رد: كتاب مجمع الامثال للامام ابو الفضل الميدانى
واحتج أيضاً بأن أبا عُبَيدة كان يَزْعُم أن قوله *وجدنا في كتاب بني تميم* ليس [ص 204] لبشر، وإنما هو للطِّرِمَّاح، وكان أبو سعيد الضرير يروى "المُغَار" بالغين المعجمة - أي المضَمَّر من قولهم "أَغَرْتُ الحبْلَ" إذا فَتَلْته قلت: يجوز أن يكون "المعار" بالعين المهملة من قولهم "عارَ الفَرَسُ يَعيرُ" إذا انْفَلتَ وذهب ههنا وههنا، وأعاره صاحبُه إذا حمله على ذلك، فهو يقول: أحق الخيل بأن يُرْكَضَ ما كان مُعَارا لأن صاحبَه لم يُشْفق عليه، فغيرُه أحق بأن لا يشفق عليه.
وقال أبو عبيدة: مَنْ جعل المعار من العارية فقد أخطأ.
1078- احْتَرِسْ مِنَ العَيْنِ فَوَالَلّهِ لَهِي أنَمُّ عَلَيْكَ مِنَ اللِّسانِ.
قاله خالد بن صَفْوَان، قال الشاعر: (الأبيات للعباس بن الأحنف، والذي أحفظه في عجز أولها "وجزى اللّه كل خير لساني".)
لا جَزَى اللّه دَمْعَ عينيَ خَيْراً * بل جَزَى اللّه كُلَّ خَيْرٍ لِسَانِي
نَمَّ طَرْفِي فليس يَكْتُم شيئا * وَوَجَدْتُ اللسانَ ذا كتمانِ
كنْتُ مثلَ الكِتابِ أخْفَاهُ طَيٌّ * فاستدَلُّوا عليه بالعُنْوَانِ
1079- حُلَّ عَنْكَ فَاظْعَنْ.
حُلَّ: أمر من الحَلِّ، أي حُلَّ حبوتك وارتحل.
يضرب عند قرب البلاء وطلب الحيلة.
1080- أَحَادِيثُ الصُّمِّ إِذَا سَكِرُوا.
يضرب لمن يعتذر بالباطل، ويخلط ويكثر.
1081- أَحَادِيثُ طَسْمٍ وَأَحْلاَمُها.
يضرب لمن يخبرك بما لا أَصْلَ له.
1082- حَالَ الأَجَلُ دُونَ الأَمَلِ.
هذا قريب من قولهم "حال الْجَرِيض دون القَريض".
1083- حَبَّذَا وَطْأَةُ المَيْلِ.
أصله للرجل يميل عن دابته فيقال له: اعْتَدِلْ، فيقول: حبذا وَطْأة الميل، يعني أن مركبه جيد، فيعقر دابته وهو لا يشعر.
يضرب في الرجل يَعُقُّ من ينصحه.
1084- حَوَّلَهَا مِنْ عَجُزٍ إِلَي غَارِبٍ.
قال أبو زيد: إنما يقال هذا إذا أردْتَ أن تطلبَ إلى رجلٍ حاجةً أو تخصُّه بخير، فصرفت ذلك إلى أخيه أو أبيه أو ابنه أو قريب له.
1085- حِينَ تَقْلِينَ تَدْرِينَ.
أصل هذا أن رجلا دخَلَ إلى قَحْبة وتمتَّع بها وأعطاها جذرها (هكذا في الأصول كلها، ولعل الأصل "جعلها") وسرق مِقْلًى لها [ص 205] فلما أراد الانصرافَ قالت له: قد غَبَنْتُكَ، لأني كنتُ إلى ذلك العمل أَحْوَجَ منك وأخذتُ دراهمك، فقال لها: حينَ تَقْلِينَ تدرين. يضرب للمَغْبُون يظن أنه الغابن غيره.
1086- أَحْمَقُ بِلْغٌ.
أي يَبْلُغ ما يريد مع حُمْقه، ويروى بَلْغ - بفتح الباء - أي بالغ مُرَاده، قال اليَشْكُري: (البيت للحارث بن حلزة اليشكري)
[فَهَدَاهُمْ بالأَسْوَدَيْنِ و] أَمْرُ الْـ * ـلهِ (الله) بَلْغٌ تَشْقَي به الأشْقِيَاءُ أيّ بالغ.
1087- الْحَزْمُ حِفْظُ ما كُلِّفْتَ، وَتَرْكَ ما كُفِيتَ.
هذا من كلام أكْثَمَ بن صيفي، وقريب من هذا قوله صلى اللّه عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
1088- حَبِيبٌ جَاء عَلَى فاقَةٍ.
يضرب للشيء يأتيك على حاجة منك إليه ومُوَافقة.
1089- حِمْلُ الدُّهَيْمِ وَمَا تَزْبِي.
الدُّهَيْم: اسم ناقة عمرو بن الزَّبان التي حُمِلَ عليها رؤوسُ أولاده إليه، ثم سميت الداهية بها، والزَّبْىُ: الحَمْل، يقال: زَبَاه وَازْدَبَاه، إذا حمله.
يضرب للداهية العظيمة إذا تفاقَمَتْ.
1090- الْحُمَّى أَضْرَعَتْنِي لَكَ.
قال أبو عبيد: يضرب هذا في الذل عند الحاجة تنزل.
ويروى "الحمى أضرعتني للنوم" قال المفضل: أول من قال ذلك رجل من كَلْب يقال له مرير، ويروى مرين، وكان له أَخَوَانِ أكبر منه يقال لهما مرارة ومرَّة، وكان مرير لصاً مُغيراً، وكان يقال له الذئب، وإن مرارة خرج يتصيّد في جبل لهم فاختطفه الجن، وبلغ أهلَه خَبَرُه فانطلق مُرَّة في أثره حتى إذا كان بذلك المكان اخْتُطِف، وكان مرير غائباً، فلما قدم بلغه الخبر، فأقسم لا يشرب خمراً ولا يمس رأسَه غسْلٌ حتى يطلب بأخويه، فتنكَّب قوسَه وأخذ أسْهُما ثم انطلق إلى ذلك الجبل الذي هلك فيه أخَوَاه، فمكث فيه سبعة أيام لا يرى شيئاً، حتى إذا كان في اليومِ الثامن إذا هو بظَليم، فرماه فأصابه واسْتَقَلَّ الظَّليمُ حتى وقع في أسفل الجبل، فلما وَجَبَت الشمسُ بصر بشخص قائم على صَخْرة ينادي:
يا أيها الرامي الظَّليمِ الأْسَودِ * تَبَّتْ مَرَامِيكَ التي لم تَرْشُدِ [ص 206]
فأجابه مرير:
يا أيها الهاتِفُ فَوْقَ الصَّخْرَهْ * كم عَبْرَةٍ هَيَّجْتَها وَعَبْرَهْ
بقتلكم مرارة ومُرَّهْ * فَرَّقْتَ جمعاً وتركْتَ حَسْرَهْ
فتوارى الجني عنه هويّاً من الليل، وأصابت مريراً حُمَّى فغلبته عيناه، فأتاه الجني فاحتمله، وقال له: ما أَنَامَكَ وقد كنتَ حَذِراً؟ فقال: الحمى أضْرَعَتْنِي للنوم، فذهبت مثلا. وقال مرير:
أَلاَ مَنْ مُبْلِغٌ فتيانَ قَوْمِي * بما لاَقَيْتُ بعدهُمُ جميعا
غزوْتُ الجنَّ أطلُبهم بثأرِي * لأسْقِيَهُمْ به سمّاً نَقِيعاَ
فَيَعْرِضُ لي ظَليمٌ بعد سبع * فأرْمِيهِ فأتْرُكُهُ صَرِيعاَ
في أبيات أخر يطول ذكرها (ويروى أن عمر بن معد يكرب الزبيدي قال هذا المثل لأمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب.)
1091- حَوْلَ الصِّلِّيَانِ الزَّمْزَمَةُ.
|