من أشد إساءة للرسول ولإسلام!

[align=center]
من أشد إساءة للرسول والإسلام!



عمر شاهين
كنت أستمع لأحد الخطباء وهو يقدم خلطاً بين المصطلحات وعدم فهم للكثير من المسائل الثقافية التي لم تعد مجهولة في زمن انتشار الانترنت وسهولة البحث عن تعريف مصطلح أو أصل كلمة. فلطالما سبب مثل هؤلاء فتنا ليس على أصحاب الأديان الأخرى، بل على أصحاب المذاهب الإسلامية المختلفة، عندما يعتلي شيخ منبراً ولا ينتبه أنه يخاطب عوامّ من الناس ويغسل أدمغتهم بخلط كبير يؤدي إلى أعمال عنف وقلاقل.
الخطيب الذي بدأ ناقماً على عيد الحب والرسومات الدنماركية، لم يكن يفرق بين الغرب العلماني والمسيحية الدين الرباني، لا يفرق بين الديمقراطية وبين الكنيسة، فراح يفسر "بدعة عيد الحب" وتأثيره على شبابنا.
توصل الشيخ من دون مقدمات علمية إلى أن عيد الحب نوع من التبشير. ولعل النتيجة خرجت منه لأن اسم القديس "سان فالنتاين" مربوط بهذا اليوم، أما الرسوم الدنماركية فإنها "أسلوب مسيحي لمحاربة الإسلام"، وانتقل إلى درس لاهواتي ينتقد العقائد الأخرى وكأننا أمام حرب دينية وربما أهلية تهاجم عقائد الإخوة المسيحيين.
لست هنا بصدد الاستشهاد بدور النجاشي المسيحي، وما قدمه المسيحيون العرب ووقفتهم مع صلاح الدين ومشاركتهم في التاريخ العربي، وقتالهم ودفاعهم عن هذه الأرض وتعرضهم للذبح في القدس وجنوب الأردن ومدن فلسطين ونواحي الشام مثل أي مسلم، ما يبرز تاريحاً وواقعاً الحس الوطني العالي الذي تتمتع به الأقليات المسيحية.
لماذا لم يقتبس الخطيب، مثلاً، مواقف التنويريين المسيحيين ضد الغرب وآخرها موقفهم من طرد عزمي بشارة من فلسطين وملاحقته قضائيا، وكذلك الموقف العام لمؤسسات المجتمع المدني الغربي ضد الحرب على العراق ومواقف المؤسسات الإنسانية التي تعنى بالشأن الإنساني داخل المجتمعات العربية والإسلامية المنكوبة!
الكنيسة والمسيحية تعاني مثل الإسلام من تطرف علماني يرفض شراكة الدين، كما في حالة الدنمارك وهولندا، ومن مجموعات أصولية تريد إشعال حروب تعصب دينية، بمخاطبة غرائز الناس البسطاء وعواطفهم الدينية والطائفية.
نعم، واجب على أي مسلم أن ينزعج ويثور لهذه الحملة غير المبررة والمكررة باستقصاد التعرض للرسول صلى الله وعليه وسلم، ولكن هذا لا يعني أن نخلط الأمور، فنحمل مسؤولية كاتب أو رسام ملحد لا يؤمن بقداسة الأنبياء للذين ليس لهم أي علاقة بهذه الفعلة الشنيعة.
أقل الناس ثقافة يدرك أن هذه التصرفات لا تأتي من عقيدة دينية، إنما ربيبة نمط علماني التفكير لا يهاجم فقط الدين الإسلامي، بل حتى الدين المسيحي، الذي ما يزال يتعرض للرفض من العقلية العلمانية، التي لا تحسب أي حساب للمقدسات. فرواية "شيفرة دافنشي" ذائعة الصيت لمؤلفها "دان براون"، والتي جُعلت فيلما سينمائيا، تشكك في شخصية المسيح عليه السلام.
إن محاربة بعض العادات، مثل عيد الحب، تتطلب توعية الشباب والناس بالارتقاء عن التقليد الأعمى، وصناعة هوية وقيم أخلاقية تغرس فيهم، وهذا لا يأتي بشتم الغرب وإلصاق المسيحية بهذه التهمة.
آن الآوان أن نرتقي في الخطاب الموجه إلى التجمع الوحيد للمسلمين في خير الأيام والأوقات، أي صلاة الجمعة، لتكون بحق موقعاً للتنوير والتنمية وأداة من أدوات النهضة. فصلاة الجمعة هي فرصة حقيقية للتواصل المعرفي وليست للدعوة على من يعيش بيننا ويشاركنا العيش والعمل والحال، سيما أننا نحن نستنكر دوما أن يجر العالم الإسلامي ومعتنقيه إلى تهم ارتكبتها فئة قليلة من المتعصبين، كتعامل البعض بغوغائية بربرية، مثلما قتلت راهبة في السودان تخدم الفقراء، واعتدي على كنيسة في فلسطين بعد تأويل البابا وشرحه لنص تاريخي، وكذلك بعض التصرفات المسيئة رداً على إساءات الصحف الدنماركية الأولى.
ما نزال نعاني من اتهام الغرب لنا، ولكل المسلمين بالتطرف، انسجاما مع موقف البعض، وندعوهم ليفرقوا بين شذوذ التعصب وسعة الدين الإسلامي، فكيف نتصرف مثلهم ونحاسب المسيحية على تصرف رسام علماني أو شكل عولمي تجاري مثل عيد الحب.




منقوووووووول[/align]