عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-14, 05:35 PM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
مشاركة الشاعر الأندلسي ابن الأبّار أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي


الشاعر الأندلسي ابن الأبّار

وله كتاب آخر عنوانه ( أعتاب الكتاب ) تشتمل على تراجم طائفة من كتاب الأندلس وبعض الكتاب المشارقة ، ولابن الأبّار مؤلفات أخرى كثيرة لم تصل إلينا منها ( كتاب الدرالسمط في أخبار السبط ) و ( معدن اللجين في مراثى الحسين ) و ( تحفة القادم ) .--




ابن الأبّــار القضـاعيّ

هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبّار ، وهو شخصية من أعظم شخصيات التاريخ الأندلسي تلك المرحلة القائمة من مراحله، وهي مرحلة السقوط والانهيار.

وكان مولد ابن الأبّار بثغر بلنسية، في سنة 595هـ( 1199)، في بيت علم ونبل ، وأصلهم من أندة الواقعة على مقربة من بلنسية.

ودرس ابن الأبّار الحديث والفقه على أقطاب عصره، وفي مقدمتهم أبوه عبد الله ، والمحدث الكبير أبو الربيع بن سالم، وقد انقطع إليه ابن الأبّار ولازمه أكثر من عشرين سنة، ولما توفي قتيلاً سنة 634هـ ( 1237م ) رثاه ابن الأبّار بقصيدة تعتبر من أعظم المراثي الأندلسية، وإلى جانب الحديث والفقه برع ابن الأبّار في اللغة والأدب، وشغف بالأخبار والسّير ورحل في مطلع شبابه إلى غربي الأندلس، فزار قرطبة ثم إشبيلية وهو يأخذ أينما حل عن أساتذة العصر، ولما توفي أبوه في سنة 619 هـ ( 1221 م ) كان هو ما يزال بغربي الأندلس في بطليوس، عاكفاً على دراساته، فعاد عندئذ إلى بلنسية عاصمة شرقي الأندلس موطنه ومثوى أسرته

وقد تولى ابن الأبّار في شبابه قضاء دانية ، ولكن القدر كان يدخره لمهام أخطر وأجل ، ذلك أن الحوادث في شرق الأندلس كانت تؤذن بانهيار الدولة الموحدية على يد جيوش الإسبان المتحدة.

وكان ابن الأبّار قد استلم الكتابة لوالي بلنسية الموحدي أبو زيد الذي قامت حركة شعبية كبيرة ضده، فسار في قواته لمقاتلة ابن هود ولكن ابن هود هزمه، فارتد إلى بلنسية وهو يستشعر سوء المصير. وذلك أن الشعب في بلنسية اشتد هياجه وهتف برياسة زيان وزير الوالي والقائد الشعبي، فخشي زيد على نفسه فغادر بلنسية في أهله وأحواله، ومعه كاتبه ابن الأبّار ، ولجأ إلى بعض الحصون.

وهنا تبدأ المرحلة المشجية من حياة ابن الأبّار الدبلوماسية، وكان ابن الأبّار حيث غادر بلنسية وحيداً لا أهل له ولا ولد، ثم أقدم على مشاركة السيّد في مغامراته التي لم يكن يقدر يومئذ مدى خطورتها وكان ابن الأبّار يومئذ شاباً في عنفوانه في الحادية والثلاثين من عمره ، وفي هذا يقول:

الحمد لله لا أهل ولا ولد
........................................ولا قرار ولا صبر ولا جلد
كان الزمان لنا سلماً إلى أمد
.......................................فعاد حرباً لما انقضى الأمد.

---

ولما مُزقت قوى البلنسيين في معركة أنيشة الحاسمة سنة 634هـ وتم حصار بلنسية ....
فما كان من زيان إلا أن أرسل ابن الأبّار إلى إخوانه المسلمين في الضفة الأخرى من البحر، إلى مملكة إفريقية ( تونس )الفتية القوية أو مملكة بني حفص ، يحمل بيعته وبيعة أهل بلنسية إلى أبو زكريا بن السيد أبي محمد عبد الواحد الموحدي..

وكان ما وصل ابن الأبّار إلى تونس استقبله الأمير أبو زكريا بترحاب ومودة وقد أبلغه فيه مضمون سفارته وألقى قصيدته الرائعة المشهورة:

أدرك بخيـلك خيـل الله أندلســا
.............................................إن السبيـل إلى منجاتها درسـا

وهب لها من عزيز النصر والتمست
.............................................فلم يزل عز النصر فيك ملتمسا.
يا للجزيـرة أضحى أهلهـا جـزراً
.............................................للنائ بـات وأحسن جـدها تعساً
لها من عزيز النصر ما التمست
............................................فلم يزل منك عز النصر ملتمسا
عاش ما تعانيه حشاشتها فطال
................................................ ما ذاقت البلوى صباح مسا
وفي بلنــسيةٍ منــها وقرطــبةٍ
........................................... ما ينــسف النفسَ أو ينزف النفسا

مدائــنٌ حلّها الإشــراك مبتـسما
.......................................... جــذلانَ وارتحل الإيمانُ مبتئسا
يـا للمساجـد عـادت للعـدا بيعـاً
..........................................وللنـداء غـدا أثنـاءهـا جـرسـا
لهفي عليها إلـى استرجـاع فائتهـا
..........................................مدارساً للمثانـي، أصبحـت دُرسـا
فأين عيـش جنينـاه بهـا خضِـرا
..........................................وأين عصر جلينـاه ، بهـا سلسـا
صلْ حبلها أيها المولى الرحيم، فمـا
..........................................أبقى المراس لهـا حبـلاً ولا مرسـا
طهـر بـلادك منهـم إنهـم نجـس
..........................................ولا طهارة مـا لـم نغسـل النجسـا
وانصر عبيداً بأقصى شرقها ، شرقتْ
..........................................عيونهم أدمعـا تهمـى زكـا وحسـا
واضرب لها موعـداً بالفتـح ترقبـه
..........................................لعل يوم الأعادي قد أتـى، وعسـى




وهي قصيدة طويلة كلها تحسر وأنين على ضياع الأندلس وسقوط قواعدها، فكان لإنشاء القصيدة المبكية أبلغ الأثر في نفس الأمير أبي زكريا ورجال بلاطه.

وإنه لمن حوادث التاريخ الفذة أن يحقق الشعر غاية السياسة وأن تكون القصيدة العصماء أمضى سلاح يغني عن المفاوضة والإقناع حيث بادر الأمير أبو زكريا بتجهيز أسطول لإنجاد الثغر الأندلسي المحصور ومعها ابن الأبّار ورفاقه.
ولكن هذه السفن لم توفق في تأدية مهمتها وتحقيق هدفها، ذلك لأنها لم تستطع أن تصل إلى مياه الثغر المحصور بأي وسيلة فاضطرت أن تفرغ شحنها في ثغر دانية وأن تعود أدراجها إلى تونس.

---
ويقول العلامة المستشرق بونس بوجى في ترجمته لابن الأبّار ما يأتي:
" ليس من شك في أن شخصية هذا الكاتب كانت ذات تأثير عظيم في حوادث عصره السياسية، وأن حياته المليئة بالأحداث السعيدة أحياناً والنكدة أحياناً أخرى، وموته المؤسى ،إن هي إلا نتيجة طبيعية أفضت إليها أطماعه المفرقة، وخلفه العنيف على كل سلطة

--
أهم آثار ابن الأبّار:


لقد ترك ابن الأبّار تراثاً حافلاً من المنشور والمنظوم، والمصنفات التاريخية الجميلة ، وأقوى وأروع ما صدر عن ابن الأبّار من نثر ونظم ، هو ما كتبه أيام المحنة، وأيام انهيار الأندلس وسقوط بلده بلنسية من القصائد والرسائل التي مازالت تحتفظ حتى اليوم برنينها المبكي. والتي منها مخطوطة من ديوانه تحفظ اليوم بخزانة الرباط الملكية.

وأهم عمل أدبي وضعه ابن الأبار .. معارضته للشاعر أبو العلاء المعري في رسالته الشهيرة بالنصح والمسماة ( ملقى السبيل)
وأما تراثه التاريخي فهو من أنفس ما انتهى إلينا عن تاريخ الأندلس وتاريخ رجالاتها، وقد وضعه ابن الأبّار تنفيذاً لإشارة أستاذه أبي الربيع وهو كتاب ( التكملة لكتاب الصلة ) وهو موسوعة حافلة في التراجم يتخللها كثير من النبذ التاريخية الهامة. وهو تكملة لكتاب الصلة لابن بشكوال القرطبي.

ويلي كتاب الصلة في الأهمية كتاب ( الحلة السيراء ) وهو أيضاً مجموعة نفيسة من تراجم رجال الأندلس والمغرب وغيرهم تبدأ من المائة الأولى للهجرة حتى أوائل المائة السابعة.
ومن معاجم التراجم التي وضعها ابن الأبّار أيضاً كتاب ( المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي السرقسطي )
وله كتاب آخر عنوانه ( أعتاب الكتاب ) تشتمل على تراجم طائفة من كتاب الأندلس وبعض الكتاب المشارقة ، ولابن الأبّار مؤلفات أخرى كثيرة لم تصل إلينا منها ( كتاب الدرالسمط في أخبار السبط ) و ( معدن اللجين في مراثى الحسين ) و ( تحفة القادم ) .--


توقيع : حسين الحمداني


زهرة الشرق

zahrah.com

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس