عرض مشاركة واحدة
قديم 14-01-03, 12:09 PM   #1

بنـ زايـد ـت
سفيرة زهرة الشرق

رقم العضوية : 444
تاريخ التسجيل : Oct 2002
عدد المشاركات : 1,813
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ بنـ زايـد ـت
مشاركة معاذ بن جبل .. " 1 "


[c]
عندما كان الرسول عليه الصلاة و السلام يبايع الأنصار بيعة العقبة الثانية ، كان يجلس بين السبعين الذين يتكون منهم وفدهم ، شاب مشرق الوجه ، رائع النظرة ، براق الثنايا .. يبهر الأنصار بهدوئه وسمته ، فإذا تحدث ازدادت الأبصار انبهاراً ..!!
ذلك كان " معاذ بن جبل " رضي الله عنه .. هو إذاً رجل من الأنصار ، بايع يوم العقبة الثانية ، فصار من السابقين الأولين ..
ورجل له مثل أسبقيته ، ومثل إيمانه وبقينه ، لا يختلف عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في مشهد ولا في غزاة ، وهكذا صنع معاذ ، كان أن آلق مزاياه ، وأعظم خصائصه – كان فقهه ..
بلغ من الفقه والعلم المدى الذي جعله أهلاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام عنه : (( أعلم أمتي بالحلال والحرام ، معاذ بن جبل )) ..
وكان شبيه عمر بن الخطاب في استنارة عقله ، وشجاعة ذكائه ، سأله الرسول عليه الصلاة والسلام حين وجهه إلى اليمن : (( بم تقضي يا معاذ )) ؟
فأجبه قائلاً : (( بكتاب الله )) ..
قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( فإن لم تجد في كتاب الله )) ..؟؟
قال معاذ : (( أقضي بسنة رسوله )) ..
قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( فإن لم تجد في سنة رسوله )) ..؟؟
قال معاذ : (( أجتهد رأيي لا آلو )) ..
فتهلل وجه الرسول عليه الصلاة والسلام وقال : (( الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضي رسول الله )) ..
فولاء " معاذ " لكتاب الله ، ولسنة رسوله عليه الصلاة والسلام لا يحجب عقله من متابعة رؤاه ، ولا يحجب عن عقله تلك الحقائق الهائلة المستترة ، التي تنتظر من يكشفها ويواجهها .
ولعل هذه القدرة على الاجتهاد ، والشجاعة في استعمال الذكاء والعقل ، هما اللتان مكنتا معاذاً من ثرائه الفقهي الذي فاق به أقرانه وإخوانه ، وصار كما وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام (( أعلم الناس بالحلال والحرام ))
وإن الروايات التاريخية لتصوره – حيثما كان – العقل المضيء الحازم الذي يحسن الفصل في الأمور ..
فهذا " عائذ الله بن عبد الله " يحدثنا أنه دخل المسجد يوماً مع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في أول خلافة عمر .. قال : فجلست مجلساً فيه بضع وثلاثون ، كلهم يذكون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي الحلقة شاب شديد الأدمة ، حلو المنطق ، وضيء ، وهو أشب القوم سناً ، فإذا اشتبه عليهم من الحديث شيء ردوه إليه فأفتاهم ، ولا يحدثهم إلا حين يسألونه ، ولما قضي مجلسهم دنوت منه وسألته / من أنت يا عبد الله ؟ قال : أنا معاذ بن جبل .
هذا أبو مسلم الخولاني يقول : (( دخلت مسجد " حمص " فإذا جماعة من الكهول يتوسطهم شاب براق الثنايا ، صامت لا يتكلم .. فإذا امترى القوم في شيء تواجهوا إليه يسألونه .. فقلت لجليس لي : من هذا ..؟
قال : معاذ بن جبل .. فوقع في نفسي حبه )) .
وهذا شهر بن حوشب يقول : (( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل ، نظروا إليه هيبة له )) ..
ولقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يستشيره كثيراً ، وكان يقول في بعض المواطن التي يستعين فيها برأي معاذ وفقهه : (( لولا معاذ بن جبل لهلك عمر )) ..
ويبدو أن معاذاً كان يمتلك عقلاً أحسن تدريبه ، ومنطقاً آسراً مقنعاً ، ينساب في هدوء وإحاطة ..
فحيثما نلتقي به من خلال الروايات التاريخية عنه ، نجده كما أسلفنا واسطة العقد ، فهو دائماً جالس والناس حوله .. وهو صموت ، لا يتحدث إلا عن شوق الجالسين إلى حديثه .. وإذا اختلف الجالسون في أمر ، أعادوه إلى معاذ ليفصل فيه .. فإذا تكلم ، كان كما وصفه أحد معاصريه : (( كأنما يخرج من فمه نور ولؤلؤ )) ..
ولقد بلغ كل هذه المنزلة في علمه ، وفي إجلال المسلمين له ، أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد مماته ، وهو شاب .. فلقد مات معاذ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يجاوز من العمر ثلاثاً وثلاثين سنة ..!!
وكان " معاذ " سمح اليد ، والنفس ، والخلق ..
فلا يسأل عن شيء إلا أعطاه جزلان مغتبطاً .. ولقد ذهب جوده وسخاؤه بكل ماله ، ومات الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومعاذ باليمن منذ وجهه إليها يعلم المسلمين ويفقههم في الدين .... يتبع ( 2 )

للجميع : بنـ زايـد ـت

[/c]


توقيع : بنـ زايـد ـت

بنـ زايـد ـت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس