عرض مشاركة واحدة
قديم 15-08-09, 01:03 AM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
من يدفع اجرة الزمار -حسين الحمداني


من يدفع أجرة الزمار

--------------------------------------------------------------------------------

من يدفع أجرة الزمار




ترجمة رزاق الجزائري



مراجعة طارق شفيق حقي



بسم الله الرحمن الرحيم


بعد مقالة " أدونيس من يدفع أجرة عزفك" والتي تطرقنا فيها إلى كتاب "من يدفع أجرة الزمار" للكاتبة الانكليزية فرنسيس ستونر سوندرز(born 1966 )، (Frances Stonor Saunders)
عنوانها من دفع أجر الزمار (who paid the piper)
وهذا العنوان جزء من مثل إنلكيزي يقول:( من يدفع أجر الزمار يختر اللحن).



ولقد أكدت هذه الدراسة أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تقوم بدفع أجر العازف بسخاء ، و تمويل المؤتمرات الفخمة والمجلات الأدبية ( مجلة شعر اللبنانية ومجلة فصول المصرية) والسياسية والجمعيات والمنظمات التي تبدو غير سياسية ، حتى لا تكاد هناك جمعية دولية إلا وقد اخترقتها وكالة المخابرات الأمريكية

وجدنا أنه من الضروري أن نقدم للقارىء في موقع أسواق المربد ترجمة لملخص الكتاب المثير للشغف ، فكان أن توجهنا للأستاذ رزاق الجزائري المشرف على الترجمة في موقع أسواق المربد ، وقد بادر سريعاً بتركيز اهتمامه وعمل على ترجمة هذا الملخص الذي نقدمه بين أيدي القراء لعله يسد الفراغات التي يحتار العقل في وجودها على صعيد الساحة الثقافية.






من يدفع أجرة الزمار


ملخص كتبه جيمس بيترا







- يقدم الكتاب وصفاً مفصلاً عن الطرق و الأساليب التي تستعملها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في اختراق و بسط نفوذها على المنظمات الإنسانية والفعاليات الثقافية الكبيرة. حيث استطاعت اختراق العديد من المنظمات الثقافية و الإنسانية بواسطة عملائها ، و بعض المنظمات الخيرية مثل تلك التابعة لـ هنري فورد و روكفلر .


مؤلفة الكتاب "فرانسيس ستونر سوندرز"تفصّل فيه لماذا و كيف أن وكالة الاستخبارات الأمريكية تقوم برعاية مؤتمرات و معارض و تنظيم حفلات موسيقية و ندوات و لقاءات ثقافية وفكرية ، كما تقوم بالنشر و الترجمة و الترويج للعديد من المثقفين المرموقين الذين يسوقون للسياسات الأمريكية .
وتقوم بدعم و ترقية الفنون لمواجهة أي مضمون اجتماعي يمكن أن تقدمه هذه الفنون عكس الرؤى الأمريكية . و تقديم الدعم للمجلات و الصحف التي تنتقد الماركسية و الشيوعية و ثورات التغيير السياسية، والتي تقوم تقديم الأعذار و التبريرات للسياسات العنيفة و المدمرة للامبريالية الأمريكية، وتشرح كيف تمكنت الاستخبارات الأمريكية من الاستفادة من أبرز دعاة الحرية الفكرية في الغرب لخدمة هذه السياسات إلى حد أنها كانت تشرف مباشرة على رواتب بعضهم ،وكيف أن بعضهم كان على علم بتورطه في مشاريعها و البعض كان يدور داخل وخارج المدار منكراً علمه بتلك العلاقة بعد تسريب معلومات عن ذلك و نشرها علنا في أواخر الستينات بعد حرب فتنام و المد السياسي نحو اليسار.

- أمريكا و أوربا الغربية المعادية للشيوعية قامتا بتمويل مباشر وغير مباشر لحملات حزبية و زعامات جديدة و منشقون و من بين من مولتهم (- إيرفينج كريستول ، لاسكي ملفين ، أشعيا برلين ، وستيفن سبندر ، سيدني هوك ، ودانيال بيل ، دوايت ماكدونالد ، وروبرت لويل ، حنا ارنت وماري مكارثي و غيرهم....)و العديد غيرهم في الولايات المتحدة وأوربا .
و قد أولت اهتماماً خاصاً وروجت لحركة اليسار الديمقراطي و اليساريين السابقين بمن فيهم (اجناسيو سيلون. ستيفن سبندر ، آرثر كيوستل .ريمون آرون ، وأنطوني كروسلند. مايكل جوسيلسون ، وجورج أورويل(
- كما أن وكالة الاستخبارات الأمريكية و تحت ضغط من" سيدني هوك ولاسكي ميلفن."قامت باستحداث كونغرس(مجلس) الحريات الثقافية كنوع من الترويج الثقافي للناتو كحلف للحرية والدفاع عن القيم الثقافية و السياسية الغربية ضد الستالينية "اليساريين و اليمينين"الشيوعيين و اليمين المتطرف. كانوا يركزون على مهاجمة الشمولية الستالينية للتضليل على الأساليب العنصرية الامبريالية للولايات المتحدة ، فقط كان يسمح لبعض الانتقادات بصفة هامشية في بعض المجلات المدعومة من الوكالة.
و الغريب عن هذه المجموعات من المثقفين الممولين من الوكالة ،هو أن دعمهم يصور أنه ليس بحجة ميولهم السياسية بل بدعوى أنهم باحثون عن الحقيقة ،أحرار، متمردون ،مضطهدون ،فنانون من أجل الفن كقيمة و مبدأ ليتحولوا إلى مأجورين لمحاربة الفاشية الشيوعية.
إنه من المستحيل تصديق جهلهم في تورطهم مع الوكالة ،إذ كيف يمكن أن نستوعب عدم وجود أي انتقاد لهم في المجلات و الصحف التي يشتغلون بها للتصفية الجسدية التي تقوم بها الوكالة خلال تلك الفترة .
كيف يمكن تقبل التغييب في مؤتمراتهم الثقافية لأي انتقاد للولايات المتحدة للتدخلات الامبريالية في غواتيمالا و إيران و اليونان وكوريا والتي أودت بعديد ملايين .و كيف يمكن أن نبرر سكوتهم عن الأعذار و التبريرات التي كانت تقدم يومياً في الصحف التي كانوا يكتبون فيها لتلك الجرائم.
لقد كانوا كلهم مجندون لصالح الوكالة كل حسب صفته - الانفعالي أو التلقائي مثل "هوك ولاسكي" أو الرزين اللبق مثل "ستيفن سبندر" أو الواشي المغرور مثل "جورج أوريل ".
تصور سوندرز قائمة النخبة- WASP Ivy - في وكالة الاستخبارات الأمريكية و التي تضم نقاد يهود، يساريون سابقون، و منشقون عن اليسار ،عندما بدأت خيوط الحقيقة تظهر أواخر الستينات و سخط بعض المثقفين الزائفين في نيويورك و بريطانيا وفرنسا من استغلال المخابرات الأمريكية لهم .قامت وكالة المخابرات المركزية بالانتقام منهم ،و قام "توم برايدن" الذي كان يدير فرع المنظمات الدولية في الوكالة برفع الغطاء عنهم ،و تفصيل كيف أنه كان عليهم أن يعرفوا من يدفع لهم رواتبهم و معاشاتهم . (ص 397-404).
وبحسب اعترافات" برايدن" فالوكالة مولت نتاجهم الأدبي كخط متشدد في مواجهة الشيوعية داعيةً مناهضي الستالينية "كهوك كريستال ولاسكي" للتعجب حول المستوى العالي للدعاية والإشهار لـ "اليسار الديمقراطي" و تمويل وتنظيم مؤتمراتهم - كزعامات جديدة - و حشد الدعم لهم .
كتب "برايدن " أن تمويلهم كان من الوكالة وأن الوكالة صارت تعد و ترسم لهم تحركاتهم " (397(
بحلول1953 كتب برايدن " إننا نعمل على التاثير على كل المنظمات الدولية و في كل ميدان" (39.
- يزودنا هذا الكتاب بمعلومات قيمة تجيب على عدة أسئلة حول أساليب الوكالة في توظيف الثقافة للدفاع عن المصالح الامبريالية الأمريكية ، كما يطرح مناقشة مهمة عن التأثيرات الطويلة الأمد التي تتركها هذه المواقف الإيديولوجية و الفنية للمثقفين التابعين للوكالة .
كما تدحض سوندرز إدعاءات "هوك" و" كريستال ولاسكي" أن الوكالة و مؤسساتها الصديقة قدمت دعماً غير مشروط ودون مقابل ،مبينة أن الأفراد و المؤسسات التي دعمت من قبل الوكالة كان من المتوقع أن تستخدم كجزء من حرب دعائية، فالدعاية الأكثر فاعلية دعمت من الوكالة لأن موضوعها كان يصب في التقاء المصالح التي كان يعتقد أنها مصلحة الوطنية . بينما استغلت الوكالة محاولاتهم للإصلاح الاجتماعي في اليسار الديمقراطي ومحاربتهم الستالينية لمحاربة المفكرين الماركسيين في الغرب و الكتاب و الفنانين السوفيت ما عبر عنه برادون "بالتحالف" بين الوكالة و اليسار الديمقراطي في أوربا ضد الشيوعية .
- أحد أوجه هذا التعاون كان كسر الإضراب في فرنسا ،التبليغ عن الستالينيين "اورويل و هوك" القيام بحملات تشهير سرية لمنع فنانين يساريين من الاعتراف بهم و استحقاقهم "مثل ما حدث مع "بابلو نارودا" مع جائزة نوبل سنة 1964"(351(
- الوكالة كانت معنية كجهاز استراتيجي للحكومة الأمريكية بالحرب الثقافية ضد الشرق إبان الحرب الباردة مركزة على أوربا بعد الحرب العالمية الثانية ، فبعد تجربة عقدين من آلام الحرب و الاحتلال مجمل الرأي العام في أوربا ( خصوصاً نخبة المثقفين والنقابيين) كان معادياً للرأسمالية و منتقداً الهيمنة الأمريكية ،و لمواجهة نمو الأحزاب اليسارية وحصر المد الشيوعي خصوصاً في فرنسا و ايطاليا ،ابتكرت الوكالة برنامجاً من اتجاهين:
الاتجاه الأول
حيث تم الاهتمام و ترقية بعض الكتاب الأوربيين كجزء من برنامج "معاد للشيوعية" وقد وضع المفوض الثقافي للوكالة معايير للنصوص المناسبة التي تضمنت "أي انتقاد للسياسة الخارجية السوفيتية و الحكومات الشيوعية عليها أن تكون بشكل مقنع هدفاً و في الوقت المناسب ".
و في هذا كانت الوكالة حريصة على نشر أفكار لشيوعيين سابقين أمثال "سيلون .كويستلر" و "غيد " ودعم العديد من الكتاب المعادين للشيوعية و تمويل مؤتمراتهم الباذخة في باريس برلين و بلاجيو "قبالة بحيرة كامو" حيث الهدف علماء و فلاسفة و مفكرين كبار مثل "اشعيا برلين" و "دانيال بيل" و "كزيسلو بيلوز" وظفوا بثقلهم "في التغني بمزايا الحرية الفكرية و الاستقلالية الثقافية للغرب ضد الشيوعية" وفق معايير صنعت في وكالة الاستخبارات الأمريكية و بتمويلها.
فلا أحد من هؤلاء المثقفين الكبار شكك في دعم أمريكا للمجازر والقتل الجماعي في الجزائر و الهند الصينية و ملاحقة مثقفي الرأي في الولايات المتحدة و عمليات الإعدام الغير قانونية من طرف المجموعات العنصرية الشبه عسكرية مثل "كو كلوكس كلان" في الولايات الجنوبية. فمثل هذه الأعمال هي فقط سمة الأنظمة الشيوعية في نظر هؤلاء المتلهفون للأموال ودعم أعمالهم الأدبية المفلسة، و بعض ممن يسمى الأدب الرفيع المعادي للشيوعية والصحف السياسية كان من شأنها أن تتوقف منذ أمد طويل لولا دعم الوكالة المالي لهم و التي اشترت آلاف النسخ التي وزعت بالمجان لاحقاً .
الاتجاه الثقافي الثاني الذي عملت عليه الوكالة كان أكثر تأثيراً، حيث قامت بتشجيع الفنون من مسرح و موسيقى و باليه و إقامة معارض و الترويج للسيمفونيات، و تشجيع الأشخاص و المجموعات الشهيرة في الجاز و الباليه بهدف تحييد المشاعر المناهضة للامبريالية في أوربا.وخلق الاهتمام و التقدير للثقافة و الحكومة الأمريكية .
الفكرة وراء ذلك كانت الترويج للثقافة الأمريكية و العالم الجديد لخلق هيمنة ثقافية لدعم إمبراطوريتها الاقتصادية و العسكرية .
فالوكالة كانت تركز خصوصاً على إرسال الفنانين السود إلى أوربا مغنون مثل "ماريون اندرسون" كتاب و موسيقيون أمثال "لويس ارمسترونغ"لإسكات الانتقادات الأوربية ضد سياسات واشنطن العنصرية ضد السود و الملونين و غيرهم و كانوا يستبعدون من قائمتهم كل كاتب أسود لم يتماش مع خط واشنطن أو انتقد سياستها كما كان الحال مع الكاتب "ريتشارد رايت".
و سيطرة الوكالة على أجندات هذه الأنشطة الثقافية (التي تبدو غير سياسية الظاهر) ظاهرة بوضوح في ردود فعل محرري المجلس"لاسكي و كريستول وآخرين "على مقالة لـ"دوايت ماكدونالد " "ماكدونالد هو مثقف و سياسي متفرد وفوضوي كان يتعامل منذ وقت طويل مع فرع الوكالة لمجلس الحريات الثقافية "، سنة 1958 كتب مقالة عن لقاء تحت عنوان "أمريكا أمريكا" و أبدى امتعاضه من شكل و مضمون الثقافة الأمريكية و نمطها المادي و فقرها الحضاري والدعوة إلى القيم الأمريكية والترويج لها كانت الدعاية الأساسية للوكالة و ملتقياتها الثقافية المعادية للشيوعية .


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس