العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة العامة }{}< > حدائق بابل

حدائق بابل تاريخ العراق - التراث العراقي - الفلكلور الشعبي العراقي - اللاجئين العراقيين - صور الحرب العراقية - مدن عراقية - السياسة العراقيـة كل يوم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09-11-08, 03:25 PM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
توضيح تاريخ العراق حضارة العالم الاول


لا يمكن الحديث عن العراق القديم وعن حضارته ومعتقداته ومجتمعه من دون الحديث عن ((عشتار)) او ((عينانا)) وحبيها ((تموز)) او((دموزي)).

عشتار.. الهة الانوثة والحياة *
الدكتور علي القاسمي ـ الرباط

ان هاتين الشخصيتين ليسا كما قد يتصور البعض، مجرد شخصيتين اسطوريتين، بل هما الشخصيتان الاساسيتان في الديانة العراقية. (ميزوبوتاميا)

ــــــــــــــ

معروف أن الأساطير حكايات شعبية تتناقلها الأجيال شفويّاً زمناً طويلاً قبل أن تُقيِّدها الكتابة، وتجري أحداثها في بدايات الزمن الأزليّ، وتحكي أصل الكون والإنسان والحضارة، وتحمل دلالات "دينية مقدسة"، وشخوصها آلهة وأنصاف آلهة وأبطال فائقوالكمال. وهكذا فإن سردها يتطلب طقوساً أقرب إلى السِّحر، وشعائرَ تغالي في الطهر والنقاء. من أجل ذلك كلِّه، أرجوك، أيها القارئ الكريم، أن توقد الشموع معي، وتتلو ترانيم العشق والوجد، قبل أن نقترب من (عشتار) في حندس هذا الليل السومريّ الموغل في مغارات الزمان والمكان.


(عشتار) ربّة الحُبّ والخصب

(عشتار) شابة ممتلئة الجسم، ذات صدر نافر، وقوام جميل، وخدَّين مُفعمين بالحيوية، وعينين مُشرقتَين. يتوفَّر فيها، إلى جانب جمالها الأخّاذ، سموالروح، مع رهافة الطبع، وقوة العاطفة، والحنو على الشيوخ والأطفال والنساء. في فمها يكمن سرُّ الحياة، وعلى شفتيها تتجلى الرغبة واللذة، ومن أعطافها يعبق العطر والشذا. يكتمل بحضورها السرور، ويشيع مع ابتسامتها الأمن والطمأنينة في النفوس. غالبا ما نشاهدها وهي تجوب الحقول بخفَّة ورشاقة، فتتفجَّر الينابيع خلفها بالماء والعطاء، وتُزهر الأرض بالسنابل والنماء.

وقع في غرامها الشعراء، فخلّدوها بأعذب الأوزان وأحلى القوافي. وهام بحبِّها الأدباء، فوهبوها أجمل النصوص الملحميَّة. وعشقها الفنانون، فرسموها على أرشق الأختام الأسطوانية وصنعوا لها أرقى التماثيل التي تكاد تنطق بالحياة. وولع بها الموسيقيون فنغّموها لحناً راقصاً على أوتار العود وفوهة الناي.

تلكم هي (عشتار) إلاهة الخصب والحبّ والجنس لدى سكان وادي الرافدين القدماء. ظهرت أول مرة في بلاد سومر في جنوب العراق، قبل أكثر من ستة آلاف عام، إما بشخصها المرسوم على الأختام الأسطوانية وبعض المنحوتات، وإما بالرمز الذي يدلّ عليها في الخطّ المسماريّ وهوالنجمة الثمانية التي تشير إلى كوكب الزهرة، ألمع الكواكب. وقد سمّاها السومريون ((عينانا)). وهي في أساطيرهم ابنة اللإله (سين) إله القمر. وأمها الإلهة ننكال، وأخوها الإله (أوتو) إلاه الشمس، وأختها الإلهة (إيرشيكال) إلهة العالم السفلي، عالم الأموات. وهي أعظم الآلهات وأسماهن منزلة. وكان مركز عبادتها الأصليّ مدينة (الورقاء) عاصمة بلاد سومر، التي كانت تُعدّ من أهمّ المراكز الدينيّة والحضاريّة لعصور طويلة.


أوجه (عشتار) وتجلياتها

وتكمن أهمية الإلهة (عينانا) في أن الإنسان أدرك منذ القدم أن بقاءه يتوقف على أمرين أساسيين هما الغذاء والتناسل. فبدون الغذاء يموت الإنسان جوعاً، وبدون التناسل يفنى الجنس البشريّ تماماً. وقد جمعت (عينانا) في شخصها الخصبَ والجنسَ معا؛ فهي، من ناحية، تمثّل خصب الطبيعة بمياهها ونباتاتها وحيواناتها وهكذا يتوفر الغذاء للإنسان، كما تمثّل، من ناحية أخرى، الرغبة الجنسيّة التي ينتج عنها الاتصال بين الذكر والأنثى فيضمن الإنسانُ تناسلَه وتكاثرَه.

ونظراً لأهمية ((عينانا)) تلك، فقد انتقلت عبادتها من السومريين إلى الأقوام الأخرى التي احتكت بهم أو تأثرت بثقافتهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كالأكديين الذين سمّوها ((عشتار))، وشعوب جنوب الجزيرة العربية الذين أطلقوا عليها لقب (عثار أو عطار)، والكنعانيين والعبرانيين الذين سمّوها (عاشرا أو عشتروت)، وورد اسمها (أستر) في التوراة، والإغريق الذين لقبوها بـ (إفروديت)، والرومان الذين جعلوها (فينوس). ونظراً لأن الأكديين (البابليين والآشوريين) هم الذين سيطروا على بلاد سومر منذ عام 1750 ق.م. وورّثوا ثقافتهم لمن بعدهم، فإن الاسم الأكدي ((عشتار)) هوالذي شاع بين أهالي البلاد.



أساطير الخصب السومرية

ويقترن اسم الإلهة ((عينانا)) بعدد من الأساطير السومريّة المدونة بالخط المسماري. فهناك أسطورة تحكي تفاصيل رحلتها إلى مدينة (أريدو) السومريّة، مركز الإله (أنكي) إله الحكمة والمعرفة. وكانت الغاية من تلك الرحلة أن تحصل ((عينانا)) على النواميس الإلاهية لفنون الحضارة من الإله (أنكي) وتنقلها إلى مدينتها (الورقاء) لتجعل منها مدينة متحضِّرة.

وتسرد أسطورة سومريّة أخرى لنا كيف أن الإلهة ((عينانا)) نقلت ذات يوم شجيرة تنبت على ضفة نهر الفرات إلى مدينة (الورقاء) وزرعتها في "بستانها المقدّس" على أمل أن تنمو تلك الشجيرة وتصير شجرة سامقة الأغصان فتصنع من خشبها عرشاً وسريراً لها. وعندما كبرت الشجرة وحان وقت قطع أغصانها اكتشفت أن أفعى قد اتخذت من أسفلها مخبأ، وأن طيراً بنى في أعلاها عُشّاً، وأن عفريتة استقرت في وسط جذعها. فاستنجدت ((عينانا)) بأخيها (أوتو) إله الشمس الذي أسند المهمة إلى البطل المشهور (جلجامش)، فجاء هذا البطل متسلِّحاً بدرع سميك وفأس ثقيلة، واستطاع أن يقتل الأفعى، وعند ذاك فرّ الطير وهربت العفريتة إلى الخرائب المهجورة، فقطع (جلجامش) أغصان الشجرة وحملها هدية إلى ((عينانا)) لتصنع منها عرشاً وسريراً.



منقول يتبع


التعديل الأخير تم بواسطة حسين الحمداني ; 29-11-08 الساعة 09:07 PM سبب آخر: عشتار
حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-08, 08:26 PM   #2
 
الصورة الرمزية سلام العبيدى

سلام العبيدى
مشرف حدائق بابل

رقم العضوية : 5500
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,600
عدد النقاط : 51

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ سلام العبيدى
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


اخي العزيز حسين الحمداني

من هنا من ارض العراق انطلقت اولى الحضارات الانسانيه ومن هنا
تعلم الانسان الحرف والقراءه والكتابه ومن هنا نظمت قوانين الحياة
ومن هنا كذلك تعلم الانسان الحب والتضحيه

شكرا لموضوعك الرائع والجميل

تحيتي

سلام العبيدي


توقيع : سلام العبيدى
زهرة الشرق
zahrah.com

سلام العبيدى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-08, 03:42 PM   #3
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


[align=center]هنا عرفت من هي عشتار
كثيراً مايتردد على مسامعي عشتار
ولم أشاهد مادون عنها
بصراحة قلمك واختياراتك تفيدني بغزارة
دمت هكذا أستاذ
.
.[/align]


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-08, 04:59 AM   #4

هيفاء
سفيرة زهـرة الشرق

رقم العضوية : 1615
تاريخ التسجيل : Apr 2004
عدد المشاركات : 4,287
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيفاء
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


اهلا بك اخي الكريم

كل الشكر لما طرحت وبأنتظار الباقي

كن بخير دائما


توقيع : هيفاء


يا عندليب ما تخافش من غنوتك
قول شكوتك واحكي على بلوتك
الغنوة مش ح تموتك انما
كتم الغنا هو اللى ح يموتك

عجبي





زهرة الشرق
zahrah.com

هيفاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-08, 08:29 PM   #5
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلام العبيدى مشاهدة المشاركة
اخي العزيز حسين الحمداني

من هنا من ارض العراق انطلقت اولى الحضارات الانسانيه ومن هنا
تعلم الانسان الحرف والقراءه والكتابه ومن هنا نظمت قوانين الحياة
ومن هنا كذلك تعلم الانسان الحب والتضحيه

شكرا لموضوعك الرائع والجميل

تحيتي

سلام العبيدي
الف حب وتقدير لمروركم


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-08, 08:37 PM   #6
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيام1 مشاهدة المشاركة
[align=center]هنا عرفت من هي عشتار
كثيراً مايتردد على مسامعي عشتار
ولم أشاهد مادون عنها
بصراحة قلمك واختياراتك تفيدني بغزارة
دمت هكذا أستاذ
.
.[/align]
اقول كلمة مضافة لتعليق الدكتور على القاسمي ارى انا العربيات في شمولهن اكثرهن عشتار وحبهم للعمل والحياة
شكرا لتواجدكم الكريم


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-08, 08:39 PM   #7
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيفاء مشاهدة المشاركة
اهلا بك اخي الكريم

كل الشكر لما طرحت وبأنتظار الباقي

كن بخير دائما
وساكون في الخدمة والعمل للجيد بأذن الله


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-08, 08:49 PM   #8
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


جزء من بوابة عشتار المرممة
بوابة عشتار في متحف برلينعشتار أو أشتار أو إشتار أو عشروت أو عشتروت هي إلهة الحب والنجاب والحرب عند البابليين والكنعانيين ومنهم الفينيقيين[بحاجة لمصدر]. ترمز بشكل عام إلى الإلهة الأم الأولى منجبة الحياة، وكان أحد رموزها الأسد. ومعبدها الرئيسي كان في نينوى قرب مدينة الموصل[بحاجة لمصدر]. وكان السومريون يطلقون عليها عناة والعرب يسمونها عثتر والإغريق يسمونها أفروديت . ظهرت أول مرة في بلاد سومر في جنوب بلاد الرافدين، قبل أكثر من ستة آلاف عام، إما بشخصها المرسوم على الأختام الأسطوانية وبعض المنحوتات، وإما بالرمز الذي يدلّ عليها في الخطّ المسماريّ وهوالنجمة الثمانية التي تشير إلى كوكب الزهرة، ألمع الكواكب. وقد سمّاها السومريون إنانا. وهي في أساطيرهم ابنة اللإله سين إله القمر. وأمها الإلهة ننكال، وأخوها الإله (أوتو) إلاه الشمس، وأختها الإلهة (إيرشيكال) إلهة العالم السفلي، عالم الأموات. وهي أعظم الآلهات وأسماهن منزلة. وكان مركز عبادتها الأصليّ مدينة الوركاء عاصمة بلاد سومر، التي كانت تُعدّ من أهمّ المراكز الدينيّة والحضاريّة لعصور طويلة. وقد لعبت دورا هاما في ملحمة جلجامش[بحاجة لمصدر].

الآلهة الإسطورية لبلاد الرافدين و سوريا القديمة
بعل - عناة - عشتار - حدد - أداد - داجون - آشور
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	بوابة عشتار.jpg
المشاهدات:	67
الحجـــم:	11.2 كيلوبايت
الرقم:	3331
هذة صورة للبوابة الرئيسة ولقد سرقت وهي اليوم في المانيا وفي العراق نسختان جبسيت تقلدية في المتحف العراقي وفي بابل

الصور المصغرة للصور المرفقة

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-08, 08:54 PM   #9
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


ونظراً لأهمية ((عينانا)) تلك، فقد انتقلت عبادتها من السومريين إلى الأقوام الأخرى التي احتكت بهم أو تأثرت بثقافتهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كالأكديين الذين سمّوها ((عشتار))، وشعوب جنوب الجزيرة العربية الذين أطلقوا عليها لقب (عثار أو عطار)، والكنعانيين والعبرانيين الذين سمّوها (عاشرا أو عشتروت)، وورد اسمها (أستر) في التوراة، والإغريق الذين لقبوها بـ (إفروديت)، والرومان الذين جعلوها (فينوس). ونظراً لأن الأكديين (البابليين والآشوريين) هم الذين سيطروا على بلاد سومر منذ عام 1750 ق.م. وورّثوا ثقافتهم لمن بعدهم، فإن الاسم الأكدي ((عشتار)) هوالذي شاع بين أهالي البلاد.


منحوته عالمية لعشتار تعتلي الخصوبة



أساطير الخصب السومرية

ويقترن اسم الإلهة ((عينانا)) بعدد من الأساطير السومريّة المدونة بالخط المسماري. فهناك أسطورة تحكي تفاصيل رحلتها إلى مدينة (أريدو) السومريّة، مركز الإله (أنكي) إله الحكمة والمعرفة. وكانت الغاية من تلك الرحلة أن تحصل ((عينانا)) على النواميس الإلاهية لفنون الحضارة من الإله (أنكي) وتنقلها إلى مدينتها (الورقاء) لتجعل منها مدينة متحضِّرة.


عشّاق إلهة الحبّ والجنس

ولما كانت ((عينانا)) مرهفة الحسّ جامحة الرغبة جذّابة الملامح ساحرة القول، فقد تعددت قصص غرامها وكثر عشّاقها. وكلُّ واحد منهم يطمع في الفوز بها، لتهطل الأمطار على أراضيه، وتكثر الغلال في حقوله، وتزداد محاصيله، ويرفل بالرفاء والغنى.



وتذكر ملحمة جلجامش أن الإلهة ((عينانا)) نظرت ذات يوم إلى الملك جلجامش، عاهل الورقاء، بعد أن عاد ظافراً من معركته الرهيبة مع العفريت (خمبابا)، المُوكل بحراسة غابات الأرز، فأسرها جماله، وفتنتها رجولته، فعرضت عليه أن يتزوَّجها. ولكن الملك الشجاع جلجامش رفض عرضها خوفاً من تَقلّب أحوالها وخشية خيانتها له، ولم يتردد في الإفصاح عن مشاعره الحقيقية، فتمادى في جرح مشاعرها بقوله:

(( ما أنتِ إلا مَوقد سرعان ما تخمد ناره في البرد

أنتِ باب لا ينفع في صدِّ ريح عاصفة

أنتِ قصرٌ يتحطم في داخله الأبطال

أنتِ بئر تبتلع غطاءها

أنت حفنةُ قيرٍٍ تلوِّث حاملَها

أنت قربةُ ماء تبلِّل صاحبها…

أنت حذاء تقرص قدم منتعلها..))



عشتار.. رسم عالمي حديث





ثم يذكّرها بخياناتها السابقة فيقول:

(( فأيّ من عشّاقك أحببتِ إلى الأبد؟

وأي من رعاتك مَن طاب لك على الدوام؟
تعالي أسمّي لك عشّاقك…

وبعد ما أحببتِ طير الشقرتق المرقّط

ضربتِه وكسرت جناحه

وها هو قابع في البساتين يصيح يا جناحي

ثم أحببتِ الأسد الكامل القوة

ولكن حفرتِ له سبعَ وسبعَ حفر

وأحببتِ الحصان المجلّي في المعركة والسباق

ولكنك كتبت عليه الجري سبعة فراسخ مضاعفة

وحكمتِ عليه بالعدو شوط سبع ساعات مضاعفة

وقضيتِ عليه أن لا يَرِد الماء إلا بعد أن يعكّره…

ومن ثم أحببتِ راعي القطيع

الذي كان يكدِّس لك أرغفة الخبز المحمَّصة على الدوام

ويذبح لك الجداء كل يوم

ولكنك ضربتِه ومسخته ذئباً

حتى صار رفاقه في الرعي يطاردونه

وصارت كلابه تعضّ فخذيه…

فإذا ما أحببتني فإنك ستجعليني مثلهم))!



رسم ياباني لعشتار


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-11-08, 09:06 PM   #10
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


حول العالم

ولدينا الكثير من القصص الخيالية والسردية التى بنا عليها القدماء فنهم الاسطورى والادبي

أساطير على بوابة عشتار

فهد عامر الاحمدي
* جميعنا سمع بحدائق بابل المعلقة ولكن من يعرف شيئاً عن بابل نفسها عاصمة ثاني أقدم حضارة في التاريخ!!.

فحتى بداية القرن العشرين لم يكن يعرف عن بابل غير ما جاء عن ملكها نبوخذ نصر في التوراة. ولكن في عام 1899كشف المنقب الألماني روبرت كولدواي عن أول معالم هذه المدينة. وكان كلما توسع أكثر كلما فوجئ بعظمة المدينة وروعة تخطيطها وترف مبانيها.


ما يهمنا اليوم هي البوابة الرئيسية للمدينة المسماة "بوابة عشتار"؛ هذه البوابة بحد ذاتها تعد اعجوبة من عجائب العصر القديم. فقد كانت هائلة ومرتفعة لا تضاهيها أي بوابة في عصرنا الحديث.. كانت اشبه بـ "أقواس نصر" الواحد تلو الآخر ولها أبراج ضخمة ترى من بعيد. وهي بالإضافة إلى ضخامتها وشكلها المهيب كانت جميلة إلى حد خرافي؛ فقد كانت مكسوة بكاملها بالمرمر الازرق والرخام الأبيض والقرميد الملون. وكانت مزينة بـ 575شكلا حيوانيا بارزا وأسود تحيط بطريق المسافرين.. هذه الأشكال الحيوانية تصور معظم الحيوانات المعروفة في ذلك الوقت كالأسود والنمور والغزلان وكلاب الصيد... ولكنء هناك مخلوق واحد غريب لم يكن من المفروض أن يوجد بين هذه النقوش.. مخلوق يدعى التنين!!.


فالتنين الموجود على بوابة عشتار هو الحيوان الوحيد الشاذ. ووضعه ضمن حيوانات معروفة يقودنا للتساؤل عما ان كان حقيقة أو اسطورة.. وان كان حقيقة فمتى انقرض وان كان اسطورة فأين سمع عنه البابليون!!.


* والبابليون ليسوا وحدهم من يملك تاريخا حافلا بالتنانين؛ ففي الصين واليابان وافريقيا والنرويج وانجلترا والبيرو توجد اساطير ومعالم مشتركة لهذا المخلوق. وفي الغالب يصور التنين كحيوان متوحش يستطيع الطيران وينفث اللهب من منخريه. وهو "كرمز" يعبر عن القوة والسلطة وغالبا ما يتخذ كشعار خاص للملوك والأباطرة.. ففي الصين مثلا اتخذ رمزا للأباطرة الذين كانوا يجلسون على عروش تشبه التنين وينامون على سرر بهيئته ويتنقلون في محفات بصورته. وفي اليابان القديمة كان التنين هو تعويذة النصر للطبقة المحاربة ورمز السلطة لمعظم الاقطاعيين.. حتى في بابل القديمة اتخذ التنين رمزا لنبوخذ نصر ووضعه على البوابة كرسالة بامتلاكه لبابل... هذه المظاهر المشتركة دعت الباحثين للتساؤل عما ان كان للتنين أصل حقيقي منقرض.. طبعا ليس من الضروري تبني الفكرة الخرافية التي تصوره كوحش قادر على نفث اللهب من منخريه (إذ يستحيل على أي حيوان توليد حرارة تزيد عن درجة حرارة جسمه الداخلية) ولكن لم لا يكون للتنين أصل حقيقي غير موجود اليوم!!.


* هناك افتراض بأن التنين ما هو إلا نوع من الديناصورات التي عاشت قبل "65" مليون سنة. ولكن تصديقنا لهذا الافتراض يضعنا في اشكال حقيقي؛ فإن سايرنا القول بأن عمر الإنسان على الأرض لا يتجاوز الخمسة ملايين سنة فكيف عرف الإنسان القديم بوجود التنين واتخذه رمزاً لكثير من مظاهره الحياتية. وبافتراض ان التنين كان فعلاً أحد أنواع الديناصورات المنقرضة فما الذي يجعلنا نتصور انه استثني من الكارثة التي أدت إلى هلاك الديناصورات.. اما ان ثبت فعلاً ان أجدادنا عاصروا التنين فحينها يجب إعادة النظر في تواريخ انقراض الحيوانات القديمة وعمر الإنسان على سطح الأرض!!.


وكما ترى نحن أمام خيارين أحلاهما.. صعب!!


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-08, 01:41 AM   #11
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


مَن يكشف[COLOR="DarkSlateBlue"][SIZE="4"]

لغز عشتار؟



حسب الله يحيى



مَن تكون عشتار؟ – هذه الإلهة–الأم الأكَدية، وريثة إنانا السومرية. مَن تكون هذه المرأة التي وُصِفَتْ بأنها إلهة الخصب والنماء؟ حسن النجفي يصفها بأنها:

الإلهة التي عُرِفَتْ عند الأقوام السامية باسم عشتار وعشتروت. أما الإغريق فقد أطلقوا عليها اسمَ أفروديت والرومان اسمَ فينوس. ومن المعروف أن عبادتها كانت سائدة في جميع حواضر العراق القديم؛ وقد اختصت بالحب والحرب. وأطلق البابليون اسمَها على أشهر بوابة في بابل: "بوابة عشتار". وعشتار هي ابنة إلهة القمر سن وحبيبة تموز.[1]

أما لطفي الخوري فقد ذكر أن

عشتار ابنة أنو استنادًا إلى بعض النصوص، وابنة سن استنادًا إلى نصوص أخرى. وكانت تسمِّي نفسَها "إلهة الصباح وإلهة المساء". وهي من أكثر الشخصيات شهرةً في المجمع الإلهي الآشوري/البابلي. [...] وهي التشخيص الإلهي لكوكب الزهرة. وبينما جعل الآشوريون والبابليون عشتار إلهةً، جعلَها العربُ إلهًا باسم عثتر.[2]

ويشير د. فاضل عبد الواحد علي:

اقترن اسمُ الإلهة إنانا [عشتار] بمدينة الوركاء، بوصفها مركزًا دينيًّا لعبادتها. [...] من القضايا الأساسية في الفكر الديني عند السومريين أنهم اعتبروا مظاهر وفنون الحضارة من صنع الإلهة [...].[3]

أما عشتار، فتتحدث عن نفسها (بلسان أحد الغنوصيين، نقلاً عن كتاب: جيمس م. روبنسون، مكتبة نجع حمادي) قائلةً:

أنا الأول، وأنا الآخر/ أنا البغي، وأنا القديسة/ أنا الزوجة، وأنا العذراء/ أنا الأم، وأنا الابنة/ أنا العاقر، وكُثُرٌ هم أبنائي/ أنا في عرس كبير ولم أتخذ بعلاً/ أنا القابلةُ ولم أنجب أحدًا/ وأنا سلوى أتعاب حَملي/ أنا العروس وأنا العريس/ وزوجي مَن أنجبني/ أنا أم أبي، وأخت زوجي/ وهو نسلي.[4]



من هنا كان عنوان كتاب فراس السواح لغز عشتار مناسبًا للدلالة على "لغز" هذه الإلهة المثيرة للجدل عبر الأزمنة كلِّها. وفراس السواح، فيما هو يتصدى لإماطة اللثام عن هذا اللغز، يؤكد في فاتحة كتابه "وحدة التجربة الروحية للإنسان عبر الزمان واختلاف المكان"، مؤكدًا ما ذهب إليه الشيخ محيي الدين بن عربي في كتابه فصوص الحكم من أن "عبادة الآلهة المتعددة ليست في جوهرها إلا عبادة الإله الواحد" (ص 10)، مشيرًا إلى قوله تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" (سورة الإسراء 23).

إلا أن المؤلِّف لم يعمد إلى المقارنة بين الأديان للبرهان على التقائها جميعًا عند التوحيد. (والسؤال المحيِّر هنا هو: لماذا كانت هناك أديان عديدة أصلاً إذا كان هدفها جميعًا هو التوحيد؟!) غير أن فراس السواح يعدُّ أن الأسطورة الأولى التي ظهرت بظهور الزراعة تشير إلى نشوء ديانة مركزية واحدة في العصر النيوليثي (العصر الحجري الحديث) (ص 23-28).

الاسم البابلي لأول إلهة هو "عشتار"، أي "عيش الأرض". ويكمن "لغزها" في كونها

[...] ربَّة الحياة وخصب الطبيعة، وهي الهلاك والدمار وربَّة الحرب. في الليل عاشقة، وفي النهار مقاتلة ترعى المواقع وتغشى المذابح. هي الأم الرؤوم الحانية [...]، وهي البوابة المظلمة الفاغرة لالتهام جثث البشر. هي ربَّة الجنس وسرير اللذة، وهي مَن يسلب الرجالَ ذكورتَهم [...]. هي القمر المنير، وهي كوكب الزهرة. هي النور، ورمزُها الشعلة الأبدية، وهي العتم والظلمة وما يخفى. هي القاتلة، وهي الشافية. هي العذراء الأبدية، وهي الأم المنجبة. هي البتول، وهي البغي المقدسة. هي ربة الحكمة، وهي سيدة الجنون. هي الإشراق بالعرفان، وهي غيبوبةُ الحواس وسباتُها. التقتْ عندها المتناقضاتُ وتصالحتِ المتنافرات. (ص 28)

من هنا كان لغز عشتار: الأسطورة الأولى، الديانة الأولى، الطقوس الأولى. عشتار، إذن، هي "سيدة الأسرار". تقول عن نفسها بلسان الأمِّ المصرية الكبرى: "أنا ما كان، وما هو كائن، وما سيكون" (ص 29). فهي، كما يقول النفَّري، صاحب المواقف والمخاطبات:

أمر كان، وأمر يكون، وأمر لا يكون أبدًا. فأمر كان: محبتي لك، وأمر يكون: تراني، وأمر لا يكون: لا تعرفني معرفة أبدًا. (ص 417)

فهل سيصاب مؤلِّف هذا الكتاب بما أصيب به

[...] الشاب الذي أزاح البرقعَ عن تمثال لإيزيس في أحد هياكلها، فأصابه الخبالُ لِمَا رأى وانعقد لسانُه بقية حياته [...] (ص 29)؟

أم سيُكتَب له مصيرُ الصياد الشاب الوسيم

[...] أكتيون الذي اقتحم على أرتميس وهي تستحم عاريةً في مياه البحيرة العالية عند منبع النهر، فمسختْه الإلهة أيِّلاً طاردتْه كلابُها فمزَّقته إربًا إربًا. (ص 29)؟

يقول فراس السواح، محللاً أشواط تطور المجتمعات البشرية الأولى:

إن التجمع الإنساني الأول لم يؤسَّس بقيادة الرجل المحارب الصياد، بل تبلور تلقائيًّا حول الأمِّ التي شدَّتْ عواطفُها وحدبُها ورعايتُها الأبناءَ حولها في أول وحدة إنسانية متكاتفة هي العائلة الأمومية، خلية المجتمع الأمومي الأكبر. (ص 31-32)

ونتبيَّن، استنادًا إلى ج.ج. باخوفن (في كتابه الأسطورة والدين وحق الأم) الذي يأخذ السواح برأيه، أن هذا المجتمع الأول كان قائمًا على "المبدأ الأمومي" الذي هو

[...] مشاعة وعدالة ومساواة، [بينما] المبدأ الأبوي تملُّك وتسلُّط وتمييز. الأمومية توحُّد مع الطبيعة وخضوعٌ لقوانينها، والأبوية خروجٌ عن مسارها وخضوعٌ لقوانين مصنوعة. (ص 32)

غير أننا لا نعرف صانع هذه القوانين: أهو المرأة، أم الرجل، أم كلاهما؟ حيث إننا هنا أمام تعاطُف غير عادل وإلزام غير منصف. فكأن هذه القوانين قد أُعِدَّتْ لصالح جنس دون الآخر أو لهدف محدد دون سواه! فالعلاقات الجنسية في المجتمع الأمومي الأول كانت مشاعية، حرة تمامًا من أية ضوابط، حيث "كل امرأة لكلِّ رجل، وكل رجل لكلِّ امرأة" (ص 35)؛ بينما نظام العائلة اللاحق يعتمد رابطة الدم. أما النظام الوراثي، في المرحلة الأخيرة السابقة لظهور المدن الأولى، فقد قضى على "حق الأم" وأحلَّ محلَّه "حق الأب" (ص 36).

وإذا تنبَّهنا إلى عشتار القدوسة، "الأم الكبرى"، فإننا سنتبين أن تماثيلها كانت

[...] أول عمل فنيٍّ تشكيليٍّ صاغَه الإنسانُ على شاكلته. [...] لم تكن تلك الأعمال الفنية نتاج ولع فنيٍّ جمالي بمقدار ما كانت نتاج حسٍّ ديني وخبرة أولى مع العنصر الإلهي. (ص 41)



تمثال لآرتميس، إلهة الطبيعة والبرية والصيد عند الإغريق، بوصفها "الأم الكبرى" المعبودة في هيكل إفسُس (آسيا الصغرى): "آرتميس هنا لا تبدو كإلهة للطبيعة البكر، بل كأمٍّ زراعية كبرى، تمثلها تماثيل إفسُس على هيئة ممتلئة وقد تزاحمتْ في صدرها عشراتُ الأثداء [...]." (فراس السواح، لغز عشتار، ص 58)

وفي "عشتار القمر" يقول السواح:

مثلما وَجَدَ الإنسانُ القديم في الأرض تجسيدًا للأم الكبرى، كذلك وَجَدَه في القمر. الاثنان يشفَّان عن حقيقة واحدة وينتميان لمبدأ واحد. وفي كلِّ مكان نعثر على ثنائية الأرض والقمر وعلى الاعتقاد بصلتهما الخفية. (ص 61)

ويوضح المؤلِّف مسألةَ الاهتمام بالقمر والشمس بقوله:

عظَّم الإنسانُ الشمس، ولكنه لم يجد فيها ندًّا للقمر؛ لم تُثِرْ في نفسه من العجب والتساؤل ما أثاره القمر. الشمس تشرق كلَّ يوم من نفس المكان وتغرب في مكان محدد آخر، في حركة رتيبة منتظمة؛ أما القمر فـ"كل يوم هو في شان". [...] (ص 63-64)

وقد لُقِّبَتْ عشتار بـ"ملكة السماء" لعلاقتها بالقمر وتغيُّر طباعها بتغيُّر أطواره، وكذلك بـ"البقرة السماوية" لارتباط رسم الهلال بقرن البقر:

منذ أن رأى الإنسانُ في القمر تجسيدًا لعشتار، ربط في ذهنه رمزيًّا بين قرون البقر وقرنَي الهلال، وصوَّر في خياله الأمَّ الكبرى على هيئة بقرة سماوية يرسم قرناها هلالاً في السماء. (ص 70)

ويرى السواح أن

[...] الاعتقاد بأنوثة القمر وتمثيله للأمِّ الكبرى قد ساد الحضارات القديمة، وبقيت آثارُه في الأقوام البدائية في عالمنا الحديث. [...] فإن معظم الثقافات البدائية تنظر إلى القمر باعتباره أنثى وتعتقد بتجسيده لإلهة أنثى. (ص 74)

من ناحية أخرى، يربط المؤلِّف بين حياة المرأة الفسيولوجية والپسيكولوجية وبين طبيعة القمر وإيقاعه المتغير، نظرًا لارتباط ذلك بالدورة الشهرية للمرأة التي تقابلها دورةُ القمر: يبدأ هلالاً في أول الشهر ليتلاشى في آخره، بعد أن يمرَّ في منتصف الشهر بمرحلة البدر. هذا ويحكم إيقاعُ القمر حياةَ المرأة، حتى إن الكثير من اللغات البدائية استخدم مصطلحَ "المرض القمري" للدلالة على الحيض (ص 76)، بينما نجد الرجل يحكم حياتَه إيقاعُ الشمس. فالقمر، بهذه المثابة، هو

[...] الأنثى المتقلِّبة المزاج، الغامضة الأطوار، التي تستلهم في سلوكها خصائصَها الطبيعية، لا قوانين التنظيمات الاجتماعية المُحكمة. (ص 77)

وفي هذا تشبه المرأةُ القمرَ المتبدل دائمًا. أما الشمس فهي

[...] الذكر، واضع القوانين وعبدها، يصوغ الغاياتِ والأهدافَ المتعالية على نظام الطبيعة، ولا يخلص من ربقتها طوال حياته. الرجل نظام المجتمع، ينظر دائمًا نحو الأعلى، راغبًا في مزيد من الإنجاز وتحقيق عظائم الأمور [...]. (ص 77)

وفي هذا الصدد، ينقل السواح عن البابليين كونهم

[...] يمثلون شهور السنة القمرية بأبراج السماء الإثني عشر التي أسموها منازل القمر، كما أطلقوا اسم زنار السيدة عشتار على دائرة الأبراج التي يقطعها القمرُ في أثناء عبوره في السماء. [...] (ص 93)

ضمن هذا الاهتمام بلغز عشتار، كان اسمُها يُطلَق على كوكب الزهرة: الكنعانيون سمَّوْها عستارت، والإغريق أطلقوا عليها اسم أفروديتي، والرومان فينوس، إلخ. ويشير المؤلِّف، في آخر حديثه عن "سيدة الشعلة"، إلى أن

[...] تمثال الحرية العملاق المنتصب أمام نيويورك في عرض البحر [استلهم صانعُه] عشتار، سيدة الشعلة المقدسة، مؤكدةً وجودَها في قلب أعتى ثقافة ذكرية بطريركية عبر التاريخ. (ص 135)

وهذا يعني أن عشتار لا جذر لها في نيويورك، وإنما اتُّخذَتْ رمزًا في بلدان عديدة. حتى إنها "تبدو [...] في كلِّ الثقافات مصحوبةً بالأفعى في كثير من الأعمال التشكيلية التي تصوِّرها" (ص 137). وإذا ما علمنا أن "الحية" تعني الحياة، وأن الحية هي حواء، أم البشرية، وأنها "حية" لا تموت، بل تغيِّر جلدَها كلَّ موسم، أدركنا أن عشتار حاضرة في هذا الرمز الحي كذلك، انطلاقًا من أن الحية عارفةٌ بأسرار النباتات وخصائصها، حتى أصبحت رمزًا للطبِّ والصيدلة والشفاء (ص 156).

ويرى المؤلِّف، في معرض تحليله لعلاقة عشتار بالموت، أن

الحرب [ليست] إلا اندفاعًا لاشعوريًّا نحو الموت وتلبيةً لنداء داخلي بإيقاف الحياة، نداء يصدر عن عشتار السوداء التي رفَعَهَا الإنسانُ إلهةً للحرب وأسقط عليها ميولَه التدميرية الكامنة. (ص 234-235)

إلى جانب ذلك، نتبيَّن أن

الشمس [تدعو] إلى التفكير المنطقي الصاحي، أما القمر فهو سيد الإلهام الذي يهبط دونما تصميم أو تدبير. لذلك يتلمَّس الرجلُ طريقَه للمعرفة بالتأمل العقلي المنطقي، أما المرأة فتتلمس طريق الإحساس الباطني والغريزة والكشف القلبي. طريقان لفعالية العقل، أطلق عليهما التصوفُ الإسلامي اسم المعرفة للأول والعرفان للثاني. (ص 242)

من هنا فإن عشتار هي

[...] "سيدة الرؤى"، وهو لقب عُرِفَتْ به كلٌّ من سيبيل وآرتميس–هيقات، الإلهة المرعبة السوداء وسيدة الظلام وواهبة الحكمة للبشر. [...] وعند الإغريق هي صوفيا؛ ومنها جاءت كلمةُ فيلو–صوفيا، أي "حب الحكمة"، التي أُطلِقَتْ على الفلسفة [...]. (ص 243)

في حين تظهر علاقة الحكمة بعالم الليل والظلام في أسطورة الشيخ الأعمى تيريسياس،

[...] حكيم الإغريق المشهور، الذي لم تَخِبْ له نبوةٌ قط، والذي تنبأ لأوديپ الملك بمصيره الفاجع [...]. (ص 244)

زبدة القول إن عشتار هي "سيدة الحكمة الليلية الخافية"، و"سيدة الإلهام" الذي ينير نفوس الشعراء، فكانت راعية الفنون والآداب، بينما تصدر عن الحكمة الشمسية العلومُ (ص 249)؛ إذ إن ضوء العقل يكمن في الشمس، بينما تكمن العواطفُ والمواهبُ والمسرَّات في القمر.

يتبع


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-12-08, 02:30 AM   #12
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول


قصيدة ملحمية للشاعرة ندى الدانا تحث فيها حلم ورد حكاية عشتار
وقتا ممتعا



سيــرة عشـتار
١ تموز (يوليو) ٢٠٠٤بقلم ندى الدانا


1-

حين تمزق عشتار جدائلها

وتدور بشرايين الأرض

تخلع جلدها الصدىء المتشقق

لتغتسل بضوء الشمس

ترتدي نسغ الأشجار رداءً

أوراق الأغصان وشاحا

يمر الفلاحون في يوم الحصاد

تهتف عيونهم الحالمة

جنية الحصاد قادمة إلينا

تبارك سنابلنا بشعرها القمحي

جنية الحصاد قادمة

تتلفح بالهدايا

تنضج أغنياتها مع البيادر

في كل المواسم

وتبزغ من أعماق الينابيع



2-

حين تمزق عشتار

أشباح الظلمة

عن عينيها

تخلع أظافرها المهترئة

تنبش أعماق التربة

ترقص عيناها

في ساحات الفجر

تترنم شفتاها

بأغاني الشط

صوتها الذهبي

يتغلغل بين الأمواج

يبصرها الربيع

بعينيه الضاحكتين

يتهادى من أعماق الزمن

تتمايل غلالات الفرح على جفنيه

يوزع على الناس الأزهار

تعانق عشتار

أريج الأرض

وتغني للحلم القادم

على أجنحة وردية

يجتمع الطيبون والحالمون

ويغنون

أتت جنية المواسم والفصول

فراشة الفرح قادمة

تصفق بجناحيها

عيناها تعزفان

على أوتار أمانينا

3-

حين تمزق عشتار جدائلها

تخلع جلدها الصديء المتشقق

حين تمزق عشتار

أشباح الظلمة

عن عينيها

تخلع أظافرها المهترئة

يجتمع السحرة

وشيوخ العشائر

يشنون الحرب

على مواسم الحصاد

وأغنيات الفصول

يرتدون أقنعتهم الوحشية

يمزقون أديم الأرض

بأنغام طبولهم ومزاميرهم

يشعلون النار

وتبتدىء الطقوس

يرددون:

عشتار امرأة خطيرة

تحرض الشمس علينا

تجند الأشجار والينابيع

ضدنا

تنسل من كل الدروب

تتسلق سلم ذاكرة

المدن والقرى

عشتار امرأة للقتل

دمها مهدور

يختبىء السحرة

في الليل

خلف النبع

تأتي عشتار

تمتزج سهامهم المسمومة

بخلاياها

عشتار تغوص.. تغوص

وماء النبع

دم قان

حين الشمس تهل

تخرج عشتار

من جبهة الشمس

تشرق الهدايا

في يديها

يضحك الطيبون والبسطاء

يترنح الرعب الأسود

في طيات وجوه السحرة

توصد أبواب كهوفهم الرمادية

على أجسادهم

تمرر عشتار يديها

على رؤوسهم

يصبحون رمادا

4-

حين تحطم عشتار أصفادها

وتسافر في مدن الحلم

يجتمع التجار والقوادون

والمهربون والمجرمون

يخشون كساد بضائعهم

يخشون احتراق

سجائرهم المهربة

أفيونهم اليومي

بأشعة عينيها

يلملمون حماقاتهم المزيفة

يعرضونها على الناس

يهرب الناس منهم

يمشون أفواجا

يهتدون بنبراس عينيها

يركضون وراء قطار

الأحلام السريع

زوادتهم وسائد

وأحلام مهربة

وأمنيات مشمسة

يجتمع التجار والقوادون

والمهربون

يخشون على عالمهم اليومي

المحدد بجدران أربعة

يرددون: عشتار امرأة فاجرة

تفسد أخلاق الناس

تجتمع الأيام المحنطة

تنبعث الجثث المنتنة من قبورها

تتزاحم الهياكل العظمية

تدين عشتار

تطوقها

بيان هام: تمنع عشتار

من مغادرة البلاد

تمنع عشتار من حمل جواز سفر

تفرض على عشتار

الإقامة الجبرية

في أزقة مدينتها القذرة

يعلقون قائمة الممنوعات

على جدران قصورهم

على أغلفة كتبهم

وسجائرهم الموبوءة

يصيح المنادي:

احذروا عشتار

إنها ساحرة

احذروا عشتار

إنها جنية

ستحرق المدينة

بعينيها الناريتين

بيان هام:

على من يرى عشتار

خارج منزلها

أن يبلغ السلطات المسئولة

لاتخاذ الإجراءات اللازمة

بيان هام جدا:

مدن الحلم إشاعة كاذبة

احذروا الإشاعات

5-

حين تمزق عشتار

سراب النور عن عينيها

تحمل جسدها المدمى

وتجري

بأوردة الأزقة الوسخة

تحمل فتات عظامها

وتتمسح في الشوارع والساحات

تسأل عن الربيع

وموسم الحصاد

تبصر باعة اليانصيب والعلكة

والخضار المتعفنة

أوراق الأشجار المتساقطة

تسمع الآهات والتأوهات

وترى الحزن المعلب

يتمشى في الشوارع

ترى المدفونين أحياء

والذين يحيون وهم أموات

ترى الحمقى والمغفلين

الأذكياء والأغبياء

العقلاء والمجانين

القذرين والنظيفين

تصطدم بحماقات العالم

ومآسيه

تتساقط زخات المطر

من عينيها

تتساقط…. تتساقط

قطرات الندى

من جفنيها

تحاصرها الأماني

تفتح عينيها وتمشي

تصطدم بالكهنة والسحرة

والتجار والمهربين

وإشارات منع ا لمرور

تلتفت حولها

تبتسم بألم ومرارة

وتتابع الطريق


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-09, 02:08 PM   #13
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: تاريخ العراق حضارة العالم الاول




أولاً: عصر فجر السلالات ثانياً: الحكم الأكدي ثالثاً: الحكم السومري

رابعاً: العصر البابلي القديم خامساً: العصر البابلي الوسيط

سادساً: العهد البابلي الحديث سابعاً: إنجازات العراق القديمة



بدأ عصر الزراعة في بلاد الرافدين, وهو أول عهد للإنسان بتعلم الزراعة, بحدود سنة 9000 قبل الميلاد وتطور حوالي سنة 5500 ق.م. في قرية (جرمو) في شمالي العراق في أواسط العصر الحجري الحديث. ومن البديهي أن تكون الزراعة عصرئذ محدودة وعلى نطاق ضيق جدا.

فجر الحضارة في العراق
بدأ فجر الحضارة في العراق بحدود سنة 5000 قبل الميلاد وانتهى بالحقبة الزمنية التي ابتدع فيها الإنسان العراقي الكتابة لأول مرة في تاريخ الإنسانية في الربع الأخير من الألف الرابع قبل الميلاد. وإن نشوء الحضارة الناضجة في بلاد الرافدين قد سار بخطوات ثابتة وعلى مراحل وبأطوار متعاقبة. عرفت تلك الأطوار في العراق للمختصين المحدثين بأسماء المدن والقرى والمواقع التي ظهرت فيها لأول مرة, ومدن الطور الأقدم هي: (حسونة) ثم (سامراء) و (حلف) و (العبيد) و (الوركاء) و أخيرا (جمدة نصر).

لقد شهد العراق خلال هذه الأطوار اتساع الزراعة و بداية الحياة الحضرية و نشوء أولى المدن. وعرف بناة الحضارة أيضا فن التعدين وابتدعوا دولاب الخزاف وصنعوا الآجر المفخور والعربة ذات العجلة وكذلك المحراث فضلا عن السفن الشراعية. وعرف في أوائل تلك الأطوار أيضا فن النحت, وظهرت كذلك المباني العامة كالمعابد حيث كثرت وازدادت أهميتها منذ طور (العبيد). وعرف طور الوركاء (3500 ق.م.) بالعهد الشبيه بالكتابي, ومن المعروف أن الكتابة قد أرسيت قواعدها تماما خلال الطور الذي أعقبه وهو (جمدة نصر) في حدود سنة 3000 ق.م.

أولاً: عصر فجر السلالات

ثم بدأ عصر فجر السلالات في العراق في حوالي سنة 2800 ق .م. واستمر لمدة ستة قرون والذي يعرف أيضا بالعصر السومري القديم أو بعصر دويلات المدن حيث لم تتوحد البلاد بعد تحت مملكة كبيرة واحدة. ويقسم العلماء هذه الحقبة الزمنية من تاريخ العراق إلى ثلاثة عصور هي على التوالي:
فجر السلالات الأول ( 2800 –2700 ق.م.)
فجر السلالات الثاني (2700 02600 ق.م.)
فجر السلالات الثالث (2600 – 2400 ق.م.)



من الأمور المتفق عليها بين غالبية العلماء المختصين في العصر الحاضر أن السومريين هم سكان العراق الأصليون، وأنهم الذين كانوا يعرفون بأصحاب حضارة العبيد في وسط وجنوب العراق وكانت أراضيهم تمتد جنوبا إلى جزيرة دلمون (البحرين) في العصر الحاضر قبل أن ترتفع مناسيب الخليج العربي ليصل إلى حدوده الحالية.

ولغة السومريين, وهم أصحاب أقدم حضارة أصيلة متطوّرة في العالم, من اللغات التي تعرف بالملتصقة Agglutinative. من خصائص الإلصاق فيها أنه كثيرا ما يدمج مفردتينن لتصبحا كلمة واحدة يستند معناها إلى معاني الكلمات الداخلة في تركيبها, مثل (لوكال) أي الملك المكونة من (لو) أي الرجل و (كال) أي العظيم, و (إي-كال) تعني القصر أو الهيكل مكونة من كلمة (إي) وهي البيت و(كال) العظيم. ثم أن الجمل فيها تتألف أيضا بطريقة إلصاق الضمائر والأدوات إلى جذر الفعل بحيث يصير الجميع كلمة واحدة.

لقد قسم علماء الآثار عصر فجر السلالات إلى ثلاثة أطوار: الأول ( 2800 –2700 ق.م.) والثاني (2700 02600 ق.م.) والثالث
(2600 – 2400 ق.م.). إن لكل من هذه الأطوار الثلاثة خصائصها المميزة. ومع ذلك يمكن القول عموما بأن فن العمارة قد قطع شأوا بعيدا في هذا العصر وبخاصة في بناء القصور والمعابد فظهرت العقود لأول مرة في البناء وكذلك القبوات كوسيلة في التسقيف. وتقدم فن التعدين وسبك المعادن, وقطع فن النحت شأوا بعيدا من التقدم.

لقد نضجت الكتابة وانتشر استعمالها في العصر السومري فدونت بها في عصر فجر السلالات السجلات الرسمية وأعمال الملوك والأمراء وعلاقتهم بغيرهم من الحكام. وكذلك شؤون الناس العامة كالمعاملات التجارية والأحوال الشخصية والمراسلات والآداب والأساطير فضلا عن الشؤون الدينية والعبادات.

ثانياً: الحكم الأكدي

انتهى عهد فجر السلالات بقيام سرجون الأكدي (2371-2316 ق.م.) بتوحيد العراق في مملكة واحدة. كان سرجون من الأكديين وهم فرع من الأقوام التي نزحت من الوطن الأم شبه جزيرة العرب إلى العراق ربما في أوائل الألف الثالث قبل الميلاد أو قبل ذلك بقليل. وليس من المستبعد أن الأكديين قد عاشوا جنبا إلى جنب مع السومريين منذ أقدم العصور وعرف القسم الأوسط والجنوبي من العراق منذ ذلك الزمن باسم بلاد (سومر وأكد).


خلال فترة حكمه التي دامت خمسة وخمسين عاما أدخل مؤسس الأسرة الأكدية الملك سرجون الكثير من الإصلاحات على نظام الحكم والجيش، وتطور في عهده فن العمارة

حكم مؤسس السلالة الأكدية سرجون خمسة وخمسين عاما أدخل خلالها الكثير من الإصلاحات على نظام الحكم والجيش بما في ذلك تطوير أساليب الحرب والسلاح. وكذلك حصل تقدم عظيم في العمارة والفنون بعامة التي تميزت في العصر الأكدي بالقوة والحيوية والحركة. ويعد (نرام - سين) أقوى ملوك السلالة لأاكدية الذي حكم زهاء أربعين عاما.

عّم الاضطراب في المملكة أواخر العهد الأكدي, فقد حكم بعد نرام - سين ملوك ضعاف مما شجع الأقوام الجبلية وهم الكوتيون, الذين عرفوا في النصوص المسمارية القديمة بأعداء الآلهة, على غزو بلاد (سومر وأكد). إن حكمهم الذي دام حوالي مائة سنة كان عهدا مظلما كادت أن تنقطع فيه عنا أخبار العراق القديم. وقد عوض عن ذلك ازدهار الحضارة في جنوبي العراق وبخاصة في مدينة (لكش) وما يجاورها. وقد اشتهر من بين الأمراء السومريين في أواخر هذا العهد أمير أو ملك اسمه (جودية) الذي عرف بتماثيله الكثيرة التي وصلتنا والذي عمل على إحياء الآداب السومرية وتشييد العديد من المعابد الفخمة.

ثالثاً: الحكم السومري

ثارت على الكوتيين مدينة (الوركاء) بقيادة أميرها السومري (أوتو –حيكال) الذي لقّب نفسه بملك (سومر وأكد) وأهاب بأهل البلاد لحرب الطغاة الأجانب, فالتّفت حوله المدن وتمكن من القضاء على جموع الكوتيين الكبيرة وخلص البلاد منهم.


مدينة أور
انتقل الحكم السومري بعد ذلك إلى مدينة (أور) وتكونت فيها سلالة عرفت بسلالة (أور الثالثة) أسسها الملك (أور- نمو) الذي تعد أيامه من عهود العراق المجيدة وآخر عهد في حياة السومريين السياسية (2113-2006ق.م.). لقد استطاع ملوك هذه السلالة الخمسة أن يعيدوا إنشاء إمبراطورية واسعة على غرار لإامبراطورية الأكدية شملت جزءا كبيرا من أقاليم الشرق الأدنى. وانتشرت مع التجارة والفتوح حضارة العراق القديم تماما كما كان عليه الحال في العصر الأكدي. لقد اشتهر ملوك هذه السلالة بأعمالهم العمرانية الفذّة وامتازت دولتهم بالتنظيم وحسن الإدارة في الداخل والخارج وأصبحت العاصمة (أور) في زمنهم قبلة الشرق القديم ليس من النواحي العمرانية والفنية والاقتصادية فحسب بل إنهم سنّوا الشرائع بحسب العرف الاجتماعي و وحّدوا الشؤون القضائية في البلاد.

رابعاً: العصر البابلي القديم

وفي أوائل الألف الثاني قبل الميلاد قامت في العراق أسرة حاكمة جديدة عرفت بسلالة بابل الأولى (1894 – 1595ق.م.) اشتهرت بملكها السادس حمورابي (1728 – 1686ق.م.) الذي جمعت في شخصه خصالا فذة جعلت منه القائد والسياسي والمصلح والمشرع فاستطاع بهذه الخصال أن يوحّد البلاد. ثم وقعت حرب ضروس بينه وبين الدخلاء العيلاميين أظهر خلالها حمورابي من حسن التدبير والحزم ما مكّنه من تمزيق جموعهم شر ممزق. ومدّ فتوحه بعد ذلك إلى شمالي بلاد الرافدين وإلى جهات الهلال الخصيب الأخرى. ومن أعماله المهمة سنّ شريعة واحدة تسري أحكامها في جميع أنحاء المملكة عرفت بقانون حمورابي التي تعد من أولى الشرائع المتكاملة في العالم حيث تجمع بين القانونين المدني والعقوبات فضلا عن الأحوال الشخصية.

إن أهم ما تمّيز به العصر البابلي القديم اتساع المدن وكثرتها, كما حدث تطوّر مهم في العلوم والمعارف البشرية حيث انتقلت من أطوارها العملية إلى طور التدوين والبحث بحيث يصح أن نعد بداية ظهور العلوم البشرية الحقة كانت في هذا العصر. ليس هذا فحسب بل إن الحضارة من بلاد الرافدين قد أخذت طريقها في العصر البابلي القديم إلى جميع أنحاء المشرق وإلى أطراف العالم القصية.

خامساً: العصر البابلي الوسيط

ولقد غزت العراق في أواخر العصر البابلي القديم أقوام جاءت من الشرق أو من الشمال الشرقي عرفوا بالكشيين. أسسوا سلالة حاكمة جديدة دام حكمها زهاء خمسة قرون. وقد عرف هذا العهد بالعصر البابلي الوسيط الذي يعد من العصور المظلمة في العراق. لم يخلف لنا الكشيون وثائق أو سجلات تاريخية بلغتهم الأصلية وإنما استعملوا لغة بلاد بابل. ويبدو أنهم قد تخلّوا عن ديانتهم التي كانوا عليها ليعتنقوا الديانة البابلية. وقد أسسوا في منتصف عهدهم عاصمة جديدة قرب بغداد الحالية عرفت باسم (دور- كوريكالزو) أي مدينة الملك الكشي كوريكالزو.


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الاول , العالم , العراق , تاريخ , حضارة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل تعرف لماذا سمي العراق ب(العراق العظيم) الهيتي واحة الزهـرة 10 16-03-08 04:56 PM
الحقيقه المـــــــــــــــــــــــــــــره الهيتي حدائق بابل 9 29-10-07 09:36 PM
جارنر.. مقاول هدم وبناء العراق samer زهرة المدائن 1 03-05-03 10:32 PM
بوش وأكاذيبه العشرون !!! نور العاشقين زهرة المدائن 8 12-04-03 05:56 AM
إسرائيل الحاضر الأقوى في الحرب على العراق المهاجر زهرة المدائن 3 01-04-03 11:20 AM


الساعة الآن 05:31 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)