بمناسبة العام الهجرى

من وحي الهجرة




الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله ........وبعد......


فان الهجرة المباركة التي قام بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه لم تكن حدثا عابرا ؛ ولا أمرا تاريخيا قد مضي

وانقضي ؛ وانما كانت دروسا وعبرا ؛ ومثالا يحتذي ؛ وقد اشتملت هذه الهجرة العظيمة من مكة إلي المدينة علي عدد وافر من

الفوائد واللطائف والحكم البالغة والعبر النافعة


وأن أول شيء يلفت الأنظار ؛ ويبهر الأبصار هذه الهمة العالية ؛ والعزيمة الصادقة ؛ والايمان المتين الذي ملأ قلوب

المهاجرين فلم يكن الباعث لهم علي الهجرة الخوف علي النفس أو الفرار من الأذى الذي أصابهم بمكة ؛ فقد خاضوا بعد الهجرة

حروبا طاحنة . ونزل بهم بلاء تنوء بحمله الجبال الراسيات ! ولم يهاجروا لدنيا يصيبها ؛ أو مغانم يطلعون اليها ؛ بل علي

العكس من ذلك جردتهم من أموالهم وأخرجتهم من ديارهم وأرضهم وعاشوا في المدينة غرباء ؛ أما ضيوفا علي الأنصار ؛ أو

نزلاء في صفة المسجد){ يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} (البقرة:273
.
أنهم مهاجرون إلي الله ؛ آثروا محبة الله ورضوانه علي البيوت والأموال والأبناء والزوجات ؛ فتركوا ذلك كله وخرجوا

مستجيبين لله أذا دعاهم لما يحييهم
.
ولقد أثرت الهجرة في حياتهم تأثيرا بليغا ؛ حتى أنك لتنظر في واقعهم وهجرتهم فتجد أمامك ملائكة من البشر يمشون علي

الأرض هونا !! ودونك هذا المثال من واقع حياتهم لتري أين نحن من هؤلاء الأطهار الأبرار الذين رضي الله عنهم ورضوا

عنه .


روي البخاري في صحيحة بسنده إلي الأعمش قال : سمعت أبا وائل يقول : عدنا خبابا ؛ فقال : هاجرنا مع النبي (ص) نريد

وجه الله ؛ فوقع أجرنا علي الله فمنا من مضي لم يأخذ من أجره شيئا ؛ منهم مصعب بن عمير ؛ قتل يوم أحد ؛ وترك نمرة ؛ فكنا
أذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه ؛ وأذاغطينا رجليه بدا رأسه ؛ فأمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن نغطي رأسه ؛


ونجعل علي رجليه شيئا من أذخر !! ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها !!



ومصعب بن عميررضي الله عنه هو ذلك المثال العجيب الذي تحار فيه العقول ؛ فقد نشأ مصعب بين شباب مكة قبل أسلامه ؛ فكان أجملهم وأعطرهم ؛ وأكثرهم مالا وثراء ؛ يحيا حياة ناعمة مترفة ؛ لا يراه الناس ألا ضاحكا مقبلا علي الدنيا يأخذ من متاعبها ؛ وقد أجتمع بين يديه أموال كثيرة وفيرة . ويدخل ذلك الفتي علي رسول الله في دار الأرقم بن أبي الأرقم فيسمع كلامه . ويعرف حقيقة ما يدعوا أليه . فيعلن بهذا الدين . ويحوله الأسلام ألي شيء آخر فيهاجر ألي الحبشة مفارقا أهله وعشيرته وماله ونعيم الدنيا الذي كان يتقلب فيه !! ثم يرسله رسول الله بعد بيعة العقبة الأولي مع أهل هذه البيعة ألي يثرب ليعلمهم القرءان ؛ ويفقههم في الدين ؛ وأسلم علي يديه خلق كثير بعد أن فتح الله قلوبهم لدعوته بأخلاصة وعمله ؛ فكان خير داع ألي الله ثم كان من المجاهدين في غزوة بدر الكبرى ومات شهيدا في غزوة أحد فلم يجد الصحابة له كفنا يغطي بدنه (( أذا غطينا رأسه بدت رجلاه و أذا غطينا رجليه بدا رأسه )) وذلك لشدة فقره ؛وخشونة عيشه بعكس ما كان عليه في سيرته الأولي ؛ أنه الأيمان أذا خالطت بشاشته القلوب !!!
وفي حديث القرءان عن الهجرة تحذير شديد ووعيد لأولئك القاعدين عن نصرة الآسلام الذين يخدعون أنفسهم ويزعمون لغيرهم بأنهم عاجزون عن تأييد الدين والعمل لرفع رايته ؛ وما أكثرهم اليوم في مجتمعنا !
يقول الله تعالي في شأنهم) : أن اللذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا} (النساء: 97)
يقول العلماء نزلت هذه الآية في قوم أسلمواوكانوا يؤدون صلاتهم ويحافظون عليها ؛ وكانوا صحيحي العقيدة ؛ غير مقصرين في العبادة ؛ أما الأثم الذي توعدهم الله عليه بقوله( فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) (النساء :97)
. هو أنهم لم يهاجروا ألي الله ؛ وآثروا بيوتهم وأموالهم علي ما عندالله !!!ويأتي دور الهجرة في تغيير واقع الأمة المؤلم والمحزن في آن واحد ونضع نصب أعيننا هذه القاعدة النبوية العظيمة الجليلة : ( المهاجر من هجر ما نهي الله عنه(أنها هجرة القلوب والجوارح التي يحتاج أليها اليوم كل مسلم و مسلمة.)أن الأمة المسلمة بحاجة ماسة ألي أن تهاجر ألي الله شعوبا و حكومات؛ أفراد وجماعات !!
و لا نجاة للأمة ولا فوز ولا فلاح ولا نصر ولا تمكين ألا بهذه الهجرة المباركة ( المهاجر منهجر ما نهي الله عنه ).
لقد كانت الهجرة من مكة ألي المدينة مع أن مكة أفضل وأعلي منزلة من المدينة !! وهذا دليل علي أن الهجرة كان لها تعلق بمعني آخر !!.
أنها هجرة من مكان ينتشر فيه الشرك ألي مكان يعلو فيه الأيمان . وهجرة من أرض المعصية ألي أرض الطاعة ؛ وهي هجرة من مجتمع يحارب الله ورسوله ألي مجتمع يحب الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم)أيها القارئ الكريم : لقد آن الأوان أنتهاجر مع المهاجرين ؛ فلا تردد ولا تتأخر ولا تسوف ؛ فأذا عزمت فتوكل علي الله .
هاجر بلسانك من الكذب ألي الصدق .وهجرة العين من النظر ألي الحرام ألي النظر ألي ما أحل الله لك .
وهجرة اليد والرجل من المعصية ألي الطاعة .
وهكذا هجرة كل جارحة بحسبها .
وأعظم هجرة في البدن هي هجرة القلب .والقلب المهاجر ألي الله هو الذي يتعلق بالله فلايلتفت ألي أحد سواه .
والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .
وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد وآله وصحبه
.


عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته

لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ماهاجر إليه ) متفق عليه




#فاحرص أخى الكريم واحرصى أختى الكريمة على استحضار النية دائماً

جزاك الله خيرا

همسة
ارجوا الالتزام بعدم نشر اكثر من موضوع بنفس اليوم
فى نفس القسم
دمت بود

[align=center]جزاك الله الف خير الرعد

[/align]

[align=center]مشكور
اختي
وعد على مرورك الحار[/align]

[align=center]الرعد

جزاك الله تعالى خيرا على طرحك المفيد عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه

والدروس المستفادة منها

وأهمها هجرة القلوب إلى الله تعالى بإخلاص العباده له في السر والعلانية

حتى لا يقصد المؤمن بقوله وعمله إلا وجه الله تعالى ولا يحب إلا الله وما يحبه الله تعالى ويرضاه[/align]