عرض مشاركة واحدة
قديم 17-06-10, 02:13 PM   #7
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: بنى اسرائيل فى رسالة دكتوارة للشيخ / سيد طنطاوى


وعن نقضهم للعهود تقول الدراسة، صفة نقض العهود من الصفات التى دمغ القرآن بها اليهود فى كثير من آياته، والمتتبع لتاريخهم قديماً وحديثا يرى أن هذه الرذيلة تكاد تكون طبيعة فيهم، فقد أخذ الله عليهم كثيراً من المواثيق، على لسان أنبيائه ورسله، ولكنهم نقضوها، وعاهدهم النبى غير مرة، فكانوا ينقضون عهدهم فى كل مرة..
وتشرح الدراسة كيف نقض اليهود المنتظر، حين جاءهم هذا الرسول، طرح فريق كبير من اليهود تعاليم التوراة التى فيها البشارة بالنبى (صلى الله عليه وسلم) وراء ظهورهم، وأعرضوا عنها إعراضاً تاماً، حتى لكأنهم لا يعلمون منها شيئاً.
قال الإمام ابن جرير: «ومعنى قوله تعالى: (كأنهم لا يعلمون) كأن هؤلاء الذين نبذوا كتاب الله من علماء اليهود فنقضوا عهد الله، بتركهم العمل بما واثقوا الله على أنفسهم العمل بما فيه، لا يعلمون ما فى التوراة من الأمر باتباع محمد (صلى الله عليه وسلم) وتصديقه، وهذا من الله- تعالى- إخبار عنهم بأنهم جحدوا الحق على علم منهم به ومعرفة، وأنهم عاندوا أمر الله فخالفوا على علم منهم بوجوبه عليهم».
فالآية الكريمة صريحة فى أن اليهود نقضوا العهود، التى أخذت عليهم فى كتبهم، بأن يؤمنوا بالنبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ويصدقوه عند ظهوره، فيما يخبر به عن الله- تعالى.
هذه آيات ثلاث أوردناها كدليل على نكث اليهود لعهودهم التى أخذها الله عليهم فى توراتهم، وعلى ألسنة أنبيائهم بأن يؤمنوا بمحمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد أقروا بها ولكنهم نقضوها وخالفوها.
ومن ألوان نقض اليهود لعهودهم التى تذكرها الدراسة: بعد أن هاجر النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة، عقد مع اليهود الذين كانوا يسكنونها معاهدة ضمن لهم فيها الحرية والاستقرار، وكان من أهم نصوص هذه المعاهدة «أنه إذا حصل اعتداء على المدينة فعلى اليهود أن يدافعوا مع المسلمين عنها، وأن على اليهود أن يتفقوا مع المسلمين ما داموا محاربين».
لكن اليهود بطوائفهم المختلفة، نقضوا عهودهم مع الرسول، فبنو قينقاع الذين كانوا يقيمون داخل المدينة، وبيوتهم تلاصق بيوت المسلمين، لم يكتفوا بالامتناع عن مد يد العون، والمساعدة للمسلمين فى غزوة بدر، بل ساءهم أن ينتصروا على قريش، وصرحوا بحزنهم لهزيمة أهل مكة، وأخذوا يتحرشون بالمسلمين.
وفى خلال ذلك، نزل جبريل على النبى (صلى الله عليه وسلم) بقوله تعالى: ( وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِين) فلما فرغ جبريل- عليه السلام- من قراءتها، قال النبى (صلى الله عليه وسلم): «إنى أخاف من بنى قينقاع، ثم سار إليهم فى سوقهم» فقال لهم: «يا معشر اليهود: احذروا من الله- تعالى- مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أنى نبى مرسل، تجدون ذلك فى كتابكم، وفى عهد الله إليكم، فقالوا: مدلين بقوتهم- يا محمد إنك ترى أنا كقومك، لا يغرنك أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، إنا والله لو حاربتنا لتعلمن أننا نحن الناس..».
ولما وجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) منهم تصميماً على نقضهم لعهودهم، ومحاربة مستمرة للدعوة الإسلامية، ومآزرة لكل معارض لها، طردهم من المدينة، إلى أذرعات جزاء غدرهم وخيانتهم.
وأما بنو النضير: فكانوا فى نقضهم لعهودهم مع المسلمين أفحش من سابقيهم، فإنهم لم يكتفوا بمنع يد المعونة عن المسلمين فى بدر، بل آووا الأعداء الذين جاءوا للإفساد فى المدينة بعد ذلك، فقد حصل منهم فى غزوة السويق التى تتلخص أحداثها: فى أن أبا سفيان بن حرب، حاول بعد هزيمته فى بدر أن ينتقم من المسلمين،
فسار مع رجال له إلى المدينة فوصلها ليلاً، فطرق باب (سلام بن مشكم)- أخو بنى النضير- فاستقبله استقبالاً حسناً وعرفه أخبار المسلمين، فخرج أبوسفيان من عنده وهجم برجاله على ناحية يقال لها: (العريض).. وعلم المسلمون بذلك، فتعقبوا أبا سفيان ومن معه، ولكنهم نجوا بعد أن ألقوا ما معهم من سويق.
وبنو النضير- أيضاً- هم الذين حاولوا اغتيال الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين جاءهم إلى بيوتهم، ليطلب منهم المعونة فى دفع دية قتيل قتل خطأ.
وكانت عقوبتهم جزاء خياناتهم ونقضهم لعهودهم أن طردهم المسلمون من المدينة كسابقيهم.
وأما بنو قريظة فقد كانوا فى نقضهم لعهودهم مع المسلمين، ونكثهم مواثيقهم، أشد من جميع طوائف اليهود، لأنهم لم ينقضوا عهودهم فى وقت السلم، بل تحللوا منها فى وقت الشدة والعسر، وإحاطة أحزاب الكفر بالمدينة.
وذلك أن المشركين بعد أن جمعوا جموعهم فى غزوة الأحزاب بقيادة أبى سفيان، وبتحريض حيى بن أخطب اليهودى، بلغ المسلمين فى ذلك الوقت أن يهود بنى قريظة قد نقضوا عهودهم، وانضموا إلى جيش الكفر وأرسل الرسول (صلى الله عليه وسلم) إليهم من يحذرهم من مغبة خياناتهم، ولكنهم أصروا عليها، وكذّبوا الرسول (صلى الله عليه وسلم) وذكروه بسوء.


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس