رد: عمر موسى وموقفه من الترشيح للانتخابات
رغم وصفه العالم العربى بأنه «متفرق وتعبان وضعيف»: (٢-٢)عمرو موسى: الذين يقولون «بلا قومية بلا عروبة» يتجاهلون مصالح مشتركة بـ«الورقة والقلم»
حوار مجدى الجلاد ٢٤/ ١٢/ ٢٠٠٩
تصوير- محمد مسعد
عمرو موسى يتحدث إلى «المصرى اليوم»
يتحدث بلسان ٢٢ دولة عربية، أنظمة وشعوباً، تجده فى لحظة يوجه للأنظمة رسائل من بين السطور، وفى لحظات أخرى يخاطب الشعوب.
يركز عمرو موسى فى الجزء الثانى من حواره مع «المصرى اليوم»، الذى يطرح فيه رؤيته الإجمالية للحالة العربية، والوضع الحالى، على أهمية التحدث بصوت واحد، لا يمل أن يؤكد أن من مصلحة الآخر أن يتعامل مع العرب واحداً وحداً، وأنه ينزعج بشدة من الموقف المشترك والإرادة الجماعية.
الرجل الذى أعلن مغادرة موقعه بعد عام ونصف، يخاطب الشعوب قبل الأنظمة، ويدعوها للتمسك بهذا الوطن الكبير، وبتلك المؤسسة التى تمثله «الجامعة العربية»، وألا تيأس، أو تعتقد أن «العروبة» كانت مرحلة زمنية مضت.. يدعو الجميع إلى حساب المصلحة المشتركة بـ«الورقة والقلم»، هو يؤكد أن ارتباطه القومى العروبى، ليس هتافاً ولا شعارات، وإنما تفكير «براجماتى» رصين، يضع اعتباراً لمكاسب كبيرة ومصالح هائلة لن يرعاها إلا أنظمة تؤمن بعمل جماعى، وشعوب تثق فى انتمائها وعروبتها.
يعترف بالأخطاء، وبالوضع العام «المهترئ»، لكنه يحتفظ بالأمل، لديه كثير من المبررات لهذا الأمل، وكثير من الطموحات لمستقبل أمة مصيرها بين «أيديها»، وينتظر أن تمد له تلك «الأيادى» بإرادة واضحة تستهدف مستقبلاً واضحاً ومبشراً وواعداً.
■ قلت فى تصريحات مهمة قبل زيارتك الأخيرة إلى أنقرة إن الانفتاح على تركيا فى مصلحة الطرفين العربى والتركى، لكن هناك من ينظر للدور التركى ببعض التشكك.. فى رأيك كيف يجب أن تكون العلاقات العربية - التركية؟
- شوف يا سيدى.. أنا أرى الوضع الإقليمى ملتبساً، وهناك عمليات إعادة تموضع بعضها له سمات استراتيجية أى أنه يتجه إلى تحقيق أوضاع مستمرة لسنوات قادمة، الأمر الذى يمكن أن يعطى المنطقة لوناً أو ألواناً مختلفة عن كونها منطقة عربية، وهذا أيضاً يعنى الكثير من حيث التداعيات، ومن حيث البرامج الإقليمية القادمة سواء من حيث الأمن الإقليمى أو المشروعات البنيوية... إلخ.
أما إجابتى عن سؤالك المحدد فهى أننى ماعنديش أى انزعاج بالمعنى الحرفى للكلمة من الدور التركى، فهى دولة كبيرة فى هذه المنطقة، ولا تستطيع أن تنكر عليها أن تتحرك فى منطقة هى عضو فيها، وقوة من قواها الكبرى بالإضافة إلى أن هناك تطوراً حميداً فى الموقف التركى وهذا التطور به نوع من العودة إلى الجذور، أو وضع الجذور فى الاعتبار، وهذا أمر من حقها أن تقرره ولا يمكن بل ليس من المصلحة منعها من ذلك، هناك أيضاً نوع من الالتباس الإقليمى كما سبق أن أشرت، يمكن القول إن هناك تغيراً فى الأدوار، وربما تغير فى الفكر السياسى فى المنطقة، وعبرت عن هذا فى كلمة أمام مجلس الشؤون الخارجية مؤخرا عندما قلت إن الشرق الأوسط يتعرض لتطور نرى فيه قوة عائدة مثل تركيا وقوة صاعدة مثل إيران،
وأما العالم العربى نفسه، فيتعرض إلى تآكل فى دوره لاختلاف النظرة والأفكار والمصالح وتأثير الأصابع الأجنبية المختلفة هنا وهناك بالإضافة إلى أسباب أخرى كثيرة، وأصبح هناك ما يمكن أن نصفه بعلامة استفهام على حاضر المنطقة ومستقبلها، وأى تطور أو تغير أو تهديد سيؤثر على العالم العربى ولكنه سيؤثر أيضاً على كل من تركيا وإيران ومن هنا نرى السياسة النشطة لكليهما.
والجامعة العربية من جانبها طرحت أمرين:
أولاً: تنسيق عربى تركى، وهذا بالفعل انطلق فى إطار المنتدى العربى التركى، وكذلك حوار عربى إيرانى، ومازلت عند اقتراحى هذا لأن الخلافات العربية الإيرانية تجعل من الضرورى- حتى لا تتفاقم- أن نتفاهم وأن نحاول أن نتفق على الخطوط الحمراء، وربما نركز على عناصر التعايش المشترك دون تهديد من أى من الطرفين. فالجوار قائم وسيظل قائما بحكم الجغرافيا. هذا جزء مما تفعله الجامعة العربية.
والحقيقة أن تركيا تقبلت قبولاً حسناً وحماسياً فكرة المنتدى، لأن الأمر لا يقتصر على علاقة بيع وشراء بينها وبين أى دولة عربية، وأيضاً لا يقتصر الأمر على علاقات ثنائية سياسية، ولكن هو وعاء كبير به تشاور مع المجموع أولاً وعلاقة اقتصادية أوسع من خلال غرف التجارة العربية واتحادات رجال الأعمال العربية والبرلمانيين والمجتمع المدنى والإعلاميين، وهو ما يعطى للعلاقات العربية التركية فرصاً واسعة للتفاعل والتواصل.
واتفقنا بالفعل على اجتماع فى اسطنبول برعاية الجامعة العربية والحكومة التركية لإطلاق كل ذلك فى يونيو القادم. ودعنى أشرح باختصار معنى أن تكون هناك علاقة جماعية مع تركيا تتعلق بالوضع فى الشرق الأوسط وليست مجرد علاقات ثنائية، فعندما نتكلم عن نظام أمن إقليمى، فهذا عمل جماعى وليس فردياً، والدول العربية كلها يجب أن تتكلم عنه مجتمعة، وهذا يهم تركيا، أو عندما نتحدث عن إقامة منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط، فمن الذى سيتحدث عن هذا الأمر، لا يجب أن يتحدث طرف واحد، وإنما العرب كلهم يتحدثون مع تركيا ومع إيران وربما فيما بعد مع إسرائيل، لذا فإن هناك الكثير من الموضوعات التى تتطلب مواقف عربية متفقا عليها تنقل إلى باقى الشركاء فى المنطقة وهم الآن تركيا وإيران.
وسأعطيك مثالاً ثالثاً وهو صراع الحضارات، فعندما يكون هناك صراع حضارى مع الحضارة العربية والإسلامية وهما متداخلتان، فإن هذا يعنى بالضرورة تدخل كل من تركيا وإيران فى الأمر، وأحب أن أقول لك إن هناك أمرين خطيرين فى هذا الموضوع، الأول أن المبادرة الأساسية التى ردت على صدام الحضارات بتحالف الحضارات هى مبادرة إسبانية تركية، والشخصية النشطة فى مجال ائتلاف الحضارات هى الرئيس خاتمى من إيران، وهو الأمر الذى جعلنى أقترح أن نتوجه بالجامعة العربية توجهاً إقليمياً، على الأقل فى عدد من البنود الرئيسية التى أشرت إليها وبالوسائل التى يمكننا الاتفاق عليها.
|