عرض مشاركة واحدة
قديم 25-05-03, 10:24 PM   #13
 
الصورة الرمزية النسر المحلّق

النسر المحلّق
نسـر الشـرق

رقم العضوية : 176
تاريخ التسجيل : Jul 2002
عدد المشاركات : 456
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ النسر المحلّق

كوكب الجبابرة (6)

ونصل إلى العاطفة وشموليّتها لدى المعوّق لا امتنانا لخدمة يعهدَها ممن هم حوله، فهو أن شعر بمنّة من أحدهم رفض ونفر وثار. إنّما كونَ الأحاسيس لديه أصبحت مكدّسة خارج نطاق الجسد ومادّياته تغدو في انفعالاتها عربون عطاء فعلي نحو الآخرين. ويأخذ الشوق الحيّز الأكبر من العاطفة، يليه الحنين، فما تحتاجه النفس وتتمناه لا تتمكن من الوصول إليه ماديًا وتكتفي بالتفكير به، محاولةً استحضاره في الذهن وخطّه عبر جمل وخواطر وأشعار. ولا شكّ أن الإعاقة الجسديّة تقف بين تمنيّات المعوّق ورغباته، فينمو في نفسه الشوق ولا تخبو شعلته أبدًا. ونجد الشوقَ ممزوجا وكلَّ الصفات الحياتية التي نعيشها، كالحبّ والعاطفة والأمومة والإيمان والصداقة، لتصل حدّ الاشتياق إلى ذكريات الطفولة والبيت والقرية وغيرها من مشاعر تهيّج عواطفه وتدفعه إلى مناجاتها توقًا إليها.
ولعلّ أبرز ما قرأته عن العاطفة وعطائها الإنساني لدى دوميط هو ما يلي: "هذي بعض حياتي... هذي أشياء من ذاتي... اقطفها أيّها الإنسان... إعصرها بكلّ إيمان... وإذا وجدتَ نكهتك فيها... فربّما سنلتقي على نفس الطريق... ويكون كلانا للآخر صديق!" ويقول أيضًا: "على مجامر المحبّة وَجَدت نفسي جمرة صغيرة كلَّ من اقترب منها أحسّ بدفء قلبها وحرارة وجودها. لأن مَحبَّتي كانت عطاء..."
وتظهر معاني الشوق واضحةٌ لديه في قصيدةٍ بعنوان لهيب الشوق: "بي حنين يشدّني إليكْ...إلى أيّامٍ بين يديكْ... حيث أغفو بين عينيكْ والآن أغني عتبي عليكْ... فكلّي أشواق إليكْ... "
وعن شوقه لبيته يقول في قصيدة زجليّة عامّيةٍ: "بيتنا: يا بيتنا يا ناطر التلّة... بحقّ غربتي ما اشتقتلّلي!؟!... زاد الحنين والبعد عنك طال... وحجارك بعدها معمَّرة بالبال.... وعسى الغيمات دمعة شوق توَصّللي! "
وفي قصيدته شمس الغياب يناجي النفس بالعامّية قائلاً: يا شمس الغياب يا غارقة ببحر الدني... خَزْقي الضباب وما عدت عارف شو بني... بصدري أنين... بقلبي حنين... وعم أسإل السنين..."
ويظهر الشوق واضحًا لدى كريستوفر في قصيدته "الشوق": "نزف وتر قلبي... رغبت رؤية الحبيب... قتلني الحبّ ظلما... هجرني شهد أهدابها... بتر ضلوعي غيابها... وعدني الهوى وعذّبني... عجزت عن نسيان عينيها... شرّدني جور بسمتها... لو طلبت عطفي... لوهبتها شعري وتفوّقي"
ونلاحظ أيضًا من خلال أدب المعوّق الوحدة والعزلة والانزواء وهو أمر ملازم وحتمي. كيف لا والمعوّق، وإن وعى نفسه وقدراته، يغفو ويصحو على جسدٍ معدومَ الحركيّة في وضعٍ شبه جامد لسنوات طوال، يحاول الخروج منه في كل ليلة ويعود إليه في كلّ نهار.
يكتب دوميط في "براكين ليست من نار": لطالما كان صمتًا عقيمًا... وطالما كان سكونًا سقيمًا... فأصبح صمتًا مصغيًا إلى صَوْتِ الصمت، وهكذا شفي من عقمه، فحبل بألف كلمة وكلمة من صمت!
وأصْبَح سكونًا نابضًا في قلب السكون، وهكذا شفي من سُقمه فامتلأ بألف حركة وحركة من سكون! " وتتضّح هنا معاناته وتوقه إلى الحركة من خلال وجدانيّته هذه.
ويكتب كريستوفر في قصيدته "شريد الألم": شريدا أمسيتُ فجبت هضابا... نمت ضنيا وهلكت تنهيدا... وفي قصيدته إنتفاضة يكتب: كفى قهرًا ندبًا وعويلا .... صرت كخرقةٍ تزرف الدموع" ونرى هنا كيف أنّه يشبّه وضعه المادّي إلى خرقةٍ بالية لا نفع منها ولا اعتبار.


توقيع : النسر المحلّق
ضوء فلك مسافر أنا...
إن تهتِ فضاءً أتيتك!
دمعة حلم رائعٍ أنا...
إن تخيّلتني فارسًا اختطفتك!
نظرة ودٍّ مشاكسةٍ أنا...
تنساب حنانًا وتأتيني بك!
زهرة وردٍ من بستانك أنا...
إن قطفتني احمرّت وريقاتها خجلاً
و...تناثرت تباعًا على نبض قلبك!
ومن أناملك الوجلى...
خرجت بالحلم ضوءً يحمرّ دمًا
وعلى الوجنتين يرسم الملامح
ويطوف أبراجك سعدًا ووجد...
وإلى كوكب الزهرة يرحل بك!!!

النسر المحلّق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس