الموضوع: بائع السعادة
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-03-03, 12:49 PM   #1

قمر
سفيرة زهرة الشرق

رقم العضوية : 688
تاريخ التسجيل : Jan 2003
عدد المشاركات : 2,823
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ قمر
بائع السعادة


سطر من دم

تخجل النفس من قول هذا الاعتذار ، .. "صديقي حتماً ستموت على خير
مشهد.. شاهد


ليلة من ليالي الشتاء الباردة ، وعلى غير العادة أفتح مسرحي لقول مالدي..وبمشهد
صامت .. تخشبت أطرافي .. لا حراك لها .. صرير القلم يزعجني .. .. والاوراق لا تريد
القبول .. ورقة.. إثنتين ..ثلاث .. إلى سلة المهملات .. ماذا دهاك

يا صديقي!! ..

لا تكسر أضلاعي بهذا النشيج .. يكفيك إرتجافاً .. يكفيك حزناً .. يكفيك مورا


قسوة القلب ..
هذا ما قالته وبالحرف الواحد .. " يجب أن يأتي يوماً من الأيام ويكون قلبك قاسياً
مثل قلبي " يااااه
أتذكر تلك الليلة .. أتذكر عندما قالت " أنا أتحكم بنفسي وبعواطفها " كيف لا ..
ولكن لماذا أنا هنا وبالذات بهذا الزمن العاتي .. الحروف سوداء والجمل أشد صلابة ..
والوهن أدركني .. كفى يا صديقي ... كف عن تأنيبي .. دعني وشأني



بائع السعادة

حمل على عاتقة صنع الألعاب للأطفال .. ومضى دون هم .. كان سعيداً عندما يهدي تلك
اللعبة إلى تلك الطفلة .. كان سعيداً عندما يراها تحضنها .. كان يهدي .. ومازال
يغني .. يصنع الألعاب للبيع .. وما إن يرى طفلاً .. يخبو أمل الربح والتملك فيعطي وهو ضاحكاً .. وهو فرحاً
ذات يوم .. خرج في الصباح الباكر .. وقف في آخر الشارع .. ينادي " ألعاب ، دمى
مزامير ...... " وبينما هو منهمكاً بذلك مرت إلى جانبه تلك الفتاة وبصوت خافت قالت
صباح الخير " وبذهوله .. وبإعجابه .. صمت ولم يحرك ساكناً .. نظرت إليه طويلاً ثم
قالت " بكم هذا " وأشارت بإصبعها على دباً بحجم قبضة اليد ولم يزل صامتاً .. كررت
علية السؤال .. فأشار بيده وكأنه يريد قول " بخمسة " شهيقاً .. وزفيراً ثم قالت
مآبك ألا تريد البيع فقال " بلا" ولكن لمن تريدين شراء هذا الدب .. " ضحكت " ثم
أخرجت من حقيبتها دفتراً صغيراً وفتحته وإذا بين تلك الأوراق وردة حمراء عرضتها على
البائع دون أن تمسها وقالت " لصاحب هذه الوردة
فقال " ولكن من أهديت له وردة عليه أن يهدي مثلها " قالت " ولكن جميع محلات الورود
مغلقه وأنت لا تبيع الورود"
وأثناء حديثها وقفت حافلة المدرسة و نظرت إليه وتبسمت وعلى شفتيها انسابت " مع
السلامة" رفع البائع الفقير الدب .. وقال " هو لكِ .. الدب .. الدب " إلتفتت إليه
وهمست آخر كلماتها له " سأعطي صاحب الوردة .. وردة " وركبت الحافلة .. والفقير
يراقبها وهي تستقل مقعداً داخل الحافلة .
عاد الفقير إلى حيث مقره وبنفسه آمال النشوة .. يداعب الهواء ثيابه .. فيطير فرحاً
كالعصفور .. وبينما هو في أوجّ سعادته رأى أحد محلات بيع الورود مغلقاً .. صف ما بيديه من ألعاب ودمى ...... على عتبة المحل وجلس ينتظر صاحب المحل ليفتحه .. بعد وقت أتى صاحب المحل ... واشترى البائع الفقير وردتين ... ورده حمراء .. وأخرى بيضاء ثم عاد إلى آخر الشارع .. إلى حيث موقف الحافلات المدرسية .. وقف وبنفسه تلك الفتاة .. وقف والانتظار واقفاً معه .. بيمينه الوردتين ... وبشماله ألعابه .. ينظر إلى الوردتين تارة ... ويشمها تارةً أخرى إلى أن قرب وقت وصول الحافلات .. وبعد انتظار طويل .. وصلت الحافلات .. ومن بينها الحافلة التي تقل مبتغاه.. ومبتغاه تلك الفتاه .. نزلت جميع الطالبات .. والفقير ينظر للوجوه .. عله يراها ..و من وجهاً لوجه .. ولكن دون جدوى ... مشت الحافلات .. وهو يردد تساؤلاته أين هي ؟ وبين الشك واليقين .. " هذه الحافلة .. متأكد نعم هذه هي الحافلة " وبينما هو غارقاً في تساؤلاته .. توقفت في الجانب الآخر من الشارع سيارة .. نزلت منها تلك الفتاة .. نظر إليها البائع الفقير .. وإذا هي مبتغاه .. تبسم .. وبنفس الوقت ساورته الشكوك ولكن غمرة الفرحة طغت على موجة الشكوك ..و سيل السيارات كان الحائل الوحيد بين البائع الفقير والفتاة .. كان الفقير يراقبها .. يتابعها .. يحاول بشتى الطرق أن يلفت انتباهها .. والفتاة لاهية بمراقبة سيل السيارات لكي تعبر الشارع .. .. ..،، دون انتباه .. ودون عقل .. عبر الفقير الشارع .. وكان هاجسه إعطاء الفتاة الوردتين لكي تعطيها لصاحب الوردة الحمراء .. ....
بسرعة البرق .. ضجت الدنيا بصوت المنبهات .. وانفجرت الأرض بصوت الفرامل .


بعد خمس دقائق ..

توقف سيل السيارات .. وهدأ الضجيج .. إلا من غمغمات العابرين ..

وكان على الأرض وردتين ، ألعاب ... ... ...

وجثه مضرجة .. بعبير السعادة ..


خلا الشارع ..
مات البائع الفقير ....



ومازال هناك .. بائعين للسعادة .




قمر وصلتني عبر الايميل


توقيع : قمر
زهرة الشرق
zahrah.com

التعديل الأخير تم بواسطة قمر ; 04-03-03 الساعة 12:54 PM
قمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس