الموضوع: اشهر قصص الحب
عرض مشاركة واحدة
قديم 29-05-08, 02:28 PM   #10
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: اشهر قصص الحب


ولا قولها: لولا العيون التي ترى ** أتيتك فاعذرني فدتك جدود
علقت الهوى منها وليدا فلم يزل ** إلى اليوم ينمى حبها ويزيد
فلو تكشف الأحشاء صودف تحتها ** لبثينة حب طارف وتليد
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** بوادي القرى إني إذن لسعيد
وهل ألقين سعدي من الدهر مرة ** ومارث من حبل الصفاء جديد
وقد تلتقى الأهواء من بعد يأسة ** وقد تطلب الحاجات وهي بعيد

ولكن القدر أبى أن تلتقي الأهواء بعد يأس، أو أن تدرك الحاجات البعيدة، فلم تطل أيام جميل بمصر، فقد أخذ النور يخبو، ثم انطفأ السراج، وودع جميل الحياة بعيداً عن بثينة التي أفنى شبابه في طلبها، بعيداً عن أرض عذرة التي شهدت أيامهما السعيدة وأيامهما الشقية، بعيدا عن وادي القرى الذي كان يتمنى أن يعود إليه ليبيت فيه ليلة تكتمل له فيها سعادته.
يقول جميل مصورا أحزانه الطاحنة التي تحطم نفسه تحطيما حتى ليوشك أن ينهار تحت وطأتها:
وما ذكرتك النفس يا بثين مرة ** من الدهر إلا كادت النفس تتلف
وإلا علتني عبرة واستكانة وفاض ** لها جار من الدمع يذرف
تعلقتها، والنفس مني صحيحة فما ** زال ينمى حب جمل وتضعف
إلى اليوم حتى سل جسمي وشفني وأنكرت ** من نفسي الذي كانت أعرف
وفي ظل هذا الصراع الحاد بين اليأس والأمل، وفي ظل هذه المحاولات السلبية للسلو والنسيان عاش العذريون مخلصين لمحبوباتهم.
لقد وهب كل منهم حياته لواحدة أخلص لها حبه ولم يشرك به حبا آخر، لا يعدوها إلى غيرها، ولا يصرف هواه إلى سواها، ولا ينقل فؤاده حيث شاء من الهوى، وإنما يعيش حياته على ما فيها من حرمان وأحزان ، فقد ارتبطت حياته بها، وأصبح كل شئ فيها ملكاً لها، واستحالت أيامه ولياليه ذكرياتا وأحلاما استقرت في شعروه وفي لا شعوره فهو يعيش بها ولها وعليها، ولم يعد في قلبه متسع لمحبوبة أخرى بعد أن ثبت حبها فيه كما ثبتت فى الراحتين الأصابع.
وبلغ نعيه بثينة بعد حين، فسقطت مغشيا عليها، حتى إذا ما أفاقت أنشدت هذين البيتين اللذين تعاهد فيهما نفسها على الوفاء لعهده والإخلاص لذكراه، واللذين أودعت فيهما كل ما تفيض به نفسها مرارة ويأسا بعده :
وإن سلوى عن جميل لساعة ** من الدهر ما حانت ولا حان حينها
سواء علينا يا جميل بن معمر ** إذا مت بأساء الحياة ولينها
وتمر الأيام عليها بعد ذلك حزينة باكية، وتتوالى الليالي طويلة ثقيلة موحشة، تستعيد فيها ذكريات حبها البعيدة، وتسترجع ما مر بها في ماضيها السعيد الذي طوته رمال عذرة إلى الأبد.
ويأخذ النور يخبو، ثم ينطفئ السراج، وتودع بثينة الحياة بعيدة عن جميل الذي وهبته حبها وإخلاصها، بعيدة عن أرض عذرة ووادي القرى ووادي بغيض حيث خط طفل الحب أول سطر في كتاب حبهما الخالد.
كانت النهاية المحتومة التي لا مفر منها، إنه الموت.
ودع العاشق حياته على أمل في أن يجمع الله بينه وبين صاحبته بعد الموت، عسى أن يتحقق له فى العالم الخالد ما لم يتحقق له في العالم الفاني.
أمنية تمناها كل عاشق عذري، وأغمض عينيه عليها.
أمنية تمناها جميل كما تمناها عروة بن حزام قبل حيث يقول :
وإني لأهوى الحشر إذ قيل إنني ** وعفراء يوم الحشر ملتقيان
فيا ليت محيانا جميعا، وليتنا ** إذا نحن متنا ضمنا كفنان
أما جميل فيقول جميل:
أعوذ بك اللهم أن تشحط النوى ** ببثينة في أدنى حياتي ولا حشري
وجاور إذا ما مت بيني وبينها ** فيا حبذا موتي إذا جاورت قبري
ويقول أيضا:
ألا ليتنا نحيا جميعا، وإن نمت ** يواف ضريحي في الممات ضريحها
فما أنا في طول الحياة براغب ** إذا قيل قد سوى عليها صفيحها
وبهذه الأبيات نسدل الستار على مأساة أخرى من مآسي الحب العذري الحزينة.

ولكن ما نوع تلك اللقاءات المتكررة بين جميل وبثينة ؟ هل كانت لقاءات بريئة كما يؤكد بعض الرواة ؟! ولكن كيف نصدق تلك الروايات وجميل نفسه يؤكد لنا في أشعاره أنه كان يقضي الليل كله بصحبة بثينة .
مضطجعا بجوارها، أحيانا لمدة ثلاث ليال !! فإذا ما أسفر الصبح أو كاد، تشفق بثينة عليه، وتلح عليه أن ينصرف فيأبى معتزاً بسيفه وسهامه ولكنها تلح حتى ينصرف.
بعض الروايات تؤكد أن جميلاً كان مستهتراً ماجنا، وبعضها الآخر يؤكد أنه كان عاشقا ولها.
ويذكر الرواة في أحاديثهم عن هؤلاء العذريين أخباراً كثيرة عن هذه العفة وهذا الطهر، ويصفون لقاء جميل وبثينة في أحضان الليل بعيداً عن أعين الرقباء، وكيف كانا يقضيان الوقت يسألها عن حالها وتسأله عن حاله، وتستنشده ما قال فيها من شعر فينشدها، ولا يزالان يتحدثان، لا يقولان فحشاً ولا هجراً، حتى إذا قارب الصبح ودع كل منهما صاحبه أحسن وداع، وانصرفا وكل منهما يمشي خطوة ويلتفت إلى صاحبه حتى يغيبا.
وفى اللحظات الأخيرة من حياة جميل، وهو فوق ذلك المعبر الضيق الذي يفصل بين شط الحياة وشط الموت، أقسم أنه ما وضع يده على بثينة لريبة، وأن أكثر ما كان منه أن يسند يدها إلى فؤاده.

ولنا لقاء آخر مع قصة جميلة كهذه.


عبد الله بن علقمة وحبيشة

عبد الله بن علقمة وابنة عمه
كلاهما حبيشة.من بني عامر بن عبد مناة.
ربط الحب بين قلبيهما وهما صغيران، فقد خرجت به أمه وهو غلام لتزور أم حبيشة وكانت جارة لها، وهناك رآها فأعجبته، وانطلقت سهام الحب لتجمع بين القلبين في قصة غرام عنيف لم تفلح جميع المحاولات التي قام بها أهله وأهلها في وضع حد له.
لقد هام كل منهما بصاحبه، وأخذ يقول فيه الشعر، وكان كلاهما شاعرا، وحال أهلها بينهما، ولكن هذا لم يزدهما إلا غراما، فأخذا يتبادلان الرسائل والأشعار.
ثم تعرضت قبيلتهما لغزوة قام بها خالد بن الوليد رضى الله عنه بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة.
ووقع ابن علقمة أسيرا فى أيدي المسلمين، ووقعت حبيشة كذلك، وسيق هو لتضرب عنقه، ولكنه قبل ذلك طلب أن يراها قبل أن يلقى مصرعه، وتناول يدها فى يده وهو ينشدها شعره.
ضربت عنقه ووضعت حبيشة رأسه فى حجرها، وجعلت وتبكيه بأبيات لها ظلت ترددها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.




يزيد وحبابة

كان قيس وجميل وكثير وعروة من عامة الشعب، أما يزيد بن عبد الملك فقد كان من خلفاء الدولة الأموية، ولي الحكم بعد عمر بن عبد العزيز الذي كان معروفا بزهده وعدله وورعه .
أما يزيد فكان يختلف عنه تماما عشق جارية تدعى حبابة، كانت رائعة الجمال، وكانت أيضا تمتلك صوتا عذبا وتغني في نفس القصر الذي عاشت فيه المغنية العربية الشهيرة سلامة .
هام يزيد بصوت حبابة فلما رآها وقع في حبها وعرف عنه ذلك، حتى إن زوجته عندما فكرت في أن تهديه هدية تملكه بها قدمت له حبابة هدية !
كان يزيد خليفة عندما دخلت عليه زوجه سعدة، وسألته : هل بقي عليك من الدنيا شئ لم تنله ؟
رد الخليفة بلا تردد : نعم … الغالية، وكانت حبابة، تلقب بالغالية .
صفقت زوجة الخليفة فدخلت حبابة وقالت سعدة لزوجها: هذه هي، وهي لك فسماها حبابة وعظم قدر زوجته سعدة عنده، بل أصبحت تستخدم الجارية كي تنال منه ما تريد، وكانت قد اشترطت عليها ذلك قبل أن تقدمها لزوجها.
ويحكى أن الخليفة يزيد بن عبد الملك ازداد ولعا بالجارية، فكان ينصرف عن أمور الدولة ويقضي أغلب وقته معها يستمع لأغانيها.
وضج بذلك رجال البلاط، فحالوا بينه وبينها فترة، ولكنه عاد إليها أشد شوقا وولعا.
وإن كانت حكايات العاشقين الآخرين تتأرجح ما بين الخيال والحقيقة، فإن حكاية يزيد بن عبد الملك وحبابة تدخل في صلب التاريخ، وتحكي الأعاجيب عن حزنه الشديد على تلك الجارية بعد وفاتها .
أما سبب الوفاة فكان حبة رمان، أو عنب، وقفت في طريق تنفسها وهما في قصر بالشام، وماتت أمام عينه ومع ذلك لم يتحرك، ولم يأمر بدفنها بل ظل وحده معها ولمدة ثلاثة أيام يبكي .
فلما فاحت رائحة جسدها دخل عليه رجاله، وعاتبه ذوو قرابته قائلين : قد صارت جيفة بين يديك !
هنا فقط سمح لهم أن يغسلوا الجثة ويدفنوها، ثم مات بعد دفنها بخمسة عشر يوما



كثير وعزة

كان كثير شاعرا كبيرا يقارن بجرير والأخطل والفرزدق .
ذات يوم كان يرعى بغنمه ، فمر على مجموعة من النسوة، أرسلن إليه فتاة صغيرة لتطلب منه أن يبعهن كبشا، ويأتمنهن على ثمنه حتى الغد .
نظر كثير إلى الفتاة الصغيرة فسحرته عيناها، ومن أجل خاطرها قبل الصفقة، وأعطاها الكبش ثم مضى في طريقه .
عند عودته التقى كثير بالنسوة، فأرسلن إليه ثمن الكبش مع إحداهن، فراح يسألها عن الصبية التي جاءته في المرة السابقة وعرف اسمها، إنه عزة .
وصار يتغنى بها .
وكما يحدث لكل العشاق، فكر كثير في الاقتران بحبيبة القلب، ولكن المحظور كان قد وقع.
لقد وصل أمر تشببه بها إلى أهلها، فرفضوه، على عادة العرب أن يزوجوها له .
أما عزة فكان لها شأن آخر، لقد أحبت كثيراً، ورضيت أن تلتقي به سراً .
وكان كثير يروي قصص لقاءاتهما في أشعاره، وأكثر من ذلك .
لكن البعض تشكك في صحتها، وتشكك آخرون في إخلاصه لعزة .
ومما رواه كثير، ويشبه الاعتراف، أنه سار ذات يوم خلف امرأة منقبة تميل في مشيتها، وظل يطاردها ويطالبها أن تتوقف وتتحدث معه وتعرفه بنفسها .
إلى أن توقفت المرأة المنقبة وقالت له : ويحك ! هل تركت عزة فيك بقية لأحد ؟!
فأجاب كثير : بأبي أنت، والله لو أن عزة أمة لي لوهبتها لك .
عندئذ أسفرت المرأة عن وجهها، وكانت المفاجأة مذهلة.
إنها هي نفسها عزة بدمها ولحمها !
ويقول كثير إنه ندم أشد الندم وراح ينشد :
ألا ليتنى قبل الذي قلت شيب لي ** عن السم خضخاض بماء الذراح
أقسمت ولم تعلم على خيانة ** وكم طالب للريح ليس برابح

هذه كل ما نعرف عن القصة ولا ندري بما انتهت


((أنتهى كلام صاحب الموضوع بتلك القصة ))


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس