عرض مشاركة واحدة
قديم 21-01-09, 02:33 AM   #14
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: السيدة خديجة بنت خويلد


اسلام وتصديق

وتسـتقبل خديجة خبر الوحي وما جرى لمحمـد (ص) في غار حراء بالتصديق . فقد حدّثها (ص) بنزول الوحي وتكليم جبرئيل (ع) ونزول الآيات الخمس الاُولى من سورة العلق : (إقرأ باسم ربِّكَ الّذي خَلَق * خَلَقَ الإنسـانَ من عَلَق * إقرأ وربّكَ الأكرم * الّذي علّمَ بالقـلَم * علّمَ الإنسان ما لم يَعْلَم ) .
وتستجيب خديجة ، وتصدِّق محمداً (ص) من غير معارضة ولا تشكيك ولا جدال في الدليل ، فكأنّها تنتظر النبوّة ، كما كان ينتظرها محمد (ص) ، وتسلم خديجة ، وتشهد بنبوّة محمد (ص) . فكانت أوّل امرأة أسلمَت على وجه الأرض .. فسجّلت بذلك شرف الدّنـيا وكرامة الآخرة . ويُسجِّل لها الرسول (ص) ذلك السبق بقوله : (خديجة سابقة نساء العالمين إلى الايمان بالله وبمحمد) (48) .
قال ابن هشام عن اسـلام خديجة (رض) : (وآمنت به خديجة بنت خويلد ، وصدّقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أوّل مَن آمن بالله وبرسوله ، وصدّق بما جاء منه . فخفّف الله بذلك على نبيِّه (ص) ، لا يسمع شيئاً ممّا يكرهه من ردّ عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، إلاّ فرّج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبِّته وتخفِّف عليه ، وتصدِّقه وتهوِّن عليه أمر الناس ، رحمها الله تعالى) (49) .
وتشهد خديجة بداية الوحي ورؤيا النبوّة الاُولى ، إذ يحدِّثها النبيّ (ص) بما يشاهد في منامه من رؤيا ووحي ، فتصدِّقه وتؤمن به .
رُوي عن عمر بن عنبسة السلمي، قال : ( أتيتُ رسول الله أوّل ما بُعِث ، وبلغني أمره ، فقلت : صِف لي أمرك ، فوصفَ لي أمره وما بعثه الله به ، فقلت : هل يتبعك على هذا أحد ؟ قال:نعم،إمرأة وصبيّ وعبد،يريد خديجة بنت خويلد وعليّ بن أبي طالب وزيد بن حارثة)(50).
إنّ سبق خديجة إلى الاسلام وعرض الرسول (ص) أحداث الوحي عليها ، يكشف عن قيمة المرأة في رسالة محمد (ص) ، وأنّ هذه الرسالة لا تفرِّق بين الرجل والمرأة إلاّ بقدر ما يتّصل بالطبيعة التكوينية لهما .. لقد استجابت مشاعر خديجة وعقلها وقلبها للدعوة والرسالة ، وتفاعلت معها .. لقد كانت هذه الاستجابة نتيجة للتهيئة التربوية والتغيير النفسي والعقلي الذي اكتسبته خديجة من حياتها الزوجية طيلة خمسة عشر عاماً الماضية .
في إطار هذا البيت النبوي الكريم ، كان يعيش علي بن أبي طالب في حجر رسول الله (ص) وفي رعاية خديجة . فكان يعيش الأجواء التي تعيشها هذه الاُسرة ، ويتلقّى من ابن عمِّه الذي اختصّه بعنايته وتربيته وتأهيله ، ما جعله بمستوى الاستجابة الكاملة ، وهو في هذه السن للتصديق بالنبوّة ..
وهكذا تكوّنت النواة الاُولى للبناء الاسلامي الشامخ ، الرسول محمد (ص) وعليّ (ع) وخديجة (رض) ، فلم يكن بيت في الاسلام حينئذ غير هذا البيت ، فمنه انطلقت مسـيرة النور ، وحول مداراته توالت أحداث التأريخ . ويسجِّل الامام عليّ (ع) هذا الحدث التأريخي العظيم ، والسَّبق المشرِّف للحق بقوله : (ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (ص) وخديجة وأنا ثالثهما ) (51) .
لقد اسـتقبل الاثنان النبـوّة والدعـوة بصدق وتصديق ، فكانا أوّل صدِّيقين في عالم المسلمين . وما أجمل وصف ابن اسحاق لها بقوله : ( كانت خديجة وزيرة صدق) .


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس