عرض مشاركة واحدة
قديم 08-02-12, 06:57 PM   #2
 
الصورة الرمزية رماح

رماح
العضوية الفضية

رقم العضوية : 7426
تاريخ التسجيل : May 2007
عدد المشاركات : 802
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ رماح
رد: الكيمياء السياسية الأفاعي الجوية البيضاء



خطوط الكيمتريل في الجو

لغازات الكيمتريل تأثيرات عجيبة على المناخ, فبعد سويعات من نفثها في الجو تتشكل السحب الاصطناعية الشريطية بتحول أكاسيد الألمنيوم إلى هيدروكسيدات, فتنخفض رطوبة الجو بنسبة 30%, وتتمدد السحب بالطول والعرض, فتهبط درجات الحرارة إلى المعدلات الدنيا المساعدة على انكماش الكتل الهوائية, فتتكون المنخفضات الجوية في طبقة الاستراتوسفير, وتندفع الرياح بقوة من المناطق البعيدة المجاورة لتعبث بالتوازن المناخي للمنطقة المضروبة, فتنقشع الغيوم ويتغير سلوكها في مواسمها الطبيعية, فتغيب لأيام وربما لأسابيع, مخلفة وراءها البرودة المزعجة والجفاف القاتل.
تستمر الحرارة بالهبوط, وتفقد السماء زرقتها المعتادة, فيتأرجح لونها بين الرمادي والأبيض والباهت, ثم يأتي الإطلاق الثاني والثالث والرابع فتضطرب الأجواء مرات ومرات بسرعات مذهلة, وتنفلت إيقاعات الرعد, وتنزل الصواعق الرعدية من دون أن يسقط المطر, فيتصاعد الغبار, ويتردى مدى الرؤية. .
الملفت للنظر أن أشجار النخيل هي الأكثر تأثرا بمساحيق الكيمتريل, وبخاصة حين ظهر عليها الحزن والانكسار, فانحنت رؤوسها إلى الأسفل, واضمحلت ألوانها, وتخشبت أعذاقها, واصفرت سعفاتها, وتجمعت في خصلة واحدة بموازاة الجذع, فنضج التمر خاويا متيبسا فاقدا لرحيقه السكري. وهذا ما بدت عليه نخيل البصرة, وخوزستان, والبحرين, والكويت, فالانكسار هو القاسم المشترك لبساتين النخيل في الجزر الشمالي من حوض الخليج العربي, وربما امتدت يد الكيمتريل لبساتين المنطقة الشرقية في السعودية, بيد أن انحناء رؤوس النخيل, واصفرار سعفاتها كانت هي العلامات الفارقة لنخيل البصرة.
أما السواحل الأفريقية الشمالية, في المغرب, والجزائر, وليبيا, وتونس, ومصر, فقد كان الكيمتريل هو القطار الذي نقل أسراب الجراد الأحمر, وسمح لها بعبور الحدود من دون حاجة إلى تأشيرات الدخول. وكانت سلة (الأوديسا) ممتلئة بمساحيق الكيمتريل.
لقد جاءت مصر في مقدمة الأقطار المتضررة, وتحملت وحدها غارات الجراد على مزارعها وحقولها بمباركة الناتو.
وربما كانت كوريا الشمالية هي الدول المنكوبة زراعيا, بعد فيتنام, التي تعرضت في القرن الماضي إلى حملات جوية مبرمجة استخدمت فيها الطائرات الامريكية كميات هائلة من مبيدات النباتات, فتحولت غاباتها إلى صحراء قاحلة في غضون عام واحد فقط. بيد ان السلاح الجوي الذي تسبب بالكارثة الكورية يختلف تماما عن السلاح الذي أزيلت به مزارع فيتنام, فالكيمتريل هو الغاز الذي اتلف محاصيل الرز في كوريا, وحرمهم من غذائهم الرئيس, وتسبب في مجاعة مروعة, راح ضحيتها (6,2) مليون الأطفال فقط, ومازالت المناطق المنكوبة تعاني من الجفاف.



نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً

ما يؤسف له أننا في العراق صرنا مهددين بأسلحة الجفاف, بعد أن هبت علينا بلدوزراتها الكاسحة من كل حدب وصوب, وتوحدت ضدنا الدول المجاورة لنا في مشاريعها التجويعية, فتعمدت حرماننا من حقنا في مياه الري, واشتركت كلها في قطع أوردة الأنهار والروافد, أما بتغيير مساراتها بعيدا عن الحدود العراقية, أو بإقامة السدود والنواظم الجبارة على نهري دجلة والفرات. ثم انضمت إليها القوى الشريرة, التي شنت غاراتها الكيمتريلية على العراق, وتسمرت إبصارنا في كبد السماء بحثا عن خطوط الكيمتريل, فشاهدناها كيف تتلوى وتتكاثف فوق رؤوسنا, وها نحن في عز فصل الشتاء, ولم تسقط على بعض ضواحي البصرة قطرة واحدة من المطر, باستثناء الرذاذ المطري الخفيف, الذي تناثر هنا وهناك, بكميات ضئيلة لا يمكن أن ندرجها في جداول الكميات المطرية المألوفة. .
يهزنا صوت الرعد, ويبهرنا بريق الصواعق, من دون أن يتساقط علينا المطر, نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً. .
فهل ستقتلنا الأفاعي الجوية المريبة, فنموت بسمومها, بالطريقة التي مات فيها مالك بن الريب ؟. أم نموت حزنا وألما على عمتنا النخلة, التي انحنى رأسها, وتيبس جذعها, حتى شاخت ودب الشيب في خوص سعفاتها, وتخشبت أعذاقها, فماتت واقفة تحت سماء الكيمتريل. . والله يستر من الجايات. . .


رماح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس