في حديث الجارية المعروف:
( أين الله؟ )
قالت: فِي السّمَاء. لكن لَيْسَ معنى ذَلِكَ أنّ الله فِي جوف السّمَاء،
وأنّ السَّمَاوَات تحصره وتحويه، فإن هَذَا لَمْ يقله أحد من السّلف
الأمة وأئمتها؛ بل هم متفقون عَلَى أنّ الله فَوْقَ سماواته، عَلَى
عرشه، بائن من خلقه؛ لَيْسَ فِي مخلوقاته شيء من ذاته، وَلاَ
فِي ذاته شيء من مخلوقاته.
وَقَدْ قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء، وعلمه فِي كلّ مكان
فمن اعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء محصور محاط به، وأنّه مفتقر إِلَى العرش،
أَوْ غير العرش – من المخلوقات- أَوْ أَنْ استواءه عَلَى عرشه كاستواء
المخلوق عَلَى كرسيّه: فَهُوَ ضال مبتدع جاهل، ومن اعتقد أنّه لَيْسَ فَوْقَ
السَّمَاوَات إله يعبد، وَلاَ عَلَى العرش ربّ يصلّى لَهُ ويسجد، وأنّ محمداً
لَمْ يعرج بِهِ إِلَى ربّه؛ وَلاَ نزل القرآن من عنده: فَهُوَ معطّل فرعوني،
ضال مبتدع –وقال- بَعْدَ كلام طويل- والقائل الَّذِي قَالَ: من لَمْ يعتقد
أَنّ الله فِي السّمَاء فَهُوَ ضال: إن أراد بذلك من لاَ يعتقد أنّ الله فِي جوف
السّمَاء، بحيث تحصره وتحيط بِهِ: فَقَدْ أخطأ.
وإن أراد بذلك من لَمْ يعتقد مَا جاء بِهِ الكتاب والسنة، واتفق عَلَيهِ سلف
الأمة وأئمتها، من أنّ الله فَوْقَ سماواته عَلَى عرشه، بائن من خلقه:
فَقَدْ أصاب، فإنه من لَمْ يعتقد ذَلِكَ يكون مكذباً للرسول صلى الله
عليه وسلم، متبعاً لغير سبيل المؤمنين؛ بل يكون فِي الحقيقة
معطّلاً لربّه نافياً لَهُ؛ فَلاَ يكون لَهُ فِي الحقيقة إله يعبده،
وَلاَ ربّ يسأله، ويقصده.
الأخت الجوليانيه جعل الله ما قدمتي بميزان حسناتك
وتقبلي خالص تقديري