عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-11, 11:45 AM   #2
 
الصورة الرمزية انسام

انسام
عضوية متميزة

رقم العضوية : 11310
تاريخ التسجيل : Aug 2008
عدد المشاركات : 223
عدد النقاط : 51

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ انسام
رد: موت عظماء الأمة..


أما عثمان بن عفان فهو رجل وسيم ربعة بين الرجال ، كبير اللحية أسمر اللون كثير الشعر جذل الساقين طويل الذراعين في وجهه أثر الجدري . كان أنسب قريش لقريش . شديد الحياء ، عن عائشة ا أن أبا بكر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه وهو كذلك فقضى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف ، ثم استأذن عمر وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عليه عثمان فجلس وقال لعائشة : " اجمعي عليك ثيابك ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، قالت عائشة : يا رسول الله لم أرك فزعت أبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان ، فقال إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال لا يلغ إلى حاجته . رواه مسلم ، وفي رواية أنه النبي قال :" ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة ؟ ". أسلم أول الأمر ، ولما علم عمه الحكم بن العاص بإسلامه أوثقه رباطاً وقال : أترغب عن دين آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أخليك حتى تدع ما أنت عليه ، فقال عثمان : والله لا أدعه أبداً ، فلما علم صدقه في دينه تركه . زوَّجه رسول الله ابنته فلما ماتت زوجه ابنته الثانية فلما ماتت قال له : لو كان عندنا ثالثة لزوجتك إياها . هاجر إلى الحبشة فاراً بدينه هو وزوجته بنت رسول الله ، فقال عنه : إنه أول مهاجر إلى الله بعد لوط . بشره بالجنة على بلوى تصيبه . كان كاتب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس ، جلس أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعثمان بين يديه وكان كاتب سر رسول الله . من مناقبه أن الرسول صلى الله عليه وسلم اختصه بكتابة الوحي وهذه المنزلة لا يصلها إلا من كان كريماً عند الله تعالى . ندب الناس إلى الخروج يوم تبوك وأعلمهم بالمكان ليتأهبوا وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وأمر بالصدقة وحث على النفقة ، فجاؤوا بصدقات كثيرة ، فكان أول من جاء أبو بكر جاء بماله كله ، فقال له ": هل أبقيت لأهلك شيئاً ؟ قال أبقيت لهم الله ورسوله ، وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقية وتصدق عاصم بن عدي بسبعين وسقاً من تمر ، وجهز عثمان ثلث الجيش ، جهز 950 بعيراً و50 فرساً ، قال ابن إسحاق : أنفق عثمان في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها ، والرسول يقول ": ما ضرًَّ عثمان ما فعل بعد اليوم . قال :" من جهز جيش العسرة فله الجنة " ، فجهزه عثمان . اشترى بئر أرومة من اليهودي وسبلها للمسلمين . كان أعلم الناس بالمناسك ، وكان يحيي الليل كله وكان مضرب المثل في قراءة القرآن وربما ختمه في ليلة واحدة . وسَّع مسجد رسول الله لما ضاق بالمصلين . جعل للمسجد الحرام أروقة بعدما ابتاع البيوت حوله ووسعه كان شديد الخوف من الله وكان يقول : لو أني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رماداَ قبل أن أعلم إلى أيهما أصير. إذا ذكر عنده الجنة والنار لم يبكِ ، فإذا ذكر القبر سالت دموعه على وجهه ، فسئل في ذلك فقال : القبر أول منازل الآخرة . ـ من أعظم مناقبه جمعه للمصحف ، حيث جمع الناس على قراءة واحدة وكتب المصحف وفقاً للعرضة التي عرضها جبريل على النبي في آخر سني حياته ، ثم عمد إلى سائر المصاحف التي تخالف ما كتبه فحرقها لئلا يختلف الناس . انتشرت الفتوحات في عهده انتشاراً عظيماً فبلغت المشرق والمغرب من أشهرها : غزوة أذربيجان وأرمينية والروم وفتح الإسكندرية وغزو الأندلس وفتح قبرص وغزوة ذات الصواري . ـ لم تكن قوى الشر لتدع المؤمنين متحدين تحت راية واحدة منقادين لخليفة واحد ، فعملوا جاهدين على تفكيك هذا البناء وزعزعة هذه الوحدة . ألصقوا بذي النورين التهم ظلماً وزوراً : أ ـ اتهموه بأنه أحرق المصحف . ب ـ وأنه يولي ويهزل من يشاء لهوى في نفسه . ج ـ بيَّت القتل والصلب لمعارضيه . د ـ كتبوا الكتابات الفاجرة ثم نسبوها إليه ، وقد أقسم للصحابة ـ وهو الصادق بلا قسم ـ أنه ما كتبها ولا أمر بكتابتها وليس له علم بها . حاصر أهل الفتنة بيته بعدما اجتمعوا من مناطق مختلفة واستمر حصارهم لأكثر من عشرين ليلة وقيل أربعين ليلة . منعوا عنه الطعام والشراب إلا ما دخل خفية . طلبوا منه أن يتنازل عن الخلافة ويولي عليهم من يشتهون . رفض التنازل ، وقد علم أنها ستكون فتنة ، كما أخبره النبي ، وأنه سيدخل الجنة على البلوى تصيبه . اشتد الحصار يوم الجمعة ، فقال عثمان لمن عنده من المهاجرين والأنصار أقسم على من لي عليه أن يكف يده وأن ينطلق إلى بيته ، وقال لرقيقه من أغمد سيفه فهو حر ، فبرد القتال في الداخل وحمي في الخارج . اشتد الأمر ولم يبق مع عثمان في بيته إلا أهله ، فدعا بسراويل فلبسها لئلا تبدو عورته إذا قتل ، فقد كان شديد الحياء ثم تناول المصحف وبدأ يقرأ منه . أدرك أنها ستكون مقتلة عظيمة بسببه لا طاقة لأهل المدينة بها ، وعلم أنه مقتول في النهاية فاستسلم لقضاء الله وصرف الناس . أحرق البغاة باب بيته وتسور بعضهم الجدار ففزع عثمان إلى الصلاة واستفتح سورة طه ، فلما خاف أن يصل الحريق إلى بيت المال فرغ من صلاته وجعل يتلو قوله تعالى { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} . أول من دخل عليه من الأشقياء رجل يقال له : الموت الأسود ، فخنقه خنقاً شديداً حتى غشي عليه وجعلت نفسه تتردد في حلقه شديداً فتركه وهو يظن أنه قد قتله ، ثم دخل عليه آخر وبيده سيف فضربه به فاتقاه عثمان بيده فقطعها ، فقال له عثمان والله إنها أول يد كتبت المفصَّل ، وجاء ثالث شاهراً سيفه فاستقبلته زوجته نائلة لتمنعه منه فأمسكت السيف فانتزعه منها فقطع أصابعها فتقدم إلى عثمان فوضع السيف في بطنه وتحامل عليه فجاء أحد غلمان عثمان فقتل ذلك الرجل ، ثم تحامل قوم من الخوارج فقتلوا الغلام ثم تعاوروا على عثمان فخرَّ على جنبه ، فجاء رجل من الخوارج يقال له : عمرو بن الحَمِق ، فوثب على عثمان وجثم على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات وقال : أما ثلاث فلله وأما الست الباقية فلما كان في صدري ، وكذب عدو الله فما فيهن شيء لله ، ثم قال عثمان : بسم الله توكلت على الله ، وإذا الدم يسيل على لحيته والمصحف بين يديه فاتكأ على شقه الأيسر وهو يقول : سبحان الله العظيم . وثبت من أوجه عديدة أن أول قطرة من دمه سقطت على المصحف على قوله تعالى { فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } وكان قد وصلها في التلاوة . اتجه الأشقياء إلى ما في البيت فقالوا : يحل لنا دمه ولا يحل لنا ماله؟ فأخذوا ما البيت وشيئاً كثيراً من بيت المال ولما وقع هذا الأمر العظيم أُسقط في يد القتلة وندم الكثير منهم بعد أن رأوا أنهم قد ضلوا . لما علم الزبير بمقتل عثمان قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم ترحم عليه وبلغه أن الذين قتلوه ندموا ، فقال : تباً لهم ، وتلا قوله تعالى { ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون } . وبلغ علياً قتل عثمان وسمع بندم الذين قتلوه فتلا قوله تعالى { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين } . ولما علم سعد بن أبي وقاص بموته استغفر له وترحم عليه وتلا في حق القتلة قوله تعالى { قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً } . ثم قال سعد وكان مجاب الدعوة : اللهم أندمهم ثم خذهم ، قال أحد السلف ما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولاً .
ثم جاء علي بن أبي طالب ومن صفاته أنه كان عظيم العينين ، يقرب إلى القصر ، كثير الشعر عظيم اللحية ، أصلع ، أبيض الرأس واللحية . له مكانة عند الله . وكان محبباً عند رسول الله . قال النبي يوم خيبر :" لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه ، فبات الناس يذكرون أيهم يعطاها ، فلما أصبح غدوا على رسول الله وكلهم يرجو أن يعطاها ، فقال :" أين علي بن ابي طالب ؟ قالوا : هو يشتكي عينيه ، قال :" فأرسلوا إليه " ، فأُتي به فبصق رسول الله صلى الله في عينيه ودعا له فبرِاَ كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية …… . متفق عليه . عن زر بن حبيش قال : قال عليٌّ : والله إنه لما عهد إليَّ رسول الله أنه قال : والله لا يبغضني إلا منافق ولا يجبني الا مؤمن ". رواه مسلم . عن سعد بن أبي وقاص قال : خلّف رسول الله عليَّ بن أبي طالب في غزوة تبوك ، فقال عليّ : يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال :" أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ". متفق عليه . أكرمه الله يوم أن تزوج البتول فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة وكوَّن منها أسرة طيبة كان منها نسل رسول الله : الحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم وزينب . كانت أخلاقه قبساً من خلق النبي حيث تربى في حجره وعاش على مكارم النبوة . كان من السابقين الأولين إلى الإسلام . كان علماً من أعلام العلم ، قال النووي ، قال ابن عباس : أُعطي عليّ تسعة أعشار العلم ووالله لقد شاركهم في العشر الباقي . ساقه هذا العلم الرباني إلى معرفة الدنيا وحقيقتها فكان فيها من الزاهدين . قال ضرار بن ضمرة فقال : كان بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلاً ، ويحكم عدلاً ، يتفجر العلم من جوانبه ، ينطق بالحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، يستأنس بالليل وظلمته ، كان غزير الدمعة طويل الفكرة يقلَّب كفه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، لا نكلمه لهيبته مع قربه منا ، ولا نبتديه لعظمته ، يعظَّم أهل الدين ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في لينه ولا ييأس الضعيف من عدله ، وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وقد وقف في محرابه قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم ـ أي الملدوغ ـ ويبكي بكاء الحزين وكأني أسمعه وهو يقول : يا دنيا إليَّ تعرضت أم إليَّ تشوفتِ هيهات هيهات غرِّي غيري لا رجعة لي فيكِ ، فعمركِ قصير وعيشك حقير وخطركِ كبير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق . لم يطلب الخلافة ولم يسعَ لها ، بل أخذها مكرهاً مجبراً بعدما اجتمع الناس عليه وبايعوه ، فامتنع من إجابتهم وفر منهم إلى حائط بني عمرو وأغلق عليه بابه فجاء الناس فطرقوا عليه وجاءوا معهم بطلحة والزبير فقالوا له : إن هذا الأمر لا يمكن بقاؤه بلا أمير ولم يزالوا به حتى أجاب ، وكان أول من بايعه طلحة ، بايعه بيده اليمنى وكانت قد شلت يوم أحد عندما وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم . كان شديداً في الحق فقرر تحجيم دور أصحاب الفتنة والمخربين حتى استتب الأمن . لكن الخوارج أهل الفتنة قاموا بنشر الأكاذيب بين المسلمين حتى اغترَّ بهم كثير من حديثي العهد بالإسلام وجهلة الأعراب وصفق لهم اليهود والمنافقون . تمادى أمر أصحاب الفتنة فكفروا علياً ومعاوية وأتباعهم وخرجوا عليهم مستحلين لقتالهم ، فقال عليّ يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أعل الأوثان ، ثم نهز لقتالهم وكان له معهم وقفات حتى أفناهم قتلاً ولم يبق لهم شوكة ولا جماعة . اجتمع نفر من بقاياهم وتعاهدوا على قتل عليّ ومعاوية وعمرو بن العاص ، وكان الذي التزم قتل عليّ : عبد الرحمن بن ملجم ، فقدم الكوفة وعمد إلى السدة التي يخرج منها علي إلى المسجد فكمن فيها ، فلما خرج عليٌّ إلى صلاة الفجر بادره ابن ملجم على رأسه بالسيف قائلاً الحكم لله يا عليّ لا لك ولا لأصحابك ، فقال عليّ للناس : لا يفوتنكم الرجل ، فشد الناس عليه فأمسكوه ، ثم قال عليّ : احبسوه فإن أنا مت فاقتلوه ولا تمثلوا به وإن لم أمت فالأمر إلي في العفو أو القصاص فلم يلبث طويلاً أن مات فتقدم أبناؤه إلى ابن ملجم فقتلوه .


توقيع : انسام
"Our Lord! Pour forth on us patience and make us victorious over the disbelieving people."

انسام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس