عرض مشاركة واحدة
قديم 19-05-03, 07:40 PM   #2

زهرة الياسمين
خطوات واثقة

رقم العضوية : 812
تاريخ التسجيل : Mar 2003
عدد المشاركات : 186
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ زهرة الياسمين

14 - معرفة الواقع والاطلاع عليه وسيلة وليس غاية في نفسه؛ فإن لم يكن اطلاعك عليه طريقاً إلى القيام بالمسؤولية تجاهه وبذل الأسباب في معالجته فلا تعدو أن تكون أقمت الحجة على نفسك، وأعلنت أمام الله والملأ بقلة مبالاتك!! فاتقِ الله ولا تجعل الاشتغال بتتبع الأخبار ورصد الواقع غاية في نفسه فتظن أنك بذلك قدمت شيئاً للإسلام؛ بل استثمر ذلك في القيام بما يجب عليك نحوه حسب استطاعتك.
15 - التوازن في الأمور مطلب شرعي، فلا يكن اشتغالك بجانب من جوانب الخير سبباً في اشتغالك عن جوانب أخرى ربما كانت واجبة كالدعوة إلى الله تعالى. وليست العبرة في ذلك بالميول القلبية والرغبات النفسية، فالشرع هو الميزان في ترتيب الأولويات وتوزيع الواجبات.
16 - مجانبة المتقاعسين والبعد عن مخالطة القاعدين؛ فالمرء على دين خليله؛ فإذا بُليت بمثل أولئك فكن معهم ببدنك لا بقلبك، ولا تكترث بتثبيطهم، واحمد الله الذي عافاك مما ابتلاهم به، من غير أن يصيبك الإعجاب بالنفس؛ فالله هو المانُّ عليك بذلك.
17 - الإخلاص أعظم الحوافز نحو العمل الدعوي ونفع الخلق، لما يرجوه العبد من الثواب ويؤمله من الأجر. كما أنه سبب من أسباب الثبات على الطريق مهما حصل من إخفاقات كالارتباك والعي أثناء إلقاء الكلمات، أو كان ذلك في حصول أخطاء غير متعمدة في المشروع الدعوي؛ لأن العامل حينئذ يشعر أنه بذل ما يستطيع وصدق في ذلك وأراد الخير فلا يقلق حينما يقع أمر بغير اختياره أو لم يتمكن من إنجاز ما يريد إنجازه، وهو لا يرجو من الناس ثناء ولا شكوراً؛ فلا يضيره إن لم يحصل على شيء من ذلك.
كما أن الإخلاص من عوامل الاستمرار في دعوة الناس مهما أعرضوا؛ لأن المخلص لا يزال يؤمل صلاحهم، كما أنه يرجو الثواب في استمراره في دعوتهم، فلا يضيره إعراضهم.
وكذلك فإن الإخلاص يجعل المرء يرضى بما يناط به من عمل في أي مشروع خيري أو دعوي؛ فهو لا يشترط منصباً أو مكاناً معيناً إن حصل له وإلا فإنه لا يعمل؛ لأن همَّ المخلص أن يقدم خيراً لأمته في أي موقع كان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "طوبى لعبد آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة"(2) فهمُّه الجهاد ونصرة هذا الدين، فلا يبالي في أي موقع وُضِعَ، وحيثما وضع نفع؛ وهذا لا يعني أن لا يسعى المرء إلى أن يقدم لهذا الدين وينفع الأمة من خلال القدرات والمواهب التي يحسنها؛ لكن الكلام هنا في أن المخلص لا يسعى للصدارة والظهور والرئاسة، بل هو مجتهد مستجيب لكل ما يناط به مما له قدرة عليه.
18 - علم المرء بفضائل وثمرات الدعوة إلى الله من أعظم ما يدفعه نحو الاشتغال بذلك. ومن ذلك قوله تعالى : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين {فصلت: 33} ، وقال عليه الصلاة والسلام : "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" متفق عليه(3).
وقال أيضاً: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" (4). فكم يكون لك من الأجر إذا كانت الأعداد الكبيرة من الناس تعمل على ضوء ما أرشدتهم إليه! وكم من الأجر يلحقك من آثار ذلك حتى وأنت مفارق للدنيا في قبرك!
أسأل الله أن يجعلني وإياك من الهداة المهتدين، والصالحين المصلحين، وأن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر بمنه وكرمه.
وصلِّ اللهم على الهادي البشير وعلى آله وأصحابه أجمعين. (*)

--------------------------------------------------------------------------------
(1) صحيح البخاري (6-496)، ح- 3461.
(2) صحيح البخاري (6-81)، ح- 2887.
(3) صحيح البخاري (6-111)، ح- 2942، وصحيح مسلم (4-1872)، ح- 2406.
(4) صحيح مسلم (3-1506)، ح- 1893.
(*) مجلة البيان


توقيع : زهرة الياسمين
إجعل لربِّكَ كلَّ عِزَّك يستقرُّ ويثبت

فإذا اعْتَزَزْتَ بِمَن يموتُ فإنَّ عِزِّك ميِّت

زهرة الياسمين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس