عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-12, 11:53 AM   #2
 
الصورة الرمزية حبىالزهرة

حبىالزهرة
المراقب العـام

رقم العضوية : 1295
تاريخ التسجيل : Oct 2003
عدد المشاركات : 29,779
عدد النقاط : 263

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حبىالزهرة
رد: وثيقة شرعية لأحكام الجهاد وإجراء الأحكام الشرعية والخلافة




1-أن للجهاد معان متعددة متسعة وشاملة في الإسلام وليس مقصورا على القتال وامتشاق السلاح في وجه الخصوم فحسب ومن ثم فحصر الجهاد في مفهوم القتال دون غيره من مجالات بذل الوسع لنصر دين الله يعد إجحافا ووضعا للشيء في غيره موضعه وقد عرف شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية الجهاد بقوله: «هو شامل لأنواع العبادات الظاهرة والباطنة، ومنها: محبة الله، والإخلاص له، والتوكل عليه، وتسليم النفس والمال له، والصبر، والزهد، وذكر الله تعالى ومنه ما هو باليد، ومنه ما هو بالقلب، ومنه ما هو بالدعوة والحجة واللسان والرأي والتدبير والصناعة والمال».


2-أن الجهاد بمعنى القتال يرتبط ارتباط وثيقا بأمرين هامين وهما: القدرة على إنفاذه لرد العدوان وغلبة المصلحة وأن إهمال هذين الشرطين أو عدم تحققهما كفيل بأن يدخل الشباب والمتحمسون في أي موقع أو موطن محارق ومهالك دون طائل من ورائها.


3- أن الجهاد لم يكن يوما من الأيام هدفا في ذاته ولا غاية، فلم يشرع الإسلام القتال من أجل القتال وإنما كان الجهاد في سبيل الله وسيلة إلى حفظ الدين وإعزازه، وإعلاء لكلمة الله تعالى، فهو وسيلة من ضمن الوسائل العديدة لتحقيق الأهداف العظمى والآمال السامية، وليس غاية مراده لذاتها.. فكان صلى الله عليه وسلم تارة يقاتل وتارة يصالح، وأخرى يحالف، ورابعة يرجع من غير قتال، رأيناه صلى الله عليه وسلم يوم الطائف يحاصر حصنهم حتى إذا استعصى عليه مدة ليست باليسيرة، ووقع في صفوف المسلمين قتل وجراحات، وعلم أنه لا مجال لفتحه ولا جدوى من الاستمرار، اتخذ قراره الحكيم بالتوقف وعدم الاستمرار في قتال لا يجدي، وقفل راجعا بعد حصاره له 40 يوما، وفي هذا الصدد يقول ابن القيم رحمه الله: «إن الإمام إذا حاصر حصنا منيعا، ولم يفتح عليه ورأى مصلحة المسلمين في الرحيل عنه لم يلزمه مصابرته وجاز له ترك مصابرته، وإنما تلزم المصابرة إذا كان فيها مصلحة راجحة على مفسدتها».


4- أن الجهاد وسيلة عظيمة لهداية الخلائق إلى الحق وتعبيد الناس لربهم، وهداية الخلائق هدف نبيل وغاية سامية للدعاة إلى الله، ومن ثم، فإنها مقدمة على الجهاد، إذ الغاية مقدمة على الوسيلة، فإذا تعارضت الغاية مع الوسيلة قدمت الغاية. وقد نص الإمام القرافي في الذخيرة على أن الجهاد وسيلة وليست مقصدا قائلا: «والجواب أن الأحكام على قسمين: مقاصد ووسائل، فالمقاصد كالحج، والسفر إليه وسيلة، وإعزاز الدين ونصر الكلمة مقصد، والجهاد وسيلة». وأنهى كلامه بقوله: «والقاعدة أنه مهما تبين عدم إفضاء الوسيلة إلى المقصد بطل اعتبارها».


5- لقد شرع الجهاد في سبيل الله (حتى لا تكون فتنة) (البقرة: 193)، فهذا هو الهدف الأسمى للجهاد فإذا أصبح الجهاد نفسه محدثا للفتنة في الدين ومحرضا على إيقاف الدعوة وصادا للناس عن دعوة الحق، ومخوفا للشباب من ثمرة دعوة نقية، لم يحقق الجهاد بذلك مقصوده الأسمى ومن ثم تعين وقفه والعدول عنه، إن هداية الخلائق وتعبيد الناس لربهم هي مصلحة في ذاتها، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور هو هدف في حد ذاته، وإنقاذ الناس من المعاصي إلى الطاعات، ومن النار إلى الجنة هو غاية عظيمة في حد ذاتها، وإلا فلماذا كادت نفس النبي صلى الله عليه وسلم أن تهلك حرصا على هداية قومه ورغبة منه في إسلامهم حتى إن القرآن ليقول: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) (الكهف: 6)، وماذا كان الإسلام وجماعته ستستفيد من إسلام الغلام اليهودي وهو على فراش الموت بعدما دعاه النبي صلى الله عليه وسلم.



6- أن هداية الخلائق ورد العدوان وحرية العبادة هي الأصل والجهاد فرع عليها، لذلك فقد كان فتح الصحابة رضوان الله عليهم للبلاد فتح هداة لا فتح طغاة، وفتح رحمة لا فتح نقمة، فيختلطون بأهل البلاد التي يفتحونها ويتزوجون منهم ويزوجونهم ويبيعون لهم ويشترون منهم حتى أحب أهل هذه البلاد الإسلام وأقبلوا عليه يدخلون في دين الله أفواجا، وقد دخل ملايين الناس في أفريقيا وفي آسيا (إندونيسيا ـ ماليزيا) على يد مشايخ وعلماء بالدعوة إلى الله والتذكير بالآخرة.



7- أن شرعية الجهاد بمعنى القتال متوقفة على ما يحقق من مصالح راجحة ومنافع معتبرة، فإذا انبنى على القتال مفاسد معتبرة لا توازي المصالح المتحققة حرم ولم يجز للائمة أن تخوض غماره يقول الشاطبي: «لما ثبت أن الأحكام شرعت لمصالح العباد وكانت الأعمال معتبرة بذلك لأنه مقصود الشارع فإذا كان الأمر في ظاهره وباطنه على أصل المشروعية فلا إشكال وإن كان الظاهر موافقا والمصلحة مخالفة فالعمل غير صحيح وغير مشروع لأن الأعمال الشرعية ليست مقصودة لنفسها وإنما قصد بها أمور أخرى هي معانيها وهي المصالح التي شرعت لأجلها»، ويؤكد هذا المعنى ابن تيمية بقوله: «إذا زاحمت المصالح والمفاسد أو تعارضت المصالح والمفاسد فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد اكثر لم يكن مأمورا به بل يكون محرما اذا كانت مفسدته اكثر من مصلحته».


8- عمليات القتل والاغتيالات والتفجير التي يقوم بها الغلاة تحت مسمى الجهاد وبدعوى الردة والخروج عن الاسلام وموالاة غير المسلمين ويروح ضحيتها مسلمون وغيرهم ممن عصمت الشريعة دماءهم وأموالهم لا تعتبر جهادا ولا تمت اليه بأدنى صلة وليست من الاسلام في شيء لفقدانها شروط الجهاد الشرعي المعتبر وأحكامه المقررة والتي من اولها: ان يمنع المسلم من عبادة ربه كما في قوله تعالى: (الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله) «الحج: 40»، وثانيهما: ان يأمر به سلطان شرعي، فقد كان المسلمون في مكة فلم يأمرهم صلى الله عليه وسلم بجهاد ولا بايذاء احد، ولما طلب اهل البيعة ذلك قال: اننا لم نؤمر بذلك. فالجهاد تدبير حكومي للدفاع عن الحوزة والدين وليس عمل افراد يعود عليهم وعلى الامة بالوبال.



9- عمليات قتل المسلم نفسه ـ رجلا كان او امرأة ـ بواسطة تفجيرها وسط جمع من الناس ـ مسلمين وغيرهم ـ ممن عصمت الشريعة دماءهم وحياتهم هي عمليات محرمة وغير جائزة لا تبعا ولا قصدا، لاسيما ان ترتب على ذلك اضعاف المسلمين وتشويه صورتهم واعطاء الذريعة لخصومهم لتحجيم دعوتهم واغلاق مؤسساتهم الدعوية والعلمية والاغاثية.


10- - عدم انفكاك حكم الجهاد عن النظر الى مآلاته ونتائجه المتوقعة لانه قد تقرر ان صحة الوسيلة او جوازها لا يترتب عليه بالضرورة صحة حكمها الا بعد النظر الى مآلها وما يترتب عليها من نتائج، يقول الشاطبي: «النظر في مآلات الافعال معتبر ومقصود شرعا، كانت الافعال موافقة او مخالفة، وذلك ان المجتهد لا يحكم على فعل من الافعال الصادرة عن المكلفين بالاقدام او الاحجام الا بعد نظره الى ما يؤول اليه ذلك الفعل فقد يكون مشروعا فيه لمصلحة فيه تستجلب او لمفسدة تدرأ ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه»، يقول ابن القيم: «وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكف عن قتل المنافقين لئلا يكون ذريعة الى تنفير الناس عنه، وقولهم ان محمدا يقتل اصحابه، فان هذا القول يوجب النفور عن الاسلام ممن دخل فيه ومن لم يدخل فيه، ومفسدة التنفير اكبر من مفسدة ترك قتلهم ومصلحة التأليف اعظم من مصلحة القتل».


11- اختصاص العلماء المجتهدين بتنزيل احكام الجهاد على الواقع امر مقرر وثابت شرعا وعقلا وأن قيام غير المؤهلين بالفتوى في المستجدات الفكرية والواقعية كالجهاد والحاكمية والولاء والبراء والاموال انما هو اغتصاب لدور المجتهدين وأنه سيؤدي الى احكام خاطئة يهتك فيها امن المجتمعات وتراق الدماء المعصومة وتستباح الاموال والاعراض المصونة، وأن ثمة فرقا كبيرا وبونا شاسعا بين القيام بالاعمال الاجتهادية واسقاط الاحكام على مناطاتها واجراء الاحكام الشرعية، وبين مقام نشر العلم وبيان الاحكام والتصدر للدعوة والبلاغ وهذا ما قاله الشافعي بعد ان اورد شروط من يتصدى للفتوى، «فاذا كان هكذا فله ان يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، واذا لم يكن هكذا فله ان يتكلم في العلم ولا يفتي» ويعرف العالم المجتهد بثناء اهل العلم عليه وبما يكتب من مصنفات وكتب علمية تنضح بعلمه وقوة اجتهاده.


12- الصحيح ان العصمة بالآدمية وأن الكفر ليس علة للاعتداء على الناس او استباحة دمائهم وأموالهم ولا يجوز البتة التعرض لغير المسلمين ممن يعيش بين المسلمين مستأمنا على نفسه وماله وعرضه لا قصدا ولا تبعا لا بدعوى التبييت او رمي الترس او الضرب بالمنجنيق لانه تنزيل لحكم شرعي على واقع مختلف ولا يتناسب معه والادلة على ذلك متظاهرة وثابتة مقررة ولان الجيوش في تاريخ الاسلام ما انطلقت الا لمصلحة هؤلاء وافساح المجال امامهم حتى يتعرفوا على الاسلام وتصل اليهم دعوته. وقد بين شيخ الاسلام ان القتال في الاسلام ليس سبب الكفر وانما كان لرد العدوان قال في رسالة القتال: «حروب النبي صلى الله عليه وسلم التي خاضها ضد المشركين (27 غزوة) كان المشركون فيها هم المعتدون او المتسببون بأسباب مباشرة او غير مباشرة وهذا يؤكد ان الاصل مع الكفار السلم لا الحرب ولو كان الاصل معهم الحرب لكان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأهم بذلك والمتواتر من سيرته صلى الله عليه وسلم انه لم يبدأ احدا بالقتال».


13- القتل على الهوية او على اساس الجنسية تعميم ظالم واطلاق مجحف بحق الاسلام قبل ان يكون بحق المسلمين.


وخلاصة القول: ان المتعين في هذا الزمان هو ممارسة انواع الجهاد السلمي، ومنها جهاد النفس في طاعة الله، كما جاء في الحديث، ومنها بر الوالدين، كما جاء في الحديث الصحيح «ففيهما فجاهد» فجهادكم هو المحبة والاخلاص والتوكل وذكر الله، اما الجهاد بالقتال فهو «خدعة شيطانية» بالنسبة لغير مستكمل الشروط.


يتبع




توقيع : حبىالزهرة

الصدق في أقوالنا أقوى لنا
والكذب في أفعالنا أفعى لنا


زهرة الشرق .. أكبر تجمع عائلي

حبىالزهرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس