عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-08, 03:25 PM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
توضيح تاريخ العراق حضارة العالم الاول


لا يمكن الحديث عن العراق القديم وعن حضارته ومعتقداته ومجتمعه من دون الحديث عن ((عشتار)) او ((عينانا)) وحبيها ((تموز)) او((دموزي)).

عشتار.. الهة الانوثة والحياة *
الدكتور علي القاسمي ـ الرباط

ان هاتين الشخصيتين ليسا كما قد يتصور البعض، مجرد شخصيتين اسطوريتين، بل هما الشخصيتان الاساسيتان في الديانة العراقية. (ميزوبوتاميا)

ــــــــــــــ

معروف أن الأساطير حكايات شعبية تتناقلها الأجيال شفويّاً زمناً طويلاً قبل أن تُقيِّدها الكتابة، وتجري أحداثها في بدايات الزمن الأزليّ، وتحكي أصل الكون والإنسان والحضارة، وتحمل دلالات "دينية مقدسة"، وشخوصها آلهة وأنصاف آلهة وأبطال فائقوالكمال. وهكذا فإن سردها يتطلب طقوساً أقرب إلى السِّحر، وشعائرَ تغالي في الطهر والنقاء. من أجل ذلك كلِّه، أرجوك، أيها القارئ الكريم، أن توقد الشموع معي، وتتلو ترانيم العشق والوجد، قبل أن نقترب من (عشتار) في حندس هذا الليل السومريّ الموغل في مغارات الزمان والمكان.


(عشتار) ربّة الحُبّ والخصب

(عشتار) شابة ممتلئة الجسم، ذات صدر نافر، وقوام جميل، وخدَّين مُفعمين بالحيوية، وعينين مُشرقتَين. يتوفَّر فيها، إلى جانب جمالها الأخّاذ، سموالروح، مع رهافة الطبع، وقوة العاطفة، والحنو على الشيوخ والأطفال والنساء. في فمها يكمن سرُّ الحياة، وعلى شفتيها تتجلى الرغبة واللذة، ومن أعطافها يعبق العطر والشذا. يكتمل بحضورها السرور، ويشيع مع ابتسامتها الأمن والطمأنينة في النفوس. غالبا ما نشاهدها وهي تجوب الحقول بخفَّة ورشاقة، فتتفجَّر الينابيع خلفها بالماء والعطاء، وتُزهر الأرض بالسنابل والنماء.

وقع في غرامها الشعراء، فخلّدوها بأعذب الأوزان وأحلى القوافي. وهام بحبِّها الأدباء، فوهبوها أجمل النصوص الملحميَّة. وعشقها الفنانون، فرسموها على أرشق الأختام الأسطوانية وصنعوا لها أرقى التماثيل التي تكاد تنطق بالحياة. وولع بها الموسيقيون فنغّموها لحناً راقصاً على أوتار العود وفوهة الناي.

تلكم هي (عشتار) إلاهة الخصب والحبّ والجنس لدى سكان وادي الرافدين القدماء. ظهرت أول مرة في بلاد سومر في جنوب العراق، قبل أكثر من ستة آلاف عام، إما بشخصها المرسوم على الأختام الأسطوانية وبعض المنحوتات، وإما بالرمز الذي يدلّ عليها في الخطّ المسماريّ وهوالنجمة الثمانية التي تشير إلى كوكب الزهرة، ألمع الكواكب. وقد سمّاها السومريون ((عينانا)). وهي في أساطيرهم ابنة اللإله (سين) إله القمر. وأمها الإلهة ننكال، وأخوها الإله (أوتو) إلاه الشمس، وأختها الإلهة (إيرشيكال) إلهة العالم السفلي، عالم الأموات. وهي أعظم الآلهات وأسماهن منزلة. وكان مركز عبادتها الأصليّ مدينة (الورقاء) عاصمة بلاد سومر، التي كانت تُعدّ من أهمّ المراكز الدينيّة والحضاريّة لعصور طويلة.


أوجه (عشتار) وتجلياتها

وتكمن أهمية الإلهة (عينانا) في أن الإنسان أدرك منذ القدم أن بقاءه يتوقف على أمرين أساسيين هما الغذاء والتناسل. فبدون الغذاء يموت الإنسان جوعاً، وبدون التناسل يفنى الجنس البشريّ تماماً. وقد جمعت (عينانا) في شخصها الخصبَ والجنسَ معا؛ فهي، من ناحية، تمثّل خصب الطبيعة بمياهها ونباتاتها وحيواناتها وهكذا يتوفر الغذاء للإنسان، كما تمثّل، من ناحية أخرى، الرغبة الجنسيّة التي ينتج عنها الاتصال بين الذكر والأنثى فيضمن الإنسانُ تناسلَه وتكاثرَه.

ونظراً لأهمية ((عينانا)) تلك، فقد انتقلت عبادتها من السومريين إلى الأقوام الأخرى التي احتكت بهم أو تأثرت بثقافتهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كالأكديين الذين سمّوها ((عشتار))، وشعوب جنوب الجزيرة العربية الذين أطلقوا عليها لقب (عثار أو عطار)، والكنعانيين والعبرانيين الذين سمّوها (عاشرا أو عشتروت)، وورد اسمها (أستر) في التوراة، والإغريق الذين لقبوها بـ (إفروديت)، والرومان الذين جعلوها (فينوس). ونظراً لأن الأكديين (البابليين والآشوريين) هم الذين سيطروا على بلاد سومر منذ عام 1750 ق.م. وورّثوا ثقافتهم لمن بعدهم، فإن الاسم الأكدي ((عشتار)) هوالذي شاع بين أهالي البلاد.



أساطير الخصب السومرية

ويقترن اسم الإلهة ((عينانا)) بعدد من الأساطير السومريّة المدونة بالخط المسماري. فهناك أسطورة تحكي تفاصيل رحلتها إلى مدينة (أريدو) السومريّة، مركز الإله (أنكي) إله الحكمة والمعرفة. وكانت الغاية من تلك الرحلة أن تحصل ((عينانا)) على النواميس الإلاهية لفنون الحضارة من الإله (أنكي) وتنقلها إلى مدينتها (الورقاء) لتجعل منها مدينة متحضِّرة.

وتسرد أسطورة سومريّة أخرى لنا كيف أن الإلهة ((عينانا)) نقلت ذات يوم شجيرة تنبت على ضفة نهر الفرات إلى مدينة (الورقاء) وزرعتها في "بستانها المقدّس" على أمل أن تنمو تلك الشجيرة وتصير شجرة سامقة الأغصان فتصنع من خشبها عرشاً وسريراً لها. وعندما كبرت الشجرة وحان وقت قطع أغصانها اكتشفت أن أفعى قد اتخذت من أسفلها مخبأ، وأن طيراً بنى في أعلاها عُشّاً، وأن عفريتة استقرت في وسط جذعها. فاستنجدت ((عينانا)) بأخيها (أوتو) إله الشمس الذي أسند المهمة إلى البطل المشهور (جلجامش)، فجاء هذا البطل متسلِّحاً بدرع سميك وفأس ثقيلة، واستطاع أن يقتل الأفعى، وعند ذاك فرّ الطير وهربت العفريتة إلى الخرائب المهجورة، فقطع (جلجامش) أغصان الشجرة وحملها هدية إلى ((عينانا)) لتصنع منها عرشاً وسريراً.



منقول يتبع


التعديل الأخير تم بواسطة حسين الحمداني ; 29-11-08 الساعة 09:07 PM سبب آخر: عشتار
حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس