عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-09, 07:49 PM   #2
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: ديك الجن- شاعرا واديبا


أيْ الهَلاك. فقال : كنت أتلاعبُ بذلك ولم أكن أعتقدُه.) و عندي ملاحظة لغوية هنا: إن كان السواف جمع سافٍ فالمعنى هو الغبار مع الرياح القوية وهو السافِ ، و من معاني السوافِ الحوادث و الهلاك. من المنطق المفهوم أن ندرك خوف الشاعر من الحكومة لأنه ناصرَ المعارضة الشيعية ، لكن خوفه المرأة و الشك فيها! ( ولكن الاستغراب ينتفي، والدهشة تزول إذا عرفنا أن خوفه نابع من هذه المعرفة الكثيرة للنساء. إن هذه المعرفة وَلَّدت في نفسه الشَّكَ بوفاء المرأة أو قدرتها على الوفاء) كما كتب الحجي. يبدوا لي أنه بسبب عصيانه و إدمانه لم يعرف الفاضلات. و عرف الكثير من الساقطات و بنات الهوى و المال و الموال ، و أهل مجالس المجون و الخمر ، و ما إلى ذلك. (لم تكن لديك الجن علاقات واسعة برجالات عصره، فهو لم يبرح بلاد الشام قطّ، كما تقول معظم كتب التراث، وأغلب الظنّ أنه قضى معظم أيام حياته في مدينة حمص. وعلى الرغم من أن العراق كان قِبْلَة الشعراء في زمنه، إلاّ أنه لم يزره، ولم يَفِدْ على بلاطات خلفائه أو وزرائه وأمرائه، لأنه لم يكن شاعراً مدّاحاً متكسّباً بشعره) ربما لتوجهه السياسي و مزاجه النفسي و ظروفه. و رغم ذلك كان معروفا بالشعر و مشهورا بالمجون. و من شعره المقتطفات التالية: بكاكَ أَخٌ لَمْ تَحْـوهِ بِقَرابَةٍبَلَى إنَّ إِخْوانَ الصَّفَاءِ أَقَارِبُ

وأَظْلَمَتِ الدُّنْيا التي كُـنْتَ جَارَهَا كأنَّكَ للـدُّنْيا أَخٌ ومُنَاسِبُ

يُبَرِّدُ نِـيْرانَ المَصَائِبِ أَنَّني أَرَى زَمَناً لَمْ تَبْقَ فيهِ مَصَائِب و أيضا: أَمَالِيْ عَلى الشَّوْقِ اللَّجُوجِ مُعِينُ إذا نَزَحَتْ دَارٌ وَخَفَّ قَطِينُ

إذا ذَكَرُوا عَهْدَ الشَّآمِ اسْتَعَادَنِي إلى مَنْ بِأَكْنَافِ الشَّآمِ حَنِينُ

تَطَــاوَلَ هَذا اللَّيْلُ حَتَّى كأَنَّما على نَجْمِهِ أَلاَّ يَعُودَ يَمـِينُ و أيضا: طَلَبُ المَعَاشِ مُفــرِّقٌ بينَ الأَحِبَّةِ والوَطَنْ

ومُصَيِّـرٌ جَلْدَ الرِّجَالِ إلى الضَّراعَةِ والوَهَنْ

حتّى يُقَادَ كَما يُـقاد النِّضْوُ في ثِنْيِ الشَّطَنْ

ثــمَّ المَنِيَّةُ بعــدَهُ فكأنَّهُ مالَمْ يَكُـنْ

إذا شَجَرُ المودَّةِ لَمْ تَجُدْهُ سَماءُ البِرِّ أَسْرَعَ في الجَفَافِ

و قبل ختم هذه المقالة أود أن أضيف لما كتبه الحجي ما كتبه بعض القدماء مثل ياقوت الحموي صاحب معجم الأدباء من قول (أبو تمامٍ: من كل أزرق نظارٍ بلا نظرٍ إلى المقاتل مافي متنـه أود

كأنه كان ترب الحب مذ زمنٍ فليس يعجزه قلـب ولاكـبد

وعليه وقع المتنبي وسبق إلى ذلك ديك الجن أيضاً في قوله:

قناً تنصب في ثغر التراقـي كما ينصب في المقل الرقاد
وأبيات المتنبي أمثل من الجميع إذا تركت العصبية.) و ذكر النويري صاحب نهاية الأرب في فنون الأدب (ومما قيل في الخمر إذا مزجت بالماء، قول أبي نواس: وصفراء قبل المزج بيضاء بعده كأن شعاع الشمس يلقاك دونها

ترى العين تستعفيك من لمعانهاوتحسر حتى ما تقل جفونـهـا

ومنه أخذ ديك الجن فقال: وحمراء قبل المزج صفراء بعـده بدت بين ثوبي نرجـس وشـقـائق

حكت وجنة المعشوق صرفاً فسلطواعليها مزاجاً فاكتست لون عاشـق.)

و بغض النظر عن من سبق فشعر ديك الجن في رائي أفضل و وصفه أجمل. و أورد الدميري صاحب حياة الحيوان الكبرى (وديك الجن لقب لأبي محمد بن عبد السلام الحمصي الشاعر المشهور من شعراء الدولة العباسية، كان يتشيع تشيعاً حسناً وله مراث في الحسين ، وكان ماجناً خليعاً عاكفاً على القصف واللهو متلافاً لما ورثه. مولده سنة إحدى وستين ومائة وعاش بضعاً وسبعين سنة، وتوفي في أيام المتوكل سنة خمس أو ست وثلاثين ومائتين. ولما اجتاز أبو نواس بحمص، قاصداً مصر لامتداح الخصيب، جاءه إلى بيته فاختفى منه، فقال لامته: قولي له: اخرج فقد فتنت أهل العراق بقولك :

موردة من كف ظبي كأنماتناولها من خده فأدارهـا
فلما سمع ذلك ديك الجن خرج إليه واجتمع به وأضافه.) و كتب ابن وكيع التنيسي صاحب المنصف للسارق و المسروق منه (وقال المتنبي: وبسمْنَ عن بَرَدٍ خشيتُ أذيبُهُ منْ حَرّ أنفاسي فكنتُ الذَّائِبا أخذه من قول ديك الجن: تضاحكَ عَنْ بردٍ مُشْرقٍ ناجيتهُ من بَيْن جُلاَّسي فكلَّما قبُلتهُ خِـفْـتُ أنْ يَذُوبَ من نيرانِ أنْفاسِي فالمعنى المعنى ولكن لأبي الطيب زيادة وهي من تمام الكلام، وهي قوله: (فكنت الذّائبا) وهي مليحة يستحق بها الجزالة ما أخذ.)



[عدل] المصدر
بقلم الدكتور عبد الله الحميدي، الطائف، السعودية

بتصرف عن كتاب ( ديوان ديك الجن الحمصي ) جمع و تحقيق و دراسة الأستاذ مظهر الحجي ، الناشر اتحاد الكتاب العرب ، دمشق 2004.
هذا ملخص لكتاب يقع هذا الكتاب في 330 صفحة.

المنصف في نقد الشعر وبيان سرقات المتنبي ومشكل شعره : ابن وكيع التنيسي. تحقيق : محمد رضوان الداية. دمشق، دار قتيبة، 1982 م.
المحبّ والمحبوب والمشموم والمشروب : السريّ بن أحمد الرفّاء : تحقيق مصباح غلاونجي. دمشق، مجمع اللغة العربية، دار الفكر للطباعة، 1406هـ / 1986.
.


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس