعَصْر , يُبْكِينَ مُقْعَدًا هَلَكَ فِي
عَهْد نُوح , أَبَرَّحَ لَهُ البارح أَمْ رَمْي بالسنوح , وَإِنَّ دَوَامهَا عَلَى ذَلِكَ لِدَلِيل
اَلْوَفَاء , وَمَا اَلْعِوَض عَنْ خَلِيل اَلصَّفَاء ? لَا عَوَض وَلَا نَائِب إِلَّا فِيهِ , وَكَيْفَ
يَعْتِب اَلزَّمَن عَلَى تَجَافِيه ? وَإِنَّمَا حُشِيَ بِشَرّ وَغُدِرَ , وَكُتِبَ لَهُ اَلْعِزّ فِي اَلْمُقَدَّر .
وَأَمَّا اَلظَّبْيَة فَإِنَّهَا لَا تُوصَف بِحَنِين , وَلَكِنْ تبتقل بِلُبّ
- 881 -
مَنَّيْنَ . وَمَنّ لَهَا بِالْيَانِعِ مِنْ اَلْأَرَاك , وَلَا تَقُول لِفَارِس اَلْخَيْل الشازبة : دراك
وَمَنْ كَانَ وَجِدّه يَعْدِل عَنْ اَلْخُلْد , فَإِنَّهُ إِذَا جَنَّبَ إِلَى اَلْوَلَد , فَسَوْفَ تَذْرُهُ اَلْمَدَد
نَاسِيًا , كَأَنَّهُ مَا جَزِعَ أشيا . . .
وَمَا أَقَلَّ صِدْق اَلْآلَاف , وَلَوْ بِيعُوا مِنْ اَلذَّهَب , وَلَا اَلْوَرَق , بِآلَاف :
وَلَيْسَ خَلِيلِي بِالْمَلُولِ , وَلَا اَلَّذِي إِذَا غِبْت عَنْهُ , بَاعَنِي بِخَلِيل وَأَحْسَب كَثِيرًا
تَفَوُّه بِهَذِهِ اَلْمَقَالَة عَلَى غِرَّة , وَمَا عَرَفَ مَكَان اَلثَّمَرَة . فَكَيْفَ يَقْدِر عَلَى إِخَاء
اَلْمَلِك , أَمْ كَيْفَ يَرْتَفِع إِلَى اَلْفَلَك ?
وَأَمَّا مَا ذَكَّرَهُ مِنْ حَالِي , غَطَّى شَخْصه أَنْ يلحظ بنواظر اَلْغَيْر , وَمُتِّعَ مِنْ مَال
بحير [ أَيّ كَثِير , قَالَ الراجز :
يَا رَبّنَا مُنَّ سِرّه أَنْ يَكْبُرَا فِسْق لَهُ يَا رَبّ مَالًا حَيَّرَا ]
فَطَالَمَا أُعْطِي اَلْوَثَن سُعُودًا , فَصَارَ حُضُوره لِلْجَهَلَةِ مَوْعُودًا ! فَإِنْ سُرِرْت بِالْبَاطِلِ
, فَشَهِدَتْ بِاِتِّخَاذ النياطل , وَإِنَّ اَلصَّابِر مَأْجُور مَحْمُود , وَلَا رَيْب أَنْ سَيُقَدِّرُ لِمَنْ
طَعْن شُرْب مثمود .
وَأَحْلِف كَيَمِين اِمْرِئ القيس لِمَا رَغِبَ فِي مَقَامه عِنْد الموموقة , وَلَمْ يُفَرِّق مِنْ
الرامقة وَلَا اَلْمَرْمُوقَة , فَقَالَ :
- 981 -
فَقُلْت : يَمِين اَللَّه , أَبْرَح قَاعِدًا وَلَوْ قَطَعُوا رَأْسِي لَدَيْك وَأَوْصَالِي
وَالْأُخْرَى اَلَّتِي أُقْسِم بِهَا زُهَيْر , إِذْ عَصَفَتْ بِالْحَرْبِ اَلْقَائِمَة هير ,
[ أَعْنِي قَوْله :
فَأَقْسَمَتْ بِالْبَيْتِ اَلَّذِي طَافَ حَوْله
رِجَال بَنَوْهُ , مِنْ قُرَيْش وَجَرَّهُمْ
يَمِينًا لِنِعَم اَلسَّيِّدَانِ وَجَدْتُمَا
عَلَى كُلّ حَال مِنْ سحيل وَمُبْرَم ]
وَبِالْحِذَاءِ اَلَّتِي نَطَقَ بِهَا سَاعِدَة , وَالْمُهْجَة إِلَى مِلْكهَا صَاعِدَة , فَقَالَ :
حَلَفَ اِمْرِئ بَرَّ سرفت يَمِينه
لِكُلّ مَنْ سَاسَ اَلْأُمُور مُجَرِّب
وَأُولِي مِنْ ذَلِكَ أَلْيَة اَلْفَرَزْدَق لِمَا رَهِبَ وُقُوع اِنْتِقَام , فَاغْتَنَمَ مَا بَيْن اَلْكَعْبَة
وَالْمَقَام , وَوَصَفَ مَا صَنَعَ فَقَالَ :
أَلَمْ تَرَنِي عَاهَدَتْ رَبِّي وَإِنَّنِي لِبَيِّن رتاج قَائِمًا وَمَقَام
عَلَى حِلْفه , لَا أَشْتُم اَلدَّهْر مُسَلَّمًا وَلَا خَارِجًا مَنْ فِي زَوْر كَلَام
إِنِّي لمكذوب عَلَيْهِ كَمَا كَذَبَتْ اَلْعَرَب عَلَى اَلْغُول , وَإِنَّهَا عَمَّا يُؤَثِّر لفي شغول ,
وَكَمَا تَقَوَّلَتْ اَلْأَمْثَال اَلسَّائِرَة عَلَى اَلضَّبّ وَلَهُ بالكلدة أَرْبَاب اَلصَّبّ . وَكَمَا
تَكَلَّمَتْ عَلَى لِسَان اَلضَّبْع وَهِيَ خَرْسَاء مَا أَطْلَقَ لِسَانهَا اَلْوَضَح وَلَا اَلْمَسَاء .
يَظُنّ أَنَّنِي مِنْ أَهْل اَلْعِلْم , وَمَا أَنَا لَهُ بِالْمُصَاحِبِ وَلَا الخلم .
- 091 -
وَتِلْكَ لِعُمْرَيْ بَلِيَّة , تَفْتَقِد مَعَهَا اَلْجَلِيَّة . وَالْعُلُوم تَفْتَقِر إِلَى مِرَاس , وَدَارِس
لِلْكُتُبِ أَخِي دراس .
وَيُقَال إِنَّنِي مِنْ أَهْل اَلدِّين , وَلَوْ ظَهَرَ مَا وَرَاء اَلسَّدَّيْنِ , مَا اِقْتَنَعَ لِي اَلْوَاصِف
بِسَبّ , وَوِدّ أَنْ يَسْقِينِي جوزلا بشب , وَكَيْفَ يُدْعَى للعلج اَلْوَحْشِيّ , وَإِنَّمَا أَبَد فِي
الروض اَلْحَبَشِيّ , أَنَّ تَغْرِيده فِي اَلسِّحْر أَشْعَار مَوْزُونَة , تَأْذَن لِنَظِير هَا
المحزونة ? وَهَلْ يُصَوِّر لِعَاقِل لَبِيب , أَنَّ اَلْغُرَاب الناعب صَدَحَ بِتَشْبِيب , وَأَنَّ
اَلْعَصَافِير اَلطَّائِرَة بِأَجْنِحَة , كَعَصَافِير اَلْمُنْذِر الكانئة للمتنحة ? وَكَيْفَ يَظُنّ أَنَّ
اَلطَّائِر أساجيع حَمَامَة , وَإِنَّهُ لِأَخْرَس مَعَ اَلدَّمَامَة ? فَبَعْد مَنْ زَعَمَ أَنَّ اَلْحَجَر
مُتَكَلِّم , وَأَنَّهُ عِنْد اَلضَّرْب مُتَأَلِّم وَمَنْ أَلْتَمِس مِنْ اللغام كَسُورَة , فَإِنَّهُ لَا يَجِد
أُسْوَة .
وَلَوْ أَنِّي لَا أَشْعُر بِمَا يُقَال فِي لَأَرَحْت مِنْ إِنْكَارِي وَتَلَافِي , وَكُنْت كَالْوَثَنِ :
سَوَاء عَلَيْهِ إِنَّ وَقْر [ مِنْ اَلْوَقَار ] , وَإِنْ أُوَقِّر [ مِنْ الأوقار ] وكالأرض
السبخة مَا تَحْفُل أَنْ قِيلَ : هِيَ مُرِيعَة , أَوْ قِيلَ لَهَا : بِئْسَتْ اَلزَّرِيعَة ,
وكالفرير المتعبط :
- 191 -


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:44 AM   #49
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


- 191 -
مَا يَأْبَه لِقَوْل اَلْآكِل : ‎ " أَنَّهُ لَسَاحَ " وَلَا إِذَا قَصَب :
" أَنَّهُ بِالدَّكَّةِ شاح " . وَاَللَّه اَلْمُسْتَنْصِر عَلَى الإلاقي , لَمْ تُوزَن اَلرَّاكِدَة
بالأواقي [ والإلاقي مَنْسُوب إِلَى الإلاق وَهُوَ اَلْبَرْق اَلْكَاذِب ]
وَكَيْفَ أَغْتَبِط إِذَا تخرص عَلَيَّ , وَعَزَيْت اَلْمَعْرِفَة إِلَيَّ ? وَلَسْت آمِنًا فِي اَلْعَاقِبَة ,
فَضِيحَة غَيْر مصاقبة , وَمَثَلِي , إِنْ جذلت بِذَلِكَ , مِثْل مَنْ اِتَّهَمَ بِمَال , فَاعْتَقَدَ أَنَّ
مَا ذَاعَ مِنْ اَلْخَبَر يَأْتِيه بِجَمَال , فَسَّرَهُ قَوْل اَلْجَهَلَة : أَنَّهُ لِحِلْف اَلْيَسَار . فَطَلَبَ
مِنْهُ بَعْض اَلسَّلَاطِين أَنْ يَحْمِل إِلَيْهِ جُمْلَة وَافِرَة , فَصَادَتْ كَذُوبَة زافرة , وَضَرَبَهُ
كَيْ يُقِرّ , وَقَتَلَ فِي اَلْعُقُوبَة وَلَمْ يُعْطِ اَلْبَرّ .
وَقَدْ شَهِدَ اَللَّه أَنِّي أجذل بِمَنْ عَابَنِي لِأَنَّهُ صَدَقَ فِيمَا رَابَنِي , وَأَهْتَمّ لِثَنَاء
مكذوب , يَتْرُكنِي كَالطَّرِيدَةِ العذوب , وَلَوْ نَطَحَتْ
- 291 -
بِقَرْنِيّ اَلْجَرَادَة , لَامْتَنَعَتْ مِنْ كُلّ إِرَادَة , فَأَمَّا روق اَلْوَعْل , فأعوزه عِنْدِي
نُطِيح , لِأَنِّي بروق اَلظَّبْي أُطِيح . فَغَفَرَ اَللَّه لِمَنْ ظَنَّ حِسّنَا بِالْمُسِيءِ , وَجَعْله
حُجَّة فِي النسيء , وَلَوْلَا كَرَاهَتِي حُضُورًا بَيْن اَلنَّاس , وَإِيثَارِي أَنْ أَمُوت مَيْتَة
كَلْب فِي كَنَّاس , فَاجْتَمَعَ مَعِي أُولَئِكَ الخائلون , لَصَحَّ أَنَّهُمْ عَنْ عَنْ اَلرُّشْد مَائِلُونَ
, وَأَنَارَ لَهُمْ اَلْحَقّ اَلطَّامِس , وَقَبَضَ عَلَى القتاد اَللَّامِس .
وَأَمَّا وُرُوده حَلَب , حَرَسَهَا اَللَّه , فَلَوْ كَانَتْ تَعْقِل لَفَرِحَتْ بِهِ فَرَح الشطاء
المنهبلة , لَيْسَتْ بالآبلة وَلَا المؤتبلة , شحط سَلِيلهَا اَلْوَاحِد , وَمَا هُوَ
لِحَقِّهَا جَاحِد . وَقَدَّمَ بَعْد أَعْوَام , فَنَقَعَتْ بِهِ فَرْط أوام , وَكَانَتْ مَعَهُ كَالْخَنْسَاءِ
ذَات البرغز رَتَعَتْ بِهِ فِي اَلْأَصِيل , وَلَيْسَ هُوَ لحشف بوصيل , فَلَمَّا رَأَتْ اَلْمَكَان
آمَنَّا ,
- 391 -
وَلَمْ تَخْشَ لِلسَّرَاحِ اَلْجَمْع كَامِنًا , اِنْبَسَطَتْ فِي اَلْمُرَاد اَلْوَاسِع وَخَلَّفَتْهُ , يُحَاوِل
أَنْفَا تَكْلِفَته , لِتَجُرّ لِذَلِكَ اَلْوَلَد مَا فِي الأخلاف , وَلَا تَلَافِي بَعِيد التلاف ,
فَعَادَتْ اَلْمِسْكِينَة فَلَمْ تَصُبّهُ , فَقَالَتْ لِلصَّمَدِ : لَا تَنْصِبهُ إِنْ كَانَ وَقْع فِي مَخَالِب
اَلدِّيب , وَمِنِّي بِبَعْض اَلتَّعْذِيب , فَأَنْتَ اَلْقَادِر عَلَى تَعْوِيض اَلْأَطْفَال , وَالْعَالَم
بِعَقِبِي الطيرة والفال , فَبَيْنَمَا هِيَ تُرَدِّد بَيْن اَلْعِلَّة وَالْوَلَه بِغَمّ لَهَا اَلْفَقِيد
مِنْ جقف اِتَّخَذَ فِيهِ مَرْبِضًا , وَلَمْ يَرَ مِنْ اَلرُّمَاة منبضا , هكع لِمَا شَبِعَ . فَمَا
ساءة اَلْقَدْر وَلَا سَبْع . فَغَمَرَ فُؤَادهَا اِبْتِهَاج , مِنْ بَعْد مَا وَضَّحَ لَهَا اَلْمِنْهَاج .
وَلَوْ رَجَعَ " القارظ " إِلَى " عَنْزه " , مَا بَانَ فِيهَا اَلطَّرَب لِلرَّجْعَةِ , وَمَا قَدْر
مِنْ زَوَال الفجعة , إِلَّا دُون مَا أَنَا مُضْمِر مجن , مِنْ اَلسُّمْرَة بِدُنُوّ اَلدِّيَار .
وَإِلْقَائِهِ عَصَا التسيار , فَالْحَمْد لِلَّهِ اَلَّذِي أَعَادَ البارق إِلَى اَلْغَمَام الوسمي ,
وَأَتَى المومض بحلى السمي
- 491 -
وَإِنَّ حَلَب اَلْمَنْصُورَة لِتَخْتَلّ إِلَى مَنْ يَعْرِف قَلِيلًا مِنْ عِلْم , فِي أَيَّام اَلْمُحَارَبَة
وَالسِّلْم , فَمَا بَاله شَيَّدَ اَللَّه اَلْآدَاب بِأَنْ يَزِيدهُ فِي اَلْمُدَّة فَإِنَّمَا هُوَ لِغُرَابِهَا
كَالْعِدَّةِ .
وَإِنِّي لِأَعْجَب مِنْ تمالؤ جَمَاعَة , عَلَى أَمْر لَيْسَ بِالْحُسْنِ وَلَا اَلطَّاعَة , وَلَا ثَبَتَ لَهُ
يَقِين , فيشوفه اَلصُّنْع أَوْ يَقِين قَدْ كِدْت أَلْحَق بِرَهْط اَلْعَدَم , مِنْ غَيْر اَلْأَسَف وَلَا
اَلنَّدَم , وَلَكِنَّمَا أَرْهَب قُدُومِي عَلَى اَلْجِدَار , وَلَمْ أُصْلِح نَخْلِي بإبار . وَقِيلَ لِبَعْض
اَلْحُكَمَاء : ‎ إِنَّ فُلَانًا تَلَطَّفَ حَتَّى قَتْل نَفْسه , وَلَمْ يُطِقْ فِي اَلدَّار اَلْخَالِيَة عفسه ,
وَكَرِهَ أَنْ يُمَارِس بَدَائِع اَلشُّرُور , وَأَحَبّ اَلنَّقْلَة إِلَى مَنَازِل اَلشُّرُور , فَقَالَ
اَلْحَكِيم قَوْلًا مَعْنَاهُ : ‎ أَخْطَأَ ذَلِكَ اَلشَّابّ اَلْمُقْتَبَل , لَهُ وَلِأُمِّهِ يَحِقّ اَلْهُبْل هَلَّا
صَبَرَ عَلَى صُرُوف اَلزَّمَان , حَتَّى يمنو لَهُ اَلْقَدْر مان ? فَإِنَّهُ لَا يَشْعُر عَلَّام يُقَدِّم ,
وَلِكُلّ بَيْت هَدْم ! وَلَوْلَا حِكْمَة اَللَّه جَلَتْ قُدْرَته , وَأَنَّهُ حَجَزَ اَلرَّجُل عَنْ اَلْمَوْت ,
بِالْخَوْفِ مِنْ العلز وَالْفَوْت , لَرَغِبَ كُلّ مَنْ اِحْتَدَمَ غَضَبه , وَكُلّ عَنْ ضَرِيبَة مقضبه ,
أَنْ تَنْزِع لَهُ مِنْ اَلْمَوْت
- 591 -
كُؤُوس , وَاَللَّه اَلْعَالِم بِمَا يؤوس .
وَأَمَّا أَبُو اَلْقَطْرَان اَلْأَسَدِيّ , وَأَيّ اَلْبَشَر مِنْ اَلْخُطُوب مفدي , فَصَاحِب غَزَل وَتُبْطِل ,
وَتُوَقِّر عَلَى الخرد . وَتُعَطِّل , وَمَا أَشُكّ أَنَّ اَلشَّيْخ , أَقَرَّ اَللَّه عَيْن اَلْأَدَب
بِالزِّيَادَةِ فِي عُمْره أَشَدّ شَوْقًا إِلَى أَحْمَد بْن يَحْيَى مَعَ صَمَمه , وَأَبِي اَلْحَسَن الأثرم
مَعَ ثرمه , مِنْ المرار بْن سَعِيد عِنْد رَجَاء اَلْعُمْدَة وَخَوْف اَلْوَعِيد , وَهُوَ ذَلِكَ
المتهيم إِلَى " وَحْشِيَّة " , وَإِنَّ فَقْد لِبَيْنِهَا الحشية , وَأُذَكِّر ثَغْرًا كالإغريض ,
وَخَدًّا يَعْدِل بِلَوْن الأحريض وَإِنَّمَا وَدَّ اَلْغَانِيَة خَلَّاب وَخَدَّاع , وَلِلْكَمَدِ فِي هَوَاهُ
اِبْتِدَاع . وَلَوْ هَلَكَتْ تِلْكَ اَلْمَرْأَة والمرار يَعِيش , لِعَدّ أَنَّهُ بِتَلَفِهَا نَعِيش , وَلَا
سِيَّمَا بَعْد اَلسِّنّ اَلْعَالِيَة , وَقُوَّة اَلنَّفْس اَلْآلِيَّة . وَلَعَلَّ أَبَا اَلْقَطْرَان لَوْ مُتِّعَ
بِهَذِهِ اَلْمَذْكُورَة مَا يَكُون قِدْره مِائَة حِقْبَة , عَلَى غَيْر اَلْجَزَع وَالرَّقَبَة , لَجَازَ أَنْ
يغرض مِنْ اَلْوِصَال , إِذَا عَلِمَ أَنَّ حَبْله فِي اِتِّصَال . وَلَوْ نَزَلَ بِهَا شَيْء تَتَغَيَّر بِهِ
عَنْ اَلْعَهْد , لِتُمَنِّنِي أَنْ تَقْذِف إِلَى غَيْر اَلْمَهْد , لِأَنَّ اِبْن آدَم بَخِيل مَلُول , تُسِرِّي
بِهِ إِلَى اَلْمَنِيَّة أُمَوَّن ذَلُول . وَلَوْ أَصَابَهَا اَلْعَوَر , بَعْد أَنْ سَكَنَ عَيْنهَا اَلْحَوَر ,
لِظَنّ أَنَّ ذَلِكَ نَبَأ لَا يَغْفِر وَلَا يَكْفُر , فَكَيْفَ يَعْتِب عَلَى اَلْفَاهِمِينَ , وَيَنْتَقِم مِنْ
اَلْقَوْم اَلسَّاهِينَ ? وَاَللَّه سُبْحَانه , قَدْ رَفَعَ ذَلِكَ عَنْ سَاهٍ مَا عَلِمَ , وَنَائِم إِذَا
أَحَسَّ بِالْمُؤْلِمِ أَلَمَّ .
- 619 -
وَمِنْ أَيْنَ لِذَلِكَ اَلشَّخْص اَلْأَسَدِيّ , وَمَا وَهَبَهُ اَللَّه لِلشَّيْخِ مِنْ وَفَاء لَوْ عَلِمَ بِهِ
اَلسَّمَوْأَل لَاعْتَرَفَ أَنَّهُ مِنْ اَلْغَادِرِينَ أَوْ اَلْحَارِث اِبْن ظَالِم لَشَهِدَ أَنَّهُ مِنْ السادرين
? ! [ وَمِنْ قَوْلهمْ فِعْل كَذَا وَكَذَا سادرا , أَيْ لَا يَهْتَمّ لِشَيْء ] ‎ وَإِنَّمَا عَاشِر أَبُو
اَلْقَطْرَان أعبدا فِي اَلْإِبِل وَآدَمِيًّا , وَنَظَرَ إِلَى عُقْبه دَامِيًا مِمَّا يَطَأ عَلَى هَرَّاس
وَمَنّ لَهُ فِي المكلأة بالفراس ? [ وَهُوَ اَلتَّمْر اَلْأَسْوَد وَمِنْ أَبْيَات اَلْمَعَانِي : ‎
إِذَا أَكَلُوا اَلْفَارِس رَأَيْت شاما عَلَى اَلْأَنْيَاب مِنْهُمْ وَالْغُيُوب
فَمَا تَنْفَكّ تَسْمَع قطفات كَصَوْت اَلرَّعْد فِي اَلْعَام اَلْخَصِيب ]
وَلَعَلَّهُ لَوْ صَادَفَ غَايَته تَزِيد عَلَى وَحْشِيَّة بِشِقّ الأبلمة , بِالْإِغْوَاءِ غَيْر اَلْمُؤْلِمَة ,
وَإِنَّمَا دَيْدَن ذَلِكَ اَلرَّجُل وَنُظَرَائِهِ صِفَة نَاقَة أَوْ رُبْع وَمَا شَجَّرَهُ المغترس بِالنَّبْعِ
إِذَا جَنَى الكمأة يجح وَخَالٍ أَنَّهُ قَدْ نَجَحَ ! وَلَوْ حَضَرَ أخونة حَضَرَهَا اَلشَّيْخ لَعَادَ
كَمَا قَالَ اَلْقَائِل :
فَلَوْ كُنْت عُذْرِي اَلْعَلَاقَة لَمْ تَبَّتْ
بُطَيْنًا , وَأَنْسَاك اَلْهَوَى كَثْرَة اَلْأَكْل
وَهُوَ قَدَر اَللَّه لَهُ مَا أَحَبَّ , قَدْ جَالَسَ مُلُوك مِصْر اَلَّتِي قَالَ فِيهَا فِرْعَوْن : ‎ " ‎ أَلَيْسَ
لِي مَلِك مِصْر وَهَذِهِ اَلْأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ? ‎ " ‎ وَقَدْ أَقَامَ بِالْعِرَاقِ
, رُمْنَا طَوِيلًا وَأَدَامَ عَلَى اَلْأَدَب تَعْوِيلًا , وَبِالْعِرَاقِ مَمْلَكَة فَارِس , وَهُمْ أَهْل
اَلشَّرَف وَالظَّرْف , يُوَفِّي صَرْفهمْ , فِي اَلْأَطْعِمَة , عَلَى كُلّ صَرْف , وَلَا رَيْب أَنَّهُ قَدْ
جَالَسَ بَقَايَاهُمْ و اِخْتَبَرَ فِي اَلْمُعَاشَرَة , سجاياهم , وعاطوه الأكؤس آلَات
اَلتَّصَاوِير , عَلَى عَاد , المرازبة , والأساوير , كَمَا قَالَ الحكمي .
تَدُور عَلَيْنَا اَلْكَأْس فِي عسجدية حَبَتْهَا بِأَنْوَاع اَلتَّصَاوِير فَارِس
قرارتها كِسْرَى , وَفِي جَنْبَاتهَا مَهَا تَدْرِيهَا بِالْقِسِيّ اَلْفَوَارِس
وَأَبُو اَلْقَطْرَان كَانَ يَسْتَقِي اَلنُّطْفَة , بخبلبة , وَيَجْعَلهَا فِي اَلْغَمْر , أَوْ اَلْعُلْبَة
, وَإِذَا طَعَّمَ فَمَنَّ لَهُ بالهيدة , وَإِنَّ أَخْصَب شَرْع فِي النهيدة , وَمَا أَشُكّ أَنَّهُ ,
أَمْتَعَ اَللَّه اَلْآدَاب بِبَقَائِهِ , وَلَوْ رِزْق مُحَاوَرَة أَبِي اَلْأَسْوَد , عَلَى عَرَجه , وَبُخْله
المتناذ , وجرجه لَكَانَتْ مَقْته لَهُ أَبْلَغ مِنْ مقة " مَهْدِيّ " , " ‎ ليلاه " وَلَا
أَقُول " ‎ رؤبة " , " ‎ أبيلاه " ‎ وَلَوْ أَدْرَكَ مُحَاضَرَة أَبِي اَلْخِطَاب لَكَانَ بدوش عَيْنَيْهِ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:45 AM   #50
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


أَشَدّ شَغَفًا , مَنْ " ‎ الحادرة " ‎ , " ‎ بِسُمَيَّة " , " ‎ وَمِنْ غِيلَان " , " ‎ بمية " ,
لِأَنَّهُ قَالَ وَعِيَان قَالَ اَللَّه , كَوْنًا فَكَانَتَا , فعولان بِالْأَلْبَابِ , مَا تَفْعَل
اَلْخَمْر وَهُوَ بجلع أَبِي لِأَحْسَن سَعِيد بْن مُسْعِدَة , أُعْجِبَ مِنْ كَثِير بِشَنَب عِزَّة ,
وَالْعُذْرِيّ بلمى بُثَيْنَة وَلَوْ ان أَبُو عَبِيده أذقر , اَلْفَم , لَمَا أَمِنَتْ مَعَ كُلَفه
بِالْأَخْبَارِ أَنْ يَقْبَلهُ شِقّ البلسة بِلَا اِسْتِكْبَار , [ وَفِي اَلْحَدِيث عَنْ عَائِشَة رَحْمَة
اَللَّه عَلَيْهَا : ‎ " ‎ كَانَ رَسُول اَللَّه صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلنِي شِقّ اَلتِّينَة " ‎
وَرَوَى بَعْضهمْ شِقّ اَلتَّمْرَة , وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذ اَلشَّفَة اَلْعُلْيَا , بِيَدِهِ , وَالسُّفْلَى بِيَدِهِ
اَلْأُخْرَى وَيَقْبَل مَا بَيْن اَلشَّفَتَيْنِ " .
وَأَمَّا مِنْ فَقْده مِنْ اَلْأَصْدِقَاء لِمَا دَخَلَ حَلَب , حَرَسَهَا اَللَّه فَتِلْكَ عَادَة اَلزَّمَن ,
لَيْسَ عَلَى اَلسَّالِم , بِمُؤْتَمَن , يُبَدِّل مِنْ اَلْأَبْيَات اَلْمَسْكُونَة قُبُورًا , وَلَا يَلْحَق
بَعْثَرَة جبورا وَإِنَّ رمس اَلْهَالِك لِبَيْت اَلْحَقّ , وَإِنَّ طُرُق بِالْمُلِمِّ اَلْأَشَقّ , وَعَلَى أَنَّهُ
يُغْنِي اَلثَّاوِي بَعْد عَدَم , وَيَكْفِيه المؤونة مَعَ اَلْقَدَم , وَإِنَّ اَلْجَسَد لِمَنْ شَرّ خبيء
, يَبْعُد مِنْ سَبِّي وسبيء , قَالَ اَلضَّبِّيّ : ‎
وَلَقَدْ عَلِمَتْ بِأَنَّ قَصْرَيْ حُفْرَة مَا بَعْدهَا خَوْف عَلَيَّ وَلَا عَدَم
فَأَزُور بَيْت اَلْحَقّ زَوَّرَهُ مَاكِث فَعَلَّام أَحْفُل مَا تَقَوَّضَ وانهدم ?
[ وَمَا زَالَتْ اَلْعَرَب تُسَمَّى اَلْقَبْر بَيْتًا , وَأَنْ كَانَ المنتقل إِلَيْهِ مَيِّتًا , قَالَ
الراجز اَلْيَوْم يُبْنَى لدويد بَيْته يَا رَبّ بَيْت حَسَب بِنْيَته
وَمِعْصَم ذِي بَرَّة لَوَيْته لَوْ كَانَ لِلدَّهْرِ بَلَى أَبْلَيْته
أَوْ كَانَ قَرْنِيّ وَاحِدًا كَفَيْته ]
فَأَمَّا اَلْفَصْل اَلَّذِي ذَكَرَ فِيهِ اَلْخَلِيل , فَقَدْ سَقَطَ مِنْهُ اِسْم اَلَّذِي غِلَافَيْ , وَقَرْن
بِالنُّجُومِ الصلافي , وَمَنْ كَانَ فَغَفَرَ اَللَّه جَرَائِمه وَحَفَّظَ لَهُ فِي اَلْأَبَد كرائمه ,
فَقَدْ أَخْطَأَ عَلَى نَفْسه فِيمَا زُعِمَ وَعَلَى , وَنُسِبَ مَالًا أَسْتَوْجِب إِلَيَّ , وَكَمْ أَعْتَذِر
وَأَتَنَصَّل مِنْ ذَنْب لَيْسَ يتحصل ? ‎ ! وَأَنِّي لِأَكْرَه بِشَهَادَة اَللَّه تِلْكَ اَلدَّعْوَى المبطلة
مِنْ مهزة [ بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى : ‎ وَإِذْ قَالَ اَللَّه يَا عِيسَى اِبْن مَرْيَم أأنت قُلْت
لِلنَّاسِ اِتَّخَذُونِي وَأُمَّيْ إِلَهَيْنِ مِنْ دُون اَللَّه قَالَ سُبْحَانك مَا يَكُون لِي أَنْ أَقُول مَا
لَيْسَ لِي بِحَقّ إِنْ كُنْت قِلَّته فَقَدْ عَلَّمَتْهُ , تَعْلَم مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَم مَا فِي
نَفْسِي إِنَّك أَنْتَ عَلَّام اَلْغُيُوب " ] ‎
وَأَمَّا أَبُو اَلْفَرَج اَلزَّهْرَجِيّ , فَمَعْرِفَته بِالشَّيْخِ تَقْسِيم أَنَّهُ لِلْأَدَبِ حَلِيف وَلِلطَّبْعِ
اَلْخَيْر أَلِيف .
وَوَدِدْت أَنَّ اَلرِّسَالَة وَصَلَتْ إِلَيَّ , وَلَكِنْ مَا عَدَلَ ذَلِكَ اَلْعَدِيل , فَبَعْد مَا تُغْنِي
هَدِيل هَلَّا اِقْتَنَعَ بِنَفَقَة أَوْ ثَوْب , وَتَرَكَ اَلصُّحُف عَنْ نوب ? ‎ ! ‎ فَأُرَبِّ مِنْ يَدَيْهِ , وَلَا
اِهْتَدَى فِي اَللَّيْلَة بفرقديه لَوْ أَنَّهُ أَحَد لُصُوص اَلْعَرَب اَلَّذِينَ رَوَيْت لَهُمْ اَلْأَمْثَال
اَلسَّائِرَة , وَتَحَدَّثْت بِهِمْ اَلْمُنْجِدَة , وَالْغَائِرَة , لِمَا اغتفرت مَا صَنَعَ بِمَا نَظَّمَ
لِأَنَّهُ أُفَرِّط وَأُعَظِّم , [ أَيْ أَتَى عَظِيمَة ] ‎ وبتك مِنْ اَلْقَلَائِد نُظُمه
وَقَدْ وَفْق أَبُو اَلْفَرَج وَوَلَده , وَصَارَ كاللجة ثمده , لِمَا دَرَسَ عَلَيْهِ اَلْكُتُب ,
وَحَفِظَ ‎ عَنْهُ مَا يَكُون الترتب , فَسَلَّمَ العاتكة , إِلَى اَلْقَارِّيّ , والنافجة , إِلَى
اَلْمَرْء , اَلدَّارِي , وَالرُّمْح اَلْأَطْوَل , إِلَى اِبْن اَلطُّفَيْل , وَالْأَعِنَّة , إِلَى أحلاس
اَلْخَيْل .
وَإِنْ كَانَ اَلشَّيْخ مَارْس مِنْ اَلتَّعَب أَمْ الربيق , فَقَدْ جَدَّدَ عَهْده اَلْأَوَّل " ‎ بقويق ‎ "
وَإِنَّهُ لِنِعَم اَلنَّهْر , وَلَا يَغْرَق اَلسَّابِح وَلَا يَبْهَر وَبَنَاته اَلْمَخْطُوبَات , صِغَار ,
وَيُؤْخَذْنَ مِنْهُ فِي اَلْغَفْلَة , وَلَا يَغَار يَعُولهُنَّ و اَلْقَدْر يغولهن , سَتَرِنُّ اَلْأَنْفُس
فَمَا تَبَرَّجْنَ , وَلُكْنَ بِالرَّغْمِ خَرَجْنَ خُدُورهنَّ مِنْ مَاء , زَارَتْهُنَّ الملموءة بالإلماء
[ اَلْمَمْلُوءَة اَلشَّبَكَة , يُقَال المأ عَلَى اَلشَّيْء إِذَا أَخَذَهُ كُلّه ] ‎ مَا يَشْعُر قويق
اَلْمِسْكِين , أَعْرَبَ سَبْت مِنْ وَلَد أَمْ رُوم , وَلَا يَحْفُل بِمَا تَرُوم , وَلَقَدْ ذَكَّرَهُ
اَلْبُحْتُرِيّ وَنِعْمَته اَلصَّنَوْبَرِيّ , وإخال أَنَّ اَلشَّيْخ أَفْسَدَتْهُ عَلَيْهِ دِجْلَة وصراتها
وَأَعَانَهَا عَلَى ذَلِكَ فراتها .
وَأَمَّا حَلَب حَمَاهَا اَللَّه , فَإِنَّهَا اَلْأُمّ اَلْبَرَّة , تَعْقِد بِهَا المسرة وَمَا أَحْسَبهَا
إِنْ شَاءَ ‎ اَللَّه تَظَاهُر بِذَمِيم اَلْعُقُوق , أَوْ تُغْفِل , اَلْمُفْتَرَض مِنْ اَلْحُقُوق
وَوَحْشِيَّة يُحْتَمَل أَنْ يَكُون , آنَس اَللَّه اَلْآدَاب بِبَقَائِهِ , جَعَلَهَا نَائِبَة عَمَّنْ فَقَدَهُ
مِنْ اَلْإِخْوَان , اَلَّذِينَ عَدَم نَظِيرهمْ فِي اَلْأَوَان .
وَكَذَلِكَ تَجْرِي أَمْثَال اَلْعَرَب , يُكَنُّونَ فِيهَا بِالِاسْمِ عَنْ جَمِيع اَلْأَسْمَاء , مِثَال ذَلِكَ
أَنْ يَقُول اَلْقَائِل
فَلَا تشلل يَد فَتَكَتْ بِعَمْرو فَإِنَّك لَنْ تُذِلّ وَلَنْ تَضَامَّا
يَجُوز أَنْ يَرَى اَلرَّجُل رَجُلًا قَدْ فَتَكَ بِمَنْ اِسْمه حَسَّان أَوْ عُطَارِد , أَوْ غَيْر ذَلِكَ ,
فَيَتَمَثَّل بِهَذَا اَلْبَيْت , فَيَكُون عَمْرو فِيهِ وَاقِعًا عَلَى جَمِيع مَنْ يَتَمَثَّل لَهُ بِهِ وَكَذَلِكَ
قَوْل الراجز
أَوْرَدَهَا سَعْد وَسَعْد مُشْتَمِل
صَارَ ذَلِكَ مَثَلًا لِكُلّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَمْ يَحْكُمهُ , فَيَجُوز أَنْ يُقَال لِمَنْ اِسْمه خَالِد
أَوْ بَكْر أَوْ مَا شَاءَ اَللَّه مِنْ اَلْأَسْمَاء ‎ , وَيَضَعُونَ فِي هَذَا اَلْبَاب اَلْمُؤَنَّث مَوْضِع
اَلْمُذَكَّر و اَلْمُذَكِّر مَوْضِع اَلْمُؤَنَّث , فَيَقُولُونَ لِلرَّجُلِ , أُطْرِي فَإِنَّك ناعلة ,
وَالصَّيْف ضُيِّعَتْ اَللَّبَن , وَمُحْسِنَة فَهِيلِي , ( وابدئيهن بعفال سَبَيْت ) وَإِذَا أَرَادُوا
أَنْ يُخْبِرُوا بِأَنَّ اَلْمَرْأَة كَانَتْ تَفْعَل اَلْخَيْر ثُمَّ هَلَكَتْ فَانْقَطَعَ مَا كَانَتْ تَفْعَلهُ ,
وَحَازَ أَنْ يَقُولُوا , ذَهَب اَلْخَيْر , مَعَ عَمْرو اِبْن حممة و جَائِز أَنْ يَقُولُوا لِمَنْ
يُحَذِّرُونَهُ مِنْ قُرْب اَلنِّسَاء , لَا تَبُتّ مِنْ بَكْرِيّ قَرِيبًا , وَالْبَكْرِيّ أَخُوك فَلَا تَأْمَنهُ
وَمِثْل هَذَا كَثِير .
وَأَمَّا شَكْوَاهُ , إِلَيَّ فَإِنَّنِي وَإِيَّاهُ , لَكُمَا قِيلَ فِي اَلْمَثَل , اَلثَّكْلَى تُعِين اَلثَّكْلَى
وَعَلَى ذَلِكَ حَمْل اَلْأَصْمَعِيّ , قَوْل أَبِي دواد : ‎
ويضيخ أَحْيَانًا كَمَا اِسْتَمَعَ اَلْمُضِلّ دُعَاء نَاشَدَ
كِلَانَا بِحَمْد اَللَّه مُضِلّ , فَعَلَى مَنْ نَحْمِل وَعَلَى مَنْ نَدُلّ ? أَمَّا اَلْمَطِيَّة فَآلِيَّة ,
وَأَمَّا المزادة فَخَالِيَة , وَالرَّكْب , يَفْتَقِر إِلَى اَلْحَصَاة , وَكُلّهمْ بِهَشّ للوصاة :
يَشْكُو إِلَيَّ جَمَلِي صرى السرى صَبْر جَمِيل , فَكُلَانَا مُبْتَلَى
إِنْ اِشْتَكَتْ اَلسُّمْرَة سُفُن العاضد , إِلَى السيالة , فَإِنَّهَا تَشْكُو اَلنَّازِلَة إى شَاكّ ,
وَالصِّدْق أَفْضَل مِنْ الابتشاك وَلَا وَالِارْتِيَاب أَنَّهُ يَحْفَظ قَوْل الفزازي مُنْذُ خَمْسِينَ حُجَّة
أَوْ أَكْثَر أَعْيُن هَلَّا إِذْ بَلَتْ بِحُبِّهَا كُنْت اِسْتَعَنْت بِفَارِغ اَلْعَقْل
أَقْبَلَتْ تَبْغِي اَلْغَوْث مِنْ رَجُل والمستغاث إِلَيْهِ فِي شَغْل
وَلَا يَزَال أَهْل اَلْأَدَب , يَشُكُّونَ اَلْغَيْر فِي كُلّ جِيل وَيَخُصُّونَ مِنْ اَلْعَجَائِب بِسِجِلّ سِجِّيل
وَهُوَ يَعْرِف اَلْحِكَايَة أَنَّ مُسْلِمَة بْن عَبْد اَلْمَلِك أَوْصَى لِأَهْل اَلْأَدَب , بِجُزْء مِنْ مَاله
, وَقَالَ إِنَّهُمْ أَهْل صِنَاعَة مجفوة , وَأَحْسَب أَنَّهُمْ وَالْحِرْفَة خُلُقَا تَوْأَمَيْنِ , وَإِنَّمَا
يَنْجَح بَعْضهمْ فِي ذَات الزمين , ثُمَّ لَا تَلْبَث أَنْ تَزِلّ قَدَمه , ويتفرى بِالْقَدْرِ أُدْمِهِ
, وَقَدْ سَمِعَ فِي مِصْر بِقِصَّة أَبِي اَلْفَضْل , وَسَعِيد , وَمَا كَانَ أَحَدهمَا بِبَعِيد , وَإِذَا
كَانَ اَلْأَدَب عَلَى عَهْد بُنِيَ أُمِّيَّة , يَقْصِد أَهْله بِالْجَفْوَةِ فَكَيْفَ يُسَلِّمُونَ مَنْ بَاسَ ,
عِنْد مَمْلَكَة بَنِي اَلْعَبَّاس ? وَإِذَا أَصَابَتْهُمْ اَلْمِحَن فِي عدان اَلرَّشِيد ? فَكَيْفَ يُطَمِّع
لَهُمْ بِالْحَظِّ اَلْمُشَيَّد ? ‎ أَلَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة قَدَّمَ مَعَ اَلْأَصْمَعِيّ وَكَلَاهُمَا يُرِيد النجعة
وَلَا يَلْتَمِس إِلَى اَلْبَصْرَة , رَجْعَة فَتَشَبَّثَ بِعَبْد اَلْمَلِك وَرَدّ مُعَمَّر , وَمَنْ يَعْلَم بِمَا
يُجَنّ اَلْخَمْر .
وَمَنْ بَغَى أَنْ يَتَكَسَّب بِهَذَا اَلْفَنّ , فَقَدْ أَوْدَعَ , شَرَابه فِي شَنّ غَيْر ثِقَة , عَلَى
اَلْوَدِيعَة بَلْ هِيَ مِنْهُ فِي صَاحِب خَدِيعَة , وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ لِمَا اِخْتَبَرَ شَأْنه
وراز رَغِبَ فِي وِلَايَة اَلْمَظَالِم بِشِيرَاز وَأَنَّ الكسائي تَجُوب مِمَّا صَنَعَ بِهِ و فَأَعَانَهُ
كَيْ يشحط عَلَى مَطْلَبه .
فَأَمَّا حَبِيب بْن أوس فَهَلَكَ وَهُوَ بِالْمُوصِلِ عَلَى اَلْبَرِيد , وَصَاحِب اَلْأَدَب , حَلِيف
التصريد
وَأَمَّا اَلَّذِينَ ذَكَرَهُمْ مِنْ اَلْمُصْحَفَيْنِ , فَغَيْر اَلْبَرَرَة وَلَا اَلْمُنْصِفِينَ وَمَازَالَ التتفل
, يَعْرِض لأذاة اَلْأَسَد , وَمَا أَحْسَبهُ يَشْعُر بِمَكَان اَلْحَسَد , فَإِذَا أدلج وَرَدَ هموس ,
تَشْقَى بِهِ التامكة , أَوْ اللموس , فثعالة , بِهِ مُنْذِر كَأَنَّهُ لِلْمُفْتَرِسِ مُحَذِّر , وَلَا
يَرَاهُ الضيغم مَوْضِعًا لِلْعِتَابِ , وَيَجْعَل أَمْره فِيمَا يَحْتَمِل مِنْ اَلْخَطْب المنتاب وَكَمْ
مِنْ أَغْلَب مَثَار يسهد لِغِنَاء الطيثار , وَإِذَا هُوَ بِلَيْل تَغَنِّي فالقسور بِهِ مَعْنَى .
مَا يَضُرّ اَلْبَحْر أَمْسَى زَاخِرًا , أَنْ رَمَى فِيهِ غُلَام بِحَجَر
أَوْ كُلَّمَا طُنّ اَلذُّبَاب أَرْوَعه ? إِنَّ اَلذُّبَاب إِذَا عَلِيّ كَرِيم !
وَمَا زَالَ اَلْهَمَج يَقُولُونَ وَيُقَصِّرُونَ عَنْ اَلْمُكَرَّمَة , فَلَا يُطَوِّلُونَ وَإِنَّهُمْ عَمَّا أثل ,


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:45 AM   #51
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


بِالْإِغْوَاءِ , وَطُلَّاب اَلْأَدَب , فِي حِبَاله واقلون
مِنْ اِنْفِرَاد بِفَضِيلَة أثيرة , فَأَنَّهُ يَتَقَدَّم بِمَنَاقِب كَثِيرَة , وَإِنَّ حُسَّاد اَلْبَارِع
كُلَّمَا قَالَ اَلْفَرَزْدَق :
فَإِنَّ تَهَجٍّ آل اَلزِّبْرِقَان فَإِنَّمَا هَجَوْت اَلطِّوَال اَلشَّمّ مِنْ آل يَذْبُل
وَقَدْ يَنْبَح اَلْكَلْب اَلنُّجُوم وَدُونهَا فَرَاسِخ تَقُصِّي نَاظِر اَلْمُتَأَمِّل
يَعْدُو عَلَى اَلْحَاسِد حَسَده وَيَذُوب مِنْ كَبْت جَسَده
فَهَلْ ضَرْبَة اَلرُّومِيّ جَاعِلَة لَكُمْ أَبًا عَنْ كُلَيْب وَأَوْ أَبَا مِثْل دارم ?
فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْل أَبِي اَلطَّيِّب
أَذُمّ إِلَى هَذَا اَلزَّمَان أُهِيلهُ
فَقَدْ كَانَ اَلرَّجُل مُولَعًا بِالتَّصْغِيرِ , وَلَا يَقْنَع مِنْ ذَلِكَ , بِخِلْسَة اَلْمُغَيِّر , كَقَوْلِهِ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:46 AM   #52
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


مَنْ لِي بِفَهْم أُهِيل , عَصْر يَدَّعِي , أَنْ يَحْسَب اَلْهِنْدِيّ فِيهِمْ باقل ?
وَقَوْله
حبييبتها قَلْبَيْ فُؤَادِي هَيَّا جَمُلَ
وَقَوْله
مَقَالِي لِلْأَحْمَقِ يَا حَلِيم
وَقَوْله
وَنَامٍ الخويدم عَنْ لَيْلنَا
وَقَوْله
أَفِي كُلّ يَوْم تَحْت ضبني شويعر
وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَوْجُود فِي دِيوَانه وَلَا مُلَامَة عَلَيْهِ , إِنَّمَا هِيَ عَادَة صَارَتْ ,
كَالطَّبْعِ , فَمَا حَسُنَ بِهَا مَأْلُوف اَلرُّبْع , وَلَكِنَّهَا تُغْتَفَر مَعَ اَلْمَحَاسِن , وَالشَّام قَدْ
يهر عَلَى المراسن .
وَهَذَا اَلْبَيْت , اَلَّذِي أَوَّلَهُ
أَذُمّ إِلَى هَذَا اَلزَّمَان أَهِّلِيهِ
إِنَّمَا قَالَهُ فِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن سَيَّار بْن مُكْرَم , بِأَنْطَاكِيَة , قَبْل أَنْ يَمْدَح سَيْف
اَلدَّوْلَة , عَلِيّ بْن عَبْد اَللَّه بْن حَمْدَان , وَالشُّعَرَاء , مُطْلِق لَهُمْ ذَلِكَ , لِأَنَّ
اَلْآيَة شَهِدَتْ عَلَيْهِمْ بالتخرص وَقَوْل اَلْأَبَاطِيل . , " أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ
يَهِيمُونَ , وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ? "
وَأَهْل كَلِمَة , أَصْل وَضْعهَا , لِلْجَمَاعَةِ , فَيُقَال : اِرْتَحَلَ أَهْل اَلدَّار , فَيَعْلَم
اَلسَّامِع أَنَّ اَلْمُتَكَلِّم لَا يَقْصِد وَاحِدًا بِمَا قَالَ , إِلَّا أَنَّ هَذِهِ اَلْكَلِمَة , قَدْ
اُسْتُعْمِلَتْ لِلْآحَادِ , فَقِيلَ , فُلَان أَهْل اَلْخَيْر وَأَهْل اَلْإِحْسَان قَالَ حَاتِم اَلطَّائِيّ
ظَلَّتْ تَلُوم عَلَى بَكْر سَمَحَتْ بِهِ
إِنَّ الرزيئة فِي اَلدُّنْيَا اِبْن مَسْعُود
غَادَرَهُ اَلْقَوْم بالمعزاء منجدلا
وَكَانَ أَهْل اَلنَّدَى وَالْحُزَم وَالْجُود
وَكَأَنَّ هَذِهِ اَللَّفْظَة أَصْلهَا , أَنْ تَكُون لِلْجَمْعِ , ثُمَّ نَقَلَتْ , إِلَى اَلْوَاحِد , كَمَا أَنَّ
صَدِيقًا , وَأَمِيرًا , وَنَحْوهمَا , إِنَّمَا وَضَعْنَ , فِي اَلْأَصْل , لِلْأَفْرَادِ , ثُمَّ نَقَلْنَ
إِلَى اَلْجَمْع عَلَى سَبِيل اَلتَّشْبِيه , وَكَذَلِكَ قَوْلهمْ بَنُو فُلَان اخ لَنَا , وَيُقَال أَهْل
وَأَهِلَّة وأهلات فِي اَلْجَمْع , قَالَ اَلشَّاعِر
فَهُمْ أهلات حَوْل قَيْس بْن عَاصِم
إِذَا أدلجوا بِاللَّيْلِ يَدْعُونَ كوثرا
وَقَالَ بَعْض اَلنَّحْوِيِّينَ فِي تَصْغِير آل اَلرَّجُل , يَجُوز أويل , وَأُهِيل , وَكَأَنَّهُ يَذْهَب
, إِلَى ‎ أَنَّ اَلْهَاء , فِي أَهْل أَبْدَلَتْ مِنْهَا هَمْزَة , فَلَمَّا اِجْتَمَعَتْ اَلْهَمْزَتَانِ جَعَلَتْ
اَلثَّانِيَة أَلْفًا , وَمِثْل هَذَا لَا يُثْبِت وَالْأَشْبَه أَنْ يَكُون آل اَلرَّجُل مَأْخُوذًا مِنْ آل
يُؤَوِّل إِذَا رَجَعَ كَأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ أَوْ يَرْجِع إِلَيْهِمْ .
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ حِكَايَة القطربلي وَابْن أَبِي اَلْأَزْهَر , فَقَدْ يَجُوز ‎ مَثَله , وَمَا
وَضَّحَ أَنَّ ذَلِكَ اَلرَّجُل حَبَسَ بِالْعِرَاقِ , فَأَمَّا بِالشَّامِ فَحَبَسَهُ مَشْهُور .
وَحَدَثَتْ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ حَقِيقَة هَذَا اَللَّقَب قَالَ هُوَ مِنْ اَلنُّبُوَّة أَنَّ اَلْمُرْتَفِع
مِنْ اَلْأَرْض وَكَانَ قَدْ طَمِعَ فِي شَيْء قَدْ طَمِعَ فِيهِ مَنْ هُوَ دُونه , وَإِنَّمَا هِيَ مَقَادِير
يريرها فِي اَلْعُلُوّ مُدِير يَظْفَر بِهَا مِنْ وَفْق و لَا يُرَاعِ بِالْمُجْتَهِدِ أَنْ يُخْفِق
وَقَدْ دَلَّتْ أَشْيَاء فِي دِيوَانه أَنَّهُ كَانَ متألها , وَمِثْل غَيْره , مِنْ اَلنَّاس متدلها
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله
وَلَا قَابِلًا إِلَّا لِخَالِقِهِ , حُكْمًا
وَقَوْله
مَا أَقْدَرَ اَللَّه أَنْ يُخْزِي بَرِّيَّته وَلَا يَصْدُق قَوْمًا فِي اَلَّذِي زَعَمُوا
وَإِذَا رَجَعَ إِلَى اَلْحَقَائِق فَنَطَقَ اَللِّسَان لَا يُنْبِئ عَنْ اِعْتِقَاد اَلْإِنْسَان لِأَنَّ اَلْعَالِم
مَجْبُول عَلَى اَلْكَذِب وَالنِّفَاق , وَيُحْتَمَل أَنْ يُظْهِر اَلرَّجُل بِالْقَوْلِ تَدَيُّنًا , وَإِنَّمَا
يَجْعَل ذَلِكَ تُزَيِّنَا , يُرِيد أَنْ يَصِل بِهِ إِلَى ثَنَاء , أَوْ غَرَض مِنْ أَغْرَاض الخالبة ,
أَمْ اَلْفِنَاء وَلَعَلَّهُ قَدْ ذَهَبَ جَمَاعَة هُمْ فِي اَلظَّاهِر مُتَعَبِّدُونَ , وَفِيمَا بَطَّنَ مُلْحِدُونَ
وَمَا يَلْحَقنِي اَلشَّكّ فِي أَنَّ دِعْبَل بْن عَلِيّ لَمْ يَكُنْ لَهُ دِين , وَكَانَ يَتَظَاهَر ,
بِالتَّشَيُّعِ , وَإِنَّمَا غَرَضه اَلتَّكَسُّب , وَكَمْ أُثْبِت نِسَبًا بنشب وَلَا أَرْتَاب , أَنَّ دِعْبَلًا
كَانَ عَلَى رَأْي الحكمي وَطَبَقَته وَالزَّنْدَقَة فِيهِمْ فَاشِيَّة , وَمِنْ دِيَارهمْ نَاشِئَة .
وَقَدْ اِخْتَلَفَ فِي أَبِي نُوَاسِ اُدْعِي لَهُ التأله وَأَنَّهُ كَانَ يَقْضِي صَلَوَات نَهَاره فِي لَيْله
وَالصَّحِيح أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَذْهَب غَيْره مِنْ أَهْل زَمَانه , وَذَلِكَ أَنَّ اَلْعَرَب جَاءَهَا
اَلنَّبِيّ صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَرْغَب إِلَى اَلْقَصْد وَتُقَصِّر هِمَمهَا عَنْ الفصيد ,
فَاتَّبَعَهُ مِنْهَا مُتَّبَعُونَ وَاَللَّه أَعْلَم بِمَا يُوَعُّونَ فَلَمَّا ضَرَبَ اَلْإِسْلَام بجرانه وَاتَّسَقَ
مِلْكه عَلَى أَرْكَانه مَازِج اَلْعَرَب غَيْرهمْ مِنْ اَلطَّوَائِف , وَسَمِعُوا كَلَام اَلْأَطِبَّاء
وَأَصْحَاب اَلْهَيْئَة وَأَهَّلَ اَلْمَنْطِق , فَمَالَتْ مِنْهُمْ طَائِفَة كَثِيرَة .
وَلَمْ يَزَلْ اَلْإِلْحَاد فِي بَنِي آدَم عَلَى مَمَرّ اَلدُّهُور , حَتَّى إِنَّ أَصْحَاب اَلسِّيَر يَزْعُمُونَ
ان آدَم عَلَيْهِ اَلسَّلَام , بَعَثَ إِلَى أَوْلَاده فَأَنْذَرَهُمْ بِالْآخِرَةِ , وَخَوَّفَهُمْ مِنْ اَلْعَذَاب
فَكَذَّبُوهُ وَرَدُّوا قَوْله , ثُمَّ عَلَى ذَلِكَ اَلْمِنْهَاج إِلَى اَلْيَوْم
وَبَعْض اَلْعُلَمَاء يَقُول إِنَّ سَادَات قُرَيْش كاوا زَنَادِقَة , وَمَا أَجْدَرَهُمْ بِذَلِكَ ‎ ! وَقَالَ
شَاعِرهمْ يَرْثِي قَتْلَى بَدْر , وَتَرَوَّى لِشَدَّاد بْن اَلْأَسْوَد اَللَّيْثِيّ
أَلَمَّتْ بِالتَّحِيَّةِ أَمْ بَكْر فَحَيَّوْا أَمْ بَكْر بِالسَّلَامِ
وَكَائِن بالطوي طُوِيَ بِدُرّ مِنْ الأحساب وَالْقَوْم اَلْكِرَام
وَكَائِن بالطوي طُوِيَ بَدْر مِنْ الشيزى تَكَلَّلَ بِالسَّنَامِ
أَلَا يَا أُمّ بِكَرّ لَا تَكُرِّي عَلَيَّ اَلْكَأْس بَعْد أَخِي هُشَام
وَبَعْد أَخِي أَبِيهِ وَكَانَ قَوْمًا مِنْ اَلْأَقْوَام شَرَاب اَلْمَدَام
أَلَا مِنْ مَبْلَغ اَلرَّحْمَن عَنِّي بِأَنِّي تَارِك شَهْر اَلصِّيَام ? . ,
إِذَا مَا اَلرَّأْس زايل مَنْكِبَيْهِ فَقَدْ شَبِعَ اَلْأَنِيس مِنْ اَلطَّعَام
أيوعدنا اِبْن كبشة ان سَنَحْيَا ? وَكَيْفَ حَيَاة أَصْدَاء وَهَامّ ?
أَتَتْرُكُ أَنْ تَرُدّ اَلْمَوْت عَنِّي وَتُحْيِينِي إِذَا بَلِيَتْ عِظَامِي ? .
وَلَا يَدَّعِي مِثْل هَذِهِ اَلدَّعَاوِي إِلَّا مَنْ يَسْتَبْسِل وَرَاءَهَا لِلْحَمَّامِ , وَلَا يَأْسَف لَهُ
عِنْد اَلْإِلْمَام .


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:47 AM   #53
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


وَحَدَّثَتْ أَنْ ‎ أَبَا اَلطَّيِّب أَيَّام كَمَا إقطاعه " ‎ بِصَفّ ‎ " رؤي يُصَلِّي بِمَوْضِع بمعرة
اَلنُّعْمَان يُقَال لَهُ كَنِيسَة اَلْأَعْرَاب وَأَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَذَلِكَ فِي وَقْت اَلْعَصْر ,
فَيَجُوز أَنْ يَكُون رَأَى أَنَّهُ عَلَى سَفَر , وَأَنَّ اَلْقَصْر لَهُ جَائِز .
وَحَدَّثَنِي اَلثِّقَة عَنْهُ حَدِيثًا مَعْنَاهُ , أَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ فِي بَيْن عُدَيّ وَحَاوَلَ أَنْ يَخْرُج
فِيهِمْ قَالُوا لَهُ وَقَدْ تَبَيَّنُوا دَعْوَاهُ هَا هُنَا نَاقَة صَعْبَة , فَإِنْ قَدَّرَتْ عَلَى رُكُوبهَا
أَقْرَرْنَا أَنَّك مُرْسَل , وَأَنَّهُ مَضَى إِلَيَّ تِلْكَ اَلنَّاقَة و هِيَ رَائِحَة اَلْإِبِل , فَتُحِيل
حَتَّى وَثَبَ عَلَى ظَهْرهَا , فَنَفَرَتْ سَاعَة وَتَنَكَّرَتْ بُرْهَة , ثُمَّ سَكَنَ نفارها وَمَشَتْ مَشْي
المسمحة وَأَنَّهُ وَرَدَ بِهَا اَلْحُلَّة , وَهُوَ رَاكِب عَلَيْهَا , فَعَجِبُوا لَهُ كُلّ اَلْعَجَب ,
وَصَارَ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِله عِنْدهمْ .
وَحَدَثَتْ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ فِي يوان اَللَّاذِقِيَّة , وَأَنَّ بَعْض اَلْكِتَاب اِنْقَلَبَتْ عَلَى يَده
سِكِّين اَلْأَقْلَام , فَجَرَحَتْهُ جُرْحًا مُفْرِطًا , وَأَنَّ أَبَا اَلطَّيِّب , تَفَلَ عَلَيْهَا مِنْ رِيقه ,
وَشَدَّهَا غَيْر مُنْتَظِر لِوَقْتِهِ , وَقَالَ لِلْمَجْرُوحِ لَا تُحِلّهَا فِي يَوْمك , وَعْد هَلْ أَيَّامًا
وَلَيَالِي , وَأَنَّ ذَلِكَ اَلْكَاتِب , قَبْل مِنْهُ فَبَرِيء اَلْجُرْح , فَصَارُوا يَعْتَقِدُونَ فِي أَبِي
اَلطَّيِّب أَعْظَم اِعْتِقَاد وَيَقُولُونَ هُوَ كَمُحْيِي اَلْأَمْوَات .
وَحَدَّثَ رَجُل كَانَ أَبُو اَلطَّيِّب قَدْ اِسْتَخْفَى فِي اَللَّاذِقِيَّة أَوْ فِي غَيْرهَا مِنْ اَلسَّوَاحِل ,
أَنَّهُ أَرَادَ اَلِانْتِقَال مِنْ مَوْضِع إِلَى مَوْضِع فَخَرَجَ بِاللَّيْلِ وَمَعَهُ ذَلِكَ اَلرَّجُل , وَلَقِيَهَا
كَلْب أَلَحَّ عَلَيْهَا فِي اَلنُّبَاح , ثُمَّ اِنْصَرَفَ , فَقَالَ أَبُو اَلطَّيِّب لِذَلِكَ اَلرَّجُل وَهُوَ
عَائِد إِنَّك سَتَجِدُ ذَلِكَ اَلْكَلْب قَدْ مَاتَ , فَلَمَّا عَادَ اَلرَّجُل أَلْفَى اَلْأَمْر عَلَى مَا ذَكَّرَ
[ وَلَا يَمْتَنِع أَنْ يَكُون أُعِدّ لَهُ شَيْئًا مِنْ اَلْمَطَاعِم مَسْمُومًا وَأَلْقَاهُ لَهُ وَهُوَ يُخْفِي
عَنْ صَاحِبه مَا فَعَلَ , والخربق سُمّ اَلْكِلَاب مَعْرُوف ] ‎
وَأَمَّا القطربلي وَابْن أَبِي اَلْأَزْهَر فَمِنْ الزول , اِجْتِمَاعهمَا عَلَى تَأْلِيف اَلْكِتَاب
, وَقُلْ مَا يَعْرِف مِثْل ذَلِكَ , وَنَحْو مِنْهُ قِصَّة " ‎ الخالديين ‎ " اَللَّذَيْنِ كَانَا فِي
اَلْمُوصِل وَهُمَا شَاعِرَانِ , وَقَدْ كَانَا عِنْد سَيْف اَلدَّوْلَة وَانْصَرِفَا عَلَى حَدّ مغاضبة ,
وَلَهُمَا دِيوَان يَنْسُب إِلَيْهِمَا لَا يَنْفَرِد فِيهِ أَحَدهمَا بِشَيْء دُون اَلْآخَر إِلَّا فِي
أَشْيَاء قَلِيلَة وَهَذَا مُتَعَذِّر فِي وَلَد آدَم إِذْ كَانَتْ اَلْجِبِلَّة عَلَى اَلْخِلَاف وَقِلَّة
اَلْمُوَافَقَة فَأَمَّا أَنْ يَعْمَل اَلرَّجُل شَيْئًا مِنْ كِتَاب , ثُمَّ يُتِمّهُ اَلْآخَر , فَهُوَ أُسَوِّغ فِي
اَلْمَعْقُول مِنْ ‎ أَنْ يَجْتَمِع عَلَيْهِ اَلرَّجُلَانِ وَالْبَغْدَادِيُّونَ يَحْكُمُونَ أَنَّ أَبَا سَعِيد
السرافي عَمَل مِنْ كِتَابه اَلْمَعْرُوف بِالْمُقْنِعِ أَوْ اَلْإِقْنَاع إِلَى بَاب اَلتَّصْغِير ثُمَّ
تُوُفِّيَ وَأَتَمَّهُ بَعْده وَلَده أَبُو مُحَمَّد وَقَدْ يَجُوز مِثْل هَذَا وَلَيْسَ عِنْدهمْ فِيهِ رَيْب ,
و حَكَى لِي اَلثِّقَة أَنَّ أَبَا عَلِيّ اَلْفَارِسِيّ كَانَ يَذْكُر أَنَّ أَبَا بَكْر بْن اَلسِّرَاج عَمِلَ مِنْ ‎
( اَلْمُوجِز ) اَلنِّصْف اَلْأَوَّل لِرَجُل بزاز ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى أَبِي عَلِيّ بِإِتْمَامِهِ وَهَذَا لَا
يُقَال أَنَّهُ مِنْ إِنْشَاء أَبِي عَلِيّ لِأَنَّ اَلْمَوْضُوع مِنْ ( اَلْمُوجَز ) هُوَ مَنْقُول مِنْ كَلَام
اِبْن اَلسِّرَاج فِي اَلْأُصُول ) وَفِي اَلْجُمَل , فَكَأَنَّ أَبَا عَلِيّ جَاءَ بِهِ عَلَى سَبِيل اَلنَّسْخ
, لَا أَنَّهُ اِبْتَدَعَ شَيْئًا مِنْ عِنْده .
وَاَلَّذِينَ رَوَوْا دِيوَان أَبِي اَلطَّيِّب يَحْكُونَ عَنْهُ أَنَّهُ وَلَد سَنَة ثَلَاث وَثَلَثمِائَة وَكَانَ
طُلُوعه إِلَى اَلشَّام إِحْدَى وَعِشْرِينَ فَأَقَامَ فِيهِ بُرْهَة ثُمَّ عَادَ إِلَى اَلْعِرَاق وَلَمْ تُطِلْ
مُدَّته هُنَالِكَ وَالدَّلِيل عَلَى صِحَّة هَذَا اَلْخَبَر أَنَّ مَدَائِحه فِي صِبَاهُ إِنَّمَا هِيَ فِي أَهْل
اَلشَّام إِلَّا قَوْله
كَفِّي أَرَانِي وَيَكُ لَوْمك ألوما
وَأَمَّا شكيته أَهْل اَلزَّمَان إِلَيْهِ , فَإِنَّهُ سَلَكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَاج اَلْمُتَقَدِّمِينَ , وَقَدْ
كَثُرَ اَلْمَقَال فِي ذَمّ اَلدَّهْر حَتَّى جَاءَ فِي اَلْحَدِيث , " لَا تَسُبُّوا اَلدَّهْر فَإِنَّ اَللَّه
هُوَ اَلدَّهْر " وَقَدْ عَرَفَ مَعْنَى هَذَا اَلْكَلَام , وَأَنَّ بَاطِنه لَيْسَ كَظَاهِرِهِ إِذْ كَانَ
اَلْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ اَلسَّلَام , لَمْ يَذْهَب أَحَد مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ اَلدَّهْر هُوَ اَلْخَالِق , وَلَا
اَلْمَعْبُود وَقَدْ جَاءَ فِي اَلْكِتَاب اَلْكَرِيم : " وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا اَلدَّهْر " ‎ .
وَقَوْل بَعْض اَلنَّاس اَلزَّمَان حَرَكَة اَلْفَلَك , لَفْظ لَا حَقِيقَة لَهُ وَفِي اَلْكِتَاب سِيبَوَيْهِ
مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ اَلزَّمَان عِنْده , مُضِيّ اَللَّيْل وَالنَّهَار , وَقَدْ تُعَلِّق عَلَيْهِ فِي هَذِهِ
اَلْعِبَارَة .
وَقَدْ حَدَدْته حَدًّا , مَا أَجْدَرَهُ أَنْ يَكُون قَدْ سَبَقَ إِلَيْهِ أَنِّي لِمَ اِسْمَعْهُ وَهُوَ أَنْ يَقُول
" اَلزَّمَان شَيْء أَقَلّ جُزْء مِنْهُ يَشْتَمِل عَلَى جَمِيع اَلْمُدْرِكَات , وَهُوَ فِي ذَلِكَ ضِدّ
اَلْمَكَان , لِأَنَّ أَقَلّ جُزْء مِنْهُ لَا يُمْكِن أَنْ يَشْتَمِل عَلَى شَيْء كَمَا تَشْتَمِل عَلَيْهِ
اَلظُّرُوف فَأَمَّا اَلْكَوْن فَلَابُدَّ مِنْ تَشَبُّثه بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ
وَاَلَّذِينَ قَالُوا : ‎ " ‎ وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا اَلدَّهْر " وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ اَلْمَقَال مِثْل اَلْبَيْت
اَلْمَنْسُوب إِلَى اَلْأَخْطَل , وَذَكَرَهُ حَبِيب بْن أوس لشمعلة التغلبي وَهُوَ
فَإِنَّ أَمِير اَلْمُؤْمِنِينَ وَفِعْله لكالدهر لَا عَار بِمَا فَعَلَ اَلدَّهْر
وَقَوْل اَلْآخَر
اَلدَّهْر لَاءَمَ بَيْن أَلِفَتْنَا وكذاك فَرَّقَ بَيْننَا اَلدَّهْر
وَقَوْل أَبِي صَخْر : -
عَجِبْت لِسَعْي اَلدَّهْر بَيْنِي وَبَيْنهَا
فَلِمَا اِنْقَضَى مَا بَيْننَا , سَكَن اَلدَّهْر
لَمْ يَدَّعِ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ كَانَ يُقَرِّب لِلْأَفْلَاكِ اَلْقَرَابِين وَلَا يَزْعُم أَنَّهَا تَعْقِل وَإِنَّمَا
ذَلِكَ شَيْء يَتَوَارَثهُ اَلْأُمَم فِي زَمَان بَعْد زَمَان وَكَانَ فِي عَبْد القيس شَاعِر يُقَال لَهُ
" شَاتَمَ اَلدَّهْر " , وَهُوَ اَلْقَائِل
وَلِمَا رَأَيْت اَلدَّهْر وَعْرًا سَبِيله وَأَبْدَى لَنَا وَجْهًا أزب مجدعا
وَجَبْهَة قِرْد كَالشِّرَاكِ ضَئِيلَة وَأَنْفًا وَلَوَى بالعثانين اخدعا
ذَكَرْت اَلْكِرَام اَلذَّاهِبِينَ أُولِي اَلنَّدَى وَقُلْت لِعَمْرو وَالْحُسَام أَلَّا دَعَا
وَأَمَّا غَيْظه عَلَى اَلزَّنَادِقَة وَالْمُلْحِدِينَ فَأَجُرّهُ اَللَّه عَلَيْهِ , كَمَا أَجُرّهُ عَلَى اَلظَّمَأ
فِي طَرِيق مَكَّة , وَاصْطِلَاء اَلشَّمْس مَعْرِفَة وَمَبِيته بالمزدلفة , وَلَا رَيْب أَنَّهُ
اِبْتَهَلَ إِلَى اَللَّه سُبْحَانه , فِي اَلْأَيَّام اَلْمَعْدُودَات وَالْمَعْلُومَات , أَنْ يَثْبُت هِضَاب
اَلْإِسْلَام , وَيُقِيم لِمَنْ اِتَّبَعَهُ اَلنَّيِّر مِنْ اَلْأَعْلَام , وَلَكِنَّ اَلزَّنْدَقَة دَاء قَدِيم ,
طَالَمَا حَلَمَ بِهَا اَلْأَدِيم وَقَدْ رَأَى بَعْض اَلْفُقَهَاء أَنَّ اَلرِّجْل إِذَا ظَهَرَتْ زَنْدَقَته ثُمَّ
تَابَ فَزَعًا مِنْ اَلْقَتْل , لَمْ تَقْبَل تَوْبَته وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرهمْ , مِنْ اَلْكُفَّار , لِأَنَّ
اَلْمُرْتَدّ إِذَا رَجَعَ قَبْل مِنْهُ اَلرُّجُوع
وَلَا مِلَّة إِلَّا وَلَهًا قَوْم مُلْحِدُونَ وَيُرُونَ أَصْحَاب شَرْعهمْ , أَنَّهُمْ موالفون وَهُمْ
فِيهَا بَطْن مُخَالِفُونَ , وَلَابُدَّ أَنْ يُهْتَك مُخَادِع وَتَبْدُو مِنْ اَلشَّرّ جنادع
وَقَدْ تَكُون مُلُوك فَارِس تَقْتُل عَلَى اَلزَّنْدَقَة , وَالزَّنَادِقَة هُمْ اَلَّذِينَ يُسَمُّونَ
اَلدَّهْرِيَّة وَلَا يَقُولُونَ بِنُبُوَّة وَلَا كِتَاب
وَبِشَارٍ إِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ غَيْره , وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ وَجَدّ فِي كُتُبه رُقْعَة مَكْتُوب فِيهَا
أَنِّي أَرَدْت أَنْ أَهْجُو فُلَان بْن فُلَان , اَلْهَاشِمِيّ , فَصَفَحَتْ عَنْهُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُول
اَللَّه صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُشَار سِيبَوَيْهِ وَأَنَّهُ حَضَّرَ يَوْمًا
حَلْقَة يُونُس بْن حَبِيب فَقَالَ : هَلْ هَهُنَا مَنْ يَرْفَع خَبَّرَا ? فَقَالُوا : - لَا فَأَنْشُدهُمْ
بُنِّيّ أُمِّيَّة هَبُّوا مِنْ رُقَادكُمْ إِنَّ اَلْخَلِيفَة يَعْقُوب بْن دَاوُد لَيْسَ اَلْخَلِيفَة بِالْمَوْجُودِ
فَالْتَمَسُوا خَلِيفَة اَللَّه بَيْن اَلنَّاي وَالْعُود وَكَانَ فِي اَلْحَلْقَة سِيبَوَيْهِ فَيَدَّعِي بَعْض
اَلنَّاس أَنَّهُ وَشَى بِهِ , وَسِيبَوَيْهِ فِيمَا أَحْسَب كَانَ أَجْل مَوْضِعًا مِنْ أَنْ يُدْخِل فِي هَذِهِ
الدنيات , بَلْ يَعْمِد لِأُمُور سنيات
وَحَكَى عَنْهُ أَنَّهُ عَابَ عَلَيْهِ قَوْله
عَلَى اَلْغَزَلِيّ مِنِّي اَلسَّلَام فَطَالَ مَا لَهَوْت بِهَا فِي ظِلّ مُخْضَرَّة , زَهْر فَقَالَ سِيبَوَيْهِ
لَمْ تُسْتَعْمَل اَلْعَرَب اَلْغَزَالِيّ , فَقَالَ بِشَارٍ هَذَا مِثْل قَوْلهمْ البشكى والجمزى , وَنَحْو
ذَلِكَ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:47 AM   #54
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


وَجَاءَ بِشَارٍ فِي شِعْره بالنينان [ جَمْع نُون مِنْ اَلسَّمَك ] فَيُقَال أَنَّهُ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ
و هَذِهِ أَخْبَار لَا تُثْبِت وَفِيمَا رُوِيَ فِي كِتَاب سِيبَوَيْهِ أَنَّ اَلنُّون عَلَى نينان فَهَذَا
نَقْض لِلْخَبَرِ
وَذَكَر مِنْ نَقْل أَخْبَار بِشَارٍ أَنَّهُ تُوعَد سِيبَوَيْهِ بِالْهِجَاءِ وَأَنَّهُ تَلَافَاهُ وَاسْتَشْهَدَ
بِشِعْرِهِ وَيَجُوز أَنْ يَكُون اِسْتِشْهَاده بِهِ عَلَى نَحْو مَا يُذَكِّرهُ المتذاكرون فِي اَلْمَجَالِس
وَمَجَامِع اَلْقَوْم وَأَصْحَاب بِشَارٍ يَرْوُونَ لَهُ هَذَا اَلْبَيْت
وَمَا كَلَّ ذِي لُبّ بمؤتيك نُصْحه , وَمَا كَلَّ مُؤْتٍ نُصْحه بِلَبِيب وَفِي كِتَاب سِيبَوَيْهِ نِصْف
هَذَا اَلْبَيْت اَلْآخَر , وَهُوَ فِي بَاب اَلْإِدْغَام لَمْ يُسَمَّ قَائِله , زَعَمَ غَيْره أَنَّهُ لِأَبِي
اَلْأَسْوَد اَلدُّؤَلِيّ .
وَيُقَال , أَنَّ يَعْقُوب بْن دَاوُد وَزِير اَلْمَهْدِيّ تَحَامَلَ بِشَارٍ حَتَّى قَتَلَ وَاخْتَلَفَ فِي سَنّه
, فَقِيلَ كَانَ يَوْمئِذٍ اِبْن ثَمَانِينَ سَنَة وَقِيلَ أَكْثَرَ و اَللَّه اَلْعَالِم بِحَقِيقَة اَلْأَمْر
وَلَا أَحْكُم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْل اَلنَّار وَإِنَّمَا ذَكَرَتْ مَا ذَكَرَتْ فِيمَا لِأَنِّي عَقَدْته ,
بِمَشِيئَة اَللَّه وَإِنَّ اَللَّه لِحَلِيم وَهَّاب وَذِكْر صَاحِب كِتَاب اَلْوَرَقَة جَمَاعَة مِنْ اَلشُّعَرَاء
فِي طَبَقَة أَبِي نُوَاسِ , وَمِنْ قَبْله , وَوَصْفهمْ , بِالزَّنْدَقَةِ , وَسَرَائِر اَلنَّاس , مُغَيَّبَة
, وَإِنَّمَا يَعْلَم , بِهَا عِلْم اَلْغُيُوب , وَكَانَتْ تِلْكَ اَلْحَال تَكْتُم فِي ذَلِكَ اَلزَّمَان
خَوْفًا مِنْ اَلسَّيْف , فَالْآن ظر نجيث اَلْقَوْم , وانغاضت التريكة عَنْ أَخْبَث رأل .
وَكَانَ فِي ذَلِكَ اَلْعَصْر رَجُل لَهُ أَصْدِقَاء مِنْ اَلشِّيعَة وَصِدِّيق زِنْدِيق فَدَعَا اَلْمُتَشَيِّعَة فِي
بَعْض اَلْأَيَّام , فَجَاءَ , فَجْأَة اَلزِّنْدِيق فَقَرَعَ حَلْقَة اَلْبَاب وَقَالَ
جَمّ بَلَابِل اَلصَّدْر مُتَقَسِّم اَلْأَشْجَان , وَالْفِكْر
فَقَالَ صَاحِب اَلْمَنْزِل , وَيْحك ! مم ذَا ? فَتَرْكه اَلزِّنْدِيق وَمَضَى فَلَقِيَهُ صَاحِب
اَلْمَأْدُبَة فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا أَرَدْت أَنْ تُوقِعنِي فِيمَا أَكْرَه [ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَظُنّ
أَصْدِقَاؤُهُ أَنَّهُ زِنْدِيق ] فَقَالَ اُدْعُهُمْ ثَانِيَة وَأَعْلَمنِي بِمَكَانِهِمْ فَلَمَّا حَصَلُوا عِنْده ,
جَاءَ اَلزِّنْدِيق , فَقَالَ
جَمّ بَلَابِل , اَلصَّدْر , مُتَقَسِّم اَلْأَشْجَان وَالْفِكْر فَقَالُوا وَيْحك ! مِمَّا ذَا ‎ ?
فَقَالَ .
مِمَّا جَنَاهُ عَلَى أَبِي حَسَن , عُمَر , وَصَاحِبه أَبُو بَكْر , وَانْصَرَفَ فَفَرَح اَلشِّيعَة بِذَلِكَ
و لَقِيَهُ صَاحِب اَلْمَنْزِل فَقَالَ جَزَيْت عَنِّي خَيْرًا , فَقَدْ خَلَّصَنِي مِنْ اَلشُّبْهَة !
وَكَانَ يَجْلِس فِي مَجْلِس اَلْبَصْرَة , جَمَاعَة مِنْ أَهْل اَلْعِلْم , وَكَانَ فِيهِمْ , رَجُل زِنْدِيق
لَهُ سَيْفَانِ , قَدْ سَمَّى أَحَدهمَا " ‎ اَلْخَيْر " وَالْآخِر " ‎ الفلح " فَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُل
مِنْ اَلْمُسْلِمِينَ قَالَ
صَبَّحَك اَلْخَيْر مَسَّاك الفلح
ثُمَّ يَلْتَفِت لِأَصْحَابِهِ اَلَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا مَكَان اَلسَّيْفَيْنِ فَيَقُول :
سَيْفَانِ كَالْبَرْقِ إِذَا اَلْبَرْق لَمْح
فَأَمَّا قَوْل الحكمي
تِيه مُغَنٍّ وَظَرْف زِنْدِيق
فَقَدّ عَيْب عَلَيْهِ هَذَا اَلْمَعْنَى , وَقِيلَ أَنَّهُ أَرَادَ رَجُل مِنْ بَنِي اَلْحَارِث , كَانَ مَعْرُوفًا
, بِالزِّنْدِيقَةِ , وَالظَّرْف , وَكَانَ لَهُ مَوْضِع مِنْ اَلسُّلْطَان , وَقَوْله , فِي صَدْر هَذَا
اَلْبَيْت .
نَدِيم قِيلَ , مُحَدِّثه مَلَكَ
فَهُوَ نَحْو مَنْ قَوْل اِمْرِئ القيس
فَالْيَوْم أَشْرَب غَيْر مستحقب إِنَّمَا مِنْ اَللَّه وَلَا وَاغْلِ
وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْمِل عَلَى قَوْل مَنْ وَقَفَ عَلَى اَلْهَاء كَمَا قَالَ ,
يَا بيذره يَا بيذره يَا بيذره
وَكَمَا قَالَ اَلْآخَر


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:48 AM   #55
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


يَا رَبّ أباز مِنْ العصم صَدْع نَقْبِض اَلظِّلّ عَلَيْهِ فَاجْتَمَعَ
لِمَا رَأَى أَلَّا دَعْهُ وَلَا شِبَع مَالَ إِلَى أَرْطَأَة حقف فَاضْطَجَعَ
لِأَنَّ هَذَا حُسْن فِيهِ إِظْهَار اَلْهَاء , إِذْ كَانَ اَلْكَلَام , تَامًّا يُحْسِن عَلَيْهِ اَلسُّكُوت ,
وَقَوْله مُحْدِثه مَلَكَ , مُضَاف وَمُضَاف إِلَيْهِ , فَلَا يُحْسِن فِيهِ مِثْل ذَلِكَ إِذْ كَانَ
اَلِاسْمَانِ كأسم وَاحِد
وَأَمَّا صَالِح بْن عَبْد اَلْقُدُّوس , فَقَدْ شُهِّرَ بِالزَّنْدَقَةِ , وَلَمْ يَقْتُل وَلِلَّهِ اَلْعِلْم , حَتَّى
ظَهَرَتْ عَنْهُ مَقَالَات تُوجِب ذَلِكَ وَيُرْوَى لِأَبِيهِ عَبْد اَلْقُدُّوس
كَمْ أَهْلَكَتْ مَكَّة مِنْ زَائِر خَرَّبَهَا اَللَّه وَأَبْيَاتهَا
لَا رِزْق اَلرَّحْمَن أَحْيَاءَهَا وأشوات اَلرَّحْمَة أَمْوَاتهَا
وَقَدْ كَانَ لِصَالِح وَلَد حَبْس عَلَى اَلزَّنْدَقَة , حَبْسًا , طُولًا وَهُوَ اَلَّذِي يُرْوَى لَهُ
خَرَجْنَا مِنْ اَلدُّنْيَا وَنَحْنُ مِنْ أَهْلهَا
فَمَا نَحْنُ بِالْأَحْيَاءِ فِيهَا وَلَا اَلْمَوْتَى
إِذْ مَا أَتَانَا زَائِر مُتَفَقِّد
فَرِحْنَا وَقُلْنَا جَاءَ هَذَا مِنْ اَلدُّنْيَا
وَأَمَّا رُجُوعه عَنْ اَلزَّنْدَقَة لِمَا أَحَسَّ بِالْقَتْلِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الختل . فَصَلَّى
اَللَّه عَلَى مُحَمَّد , فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ " بَعَثَتْ بِالسَّيْفِ , وَالْخَيْر فِي اَلسَّيْف ,
وَالْخَيْر بِالسَّيْفِ " , وَفِي حَدِيث آخَر : لَا تَزَال أُمَّتِي بِخَيْر مَا حَمَلَتْ اَلسُّيُوف "
وَالسَّيْف حَمَلَ صَالِحًا عَلَى اَلتَّصْدِيق وَرْده عَنْ رَأْي اَلزِّنْدِيق , وَتِلْكَ آيَة مِنْ آيَات
اَللَّه إِذَا هِيَ ظَهَرَتْ لِلنَّفْسِ اَلْكَافِرَة , فَقَدْ فَنِيَ لَا رَيْب زَمَانهَا , وَلَا يُقْبَل هُنَاكَ
إِيمَانهَا : ‎ " ‎ لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل " وَلِلسَّفَهِ طَلّ ووبل .
وَأَمَّا " ‎ اَلْقِصَار " ‎ فَجَهِلَ يُجْمَع ويصار وَلَوْ تَبِعَ حَقًّا مقروبا , لِكَفِّي سَمَا مَشْرُوبًا
وَلَكِنَّ اَلْغَرَائِز أَعَادَ , وَلَا بُدّ مِنْ لِقَاء اَلْمِيعَاد .
وَأَمَّا اَلْمَنْسُوب إِلَى اَلصَّنَادِيق , فَإِنَّهُ يَحْسَب مِنْ اَلزَّنَادِيق وَأَحْسَبهُ اَلَّذِي كَانَ
يُعْرَف بِالْمَنْصُورِ و ظَهَرَ سَنَة سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَقَامَ بُرْهَة بِالْيَمَنِ , وَفِي زَمَانه
كَانَتْ القيان تَلْعَب بِالدُّفِّ , وَتَقُول :
خُذِي اَلدُّفّ يَا هَذِهِ وَالْعَبِي وَبَثِّي فَضَائِل هَذَا اَلنَّبِيّ
تَوَلَّى نَبِيّ بَنِي هَاشِم وَقَامَ نَبِيّ بُنِيَ يُعْرِب
فَمَا نَبْتَغِي اَلسَّعْي عِنْد اَلصَّفَا وَلَا زورة اَلْقَبْر , فِي يَثْرِب
إِذَا اَلْقَوْم صَلَّوْا فَلَا تَنْهَضِي وَأَنْ صُومُوا فَكُلِي وَاشْرَبِي
وَلَا تَحْرِمِي نَفْسك اَلْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ أَقْرَبِينَ وَمِنْ أَجْنَبِيّ
فَكَيْفَ حَلَلْت لِذَاكَ اَلْغَرِيب وَصِرْت مُحَرَّمَة لِلْأَبِ ?
أَلَيْسَ الغراس لِمَنْ رَبّه وَرَوَاهُ فِي عَامه اَلْمُجْدِب ?
وَمَا اَلْخَمْر إِلَّا كَمَاء اَلسَّحَاب طَلَّقَ , فَقْد سِتّ مِنْ مَذْهَب
فَعَلَى مُعْتَقَد هَذِهِ اَلْمَقَالَة بهلة اَلْمُبْتَهِلِينَ
وَهَذِهِ اَلطَّبَقَة لَعَنَهَا اَللَّه تَسْتَعْبِد الطغام , بِأَصْنَاف مُخْتَلِفَة , فَإِذَا طَمِعَتْ فِي
دَعْوَى اَلرُّبُوبِيَّة , لَمْ تتئب , فِي اَلدَّعْوَى , وَلَا لَهَا عَمَّا قَبَّحَ رعوى , وَإِذَا عَلِمَتْ
, أَنَّ أَنَّ فِي اَلْإِنْسَان تَمَيُّزًا , أَرَتْهُ إِلَى مَا يُحْسِن تَحَيُّزًا .
وَقَدْ كَانَ بِالْيَمَنِ رَجُل يَحْتَجِب فِي حِصْن لَهُ وَيَكُون اَلْوَاسِطَة بَيْنه وَبَيْن اَلنَّاس ,
خَادِمًا لَهُ أُسُود , قَدْ سَمَّاهُ جِبْرِيل , فَقَتَلَهُ اَلْخَادِم فِي بَعْض اَلْأَيَّام , وَانْصَرَفَ ,
فَقَالَ بَعْض المجان : ‎
تَبَارَكَ اَللَّه فِي عُلَاهُ فَرَّ مِنْ اَلْفِسْق جبرئيل
فَطَلّ مَنْ تَزْعُمُونَ رِبَا وَهُوَ عَلَى عَرْشه قَتِيل
وَيُقَال أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا كَانَ يُكَلِّفهُ مِنْ اَلْفِسْق
وَإِذَا طَمَّعَ بَعْض هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَنِع بِالْإِمَامَةِ , وَلَا اَلنُّبُوَّة وَلَكِنَّهُ يَرْتَفِع
صَعِدَا فِي اَلْكَذِب وَيَكُون شُرْبه مِنْ تَحْت اَلْعَذْب [ أَيّ اَلطُّحْلُب ]
وَلَمْ تَكُنْ اَلْعَرَب فِي اَلْجَاهِلِيَّة تُقَدِّم عَلَى هَذِهِ اَلْعَظَائِم وَالْأُمُور , غَيْر اَلْعَظَائِم
, بَلْ كَانَتْ عُقُولهمْ تَجْنَح إِلَى رَأْي اَلْحُكَمَاء , وَمَا سَلَفَ , مِنْ كُتُب اَلْقُدَمَاء , إِذْ
كَانَ أَكْبَر اَلْفَلَاسِفَة , لَا يَقُولُونَ بُنِّيّ وَيَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ زَعَمَ ذَلِكَ بِعَيْن اَلْغَبِيّ
وَكَانَ رَبِيعَة , بْن أُمِّيَّة , بْن خَلْف اَلْجُمَحِيّ , جَرَى لَهُ مَعَ أَبِي بَكْر اَلصَّدِيق , رَحْمَة
اَللَّه عَلَيْهِ و خُطَب فَلَحِقَ بِالرُّومِ , وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ
لَحِقَتْ بِأَرْض اَلرُّوم , غَيْر مُفَكِّر بِتُرْك صَلَاة مِنْ عَشَاء وَلَا ظَهْر
فَلَا تَتْرُكُونِي , مِنْ صَبُوح مدامة فَمَا حَرَّمَ اَللَّه السلاف مِنْ اَلْخَمْر
إِذَا أَمَرَتْ تيم بْن مَرَّة فِيكُمْ فِي أَرْض اَلْحِجَاز وَلَا مِصْر
فَإِنْ يَكُ إِسْلَامِيّ هُوَ اَلْحَقّ وَالْهُدَى فَإِنِّي قَدْ خَلَّيْته لِأَبِي بَكْر
وافتن اَلنَّاس فِي اَلضَّلَالَة حَتَّى استجازوا دَعْوَى اَلرُّبُوبِيَّة فَكَانَ ذَلِكَ تنطسا فِي
اَلْكَفْر وَجَمْعًا لِلْمَعْصِيَةِ , فِي اَلْمَزَاد , الوفر وَإِنَّمَا كَانَ أَهْل اَلْجَاهِلِيَّة يَدْفَعُونَ
اَلنُّبُوَّة وَلَا يُجَاوِزُونَ ذَلِكَ إِلَى سِوَاهُ
وَلِمَا أَجْلَى عُمَر بْن اَلْخُطَّاب , رَحْمَة اَللَّه عَلَيْهِ , أَهْل اَلذِّمَّة عَنْ جَزِيرَة اَلْعَرَب ,
وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الجالين فَيُقَال , أَنَّ رِجْلًا مِنْ يَهُود خَيْبَر يَعْرِف بِسَمِير , بْن أدكن
قَالَ فِي ذَلِكَ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:49 AM   #56
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


يَصُول أَبُو حفص عَلَيْنَا بِدُرَّة رويدك إِنَّ اَلْمَرْء يَطْفُو وَيَرْسُب
كَأَنَّك لَمْ تَتْبَع حُمُولَة مَا قَطُّ لِتَشَبُّع إِنَّ اَلزَّاد شَيْء مُحَبَّب
فَلَوْ كَانَ مُوسَى صَادِقًا مَا ظَهَرْتُمْ عَلَيْنَا وَلَكِنْ دَوْلَة ثُمَّ
تَذْهَب وَنَحْنُ سَبَقْنَاكُمْ إِلَيَّ المين فَاعْرِفُوا لَنَا اَلْبَادِي اَلَّذِي هُوَ
أَكْذَب مَشَيْتُمْ عَلَى آثَارنَا فِي طَرِيقنَا وَبُغْيَتكُمْ فِي أَنْ
تَسُودُوا وَتَرْهَبُوا .
وَمَا زَالَ اَلْيَمَن مُنْذُ كَانَ مَعْدِنًا , لِلْمُتَكَسِّبِينَ بِالتَّدَيُّنِ , وَالْمُحْتَالِينَ , عَلَى
اَلسُّحْت بِالتَّزَيُّنِ , وَحَدَّثَنِي , مَنْ سَافَرَ إِلَى تِلْكَ اَلنَّاحِيَة , أَنَّ بِهِ اَلْيَوْم جَمَاعَة
كُلّهمْ يَزْعُم أَنَّهُ اَلْقَائِم اَلْمُنْتَظِر , فَلَا يَعْدَم جِبَايَة مِنْ مَال , وَيَصِل بِهَا إِلَى
خَسِيس اَلْآمَال
وَحُكِيَ لِي أَنَّ للقرامطة بالأحساء بَيْتًا يَزْعُمُونَ أَنَّ إِمَامهمْ يَخْرُج مِنْهُ , وَيُقِيمُونَ
عَلَى بَاب ذَلِكَ اَلْبَيْت , فَرَسًا بِسَرْج وَلِجَام , وَيَقُولُونَ لِلْهَمَجِ والطغام , هَذَا
اَلْفَرَس لِرُكَّاب اَلْمَهْدِيّ , يَرْكَبهُ مَتَى ظَهَرَ بِحَقّ بدي , وَإِنَّمَا غَرَضهمْ بِذَلِكَ خُدَع
وَتَعْلِيل , وَتَوَصُّل إِلَى اَلْمَمْلَكَة , وَتَضْلِيل
وَمَنْ أَعْجَبَ مَا سَمِعَتْ أَنَّ بَعْض رُؤَسَاء القرامطة , فِي اَلدَّهْر , اَلْقَدِيم , لِمَا حَضَرَتْهُ
اَلْمَنِيَّة جَمْع أَصْحَابه وَجَعَلَ يَقُول لَهُمْ لِمَا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ , وَإِنِّي قَدْ عَزَمْت عَلَى
اَلنَّقْلَة وَقَدْ كُنْت بَعَثْت مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدًا , وَلَا بُدّ لِي أَنْ أَبْعَث غَيْر هَؤُلَاءِ !
فَعَلَيْهِ اَللَّعْنَة , لَقَدْ كَفَرَ أَعْظَم اَلْكُفْر , فِي اَلسَّاعَة اَلَّتِي يَجِب أَنْ يُؤَمِّن فِيهَا
اَلْكَافِر , ويؤوب إِلَى آخِرَته اَلْمُسَافِر .
وَأَمَّا اَلْوَلِيد بْن يَزِيد فَكَانَ عَقْله وَعَقْل وَلِيد , فَقَدْ بَلَغَ سِنّ اَلْكَهْل اَلْجَلِيد ,
مَا أَغْنَتْهُ نِيَّة سابجة , وَلَا نَفَعَتْ البنابجة , وَشَغَلَ عَنْ الباطية , وَبِجَرِيدَة
اَلنَّفْس الخاطية , وَدَحَاهُ إِلَى سَقَر داح , فَمَا يَغْتَرِف بِالْأَقْدَاحِ وَقَدْ رَوَيْت لَهُ
أَشْعَار يَلْحَق بِهِ مِنْهَا اَلْعَار , كَقَوْلِهِ
أَدْنَيَا مِنِّي خَلِيلِي عبدلا دُون اَلْإِزَار
فَلَقَدْ أَيْقَنَتْ أَنِّي غَيْر مَبْعُوث لِنَار
وَاتْرُكَا مَنْ يَطْلُب اَلْجَنَّة يعسى فِي خسار
سَأُرَوِّضُ اَلنَّاس حَتَّى يَرْكَبُوا دِين اَلْحِمَار
فَالْعَجَب لِزَمَان صَيَّرَ مَثَله إِمَامًا وَأَوْرَدَهُ مِنْ اَلْمَمْلَكَة , جِمَاعًا , وَلَعَلَّ غَيْره مِمَّنْ
مَلَكَ يَعْتَقِد مِثْله أَوْ قَرِيبًا , وَلَكِنْ يساتر وَيَخَاف تَثْرِيبًا , وَمِمَّا يَرْوِي لَهُ
أَنَا اَلْإِمَام اَلْوَلِيد مُفْتَخِرًا أَجْر بِرَدِّي وَأَسْمَع اَلْغَزَل
أَسْحَب ذَيْلَيْ إِلَى مَنَازِلهَا , وَلَا أُبَالِي مَنْ لَامَ أَوْ عذل
مَا اَلْعَيْش إِلَّا سَمَاع مُحْسِنَة وَقَهْوَة تُتْرَك اَلْفَتَى ثَمِلًا
أَرْتَجِي اَلْحَوَر فِي اَلْخُلُود وَهَلْ يَأْمُل حَوَر اَلْجِنَان مَنْ عَقَلَا ?
إِذَا حَبَتْك اَلْوَصْل غَانِيَّة فَجَازِهَا بِذُلِّهَا كَمَنْ وَصَلَا
وَيُقَال أَنَّهُ لَمَّا أُحِيطَ بِهِ , وَدَخْل اَلْقَصْر وَأُغَلِّق بَابه وَقَالَ
دَعَوْا لِي هِنْدًا وَالرَّبَابَة وفرتني
وَمُسْمِعَة حَسْبِي بِذَلِكَ مَالًا
خُذُوا مَلِككُمْ لَا ثَبَتَ اَللَّه مَلِككُمْ
فَلَيْسَ يُسَاوِي بَعْد ذَاكَ عِقَالًا
وَخَلَوَا سَبِيلِي قَبْل عِير وَمَا جَرَى
وَلَا تَحْسُدُونِي أَنْ أَمُوت هُزَالًا
فَأَلَّبَ عَنْ تِلْكَ اَلْمَنْزِلَة أَيْ الب , وِرْثِي رَأْسه فِي فَم كَلْب , كَذَلِكَ نَقَلَ بَعْض اَلرُّوَاة
وَاَللَّه اَلْقَائِم بِجَزَاء اَلْغُوَاة , وَلَا حِيلَة لِلْبَشَرِ فِي أُمّ دفر , أَعْيَتْ كُلّ حَضَر
وَسِفْر , وَكَانَ حَقّ اَلْخِلَافَة أَنْ تُفْضِي إِلَى مَنْ هُوَ , بِنُسُك مَعْرُوف , لَا تَصَرُّفه عَنْ
اَلرُّشْد صُرُوف , وَلَكِنَّ اَلْبَلِيَّة , خَلَقَتْ مَعَ اَلشَّمْس , فَهَلْ يُخْلِص مَنْ سَكَنَ فِي رمس ? ‎
وَأَمَّا أَبُو عِيسَى , بْن اَلرَّشِيد , فَلَيْسَ بالناشد وَلَا اَلنَّشِيد , وَإِنْ صَحَّ مَا وَرَيّ
عَنْهُ فَقَدْ بَايَنَ بِذَلِكَ أَسْلَافه , وَأَظْهَرَ لِأَهْل اَلدِّيَانَة خِلَافه
وَمَا يَحْفُل رَبّه بِالْعَبِيدِ صَائِمِينَ , لِلْخِيفَةِ , وَلَا مُفْطِرِينَ وَلَكِنَّ اَلْإِنْس , غَدَوْا
محظرين , وَرُبَّمَا كَانَ اَلْجَاهِل , أَوْ اَلْمُتَجَاهِل , يَنْطِق بِالْكَلِمَةِ وَخَلَّدَهُ بِضِدِّهَا آخل
وَإِنَّمَا أَقُول ذَلِكَ رَاجِيًا أَنَّ أَبَا عِيسَى وَنُظَرَاءَهُ لَمْ يَتْبَعُوا فِي اَلْغَيّ أُمَرَاءَهُ
وَأَنَّهُمْ عَلَى سِوَى مَا عُلْنَ يَبِيتُونَ لَقَدْ وَعَظَهُمْ اَلْمَيِّتُونَ .
وَرَأَى بَعْضهمْ عَبْد اَلسَّلَام بْن رغبان , اَلْمَعْرُوف بِدِيك اَلْجِنّ , فِي اَلنَّوْم , وَهُوَ
بِحَسَن حَال , فَذِكْر لَهُ اَلْأَبْيَات اَلْفَائِيَّة , اَلَّتِي فِيهَا
هِيَ اَلدُّنْيَا , وَقَدْ نَعِمُوا بِأُخْرَى , وَتَسْوِيف , اَلظُّنُون مِنْ السواف , [ أَيّ اَلْهَلَاك
] فَقَالَ إِنَّمَا كُنْت أَتَلَاعَب بِذَلِكَ , وَلَمْ أَكُنْ أَعْتَقِدهُ
وَلَعَلَّ كَثِيرًا مِمَّنْ شُهِّرَ بِهَذِهِ اَلْجَهَالَات تَكُون طَوِيَّته إِقَامَة اَلشَّرِيعَة
والإرتاع بِرِيَاضِهَا , اَلْمُرِيعَة , فَأَنَّ اَللِّسَان طماح , وَلَهُ بالفند إسماح , وَكَانَ
أَبُو عِيسَى اَلْمَذْكُور يَسْتَحْسِن شِعْره فِي اَلْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَة , وَأَنْشُد لَهُ اَلصُّولِيّ ,
فِي نَوَادِره : ‎
لِسَانَيْ كَتُوم لِأَسْرَارِهِ وَدَمْعِي نَوْم بِسِرَّيْ مُذِيع
وَلَوْلَا دُمُوعِي كَتَمَتْ اَلْهَوَى وَلَوْلَا اَلْهَوَى لَمْ يَكُنْ لِي دُمُوع
فَإِنْ كَانَ فَرّ مِنْ صِيَام شَهْر , فَلَعَلَّهُ يَقَع فِي تَعْذِيب , اَلدَّهْر و " ‎ لَا يَيْأَس مِنْ رُوح
اَللَّه إِلَّا اَلْقَوْم اَلْكَافِرُونَ " ‎ .
وَأَمَّا الجنابي , فَلَوْ عُوقِبَ , بَلَد بِمَنّ , يُسَكِّنهُ , لَجَازَ أَنْ تُؤْخَذ بِهِ " ‎ جَنَابَة "
وَلَا يُقْبَل لَهَا إِنَابَة , وَلَكِنَّ حُكْم اَلْكُتَّاب , اَلْمَنْزِل , أَجْدَر , وَأَحْرَى , " أَلَّا
تَزِر وازرة وِزْر أُخْرَى " ‎ .
وَقَدْ أَخْتَلِف فِي حَدِيث اَلرُّكْن مَعَهُ فَزَعَمَ مَنْ يَدَّعِي , اَلْخِبْرَة , بِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ ,
لِيَعْبُدهُ وَيُعَظِّمهُ لِأَنَّهُ بَلَّغَهُ أَنَّهُ قَدْ اَلصَّنَم اَلَّذِي جُعِلَ عَلَى خَلْق زُحَل , وَقِيلَ ,
جَعَلَهُ مَوْطِئًا فِي مرتفق , وَهَذَا تَنَاقُض فِي اَلْحَدِيث , وَأَيّ ذَلِكَ كَانَ فَعَلَيْهِ ,
اَللَّعْنَة مَا رَسَا " ثبير " وهمى صبير .
وَأَمَّا اَلْعُلْوِيّ اَلْبَصَرِيّ , فَذِكْر بَعْض اَلنَّاس أَنَّهُ كَانَ قَبْل خُرُوجه يَذْكُر أَنَّهُ مِنْ عَبْد
القيس ثُمَّ مِنْ أَنْهَار , وَكَانَ أَسِمهُ أَحْمَد , فِلْمًا , خَرَجَ تُسَمَّى , عُلْيَا , وَالْكَذِب ,
كَثِير جَمّ , كَأَنَّهُ فِي اَلنَّظَر , طَوْد أَشُمّ , وَالصِّدْق , لَدَيْهِ , كَالْحَصَاةِ , وتوطأ
بِأَقْدَام , عُصَاة وَتِلْكَ اَلْأَبْيَات , اَلْمَنْسُوبَة إِلَيْهِ مَشْهُورَة وَهِيَ
أَيًّا حِرْفَة , اَلزَّمَنِيّ أَلَمَّ بِك اَلرَّدَى
أَمَّا لِي خَلَاص , مِنْك وَالشَّمْل جَامِع
لَئِنْ قَنِعَتْ نَفْسِي بِتَعْلِيم , صَبِيَّة
يَد اَلدَّهْر , إِنِّي بِالْمَذَلَّةِ قَانِع
وَهَلْ يَرْضَيْنَ حُرّ بِتَعْلِيم صَبِيَّة


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:49 AM   #57
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


وَقَدْ ظَنَّ أَنَّ اَلرِّزْق فِي اَلْأَرْض وَاسِع ? ‎
وَمَا أَمْنَع أَنْ يَكُون حَمْله حَبّ اَلْحُطَام , عَلَى أَنَّ غَرَق فِي بَحْر طام , يَسْبَح فِيهِ "
مَا دَامَتْ اَلسَّمَوَات , وَالْأَرْض , إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك , إِنَّ رَبّك , فَعَالَ لِمَا يُرِيد " ,
وَقَدْ رَوَيْت لَهُ أَبْيَات تَدَلٍّ عَلَى تَأْلُهُ , وَمَا أَدْفَع أَنْ تَكُون قِيلَتْ عَلَى لِسَانه , لِأَنَّ
مِنْ خَبَر هَذَا اَلْعَالِم حَكَم , عَلَيْهِ بِفُجُور ومين , وَأَخْلَاق تَبْعُد مِنْ الزين ,
وَالْأَبْيَات
قُتِلَتْ اَلنَّاس إِشْفَاقًا عَلَى نَفْسِي كَيْ تَبْقَى
وَحُزْت اَلْمَال بِالسَّيْفِ لِكَيْ أَنْعَم لَا أَشْقَى
فَمَنْ أَبْصَرَ مَثْوَايَ فَلَا يَظْلِم إِذَا خُلِقَا
فَيَا وَيْلِي إِذَا مَا مُتّ عِنْد اَللَّه مَا أَلْقَى
أَخْلَدَا فِي جِوَار اَللَّه أَمْ فِي نَاره أَلْقَى ? ‎ .
وَأَنْشَدَنِي بَعْضهمْ , أَبْيَاتًا , قَافِيَة , طَوِيلَة , اَلْوَزْن , وَقَافِيَّتهَا مِثْل هَذِهِ
اَلْقَافِيَة , قَدْ نُسِبَتْ إِلَى عَضُد اَلدَّوْلَة , وَقِيلَ أَنَّهُ افاق فِي بَعْض اَلْأَيَّام ,
فَكَتَبَهَا , عَلَى جِدَار اَلْمَوْضِع اَلَّذِي كَانَ فِيهِ , ووقد نُحِّيَ بِهَا نَحْو أَبْيَات اَلْبَصَرِيّ
, وَأَشْهَد أَنَّهَا مُتَكَلِّفَة , صَنَعَهَا رَقِيع مِنْ اَلْقَوْم , وَأَنَّ عَضُد اَلدَّوْلَة , مَا سَمِعَ
بِهَا قَطُّ
وَأَمَّا اَلْحِكَايَة , عَنْ أَصْحَاب اَلْحَدِيث , أَنَّهُمْ صَحَّفُوا " ‎ رَحْمَة " فَقَالُوا رَحْمَة ,
فَلَا أُصَدِّق بِمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا , وَالْكَذِب غَالِب ظَاهِر وَالصِّدْق خُفَّيْ مُتَضَائِل , فَإِنَّا
لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَكَذَلِكَ أدعاء مَنْ يَدَّعِي أَنَّ عُلْيَا عَلَيْهِ اَلسَّلَام , قَالَ
تَهْلَك اَلْبَصْرَة بِالزِّنْجِ , فَصَحَّفَهَا أَهْل اَلْحَدِيث , " ‎ بِالرِّيحِ " لَا أومن بِشَيْء مِنْ
ذَلِكَ , وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ , عَلَيْهِ اَلسَّلَام , وَلَا غَيْره مِمَّنْ يَكْشِف لَهُ عِلْم اَلْغَيْب ,
وَفِي اَلْكِتَاب اَلْعَزِيز , قُلْ لَا يُعَلِّم مَنْ فِي اَلسَّمَوَات وَالْأَرْض , إِلَّا اَللَّه " , وَفِي
اَلْحَدِيث اَلْمَأْثُور أَنَّهُ سَمِعَ جِوَارِي يُغَنِّينَ فِي عُرْس وَيَقُلْنَ
وَأَهْدَى لَنَا أكبشا تبحبح فِي المربد
وَزَوَّجَك فِي اَلنَّادِي وَيَعْلَم مَا فِي غَد
فَقَالَ لَا يَعْلَم مَا فِي غَد إِلَّا اَللَّه
وَلَا يَجُوز أَنْ يُخْبِر مُخْبِر , مُنْذُ مِائَة سَنَة , أَنَّ أَمِير حَلَب
حَرَسَهَا , اَللَّه , فِي سَنَة أَرْبَع وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعمِائَة اِسْمه فُلَان بْن فُلَان , وَصِفَته
كَذَا فَإِنْ اِدَّعَى ذَلِكَ مُدَّعٍ فَإِنَّمَا هُوَ متخرص كَاذِب .
وَأَمَّا اَلنُّجُوم فَإِنَّمَا لَهَا تَلْوِيح وَحُكِيَ أَنَّ اَلْفَضْل اِبْن سَهْل كَانَ يَتَمَثَّل كَثِيرًا بِقَوْل
الراجز
لَئِنْ نَجَوْت وَنَجَتْ رَكَائِبِي مِنْ غَالِب وَمِنْ لَفِيف غَالِب
وَإِنِّي لنجاء مِنْ الكرائب
وَأَنْ غَالِبًا كَانَ فِيمَنْ قَتَلَهُ فَهَذَا يَتَّفِق مِثْله , وَأَجْدَرَ بِهَذِهِ اَلْحِكَايَة , أَنْ تَكُون
مَصْنُوعَة , فَأَمَّا تَمَثُّله بِالشِّعْرِ فَغَيْر مُسْتَنْكِر , وَرُبَّمَا اِتَّفَقَ أَنْ يَكُون فِي اَلْوَقْت
جَمَاعَة يُسَمُّونَ بِهَذَا اَلِاسْم فَيُمْكِن أَنْ يَقْتَرِن مَعْنَى بِلَفْظ عَلَى أَنَّ فِي اَلْأَيَّام ,
عَجَائِب وَفَوْق كُلّ ذِي عِلْم عَلِيم .
وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ إِيَاس , بْن مُعَاوِيَة اَلْقَاضِي كَانَ يَظُنّ اَلْأَشْيَاء فَتَكُون كَمَا ظَنَّ وَلِهَذِهِ
اَلْعِلَّة قَالُوا , رَجُل نِقَاب وَأَلْمَعِيّ , قَالَ أوس اَلْأَلْمَعِيّ , اَلَّذِي يَظُنّ بِك اَلظَّنّ كَأَنَّ
قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا وَقَالَ نِقَاب يُحَدِّث بِالْغَائِبِ
فَأَمَّا اَلْحُسَيْن بْن مَنْصُور , فَلَيْسَ جَهْله بِالْمَحْصُورِ , وَإِذَا كَانَتْ اَلْأُمَّة , رُبَّمَا
عَبَدَتْ اَلضَّلَالَة , عَلَى اَلْقُطْب , فَانْتَقَلَ عَنْ تَدْبِير اَلْعَطَب , وَلَوْ اِنْصَرَفَ إِلَى عِلَاج
البرس , وَمَا بَقِيَ ذُكِرَ عَنْهُ , فِي طرس وَلَكِنَّهَا مَقَادِير تَغْشَى اَلنَّاظِر بِهَا سمادير
فَكَوَّنَ اِبْن آدَم , حَصَاة أَوْ صَخْرَة , أَجَمَّلَ بِهِ أَنْ يَجْعَل سُخْرَة وَالنَّاس إِلَى اَلْبَاطِل ,
سِرَاع , وَلَهُمْ إِلَى اَلْفِتَن إِسْرَاع .
وَكَمْ اُفْتُرِيَ لِلْحَلَّاجِ , وَالْكَذِب , كَثِير الخلاج , وَجَمِيع مَا يُنْسَب إِلَيْهِ مِمَّا لَمْ
تَجْرِ اَلْعَادَة , بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ المين , الحنبريت , لَا أُصَدِّق بِهِ وَلَوْ كريت , وَمِمَّا
يَفْتَعِل عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِينِ , قَتَلُوهُ , أتظنون أَنَّكُمْ إِيَّايَ تَقْتُلُونَ ? ‎ إِنَّمَا
تَقْتُلُونَ بَغْلَة المادراني " , وَأَنَّ اَلْبَغْلَة وُجِدَتْ فِي إِصْطَبْلهَا مَقْتُولَة .
وَفِي اَلصُّوفِيَّة , إِلَى اَلْيَوْم , مَنْ يَرْفَع شَأْنه وَيَجْعَل مَعَ اَلنَّجْم مَكَانه , وَبَلَغَنِي
أَنَّ بِبَغْدَاد قَوْمًا , يَنْتَظِرُونَ , خُرُوجه وَأَنَّهُمْ يَقِفُونَ , بِحَيْثُ صُلِبَ , عَلَى دِجْلَة ,
يَتَوَقَّعُونَ ظُهُوره , وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبِدَع مِنْ جَهْل اَلنَّاس , وَلَوْ عَبْد عَابِد ظَبْي , كَنَّاس ,
فَقَدْ نَزَّلَ حَظّ عَلَى قِرْد , فَظَفِرَ بِأَكْرَم اَلْوَرْد , وَقَالَتْ اَلْعَامَّة , اُسْجُدْ لِلْقِرْدِ فِي
زَمَانه وَأَنَا أتحوب مِنْ ذِكْر اَلْقِرْد اَلَّذِي يُقَال , أَنَّ اَلْقُوَّاد , فِي زَمَن زُبَيْدَة ,
كَانُوا يَدْخُلُونَ لِلسَّلَامِ , عَلَيْهِ , وَأَنْ يَزِيد اِبْن مَزِيد , اِبْن مَزِيد اَلشَّيْبَانِيّ دَخْل
اَلْمُسْلِمِينَ فَقَتْله وَقَدْ رُوِيَ أَنْ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة كَانَ لَهُ قِرْد يَحْمِلهُ عَلَى أَتَان
وَحْشِيَّة وَيُرْسِلهَا مَعَ اَلْخَيْل فِي اَلْحَلْبَة .
وَأَمَّا اَلْأَبْيَات اَلَّتِي عَلَى اَلْيَاء
يَا سِرّ سِرّ يَدُقّ حَتَّى يَجِلّ عَنْ وَصْف كُلّ حَيّ
وَظَاهِرًا بَاطِنًا تَبْدِي مَنْ كُلّ شَيْء لِكُلّ شَيْء
يَا جُمْلَة اَلْكُلّ لَسْت غَيْرِي فَمَا اِعْتِذَارِي إِذَا إِلَيَّ ?
فَلَا بَأْس بِنُظُمِهَا فِي اَلْقُوَّة , وَلَكِنَّ قَوْله إِلَيَّ عَاهَة , فِي اَلْأَبْيَات إِنَّ قَيْد ,
فَالْقَيْد لِمِثْل هَذَا اَلْوَزْن لَا يَجُوز عِنْد بَعْض اَلنَّاس , وَإِنَّ كَسْر اَلْيَاء مِنْ ( إِلَيَّ )
فَذَلِكَ رَدِيء قَبِيح
وَأَصْحَاب اَلْعَرَبِيَّة , مُجْمِعُونَ عَلَى كَرَاهَة قِرَاءَة حَمْزَة . وَمَا أَنَّتهمْ بِمُصْرِخِي , بِكَسْر
اَلْيَاء , وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا عَمْرو بْن اَلْعَلَاء سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَنَّهُ لِحُسْن تَارَة
إِلَى فَوْق , وَتَارَة إِلَى أَسْفَل [ يَعْنِي فَتْح اَلْيَاء فِي مُصْرِخِي وَكَسْرهَا ] ‎ وَاَلَّذِينَ
نَقَلُوا هَذِهِ اَلْحِكَايَة , يَحْتَجُّونَ بِهَا لِحَمْزَة وَيَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ أَبَا عَمْرو أَجَازَ
اَلْكَسْر لِالْتِقَاء اَلسَّاكِنَيْنِ , وَإِذَا صِحْت اَلْحِكَايَة عَنْهُ فَمَا قَالَهَا إِلَّا متهزنا عَلَى
مَعْنَى اَلْعَكْس , كُمَّا اَلْغَنَوِيّ [ وَهُوَ سَهْل بْن حَنْظَلَة ] لَا يَمْنَع اَلنَّاس مِنِّي , مَا
أَرَدْت وَلَا أُعْطِيهِمْ مَا أَرَادُوا , حَسُنَ ذَا أَدَبًا [ أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ بِحُسْن ] وَهَذَا كَمَا
يَقُول اَلرَّجُل لِوَلَدِهِ إِذَا رَآهُ قَدْ فَعَلَ قَبِيحًا , مَا أَحْسَنَ هَذَا ! وَهُوَ يُرِيد ضِدّ
اَلْحَسَن . وَلَمْ يَأْتِ كَسْر هَذِهِ اَلْيَاء , فِي شِعْر فَصِيح , وَقَدْ طَعَنَ اَلْفِرَاء عَلَى اَلْبَيْت
اَلَّذِي أُنْشِدهُ قَالَ لَهَا : ‎ هَلْ لَك يَا تافي ? قَالَتْ لَهُ مَا أَنْتَ بِالْمَرَضِيِّ .
وَقَدْ سَمِعَتْ فِي أَشْعَار اَلْمُحَدِّثِينَ إِلَيَّ وَعَلَيَّ , وَنَحْو ذَلِكَ وَهُوَ دَلِيل عَلَى ضَعْف اَلْمِنَّة
, وَرَكَاكَة اَلْغَرِيزَة ?
وَكَذَلِكَ قَوْله " ‎ اَلْكُلّ " إِدْخَاله اَلْأَلِف وَاللَّام مَكْرُوه , وَكَانَ أَبُو عَلِيّ يُجِيزهُ
وَيَدَّعِي إِجَازَته عَلَى سيبوبه , فَأَمَّا اَلْكَلَام اَلْقَدِيم فَيَفْقِد فِيهِ اَلْكُلّ و اَلْبَعْض
وَقَدْ أَنْشَدُوا بَيْتًا لسحيم رَأَيْت اَلْغَنِيّ و اَلْفَقِير كِلَيْهِمَا إِلَى اَلْمَوْت يَأْتِي لِلْكُلِّ
مُعَمِّدًا وَيَنْشُد لِفَتَى كَانَ فِي زَمَن اَلْحَلَّاج .
إِنَّ يُكِنّ مَذْهَب اَلْحُلُول صَحِيحًا فَإِلَهِيّ فِي حُرْمَة اَلزُّجَاج
عَرَّضَتْ فِي غَلَّايَة بِطِرَاز بِي دَار اَلْعَطَّار وَالثَّلَاث
زَعَمُوا لِي أَمْرًا وَمَا صَحَّ لَكِنَّ هُوَ مِنْ إِفْك شَيْخنَا اَلْحَلَّاج
فِرْعَوْن كَانَ عَلَى مَذْهَب اَلْحُلُولِيَّة , فَلِذَلِكَ اِدَّعَى أَنَّهُ رَبّ اَلْعِزَّة
وَحَكَى عَنْ رَجُل مِنْهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي تَسْبِيحه
سُبْحَانك سبحاني غُفْرَانك غُفْرَانِي
وَهَذَا هُوَ اَلْجُنُون اَلْغَالِب إِنَّ مَنْ يَقُول هَذَا اَلْقَوْل مَعْدُود فِي اَلْأَنْعَام مَا عَرَفَ
كُنْه اَلْإِنْعَام وَقَالَ بَعْضهمْ
أَنَا أَنْتَ بِلَا شَكّ فَسُبْحَانك سبحاني
وإسخاطك إسخاطي وَغُفْرَانك غُفْرَانِي
وَلَمْ أَجِد يَا رَبِّي إِذَا قِيلَ هُوَ اَلزَّانِي
وَبَنُو آدَم بِلَا عُقُول , وَهَذَا أَمْر يُلَقِّنهُ صَغِير عَنْ كَبِير فَيَكُون بالهلكة أَوْفَى
صبير " أَمْ تَحْسَب أَنَّ أَكْثَرهمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ , إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ
أَضَلّ سَبِيلًا " .
وَيَرْوِي لِبَعْض أَهْل هَذِهِ اَلنَّحْلَة :
رَأَيْت رَبِّي يَمْشِي بلالكة فِي سُوق يَحْيَى فَكَدَّتْ أنفطر
فَقُلْت هَلْ فِي اِتِّصَالنَا , طَمَع ? فَقَالَ هَيْهَاتَ ! يَمْنَع اَلْحَذِر
وَلَوْ قَضَى اَللَّه أَلَّفَهُ , بِهَوَى لَمْ يَكُنْ إِلَّا اَلسُّجُود وَالنَّظَر
وَتُؤَدِّي هَذِهِ اَلنَّحْلَة إِلَى اَلتَّنَاسُخ , وَهُوَ مَذْهَب عَتِيق يَقُول , بِهِ أَهْل اَلْهِنْد , وَقَدْ
كَثُرَ فِي جَمَاعَة مِنْ اَلشِّيعَة , نَسْأَل اَللَّه اَلتَّوْفِيق وَالْكِفَايَة
وَيَنْشُد لِرَجُل مِنْ النصيرية
اعجبي أَمْنًا لِصَرْف اَللَّيَالِي جُعِلَتْ أُخْتنَا سَكِينَة فَارِه
بِالْإِغْوَاءِ هَذِهِ اَلسَّنَانِير عَنْهَا وَاتْرُكِيهَا وَمَا تَضُمّ الغرارة
وَقَالَ آخِر مِنْهُمْ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:50 AM   #58
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


تَبَارَكَ اَللَّه كَاشِف اَلْمِحَن فَقَدْ أَرَانَا عَجَائِب اَلزَّمَن
حِمَار شيبان شَيْخ بَلْدَتنَا صَيَّرَهُ جَارنَا أَبُو اَلسَّكَن
بَدَّلَ مِنْ مَشْيه بِحُلَّتِهِ مِشْيَته فِي اَلْحِزَام والرسن
وَيُصَوِّر لَهُمْ اَلرَّأْي اَلْفَاسِد , أباجير , وَمُشَبَّهَات فَيَسْلُكُونَ فِي تغلس وَفِي اَلتُّرَّهَات
وَحُكِيَ لِي عَنْ بَعْض مُلُوك اَلْهِنْد , وَكَانَ شَابًّا , حِسّنَا , أَنَّهُ جدر فَنَظَرَ إِلَى وَجْهه
فِي اَلْمَرْأَة وَقَدْ تَغَيَّرَ , فَأَحْرَقَ نَفْسه , وَقَالَ أُرِيد أَنْ يَنْقُلنِي اَللَّه إِلَى صُورَة
أَحْسَن مِنْ هَذِهِ
وَحَدَّثَنِي قَوْم مِنْ اَلْفُقَهَاء مَا هُمْ فِي اَلْحِكَايَة , بِكَاذِبِينَ , وَلَا فِي أَسْبَاب اَلنَّحْل
جاذبين , أَنَّهُمْ كَانُوا فِي بِلَاد مَحْمُود , وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَة وَيَكُونُونَ أَقْرَب اَلْجُنْد
, إِلَيْهِ إِذَا حَلَّ وَإِذَا اِرْتَحَلَ وَأَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ سَافَرَ , فِي جَيْش جهزة مَحْمُود ,
وفجالآ خَبِّرْهُ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ بِمَوْت أَوْ قَتْل , فَجَمَعَتْ اِمْرَأَته لَهَا حَطَبًا , كَثِيرًا ,
وَأَوْقَدَتْ نَارًا عَظْمِيَّة , وَاقْتَحَمَتْهَا وَالنَّاس يَنْظُرُونَ وَكَانَ ذَلِكَ اَلْخَبَر بَاطِلًا , فَلَمَّا
قَدَّمَ اَلزَّوْج أَوْقَدَ لَهُ نَارًا جاحمة , لِيَحْرُق نَفْسه , حَتَّى يَلْحَق بِصَاحِبَتِهِ , إِلَيْهِ
فَيُوصُونَهُ بِأَشْيَاء إِلَى أَمْوَاتهمْ , هَذَا إِلَى أَبِيهِ , وَهَذَا إِلَى أَخِيهِ , وَجَاءَهُ
إِنْسَان , مِنْهُمْ بِوَرْدَة , وَقَالَ أُعْطَ هَذِهِ فَلَانَا [ يَعْنِي , مَيِّتًا لَهُ ] وَقَذَفَ نَفْسه
فِي تِلْكَ اَلنَّار .
وَحَدَّثَ مِنْ شَاهِد إحراقهم نُفُوسهمْ , أَنَّهُمْ إِذَا لذعتهم اَلنَّار أَرَادُوا اَلْخُرُوج
فَيَدْفَعهُمْ مَنْ حَضَر إِلَيْهَا بِالْعَصِيِّ وَالْخَشَب , فَلَا إِلَه إِلَّا اَللَّه لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا
إِدًّا
وَفِي اَلنَّاس مَنْ يَتَظَاهَر بِالْمَذْهَبِ وَلَا يَعْتَقِدهُ , يَتَوَصَّل بِهِ إِلَى اَلدُّنْيَا ,
اَلْفَانِيَة , وَهِيَ أَغْدِر مِنْ الورهاء اَلزَّانِيَة
وَكَانَ لَهُمْ فِي اَلْمَغْرِب , رَجُل يَعْرِف بِابْن هَانِئ , وَكَانَ مِنْ شُعَرَائِهِمْ , اَلْمُجِيدِينَ
, فَكَانَ يَغْلُو فِي مَدْح اَلْمُعِزّ أَبِي تَمِيم مُعَدّ , غُلُوًّا , عَظِيمًا , حَتَّى قَالَ يُخَاطِب
صَاحِب اَلْمِظَلَّة .
أمديرها مِنْ حَيْثُ دَارَ لِشَدّ مَا زَاحَمَتْ تَحْت رُكَّابه جبريلا
وَقَالَ فِيهِ وَقَدْ نَزَلَ بِمَوْضِع يُقَال لَهُ رقادة
حَلَّ برقادة اَلْمَسِيح حَلّ بِهَا آدَم وَنُوح
حَلّ بِهَا اَللَّه ذُو اَلْمَعَالِي وَكُلّ شَيْء سِوَاهُ رِيح
وَحَضَر شَاعِر يُعْرَف بِابْن اَلْقَاضِي بَيْن يَدَيْ اِبْن أَبِي عَامِر , صَاحِب اَلْأَنْدَلُس فَأَنْشُدهُ
, قَصِيدَة أَوَّلهَا
مَا شِئْت لَا مَا شَاءَتْ اَلْأَقْدَار فَاحْكُمْ فَأَنْتِ اَلْوَاحِد اَلْقَهَّار
وَيَقُول فِيهَا أَشْيَاء , فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ اِبْن أَبِي عَامِر , وَأَمْر بِجَلْدِهِ وَنَفْيه
وَأَدُلّ رُتَب اَلْحَلَّاج أَنْ يَكُون شعوذيا , لَا ثَاقِب اَلْفَهْم وَلَا أحوذيا , عَلَى أَنَّ
اَلصُّوفِيَّة تُعَظِّمهُ مِنْهُمْ طَائِفَة , مَا هِيَ لِأَمْرِهِ شائفة
وَأَمَّا اِبْن أَبِي عَوْن فَإِنَّهُ أَخَذَ فِي لَوْن بَعْد لَوْن , وَغَرَّ اَلْبَائِس بِأَبِي جعفره , فَمَا
جَعَلَ رُسُله فِي أَوْفَره , وَقَدْ تَجِد اَلرَّجُل حَاذِقًا فِي اَلصِّنَاعَة بَلِيغًا فِي اَلنَّظَر
وَالْحُجَّة فَإِذَا رَجَعَ إِلَى اَلدِّيَانَة أَلْفِيّ كَأَنَّهُ غَيْر مقتاد , وَإِنَّمَا يَتْبَع مَا يَعْتَاد
والتأله مَوْجُود فِي اَلْغَرَائِز وَيَحْسَب مِنْ الألجاد , الحرائز , وَيُلَقِّن اَلطِّفْل ,
اَلنَّاشِئ مَا سَمِعَهُ مِنْ اَلْأَكَابِر , فَيَلْبَث مَعَهُ فِي اَلدَّهْر اَلْغَابِر , وَاَلَّذِينَ يَسْكُنُونَ
فِي اَلصَّوَامِع , وَالْمُتَعَبِّدُونَ فِي اَلْجَوَامِع يَأْخُذُونَ مَا هُمْ عَلَيْهِ كَنَقْل , اَلْخَبَر عَنْ
اَلْمُخْبِر , وَلَا يُمَيِّزُونَ اَلصِّدْق مِنْ اَلْكَذِب , لَدَى اَلْمُعَبِّر , فَلَوْ أَنَّ بَعْضهمْ أَلْفَى
اَلْأُسْرَة مِنْ اَلْمَجُوس لَخَرَجَ مَجُوسِيًّا , أَوْ مِنْ اَلصَّابِئَة , لِأُصْبِح لَهُمْ قَرِينًا سيا ,
وَإِذَا اَلْمُجْتَهِد نَكَبَ عَنْ اَلتَّقْلِيد , فَمَا يَظْفَر بِغَيْر التبليد , وَإِذَا اَلْمَعْقُول ,
جَعَلَ هادبا , نَقَع بِرَيِّهِ صَادِيًّا , وَلَكِنْ أَيْنَ مَنْ يَصْبِر عَلَى أَحْكَام اَلْعَقْل , وَيَصْقُل
فَهْمه أَبْلَغَ صَقْل ? ‎ هَيْهَاتَ ! عَدَم ذَلِكَ فِي مَنْ تَطَلَّعَ عَلَيْهِ اَلشَّمْس وَمَنْ ضَمَّنَهُ فِي
اَلرِّمَم رمس , إِلَّا أَنْ يَشِذّ رَجُل فِي اَلْأُمَم يَخُصّ مِنْ فَضْل بِعِمَم .
وَرُبَّمَا لَقِينَا مِنْ نَظَر فِي كُتُب اَلْحُكَمَاء , وَتَبِعَ بَعْض آثَار اَلْقُدَمَاء , فَأَلْقَيْنَاهُ
, يَسْتَحْسِن , قَبِيح اَلْأُمُور , وَيَبْتَكِر بِلُبّ مَغْمُور إِنَّ قَدْر عَلَى فَظِيع رَكِبَهُ , وَإِنَّ
عُرْف وَاجِبًا , كَأَنَّ اَلْعَالِم , سَعَوْا , لَهُ فِي إفقاد , فَهُوَ يَعْتَقِد شَرّ اِعْتِقَاد ,
وَأَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَة , خَانَ وَإِنْ سُئِلَ عَنْ شَهَادَة مان , وَسِنّ وَصْف لِعَلِيل صِفَة فَمَا يَحْفُل
أقتلته بِمَا قَالَ أَمْ ضَاعَفَ عَلَيْهِ اَلْأَثْقَال بَلْ غَرَضه فِيمَا يَكْتَسِب , وَهُوَ إِلَى
اَلْحِكْمَة مُنْتَسِب
وَرَبّ زَارَ بِالْجَهَالَةِ , عَلَى أَهْل مِلَّة , وَعِلَّته , اَلْبَاطِنَة أَدْهَى عِلَّة , وَإِنَّ اَلْبَشَر
, لَكُمَا جَاءَ فِي اَلْكِتَاب , اَلْعَزِيز " ‎ كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهَا فَرِحُونَ "
وَالْإِمَامِيَّة , تَقْرُبُوا بِالتَّعْفِيرِ , فَعَدَّهُ بَعْض اَلْمُتَدَيِّنَة ذَنْبًا , لَيْسَ بِغَفِير
وَيَحْضُر اَلْمَجَالِس أُنَاس طَاغُونَ , كَأَنَّهُمْ لِلرُّشْدِ بَاغُونَ , وَأُولَئِكَ عِلْم اَللَّه أَصْحَاب
اَلْبِدَع , و اَلْمَكْر , وَمَنْ لَك برنح فِي دكر , كَمْ مُتَظَاهِر بِاعْتِزَال , وَهِرّ مَعَ
اَلْمُخَالِف فِي نِزَال ! يَزْعُم أَنَّ رَبّه , عَلَى الذره يَخْلُد فِي اَلنَّار , بَلَه اَلدَّرَاهِم
وبلة اَلدِّينَار , وَمَا يَنْفَكّ يحتقب المآثم , عَظَائِم وَيَقَع بِهَا فِي أطائم ,
يَنْهَمِك عَلَى العهار , وَالْفِسْق , ويظعن مِنْ اَلْأَوْزَار الموبقة بِأَوْفَى وَسُقْ , يَقْنُت
عَلَى رَهْط اَلْإِجْبَار , وَيُسْنِد إِلَى عَبْد اَلْجَبَّار , يُطِيل اَلدَّأْب فِي اَلنَّهَار وَاللَّيْل
, وَيُضْمِر أَنَّ شَيْخ اَلْمُعْتَزِلَة غَيْر طَاهِر الردن , لَا الذبل فَقَدْ صَيَّرَ , اَلْجَدَل
مِصْيَدَة , يُنَظِّم بِهِ اَلْغَيّ قَصِيدَة
وَحَدَثَتْ عَنْ إِمَام لَهُمْ يُوَقِّر , وَيَتَّبِع وَكَأَنَّهُ مِنْ اَلْجَهْل رُبْع و أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَلَسَ
فِي اَلشُّرْب , وَدَارَتْ عَلَيْهِمْ , اَلْمُسْكِرَة , ذَات اَلْغَرْب , وَجَاءَهُ اَلْقَدَح شُرْبه
فَاسْتَوْفَاهُ وَأَشْهَدَ مِنْ حَضْرَة عَلَى اَلتَّوْبَة , لِمَا أَفْتَاهُ
وَالْأَشْعَرِيّ إِذَا كَشَفَ , ظَهَرَ , نَمِّي , تَلْعَنهُ اَلْأَرْض , اَلرَّاكِدَة و السمي , وَإِنَّمَا
مَثَله مِثْل رَاعٍ , حطمة , يخبط فِي اَلدَّهْمَاء , اَلْمُظْلِمَة , وَلَا يَحْفُل , عَلَّام هَجَمَ
بِالْغَنَمِ , وَأَنْ يَقَع بِهَا فِي اَلْيَمّ , وَمَا أَجْدَرَهُ أَنْ تَأْتِي , بِهَا سراحين تَضْمَن
لِجَمِيعِهَا أَنْ يَحِين ! فَمَنَّ لَهُ أَيْسَر حجى , وَكَأَنَّمَا وَضْع فِي دُجَى , إِلَّا منم عَصَمَهُ
الهل بِاتِّبَاع اَلسَّلَف , وَتَحَمُّل مَا يَشْرَع مِنْ اَلْكَلَف .
وَإِنَّا , وَلَا كُفْرَان لِلَّهِ رَبّنَا
لكالبدن , وَلَا تَدْرِي مَتَى حَتْفهَا اَلْبَدَن
إِنَّ شِعْر قَلَّدَ اَلْمِسْكِين سِوَاهُ , فَإِنَّمَا وَثِقَ بِمَنْ أَغْوَاهُ وَإِنَّ بَحْث عَنْ اَلسِّرّ وَتَبَصُّر ,
أُقَصِّر عَنْ اَلْخَبَر , وَقَصْر
وَالشِّيعَة يَزْعُمُونَ أَنَّ عَبْد اَللَّه بْن مَيْمُون القداح , [ وَهُوَ مِنْ باهلة ] كَانَ مِنْ
عَلَيْهِ أَصْحَاب جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَلَيْهِ اَلسَّلَام وَرَوَى عَنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا , ثُمَّ اِرْتَدَّ بَعْد
ذَلِكَ فَحَدَّثَنِي بَعْض شُيُوخهمْ أَنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنْهُ وَيَقُولُونَ حَدَّثَنَا عَبْد اَللَّه بْن مَيْمُون
القداح كَأَحْسَن مَا كَانَ [ أَيْ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ ] ‎ وَيَرْوُونَ لَهُ
هَاتِ اِسْقِنِي الخمرة يَا سَنَبِرُّ فَلَيْسَ عِنْدِي أَنَّنِي أَنْشُر
أَمَا تَرَى اَلشِّيعَة فِي فِتْنَة يَغُرّهَا مِنْ دِينهَا جَعْفَر ? ‎
قَدْ كُنْت مَغْرُورًا بِهِ بُرْهَة ثُمَّ بَدَا لِي خَبَر يَسْتُر
وَمِمَّا يُنْسَب إِلَيْهِ
مَشَيْت إِلَى جَعْفَر حِقْبَة فَأَلْفَيْته خَادِعًا يَخْلُب
يَجُرّ اَلْعَلَاء إِلَى نَفْسه وَكُلّ إِلَى حَبْله يَجْذِب


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:50 AM   #59
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


فَلَوْ كَانَ أَمْرهمْ صَادِقًا لَمَا ظَلَّ مقتولكم يَسْحَب
وَلَا غَضّ مِنْكُمْ عَتِيق , وَلَا سِيَّمَا عُمْر فَوْقكُمْ , يَخْطُب
وَالْحُلُولِيَّة , قَرِيبَة , مِنْ مَذْهَب , اَلتَّنَاسُخ , وَحَدَّثَتْ عَنْ رَجُل مِنْ رُؤَسَاء ,
اَلْمُنَجِّمِينَ مِنْ أَهْل حُرَّانِ أَقَامَ فِي بَلَدنَا زَمَانًا , فَخَرَجَ مَرَّة مَعَ قَوْم يَتَنَزَّهُونَ ,
فَمَرُّوا بِثَوْر يكرب , فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا أَشُكّ فِي أَنَّ هَذَا اَلثَّوْر رَجُل كَانَ يَعْرِف
بِخَلْف بَحْرَانِ , وَجَعَلَ يَصِيح بِهِ يَا خَلْف فَيَتَّفِق أَنْ يَخُور ذَلِكَ اَلثَّوْر , فَيَقُول
لِأَصْحَابِهِ , أَلَّا تَرَوْنَ , إِلَى صِحَّة مَا خَبَّرَتْكُمْ بِهِ ?
وَحُكِيَ لِي عَنْ رَجُل آخَر , مِمَّنْ يَقُول بِالتَّنَاسُخِ أَنَّهُ قَالَ , رَأَيْت فِي اَلنَّوْم أَبِي
وَهُوَ يَقُول لِي , يَا بَنِي , إِنَّ رُوحِي قَدْ نُقِلَتْ إِلَيَّ جَمَل أَعْوَر فِي قِطَار , فُلَان ,
وَإِنِّي قي اِشْتَهَيْت بِطِّيخه قَالَ فَأَخَذْت بِطِّيخَة وَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ اَلْقِطَار فَوُجِدَتْ فِيهِ
جَمَلًا أَعْوَر فَدَنَوْت مِنْهُ بِالْبِطِّيخَةِ , فَأَخَذَهَا أَخْذ مُرِيد مُشْتَهٍ !
أَفَلَا يَرَى مَوْلَايَ اَلشَّيْخ إِلَى مَا رَمَى بِهِ هَذَا اَلْبَشَر مِنْ سُوء اَلتَّمْيِيز , وَتَحَيُّزهمْ
إِلَى مَا يَمْتَنِع مِنْ اَلتَّحَيُّز ? ‎ .
وَأَمَّا اِبْن الراوندي فَلَمْ يَكُنْ إِلَى اَلْمَصْلَحَة بِمَهْدِيّ , أَمَّا ( تَاجه ) فَلَا يَصْلُح
أَنْ يَكُون نَعْلًا , وَلَمْ يَجِدّ مِنْ عَذَاب وَعُلَا [ أَيّ مَلْجَأ ] قَالَ ذُو اَلرُّمَّة : ‎
حَتَّى إِذَا لَمْ يُجْدِ وَعَلَا , وَنُجَنِّبهَا مَخَافَة اَلرَّمْي , حَتَّى كُلّهَا هيم وَيَجُوز أَنْ
يُنَظِّم ( تَاجه ) عَقَارِب فَمَا كَانَ اَلْمُحْسِن , وَلَا المقارب , فَكَيْفَ بِهِ إِذَا تَوَّجَ
شبوات , أَلَيْسَ يُمَنِّيه عَنْ تِلْكَ الصبوات ? ‎ وَهَلْ ( تَاجه ) إِلَّا كَمَا قَالَتْ الكاهنة
, أُفّ وَتَفِ وَجَوْرَب وَخُفّ ! قِيلَ وَمَا جَوْرَب وَخُفّ ? ‎ قَالَتْ , وَادِيَانِ بِجَهَنَّم
وَمَا ( تَاجه ) بِتَاج مَلِك , وَلَكِنْ دُعِيَ بِالْمُهْلِكِ , وَلَا اُتُّخِذَ مِنْ اَلذَّهَب , وَسَوْفَ
يُصَوِّر مِنْ اَللَّهَب , وَلَا نُظُم مِنْ دُرّ , بَلْ وَقَعَ مِنْ عَنَاء بَقَر , [ يُقَال : صَاحِب
بَقْر إِذَا وَقَعَتْ فِي مَوْضِعهَا وَأَكْثَر مَا يُسْتَعْمَل ذَلِكَ فِي اَلشَّرّ , قَالَ اَلشَّاعِر : ‎
تَرْجِيهَا وَقَدْ صَابَتْ بَقَر , كَمَا تَرْجُو أَصَاغِرهَا عتيب ]
مَا تَوَّجَ مِنْ اَلْفِضَّة وَلَا يَقْنَع لَهُ بالقضه , وَمَا هُوَ كَتَاج كِسْرَى , وَلَكِنَّ طُرُق بِسُوء
اَلْمَسْرَى , وَلَا تَاج اَلْمَلِك أَنْوِ شِرَوَان , وَلَكِنْ أَثْقَلَ , وَجَرَّ اَلْهَوَان , وَذَلِكَ تَاج
فَرَس عُنُقًا , فَظَنَّ عَلَى مَنْ تَوَّجَ بِهِ مخنقا , لَيْسَ هُوَ كَتَاج اَلْمُنْذِر , وَلَكِنْ مندية
غَوِيّ حَذَّرَ وَلَا هُوَ كَخَرَزَات اَلنُّعْمَان , بَلْ شِين يَدَّخِر فِي اَلْأَزْمَان , وَمَا يُفْقِر مِثْله
إِلَى أَنْ يَنْقَضّ مِنْهُ وَبِهِ تَقَوُّض
وَأَمَّا اَلدَّامِغ فَمَا أَخَالهُ دَمَغَ إِلَّا مِنْ أَلِفه , وَبِسُوء اَلْخِلَافَة خَلْفه وَفِي اَلْعَرَب
رَجُل يَعْرِف بدميغ اَلشَّيْطَان وَهَذَا اَلرَّجُل كذاوي اَلْخَيْطَانِ , وَإِنَّمَا اَلْمُنْكَر أَنَّهُ فِي
اَلْآوِنَة يَذْكُر , دَلَّ مِمَّنْ وَضَعَهُ عَلَى ضِعْف دِمَاغ , فَهَلْ يُؤْذَن لِصَوْت ماغ ? ‎ [ مِنْ
قَوْلهمْ : ‏ مغت اَلْهِرَّة إِذَا صَاحَتْ ]
رَمَانِي بِأَمْر كُنْت مِنْهُ وَوَالِدِي بَرِيئًا وَمِنْ جُول الطوي رَمَانِي
رَجْع عَلَيْهِ حِجْره وَطَالَ فِي اَلْآخِرَة بِجَرِّهِ , بِئْسَ مَا نُسِبَ إِلَى رَاوَنْد فَهَلْ قَدَحَ فِي
دباوند ? إِنَّمَا هَتْك قَمِيصه , وَأَبَانَ لِلنَّاظِرِ خميصة .
وَأَجْمَع مُلْحِد وَمُهْتَدٍ وناكب عَنْ المحجة وَمُقْتَدٍ أَنَّ هَذَا اَلْكِتَاب اَلَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد
صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُتَّاب بَهَرَ بِالْإِعْجَازِ وَلَقِيَ عَدُوَّة بالأرجاز مَا حذي عَلَى
مِثَال وَلَا أَشْبَه غَرِيب اَلْأَمْثَال , وَمَا هُوَ مِنْ اَلْقَصِيد , اَلْمَوْزُون , وَلَا الرجزمن
سَهَّلَ وحزون وَلَا شَاكَلَ خَطَابَة اَلْعَرَب , وَلَا سَجْع اَلْكَهَنَة ذَوِي اَلْإِرْب , وَجَاءَ
كَالشَّمْسِ اَللَّائِحَة نُورًا للمسرة , والبائحة , لَوْ فَهِمَهُ الهضب اَلرَّاكِد لَتَصَدَّعَ ,
أَوْ اَلْوُعُول المعصمة , لَرَاقَ الفادرة وَالصَّدْع : ‎ " ‎ وَتِلْكَ اَلْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ
لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " .
وَإِنَّ اَلْآيَة مِنْهُ أَوْ بَعْض اَلْآيَة لِتَعْتَرِض فِي أَفْصَح كَلِم يَقْدِر عَلَيْهِ اَلْمَخْلُوقُونَ
فَتَكُون فِيهِ كَالشِّهَابِ , اَلْمُتَلَأْلِئ , فِي جُنْح غَسَق , وَالزَّهْرَة , اَلْبَادِيَة فِي جدوب
ذَات نَسَق , فَتَبَارَكَ اَللَّه أَحْسَن اَلْخَالِقِينَ
وَأَمَّا ( ‎ اَلْقَضِيب ) فَمَنْ عَمِلَهُ أَخْسَر صَفْقَة , مِنْ قَضِيب وَخَيْر لَهُ مِنْ إِنْشَائِهِ لَوْ رَكِبَ
قَضِيبًا , عِنْد عَشَائِهِ فَقَذَفَتْ بِهِ عَلَى قتاد , وَنَزَعَتْ اَلْمَفَاصِل كَنَزْع اَلْأَوْتَاد
أَنَّ الطرماح , يَهْجُونِي لِأَشْتُمهُ
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ , عيلت دُونه اَلْقَضِيب ,
كَيْفَ لِلنَّاطِقِ بِهِ أَنْ يَكُون اِقْتَضَبَ وَهُوَ يَافِع , إِذْ مَا لَهُ فِي اَلْعَاقِبَة , شَافِع ,
وَوَدَّ لَوْ أَنَّهُ قضبه , أَوْ تَلْتَئِم عَلَيْهِ اَلْهَضْبَة وَقَدْ صَدَّ أَنْ يَكُون مِثْل اَلْقَائِل
وروحة دُنْيَا بَيْن حَيَّيْنِ , رُحْتهَا , أَسِير عُرُوضًا , أَوْ قَضِيبًا , أُرَوِّضهَا
[ وَقَضِيب وَادٍ كَانَتْ فِيهِ وَقْعَة فِي اَلْجَاهِلِيَّة , بَيْن كندة , وَبَيْن بَنِي اَلْحَارِث ,
اِبْن كَعْب ] ‎ , فَكَيْفَ لِهَذَا المائق , أَنْ يَكُون قَتَلَ فِي قَضِيب , وَسَقَطَ فِي إِهَابه
الخضيب , و فَهُوَ عَلَيْهِ شَرّ مِنْ قَضِيب , اَلشَّجَرَة , عَلَى اَلسَّاعِيَة , وَمَنْ لَهُ أَنْ يَظْفَر


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-09, 02:51 AM   #60
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


بِمَنْطِق اَلنَّاعِيَة ? , وَكَيْفَ لَهُ أَنْ يجدع بِقَضِيب هِنْدِيّ , وَيَلْبَس مِمَّا لَفَظَ بِهِ ثُوِّبَ
المفدي , لَقَدْ أَنْزَلَ اَللَّه بِهِ مِنْ اَلنَّكَال , مَا لَا يَدْفَع بِحَمْل اَلْأَنْكَال , فَهُوَ
كَمَا قَالَ اَلْأَوَّل : ‎
فَلَمْ أَرَ مَغْلُوبِينَ يَفْرِي فَرَيْنَا وَلَا وَقْع ذَاكَ اَلسَّيْف , وَقَعَ قَضِيب
وَهَذَا اَلْبَيْت يَسْتَشْهِد بِهِ , كَمَا لِأَنَّهُ قَالَ مَغْلُوبِينَ , يَفْرِي
وَإِنَّمَا يَجِب أَنْ يُقَال و يَفْرِيَانِ , وَلَكِنَّهُ أَجْرَى الأثنين مَجْرَى اَلْجَمْع , وَمَثَّلَهُ
قَوْل الراجز
مِثْل القراخ نَتَقَتْ حَوَاصِله
وَأُمًّا ( ‎ اَلْفَرِيد ) , فَأُفْرِدهُ مِنْ كُلّ خَلِيل , وَأَلْبَسهُ فِي اَلْأَبَد بِرَدّ اَلذَّلِيل ,
وَفِي كندة حَيّ يَعْرِفُونَ بِالْحَيِّ اَلْفَرِيد , وَهُمْ بَنُو اَلْحَرْث بْن عُدَيّ بْن رَبِيعَة ,
اَلْأَكْبَر , بْن اَلْحَرْث , اَلْأَصْغَر , اِبْن مُعَاوِيَة , بْن اَلْحَرْث اَلْأَكْبَر بْن مُعَاوِيَة ,
بْن ثَوْر بْن مَرْتَع بْن مُعَاوِيَة , اِبْن ثَوْر , وَهُوَ كندة , وَأَصْحَاب اَلنِّسَب يَقُولُونَ
كَنَدِيّ بْن عفير بْن عُدَيّ , بْن اَلْحَارِث , بْن مَرَّة , بْن أدد , بْن زَيْد , بْن يَشْجُب ,
اِبْن عريب , بْن زَيْد بْن كَهْلَانِ بْن سَبًّا , وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ اَلْحَيّ اَلْفَرِيد , لِأَنَّ
بُنِّيّ وَهَبَ حَالَفُوا , بَنِي أَبِي كَرْب وَبَنِي اَلْمَثَل , وَلَمْ يَدْخُل مَعَهُمْ بَنِي اَلْحَارِث ,
وَلَا مَعَ بَنِي عُدَيّ , فَقِيلَ لَهُمْ اَلْحَيّ اَلْفَرِيد .
وَمَنْ اِنْفَرَدَ بِعِزَّة , لوقارته , فَإِنَّ " ‎ فَرِيد " ذَلِكَ اَلْجَاحِد , يَنْفَرِد , لِحَقَارَتِهِ
, كَأَنَّهُ اَلْأَجْرَب , وَإِذَا , طُلِيَ بالعنية , فَرَّ مِنْ دُنُوّهُ مَنْ يَرْغَب عَنْ الدنية ,
وَإِذَا جذلت اَلْغَانِيَة , بِفَرِيد اَلنِّظَام , فَهُوَ قِلَادَة مآثم عِظَام , وَذَكَرَ أَبُو
عُبَيْدَة , أَنَّ فِي ظَهْر اَلْفَرَس , فَقَارَّة يُقَال لَهَا اَلْفَرِيدَة وَهِيَ أَعْظَم الفقار ,
فَلَوْ حَمَلَ " ‎ فَرِيد " , ذَلِكَ اَلْمُتَمَرِّد , عَلَى جَوَاد لَحَطَّمَ فريدته , أَوْ زَيَّنَ بِهِ
اَلْمُحِبّ , اَلْغَانِيَة , لِأَهْلِك خريدته .
وَأَمَّا ( اَلْمَرْجَان ) فَإِذَا قِيلَ أَنَّهُ صِغَار اَللُّؤْلُؤ فَمَعَاذ اَللَّه أَنْ يَكُون مَرْجَانَة ,
صِغَار حَصَى , بَلْ أَخَسّ مِنْ أَنْ يَذْكُر فينتصى , وَإِذَا قِيلَ أَنَّهُ هَذَا اَلشَّيْء اَلْأَحْمَر ,
اَلَّذِي يَجِيء بِهِ مِنْ اَلْمَغْرِب , فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ قِيمَة , وَخَسَارَة , كِتَابه مُقَيَّدَة وَإِنَّمَا
هُوَ مَرْجَان , [ مَنْ مَرَجَتْ اَلْخَيْل , بَعْضهَا مَعَ بَعْض , وَتَرِكَتهَا كَالْمُهْمِلَةِ فِي اَلْأَرْض
أَوْ لَعَلَّهُ مَرْجَان [ مِنْ جَنْي اَلشَّجَرَة ] أَوْ مَرْجَان مِنْ اَلشَّيَاطِين , اَلْفَجَرَة , أَوْ جَانّ
مِنْ اَلْحَيَّات اَلْمَقْتُولَة بِأَيْسَر اَلْأَمْر , وَالْمُبْغِضَة , إِلَى اَلْمُنْفَرِد , وَالْعُمْر [ أَيّ
اَلْجَمَاعَة مِنْ اَلنَّاس ح
وَأَمَّا اِبْن اَلرُّومِيّ , فَهُوَ أَحَد مِنْ يُقَال , إِنَّ أَدَبه , كَانَ أَكْثَر مِنْ عَقْله , وَكَانَ
يَتَعَاطَى عِلْم اَلْفَلْسَفَة , وَاسْتَعَارَ , مِنْ أَبِي بَكْر اِبْن اَلسِّرَاج , كِتَابًا , فَتَقَاضَاهُ
بِهِ أَبُو بَكْر , فَقَالَ اِبْن اَلرُّومِيّ , لَوْ كَانَ اَلْمُشْتَرِي , حَدَّثَا لَكَانَ عُجُولًا
وَالْبَغْدَادِيُّونَ يَدَّعُونَ أَنَّهُ مُتَشَيِّع , وَيَسْتَشْهِدُونَ عَلَى ذَلِكَ , بِقَصِيدَتِهِ الجيمية وَمَا
أَرَاهُ إِلَّا عَلَى مَذْهَب غَيْره مِنْ اَلشُّعَرَاء
وَمَنْ أَوْلَعَ بالطيرة , لَمْ يَرَ فِيهَا مِنْ خِيرَة , وَإِنَّمَا هِيَ شَرّ مُتَعَجِّل , وَلِلْأَنْفُسِ ,
أَجْل مُؤَجِّل وَكُلّ ذَلِكَ حَذَر مِنْ اَلْمَوْت اَلَّذِي هُوَ ربق فِي أَعْنَاق اَلْحَيَوَان , حَكَّمَ لِقَاؤُهُ
فِي كُلّ أَوَان .
وَفِي اَلنَّاس مَنْ يَظُنّ أَنَّ اَلشَّيْء إِذَا قِيلَ جَازَ أَنْ يَقَع , وَلِذَلِكَ قَالَتْ اَلْعَامَّة ,
الإرجاف أَوَّل اَلْكَوْن , وَيُقَال أَنَّ اَلنَّبِيّ صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , تُمَثِّل بِهَذَا
اَلْبَيْت وَلَمْ يُتَمِّمهُ
تَفَاءَلَ بِمَا تَهْوَى , يَكُنْ , فَلُقَمًا يُقَال لِشَيْء , كَانَ إِلَّا تَحَقُّقًا , وَمَهْمَا ذَهَبَ
إِلَيْهِ اَللَّبِيب , فَالْخَيْر فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا قَلِيل جِدًّا , وَالشَّرّ , يَزِيد عَلَيْهِ
بِأَجْزَاء لَيْسَتْ بالمحصاة , وَمَا أَشْبَهَ ذَوِي اَلتَّقِيّ بالعصاه , كُلّهمْ , إِلَى اَلتَّلَف
يساقون يُلْقُونَ مَا كَرِهَ , وَلَا يُعَاقِبُونَ , وَلَعَلَّهُ اَللَّه , جُلْت قُدْرَته , يُمَيِّزهُمْ
فِي اَلْمُنْقَلَب , وَيُسْعِف , بِمُرَادِهِ أَخَا اَلطَّلَب .
وَقَالَ علقمة
وَمِنْ تَعَرُّض لِلْغِرْبَانِ يَزْجُرهَا , عَلَى سَلَامَته لَابُدَّ مشؤوم وَكَانَ اِبْن اَلرُّومِيّ ,
مَعْرُوفًا بِالتَّطَيُّرِ , وَمِنْ اَلَّذِي أَجْرَى عَلَى اَلتَّخَيُّر ! وَقَدْ جَاءَتْ عَنْ اَلنَّبِيّ صَلَّى
اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَخْبَار كَثِيرَة , تَدُلّ عَلَى كَرَاهَة اَلِاسْم اَلَّذِي لَيْسَ بِحَسَن , مِثْل
مَرَّة وَشِهَاب والحباب لِأَنَّهُ يتأوله فِي مَعْنَى اَلْحَيَّة .
وَنَحْو مَنْ حِكَايَة , اِبْن اَلرُّومِيّ , اَلَّتِي حَكَاهَا اَلنَّاجِم مَا حُكِيَ عَنْ اِمْرَأَة , مِنْ
اَلْعَرَب , أَنَّهَا قَالَتْ لِلْأُخْرَى , سَمَّانِي , أَبِي غاضية , وَإِنَّمَا تِلْكَ نَار ذَات غضى
فَالْحَمْد لِرَبِّي , عَلَى مَا قَضَى , وَتَزَوَّجَتْ مِنْ بَنِي جَمْرَة , رَجُلًا أَحْرَقَ , وَمَا أَمْرُق [
أَيْ لَمْ يَكْثُر مَرَقه ] وَكَانَ اِسْمه توربا , وَإِنَّمَا ذَلِكَ تُرَاب , فَشَمِتَتْ , بِي
اَلْأَتْرَاب , وَكَانَ يَدَّعِي , جندلة , فَعَضِضْت عِنْده , بالجندل وَلَا شَمَمْت رَائِحَة مندل
وَكَانَ اِسْم أُمّه سوارة فَلَمْ تَزَلْ تُسَاوِرنِي فِي اَلْخِصَام , وَلَا تَنْفَعنِي بِعِصَام .
فَقَالَتْ اَلْأُخْرَى , لَكِنَّ سُمَانِيّ أَبِي صَافِيَة , فَصَفَوْت مِنْ كُلّ قذي وَجَنَّبْت مَوَاقِع
اَلْأَذَى , وَزَوَّجَنِي فِي بَنِي سَعْد بْن بَكْر فَبَكْر عَلِيّ اَلسَّعْد , وَأَنْجَزَ لِي اَلْوَعْد ,
وَاسْم زَوْجِي مَحَاسِن جُزِيَ اَلصَّالِحَة فَقَدْ حاسن وَمَا لَا سِنّ , وَاسْم أَبِيهِ وَقَاف ,
وَرَعَاهُ اَللَّه فَقَدْ وَقَفَ عَلَيَّ خِيرَة , وَأَكْثَرَ لَدَيَّ ميرة , وَاسْم أُمّه رَاضِيَة , رَضِيَتْ
أَخْلَاقِي , وَلَمْ تَجْنَح إِلَى طَلَاقِي .
وَإِذَا كَانَ اَلرَّجُل , خثارما , لَمْ يَزَلْ فِي الكثكث , آرما , إِنَّ رَأْي سمامة , مِنْ
اَلطَّيْر , , حَسِبَهَا مِنْ اَلسَّمَاء , أَوْ حَمَامَة فِرَق مِنْ اَلْحَمَّام كَمَا قَالَ اَلطَّائِيّ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المعري-فيلسوف , الحمداني , الشعراء-حسين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لوحة -حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 12 25-01-23 02:35 PM
نصوص شعرية * حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 18 22-11-22 12:38 AM
مِنأ -حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 9 22-11-22 12:37 AM
ال-دي-أن-أي -حسين يعقوب الحمداني حسين الحمداني أشعار وقصائد 18 17-01-22 07:03 PM
كتب ليث الحمداني -هكذا كان العراق حسين الحمداني حدائق بابل 16 02-03-16 02:22 AM


الساعة الآن 09:04 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)