الموضوع: صباح الخير
عرض مشاركة واحدة
قديم 30-03-03, 08:17 AM   #1

سيدة السلام
عضوية جديدة

رقم العضوية : 804
تاريخ التسجيل : Mar 2003
عدد المشاركات : 25
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ سيدة السلام
صباح الخير


في كل صباح ....

ترفع الشمس برفق رأسها فوق أسطح البنايات الدمشقية المعتقة ... المخالفة منها والنظامية ... معلنة ولادة فجر جديد ... وتتسابق أشعة الشمس للوصول الى خده لايقاظه ... بينما تسارع من تبقى من رفيقاتها الى ارتداء كل شيئ تواجهه في طريقها لتغمسه بنورها الأصفر الشقي ..

و قبل أن تباشر سيمفونية الازدحاام عزف أولى مقطوعاتها ... يدشن طلاب المدارس الشوارع بأقدامهم الصغيرة .. متجهين الى مدارسهم المكتظة كأول أدلة للحياة على الشوراع المتعبة ...

في الصباح الباكر ..

حيث يتكاثف الماء على شبابيك السيارات وتنزلق نقاطه بدلال عند الزوايا ... منتظرة انتظار العارف والمترقب لمن سيتكفل بمسحها من نواطير البنايات ... ثم ما يلبث صاحبها أن ينزل مسرعا ليمتطي صهوة مقودها منطلقا بسرعة الى عمله وهو يحمل ما تبقى من سندويش أعدته زوجته له أو والدته كي لا يتأخر عن عمله ... يقضمه ببطئ وهو يزمّر للسيارة التي أمامه والتي توقفت عند الاشارة ويهز ساعته بغضب .. وقد يسبه لاعنا سنسفيل أجداده من بكرة أبيهم لأنه أخره لعدة ثوان ...

ملاعق كثيرة تتحرك في فناجينها وفق ذات اتجاه الدوران العجيب الأزلي لتحريك القهوة باتجاه عقارب الساعة ... عشرات من الجرائد تُمسك من احدى أطرافها لشخص يتمطى منتظرا غليان الماء في ابريق الشاي ..

أحدهم يفتح صنبوره ويباشر بغسيل وجهه محاولا أولا اكتشاف برودة الماء بطرف اصبعه .. قبل أن يغامر ويغمس كامل وجهه تحت دفق المياه المنعشة ...
يتلمس بيده اليسرى ما حوله بعينين مغمضتين ملتقطا البشكير وينشف وجهه مبتدئاً من عند العينين اللذين دخلت في احداهما بعض الصابون مما جعله يشعر ببعض الوخز اللذيذ ...
يحدق صافناً في نفسه قليلا في المرآة التي اتخذت لنفسها مكانا فوق المغسلة ...
ويرسل لنفسه قبلة عبر المرآة ...
ويباشر في فرك صابون الحلاقة على وجهه ...
ينتشي من رائحة الصابون المعطرة ويسمح لها بالدخول الى أعماق أعماقة حيث تتلاشى هناك كفقاقيع الصابون الملونة معلنة بداية استيقاظه الفعلي من النوم ...
يخير نفسه بين خيارين .. اما أن يضع غنية لفيروز عبر المسجلة .. أو أن يدندنها بنفسه ! ...

جارات يعلقن الغسيل ويتبادلن أطراف الحديث ويستغبن بقية الجيران من فوق الحبال المثقلة بأكوام من الثياب المعصورة بعناية خرجت لتوها من حمامها الدوري المنعش ..

ولد يحاول التقاط قطعة مخلل بعناية بواسطة شوكة من قطرميز عريض من فمه المدور المفتوح واسعا الى أعلى كمن يصطاد سمكة بغصن شجرة .. ورغم أن يده لا تكاد تصل الى القاع .. يتمكن من التقاطها أخيرا بأصابعه بعد أن رمى الشوكة بعيداً .. يقطعها الى ترانشات صغيرة غير متساوية ولا متوازية ... ويضعها في صحن .. ثم يحمل بكل فخر اسهامه المتواضع في تحضير مائدة الافطاار ...

ولد آخر منكب بصمت فوق دفتر .. محاولا أن يلحق كتابة احدى وظائفه التي قد نسيها من البارحة ويتذكر في كل ثانية عصا الموجه الغليظة والتي لا تفارق يده اليمنى وكأنهما ملحومتان سوياً! ..


أم حديثة العهد بذلك ... تحمل بحنان بالغ ويدين ترتجفان ولداً صغيرا ناعما .. لا يزال ضمن فترة كفالته !.. وتنتظر بشوق ولهفة أن يفتح عيناه الصغيرتان .. تطبع على أنفه الصغير قبلة حانية ... تستمع الى أنفاسه الساخنة تلامس وجنتيها ... ويرفرف قلبها فرحا عندما يستيقظ ملاكها الصغير أخيرا فاتحا جفنيه ببطء ويبادر الى رمقها بنظرة استغراب طفولية غير مبالية عبر بؤبئين صغيرين أزرقين كلون البحر ... تالياً ذلك بطرح مالديه من جديد الأغاني في السوق .. معلنا بذلك أنه قد جاع ... دون أن يمهل أحد أي ثانية لتلبية رغباته .. وتسارع الأم الى تقريب ملعقة صغييرة من وجبة الفواكه المخلوطة في الخلاط و التي أعدتها قبل قليل الى شفتيه الصغيرتان .. وهي تفتح فمها وااسعا عند كل لقمة وهي تطعمه وبشكل متزامن لقيام الصغير بفتح فمه! ..

كلها ....

لحظات صباحية مختلفة .. لنماذج متنوعة من الناس ...

تتصف حياتهم بشدة التنوع والاختلاف ... وهذا ببساطة ما يميزهم

قد تجمعهم مائدة الصباح ...

أو على الأقل ...

كلمة ... صباح الخير ...


منقول


توقيع : سيدة السلام
يا خير امة اخرجت للناس

سيدة السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس