منتديات زهرة الشرق - عرض مشاركة واحدة - أبـو الـطـيـب الـمـتـنـبي//الأستاذ جواد دوش

حسين الحمداني · 22-11-13, 01:28 AM

عـلـى هـجـوم أو دفـاع ، فـلـزمـه الـمـتـنـبـي وأصـفـاه أجـمـل أشـعـاره طـوال الأعـوام الـتسـعـة الـتـي مـكـثـهـا بـحـلـب ولـم يـمـدح أحـداً غيـره ولـم يـصـف إلا غـزواتـه وحـمـلاتـه عـلـى الـروم والـبـدو والـثـائـريـن . وهـو خـلال ذلك يـنـال صـلات الأمـيـر ، ويـسـبـق الـشّـعـراء إلـى نـيـل رضـاه ، ولا يـنسـى إظـهـار مـواهـبـه وكـبـريـائـه ، وهـذا مـا جـعـل الـحـسّـاد يـرمـونـه بالـوشـايـات ويـعـكـرون عـلـيـه صـفـو الـحـيـاة ، وسـيـف الـدولـة يـصـغـي عـلـيـهـم حـيـنـاً بـعـد حـيـن حـتـى ضـاق الـجـو بالـمـتـنـبـي وأدرك أنّ بـقـاءه فـي كـنـف سـيـف الـدولـة لـم يـعـد يـفـيـد فـي وقـت نـال الـمـتـنبـي فـيـه شـهـرة كـبـيـرة وسـمـعـة شـعـريـة طـاغـيـة . وهـنـا تـبـدأ الـمـرحـلـة الـثـالـثـة حـيـن نـزل مـصـر مـلـبـيـاً دعـوة أمـيـرهـا كـافـور الإخـشـيـدي الـذي كـان عـلـى ذكـاء ودهـاء وكـان يـهـمـه أن يـمـتـدحـه الـشّـعـراء ، وقـد مـدحـه الـمـتـنـبـي بـقـصـيـدتـه الـتـي مـطـلـعـهـا :
كـف بـك راءً أن تـرى الـمـوت شـافـيـاً وحـسـب الـمـنـايـا أن يـكـنََّ أمـانـيـا
فـأكـرمـه كـافـور ووعـده بـولايـة طـمـعـاً فـي إبـقـائـه بالـقـرب مـنـه . فَسُـرََّ الـمـتـنـبـي بـهـذا الـوعـد ظـلَّ الـحُلـْـم يـسـاور نـفـسـه عسـى أن يـحـقـق عـنـد كـافـور مـا فـاتـه مـن رَغَـد الـعـيـش عـنـد سـيـف الـدولـة .
ولـكـن تـنـقـضـي الأيـام ولا يـفـي كـافـور بـوعـده . وهـنـا فـكّـر الـمـتـنـبـي بـالـفـرار مـن مـصـر بـعـد أن سـدَّ عـلـيـه كـافـور كـل الـمـنـافـذ . وفـي مـسـاء لـيـلـة عـيـد الأضـحـى مـن ذي الـجـة سـنـة 350 هـ أعـدَّ وسـائـل الـهـرب ، وأغـتـم فـرصـة انشـغـال الـحـرس عـنـه بالـعيـد . واسـتـمـر يـضـرب فـي أحـشـاء الـلـيـل بـطـون الـبـراري قـاطـعـاً إيـاهـا حـتـى وصـل إلـى الـعـراق وطـنـه الأول ، فـنـزل بـغـداد سـنـة 351 هـ ومـكـث فـيـهـا سـنـةً اتـصـل بـفـئـة مـن الـعـلـمـاء والأدبـاء والـنـحـاة كـإبـن جـنّـي وغيـره .
ثـم اتـجـه إلـى فـارس مـلبّـيـاً دعـوة الـكـاتـب ابـن الـعـمـيـد فـي أرّجـان ، وكـان وزيـراً لـركـن الـدولـة الـبـويـهي ، فـمـدحـه ومـنـه انـطـلـق إلـى شـيـراز تـلـبيـةً لـطـلب عـضـد الـدولـة الـسـلـطـان الـبـويـهـي فـأقـام عـنـده مـكـرَّمـاً ومـدحـه بـقـصـائـد جـمـيـلـة ثـم غـادره فـي الـسـنـة نـفـسـهـا عـائـداً إلـى بـلاده ، فـحـذّره أصـحـاب لـه مـن مـخـاطـر الـطـريـق وكـان ذا كـبـر يـمـنـعـه الإسـتـعـانـة بـأحـد فسـار مـع ابـنـه وبـعـض غـلـمـانـه ، فـعـرض لـه فـاتـك الأسـدي فـي رهـط مـن الـبـدو وكـان الـمـتـنـبـي قـد هـجـا أخـت فـاتـك ، فـثـأر لـنـفسـه بـقـتـل الـمـتـنـبي فـي شـهـر رمـضـان سـنـة 354 هـ وهـو فـي شـهـرتـه