رد: كتاب مجمع الامثال للامام ابو الفضل الميدانى
بِأبِي وُجُوهَ الْيَتامَى.
ويروى "وا، بأبي" يشير بقوله "وا" إلى التوجُّع على فقدهم، ثم قال "بأبي" أي أفْدِي بأبي وجوهَهم.
يضرب في التحنن على الأقارب.
وأصله أن سعد القَرْقَرة - وهو رجل [ص 94] من أهل هَجَر - كان النعمان بن المنذر يضحك منه، وكان للنعمان بن المنذر فرس يقال له اليحموم يُرْدِى من ركبه، فقال يوماً لسعد: ارْكَبْهُ واطلب عليه الوحْشَ، فامتنع سعد، فقهره النعمان على ذلك، فلما ركبه نظر إلى بعض ولَده وقال هذا القول، فضحك النعمان وأعفاه من ركوبه، فقال سعد:
نَحْنُ بغَرْسِ الوَدِىِّ أعْلَمُنَا * مِنَّا بِجَرْىِ الْجِيَادِ فِي السَّلَفِ
يَا لَهْفَ أمِّي فَكَيْفَ أطْعَنُهُ * مُسْتَمْسِكاَ وَالْيَدَانِ فِي الْعُرُفِ
ويروى "بجر الجياد في السَّدَفِ" ويروى "السُّدَف" والسُّلَف، والسُّدَف، فالسَّدَف: الضوء والظلمة أيضاً، والحرفُ من الأضداد، والسَّدَفُ: جمع سُدْفَة: وهي اختلاط الضوء والظلمة، والسَّلَفَ: جمع سالف مثل خادم وخَدَم وحارس وحَرَس، وهو آباؤه المتقدمون، والسُّلَفُ: جمع سُلْفة وهي الدبرة (هي القطعة المستوية من الأرض) من الأرض، وقوله "أعلمنا" أراد أعلم منا وهى لغة أهل هَجَر، يقولون: نحن أعلمنا بكذا منا، وأجود هذه الروايات هذه الأخيرة أعني "في السُّلَفِ" لأن سعدا كان من أهل الحِراثة والزِّراعة، فهو يقول: نحن بغرس الودىّ في الديار والمشارات أعلم منا بِجَرْىِ الجياد.
454- بِاُذُنِ السَّماعِ سُمِّيتَ.
يضرب للرجل يذكر الجودَ ثم يفعله. وتقدير الكلام بسماع أذنٍ شأنها السماع سميت بكذا وكذا، أي إنما سميت جوادا بما تسمع من ذكر الجود وتفعله، وهذا كقولهم "إنما سميت هانئا لتهنئ" وأضاف الأذن إلى السماع لملازمتها إياه، والتسمية تكون بمعنى الذكر كما قال:
وَسَمِّهَا أحْسَنَ أسمائها* أي واذكرها بأحسن أسمائها.
ومعنى المثل بما سُمِعَ من جودك ذكرت وشكرت، يحثه على الجود، قال الأموي: معنها أن فعلك يصدِّقُ ما سمعته الأذنان من قولك.
455- بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضٍ.
هذا من قول طَرَفة بن العبد حين أمَر النعمان بقتله، فقال:
أبا مُنْذِر أفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنَا * حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشر أهْوَنُ من بَعْضِ
يضرب عند ظهور الشرين بينهما تفاوت.
وهذا كقولهم "إنَّ من الشر خِيارا". [ص 95]
456- بِبَطْنِهِ يَعْدُو الذَّكَرُ.
يقال: إن الذكر من خيل يَعْدُو على حسب ما يأكل، وذلك أن الذكر أكثر أكلا من الأنثى فيكون عَدْوُهُ أكثر، ويقال: إن أصله أن رجلا أتى امرأته جائعا، فتهيأت له، فلم يلتفت إليها ولا إلى ولدها، فلما شبع دعا ولده فقرّبهم، وأراد الباءة، فقالت المرأة: ببطنه يعدو الذكر. وقال أبو زيد: زعموا أن امرأة سابَقَتْ رجلا عظيمَ البطنِ فقالت له ترهبه بذلك: ما أعظَمَ بطنك! فقال الرجل: ببطنه يَعْدُو الذكر.
457- بِكُلِّ وَادٍ أَثَرٌ مِنْ ثَعْلَبَةَ.
هذا من قول ثعلبيّ رأى من قومه ما يسوءه، فانتقل إلى غيرهم، فرأى منهم أيضاً مثل ذلك.
458- بِالسَّاعِدَيْنِ تَبْطِشُ الكَفَّانِ.
يضرب في تعاوُنِ الرجلين وتساعُدِهما وتعاضُدِهما في الأمر.
ويروى "بالساعد تبطش الكف" قال أبو عبيدة: أي إنما أقْوَى على ما أريد بالمقدرة والسعة، وليس ذلك عندي. يضربه الرجل شيمتُه الكرم غير أنه مُعْدم مُقْتر، قال: ويضرب أيضاً في قلة الأعوان.
459- بَدَا نَجِيثُ القَوْمِ.
أي: ظهر سرهم، وأصْلُ النَّجِيث ترابُ البئر إذا استخرج منها، جعل كنايةً عن السر، ويقال لتراب الهدف نجيث أيضاً، أي صار سرهم هَدَفاً يُرمَى.
460- بَرِحَ الخَفاءُ.
أي زال، من قولهم "ما برح يفعل كذا" أي ما زال، والمعنى زال السر فوضح الأمر، وقال بعضهم: الخفاء المتطأطئ من الأرض، والبراحُ: المرتفعُ الظاهر، أي صار الخفَاء بَرَاحا، وقال:
بَرِحَ الخَفَاء فَبُحْتُ بالكتمان * وشَكَوْتُ ما ألقى إلى الإخْوان
لو كان ما بي هَيِّناً لكَتمْتُهُ * لكنّ مابي جَلَّ عن كِتْمَانِ.
461- بِمِثْلِ جَارِيَة فَلْتَزْنِ الزَّانِيَة.
هو جارية بن سُلَيط، وكان حَسَنَ الوجه، فرأته امرأة فمكنته من نفسها وحملت، فلما علمت به أمها لامتها، ثم رأت الأم جمالَ ابن سُلَيط فعذرت بنتها وقالت: بمثل جارية، فلتزن الزانية، سراً أو علانية.
يضرب في الكريم يَخْدُمُه مَنْ هو دُونَه. [ص 96]
462 - بِفِيهِ مِنْ سارٍ إِلَى القَوْمِ البَرَى.
هذا قيل في رجل سَرَى إلى قوم، وخَبَّرهم بما ساءهم، والبرى: الترابُ، ومنه المثل الآخر "بفيه البَرَى، وعليه الدبَرَى، وحمى خَيْبَرى، وشر ما يرى، فإنه خَيْسَرَى" الدبرى: الهزيمة، والخيسرى: الخسار، وأراد أنه ذو خيسرى أي ذو خسار وهلاك، والغرض من قولهم "بفيه البَرى" الخيبة، كما قال:
كلانا يا معاذُ نحبُّ لَيْلى * بِفِيّ وفيك من ليلى الترابُ
أي كلانا خائب من وصلها.
463- بَلَغَ السِّكِّينُ العَظْمَ.
هذا مثل قولهم "بلغ السيلُ الزبى" ومثلهما:
464- بَلَغَ مِنْهُ الْمُخَنَّقُ.
وهو الْحَنْجَرَة والْحَلْق: أي بلغ منه الْجَهْدَ.
465- بِحَمْدِ اللّهِ لا ِبَحْمِدَك.
هذا من كلام عائشة رضي الله عنها حين بَشَّرَها النبي صلى اللّه عليه وسلم بنزول آية الإفْك.
يضرب لمن يَمُنُّ بما لا أثر له فيه.
والباء في " بحمد اللّه" من صلة الإقرار، أي أقر بأن الحمد في هذا للّه تعالى.
466- بَيْضَةُ العُقْرِ.
قيل: إنها بيضة الديك، وإنها مما يُخْتبر به عُذْرَة الجارية، وهي بَيْضَة إلى الطول.
يضرب للشيء يكون موة واحدة، لأن الديك يبيض في عمره مرة واحدة فيما يقال، قال بشار بن برد:
قد زُرْتِنِي زورةً في الدهر واحدةً * ثَنِّي ولا تَجْعَلِيهَا بيضةَ الديكِ
قال أبو عبيدة: يقال للبخيل يعطي مرة ثم لا يعود: كانت بيضَةَ الديكِ، فإن كان يعطى شيئاً ثم قطعه قيل للمرة الأخيرة: كانت بيضةَ العُقْرِ، وقال بعضهم: بيضة العقر كقولهم "بَيْض الأنُوق، والأبْلَق العَقُوق" يضرب مثلا لما لا يكون.
467- باقِعَةٌ مِنَ الْبَوَاقِعِ.
أي داهية من الدواهي، وأصلُه من البَقَع، وهو اختلاف اللون، ومنه الغراب الأبْقَع وَسَنة بَقْعَاء فيها خِصْب وجَدْب، وفي الحديث "بِقْعَانُ الشأم" قيل: أراد سَبْي الروم، لاختلام بياضهم وصفرتهم، فسمى الرجل الداهي باقعة، لأنه يؤثر في كل ما يقصد ويتولَّى، والباقعة: الداهية نفسها [ص 97] أمر يلصق حتى يُرَى أثره، وقيل: الباقعة طائر حَذِر إذا شرب الماء نظر يَمْنة ويَسْرة.
يضرب للرجل فيه دَهَاء ونُكْر.
468- بَيْتُ الأَدِم.
|