أمي .. و عشتار ..و أغنية الخلود
وقتما سقط تابوتي الحجري
من القمر ، تصدعت عشتار :
من ألقى الصمت في الأرض؟ من
أذاب حروفي الثلجية ؟ من كسر الوقت
بين الآن واللآن؟
من بدل ذاكرتي الزرقاء ؟ ، حتى يأتِ البحر ذو الساعدين الاملسين ليبحر
فيّ .في لغة أشجاري الطفولية البكاكيةأنقطاع الربيع و انسحاب الشهور من مساحة اللاموت.
ليبحر ذو العينين الصغيرتين في كلي
المهترئ من فعل الزمان و نقص الكلام
و شرود المكان في اللا مكان
يا حبيبتي ،
أعترف الآن أني لا أحبك!!
لست ماهرا في العشق. و أوقعتني
عصفورة أخري في شباك الهروب من الهروب إلى هاوية
الهشق المختبئ بين أغنية و عيون ...حيث يسكن الوطن
أعترف بان تابوتي لم يك سوى حلمي .
الحلم الذي خان ملح دموعي ، وراح يجمع
كل القلوب لتسجنني .
لتبكي حالتي الأولى .حالتي الأخيرة.حالتي الوسط.حيث أمي تشتاق إليّ
تشتاق لقبلة من خديْ .لتشعر أني
ما زلت طفلها الطموح و الطموح و الطموح.
لتشعر أنني ما زلت جزءا من جسدها !!
لتشعر ان صراخها وقت الولادة
و صرخة حياتي
قد اتحدتا و اتحدتا و اتحدتا
و لم تزالا متحدتين إلى الابد..
أمي تشتاق لتراني أحارب على فرس عربيّ
أمام حجارة فرعون.
و أهزم نفسي و أنتصر.
أمي تشتاق لتراني عاشقا
أحب كل النساء و أكره كل النساء
إلاها.
أمي تريدني لها وحدها دون شريك أو شريكة
تريدني طفلا إلى الأبد..
و تريد عينيّ عسليتان و وجهي قمحي مثل أبي
و طويل القامة مثل اللغة التي أطعمتني .
تريد صوتي مثل حكيم الروايات .
أمي تريدني أن أجمع بين الانوثة و الرجولة
و تريدني بطل الحكاية القادمة
و تريدني مثل موجة صارخة
أمي قارئة لأساطير اليونان في الخلقْ،
و تشرب الشاي بالنعناع، وتحب النهاية و البداية ،
و البداية عندها حيث أنتهى أبي .
أبي ما زال يحلم بأن يرجع عريسا ليتزوج أمي
بعد أن يرتب الحياة .
أبي يحلم أن يبني لنا بيتا على شاطئ يافا
و يزرع حقل البيت عنبا و برتقالا و نخيلا
و يعلمني في الجامعات العربية ، حيث الغزاليّ و الخلدونيّ .
أبي يحب أمي مثل يافا و لا يحب الابتعاد عن النجوم
المتلألأة في شعرها الاسود المنسدل على ظهرها الذي يشبه
خارطة الوطن،
أمي لا تؤمن بالجغرافيا و تكره الاستعمار
و تنادي بحرية الفرد
و لكنها لا تريد المساواة مع أبي..
هي ترى أن الأرض أكرم الأشياء بلا جدال
أمي مملكة ضعيفة
قوتها في صبرها، تؤمن برؤية ..
أمي تعيش في اللاوقت و اللاموت و اللاتعب الوهميّ
أمي انسانية في زمن التسلط و التحكم و التعري ،
يا أمي .. تعرى البشر إلا قليلا من الحب
و الأخلاق و الناسوتية
و عشنار هجرتنا
و بدأ العد التنازلي في الحياة ،
و كنت أحلم ، و سقط تابوتي المائي
من الشمس و همس الافق :
الوعد القديم أتى
الشاعر قد نجى
و كنت أحلم و سقطت ، ثم سقطت
ثم صحوت بين يديّ أمي
على فراشي الدافئ و صدرها المغنيّ لي
أغنية الخلود.
احترامي
يوسف صبحي القدرة
مايو 2002
توقيع : يوسف..القدرة
عاشق القمر/يوسف صبحي القدرة
أنا من بلاد لا نساء فيها تعشقني / فقط يوجد بها نساء تسكنني..
أنا من بلاد لا يُكتب فيها الشعر / فقط يوجد
شعر يكتبنني..
|