عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-09, 04:12 AM   #10
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: السيدة خديجة بنت خويلد


سيِّدة قريش

الحديث عن خديجة بنت خويلد، حديث عن سيِّدة مرموقة من سيِّدات المجتمع المكِّي .. نسباً وشرفاً ومالاً وجمالاً ومكانة اجتماعية .. فهي خديجة القرشية ، بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزّى بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشية . تنتسب إلى بطن من بطون قريش الخمسة والعشرين بطناً . وتلتقي مع الرسول (ص) بقصي ، وهي أقرب إلى قصي من النبيّ (ص) برجل(4) .
واُمّها فاطمة بنت زائدة بن الأصم ، واسمه جندب بن هرم بن رواحة ابن حجـر بن عبد معيص بن عامر بن لؤي .. ولم يتزوّج الرسول (ص) امرأة من ذرِّية قصي غيرها إلاّ اُمّ حبيبة ، كما يذكر المؤرِّخون .
توفّرت لخديجة كل مزايا التفوّق في المجتمع المكِّي من المال والنّسب ، وحُسن السيرة والسّمعة الطيِّبة ، والجمال ، واحتلّت مكانة اجتماعية مرموقة بمالها ونسـبها ، وسُـمعتها الطيِّبة . وصفها كتاب السـيَر بعبارات تدلّ على مكانتها ، وتفوّق شخصيتها في مجتمعها .
قال ابن اسحاق : «وكانت خديجة بنت خويلد إمرأة تاجرة ، ذات ثروة ومال ، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إيّاه ، بشيء تجعله لهم ...» (5) .
ونقل صاحب السيرة الحلبية في وصف خديجة : «وقالت نفيسة بنت منية ، أخت يعلى بن منية ، وهي من معاصرات خديجة (رض) : وكانت خديجة بنت خويلد امرأة حازمة جلدة (قوية) شريفة ، وهي يومئذ أوسط نساء قريش نسـباً ، وأعظمهم شرفاً ، وأكثرهم مالاً ، وأحسنهم جمالاً ، وكانت تُدعى في الجاهلية بالطاهرة» (6) .
(وفي لفظ ، كان يُقال لها : سيِّدة قريش ...) (7) .
وقال ابن الأثير : (قال الزبير : كانت تُدعى في الجاهلية الطاهرة) (8) .
ووصفها أبو محمد عبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه ـ معالم العترة النبوية ـ :
(وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة ، وهي يومئذ أوسط قريشاً نسباً ، وأعظمهم شرفاً ، وأكثرهم مالاً ) (9) .
وكان خويلد أبو خديجة واحداً من رجالات قريش الذين سجّل التأريخ لهم مآثر في مكّة المكرّمة .. مأثرة الدفاع عن الكعبة يوم هاجمها تبع ، وأراد أن يحمل الحجر الأسود إلى اليمن .. لقد قاد خويلد جماعة من رجالات قريش ، ونازع تبعاً ليصدّه عن أخذ الحجر الأسود ، ونقله من مكانه في الكعبة المكرّمة،فحال الله دون ما أراد تبع،ولم يقدر على ما أراد.
قال ابن الأثير : «وهو ـ خويلد ـ الذي نازع تبعاً حين أراد أخذ الحجر الأسود إلى اليمن ، فقام في ذلك الوقت خويلد ، وقام معه جماعة من قريش ، ثمّ رأى تبع في منامه ما روّعه ، فنزع عن ذلك ، وترك الحجر الأسود في مكانه» .
وهكذا كان موقع خديجة في مجتمعها وقومها ، سيِّدة مرموقة ، يسمِّيها مجتمعها بـ ( الطاهرة) و (سيِّدة قريش) ، وكانت خديجة امرأة ثريّة تاجرة ، تعيش في مجتمع مكّة التجاري تمارس التجارة ، وتُضارب في مالها ، وتديره بعقل تجاري ، وكفاءة متفوِّقة .
كان الرجال يعمـلون اُجَراء ومُضاربين في تجـارتها .. فاكتسبت بذلك ثروة واسعة ، حتى أصبحت من أكثر قريش مالاً وأعظمهم ثروة .. وذلك يعبِّر عن قوّة شخصيتها ، وقدرتها على إدارة الأعمال ، والتعامل مع ظروف المجتمع .
فكانت امرأة أعمال ناجحة مرموقة ، كما هي سـيِّدة مجتمع تنحدر من طبقة نبيلة مرموقة .. ولم يحدِّث التاريخ، كما ذكر بعض الباحثين ، أنّها تعاملت بالرِّبا ، بل كانت تدير تجارتها عن طريق الاُجراء العاملين ، والمضاربين التجاريين ، وبحصّة من الربح .. لقد كانت تجارتها تنطلق بين الشام ومكّة ، كما كان تجّار قريش يفعلون ذلك .. تلك الظاهرة التي وصفها القرآن بقوله : (لإيلافِ قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصّيف ) ( قريش / 1 و 2 ) .
ويبدو أنّ مصدر ثروة خديجة هو أسرتها الثريّة ، وممّا يؤيِّد ذلك فإنّ ابن أخيها ، حكيم بن حزام ، كان تاجراً ثريّاً ، وهو الذي نهاهُ رسول الله (ص) في المدينة المنوّرة عن احتكار الطعام .. حيث كان التاجر الوحيد الذي يملك الطعام ، ويشتري كل ما يصل إلى سوق المدينة المنوّرة ، ويتحكّم فيه بالاحتكار وتحديد أسعاره .
وتذكر بعض الروايات أنّها ورثت أموالاً كبيرة من زواجها قبل النبيّ (ص) ، إذ ذكرت تلك الروايات أنّها تزوّجت من أبي هالة ، ثمّ من عتيق ، قبل أن تتزوّج من النبيّ (ص) ، غير أنّ روايات أخرى ـ كما سيتّضح ـ تفيد أنّ الرسول (ص) تزوّج خديجة عذراء ، وليست أرملة .


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس