عرض مشاركة واحدة
قديم 25-05-09, 02:19 PM   #145
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: غزة الصمود


نتابع
.
صحفي من ضحايا غزة يتزوج بريال واحد
بترت كلتا ساقيه ويستقبل الزوار بابتسامة عريضة



قرر الصحفي الفلسطيني مؤمن فايز قريع من مصابي غزة –خلال فترة إقامته في المملكة للعلاج- الزواج من مواطنته المقيمة في الرياض، بمهر لا يتجاوز الريال الواحد، وينوي اصطحابها معه إلى غزة, وأقيم الزواج مساء الخميس الماضي.
"الوطن" التقت ديما ومؤمن، وقبل ذلك تمت مرافقة ديما مع أخيها إلى مدينة الملك فهد الطبية حيث مقر معالجة مؤمن، واستقبلنا مؤمن على كرسيه المتحرك وأخذ يرحب بنا، ثم انتقل بكرسيه المتحرك إلى السرير دون مساعدة خطيبته وبدأ يتحدث إلى "الوطن" بطيب خاطر وانشراح.
تقول ديما "بعد عقد القران خررت لله ساجدة شاكرة أن تمم هذا الزواج، وأغشي علي من الفرحة التي لم أشعر بها في حياتي من قبل، وكنت انتظر متى يتم هذا الزواج".. وتشير ديما إلى محاولات واجهتها من أقربائها بالعدول عن الزواج، وتضيف "كنت أعيش حالة من القلق والضغط النفسي فقد تردد إلى بيتنا كثير من الناس والذين بدؤوا يفرضون آراءهم وقصصا وهميه ابتكروها في أمر زواجي حتى أعدل عن رأيي هذا بل وحينما رفضت الإصغاء لهم ظنوا أنني أعاني من أمراض أو تشوهات خلقيه الأمر الذي أضحكني كثيرا لم يعلموا أنني في خير كثير فمؤمن يستحق التقدير والإجلال، وإني لأدعو الله أن يرزقني رضاه، الآن سوف أعود إلى مسقط رأسي غزة التي كنت أسمع عنها ولكن مع زوجي البطل".
وإلى حيث بداية تفكير مؤمن بخطبة ديما يقول مؤمن لـ"الوطن": إنه سأل عمه الذي يرافق معه عما إذا كان يستطيع أن يخطب ديما له (تلك الفتاة الفلسطينة ابنة الـ 21 ربيعا، التي استقبلته كغيره من ضحايا غزة فور وصولهم، في موقف تآزري معهم لكونهم أبناء وطنها).
وبدأ مؤمن يحث العم على أن يذهب, لم يتوان العم بل حمل نفسه بسرعة وذهب إلى بيت والد ديما ثم أخبره عن رغبة مؤمن في الاقتران بابنته. انطلقت فرحه غامرة من والد ديما ثم قال لعم مؤمن: "منذ أن رأيت مؤمن وأنا أقول يا ليتك زوجا لإحدى بناتي".
ذهب إلى ابنته ديما وبدأ بخطبه عريضة فاختصرت ديما على والدها تلك الخطبة الطويلة بالدموع وأخبرته بموافقتها على مؤمن وأنها تحلم بزواج كهذا .. فاضت الدموع بين ديما ووالدها ثم قالت "أنا هبة من الله إلى مؤمن وكل ما أقدمه لمؤمن ليس إلا جزءا بسيطا من تلك التضحيات التي بذلها مؤمن لنا . يا أبي.. منذ طفولتي وأنا احلم بزواج كهذا يكفيني نوط زوجه مجاهد في سبيل الله".
نقل العم الخبر إلى مؤمن فزادت فرحته حتى إنه لم يتسع لها صدره قال لعمه"خير البر عاجله" ذهب مؤمن وعمه إلى بيت أهل ديما لعقد القران ثم سأل الشيخ مؤمن عن مهرها فأجاب والدها "يكفيني منه ريال واحد مهراً لابنتي فالرجال البواسل لا يباع لهم ولا يشترى بل يوهبون" ظل الشيخ مندهشاً مما سمع وتوقع أن أمراً ما لابد من معرفته فسأل الشيخ ديما عن موافقتها لمؤمن فأجابت" أنا هبة من الله إلى مؤمن" حينها أيقن الشيخ أن الأمر ليس إجباريا وأنه اختياري، ذهل من تلك الكلمات ووقف محييا إياها على تلك الشجاعة وعلى وذلك الإقدام ودعا لها بالتوفيق.
وتعود قصة إصابة مؤمن عقب ما عاشته غزة وسط أجواء امتلأت بنكهة الموت, وركام الغبار الذي يخنق الأنفاس من منازل تهدمت, ورائحة الشواء التي التهمت لحوم البشرية، لم يبق سوى عظام تفحمت, وتلونت السماء بلون الظلم وقهر الاحتلال الذي لا يكاد يرى له آخر.
خرج من بيته بكل عزيمة وجلادة وقوة وإيمان متجها إلى ساحة القتال لم يحمل معه شيئا سوى عدسة الكاميرا وأخذ يقفز عبر خطوط بيضاء وصفراء ويتسلق ركام المنازل المهدمة .
اسمه مؤمن, المهنة صحفي , المكان الأرض المحتلة , العمر 21سنة الزمن قبل خمسة أشهر؛كان يسير على قدميه وحبل أفكار لا ينقطع يفكر في عدة جمل لنشر التقرير في الموقع الذي يعمل به؛ يفكر في عنوان تارة و يتضارب فكرة مع جمله تارة أخرى؛ وفي زاوية اتخذها ليختبئ خلفها حتى يخف القصف قليلا أخذ ينظر إلى الكاميرا التي معه ويتأكد من الصور التي التقطها , في ذلك اليوم لم ينشر الخبر الذي أعده مؤمن على الموقع كما جرت العادة عليه،الخبر لم يمنع من النشر لأن الرقيب يقف بتمعن على كلماته؛وليس لأن كلمات التقارير كانت باردة كالثلج ولم يجهد تفكيره, بل لأن مؤمن أصيب بقذيفة أسقطته جريحاً فاحتضنت الأرض قدميه المبتورتين لينقل على أثرها إلى المستشفى.
كانت حالته حرجه جداً وتحتاج إلى علاج والعلاج لا يكاد يتوفر، ليس للعجز المادي فقط بل لأن غزة في ذلك اليوم مسجونة تقبع خلف قذائف الاحتلال, ولم يكن هناك ما يكفي لسد حاجة مرضاها من مستلزمات طبية.
وبعد أن صدر الأمر السامي الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان مؤمن أحد ألحرجي الذين نقلوا إلى مستشفيات المملكة.
في تلك الأيام كانت جميع العائلات الفلسطينية بالرياض تترقب وصول الجرحي لتزورهم وتطمئن على حالاتهم الصحية؛ كان من بين تلك العائلات السيد ماجد أديب عايدية وعائلته الذي كان يترقب اللحظات ويعد الساعات لوصول الطائرة التي تحمل على متنها الجرحى الغزاويين بعد أن وصلت الطائرة حمل أسرته ليطمئن على حالة الجرحى المصابين ،وكانت ديما ذات الـ 21ربيعاً ابنة السيد ماجد تشاطر والدها همه وربما حملت الكثير من أنات الحزن وتحت خمارها الذي لا يكاد يسمع أنينها تدعو بصوت خافت مبحوح بفرج قريب ؛طرق السيد ماجد باب غرفة مؤمن وكانت ديما معه يقول"كنت أزور جميع الجرحى وادعوا الله لهم ولما ألم بهم وأنا أخفي مشاعري وأسفي وفتحت إحدى الستائر و صعقت مما شاهدت ليست إلا لحظات وتحولت الأدوار وجدت المريض هو من يصبرني ووجدتني أنا المريض، ضاعت الكلمات لم أجد نفسي إلا أمام رجل يطلق ابتسامة على محياة ويرحب بنا, رأيت نورا ينبعث من وجهه وفي وسط جمله ترك الصمت فيها الكثير عن مواصلة الحديث سأل صوت في داخلي مرتعش من أنا ؟وعما إذا كنت على وجه هذه الأرض موجودا أصلا ً لم أجد ما أهبه إياه سوى الدعاء وعدت إلى منزلي وأنا أرى صورة ذلك الرجل مؤمن تتردد كثيراً, أما ديما فذهلت من ذلك الموقف الذي أخذ نصف ساعة حوار مع مؤمن وهو المتحدث ونحن نصغي إلية وإلى تلك الضحكات التي كان يطلقها وقوة الإيمان العجيبة التي احتوته ينتظر يوم خروجه بفارغ الصبر ليعود إلى غزة تقول ديما"أعمل صحفية متعاونة في مجلة (نساء من أجل فلسطين) والتي تصدر من فلسطين، اجتهدت في ذلك اليوم بعمل لقاءات مع الجرحى وكان مؤمن من بين الجرحى الذين كتبت عنهم وعن حالتهم الصحية لا أنكر تلك الصورة التي طبعها في مخيلتي عنه بل شعرت أن لديه طاقات إبداعية هائلة لا أكاد أصفها.
في صباح ذلك اليوم اجتمع الأطباء خارج غرفته بعد أن قاموا بفحصه سريرياً وتقييم حالته الطبية وبعد أن أجريت له الأشعة والفحوصات اللازمة, وفي الاستقبال المخصص لذلك القسم اجتمع عدد من الأطباء فطبيب يحمل ملف مؤمن الطبي ويقرأ ما فيه,وآخر يعيد النظر مرة أخرى إلى صورة الأشعة محاولا من خلال النظر لصورة الأشعة مرات عديدة الوصول والبحث عن تفاصيل دقيقه,ثم همس خافت متبادل بين الأطباء.
حمل أحدهم الملف وأخر صوره الأشعة بعد أن اهتدوا إلى القرار الأخير ودخلوا عليه في غرفته وبدؤوا يتحدثون عن الأمر فأخبروه بأن حالته الصحية جيدة وسليمة إلا أن أمرا ما لا بد أن يطلع عليه بأنه سوف يظل مقعدا طيلة حياته. سمع مؤمن الخبر إلا أن أمرا كهذا لم يكن له تأثير بالغ كل ما فعل احتسب عند الله قدميه اللتين بترتا . بل وزادته قوة وعزيمة.
وقرر أن لا يقف في هذه الحياة بل سوف يستمر بكل ما أوتي من قوه ويكمل رسالته ثم فاجأ الجميع وقرر أن يتزوج.بدأ الجميع يتساءل ماذا يفكر فيه مؤمن ومن هي تلك التي يأمل بالزواج منها.لم يكن سواها تلك التي اختارها في صمت متأن فقرر أن يتزوج بـ"ديما".
.
.


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس