رد: كتاب مجمع الامثال للامام ابو الفضل الميدانى
إِلَى أُمِّه يَلْهَفُ الَّلهْفَانُ
يضرب في استعانة الرجل بأهله وإخوانه والَّلهْفَان: المتحسر على الشيء، واللَّهِيف: المضطر، فوضع اللهفان موضع اللهيف، ولَهِفَ معناه تلَّهفَ أي تحسر، وإنما وصَل بإلى على معنى يلجأ ويفر، وفي هذا المعنى قال القُطَامي:
وإذا يُصيبك والحوادثُ جَمَّةٌ * حَدَثٌ حَدَاك إلى أخيك الأوْثَقِ
62- أُمٌّ فَرَشَتْ فَأَنامَتْ
يضرب في بر الرجل بصاحبه، قال قُرَاد:
وكنت له عَمًّا لطيفا، ووالدا * رَءُوفاً، وأمّا مَهَّدَتْ فأنَامَتِ
63- إِذا عَزَّ أَخُوكَ فَهُنْ
قال أبو عبيد: معناه مُيَاسَرتَكُ صديقَك ليست بضَيْم يركبك منه فتدخلك [ص 23] الحميَّة به، إنما هو حسن خلُق وتفضّل، فإذا عاسَرَك فياسره.
وكان المفضل يقول: إن المثل لهُذَيل ابن هُبَيرة التَّغْلبي، وكان أغار على بني ضبة فغنم فأقبل بالغنائم، فقال له أصحابه: اقْسِمْهَا بيننا، فقال: إني أخاف إن تشاغلتم بالاقتسام أن يدرككم الطلب، فأبوا، فعندها قال: إذا عزَّ أخوك فهُنْ، ثم نزل فقسم بينهم الغنائم، وينشد لابن أحمر:
دَبَبْتُ له الضَّرَاء وقُلْتُ: أبْقَى * إذا عَزَّ ابنُ عمك أنْ تَهُونَا
64- أخاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لا أَخالَهُ * كَسَاعِ إلَى الهَيْجا بِغَيْرِ سِلاَحِ
نصَب قوله "أخلك" بإضمار فعل: أي الزم أخاك، أو أكرم أخاك، وقوله " إن من لا أخا له" أراد لا أخَ له، فزاد ألِفاً لأن في قوله "له" معنى الإضافة، ويجوز أن يحمل على الأصل أي أنه في الأصل أخَوٌ فلما صار أخا كعَصاً ورحىً ترك ههنا على أصله.
65- أيُّ الرِّجَالِ المُهَذَّبُ
أول من قاله النابغةُ حيث قال:
ولَسْتَ بِمُسْتَبْقِ أخاً لا تَلُمُّهُ * على شَعَثٍ، أيُّ الرجالِ المهذَّبُ؟
66- أَنا عُذَلَةٌ وَأَخِي خُذَلَة * وكلاَنا لَيْسَ بِابْنِ أمَةٍ
يضرب لمن يَخْذُلك وتَعْذِله.
67- إِنَّهُ لَحَثِيثُ التَّوالِي
ويقال: لَسَريعُ التوالي. يقال ذلك للفرس، وتواليه: مآخيرُهُ رِجْلاه وذَنَبه، وتَوَالِي كل شيء: أواخره.
يضرب للرجل الجادّ المسرع.
68- أّخُوكَ مَنْ صَدَقَكَ النَّصِيحَةَ
يعني النصيحة في أمر الدين والدنيا: أي صدقك في النصحية، فحذف "في" وأوصل الفعل، وفي بعض الحديث "الرجُلُ مِرْآة أخيه" يعني إذا رأى منه ما يكره أخْبَره به ونهاه عنه، ولا يوطئه العَشْوَة.
69- إِنْ تَسْلَمِ الْجِلَّةُ فَالنَّيبُ هَدَر
الجِلَّة: جميع جَليل، يعني العظامَ من الإبل. والنِّيب: جمع نَابٍ، وهي الناقة المسنَّة، يعني إذا سلم ما يُنتفع به هان مالا ينتفع به.
70- إِذَا تَرَضَّيْتَ أَخَاكَ فَلاَ أَخَا لَك
الترضِّي: الإرضاء بجَهْد ومشقة. يقول: إذا ألجأك أخوك إلى أن تترضَّاه وتداريه فليس هو بأخ لك [ص 24]
71- إِنَّ أَخَاكَ لَيُسَرُّ بأنْ يَعتَقلَ
قاله رجل لرجل قُتل له قَتيل فعُرِض عليه العَقْل فقال: لا آخذه، فحدَّثَ بذلك رجلٌ فقال: بل واللّه إن أخاك ليُسَرُّ بأن يعتقل، أي يأخذ العَقْل، يريد أنه في امتناعه من أخذ الدية غير صادق.
72- أصُوصٌ عَلَيْهَا صُوصٌ
الأصوص: الناقة الحائلُ السمينة، والصُّوص: اللئيم، قال الشاعر:
فألفيتكم صُوصاً لُصُوصاً إذا دجا ال * ظلامُ (الظلامُ) وهَيَّابِينَ عند البَوَارِقِ
يضرب للأصل الكريم يظهر منه فرع لئيم. ويستوي في الصُّوص الواحدُ والجمع.
73- أخَذَتِ الإِبِلُ أسْلِحَتَها
ويروى " رِمَاحَهَا" وذلك أن تسمن فلا يجد صاحبُها من قلبه أن يَنْحَرَها
74- إَنَّهُ يَحْمِي الحَقِيقَةَ، ويَنْسِلُ الوَدِيقَةَ، ويَسُوقُ الوَسِيقَةَ
أي يحمي ما تحقُّ عليه حمايتُه، وينسل: أي يُسْرع العَدْوَ في شدة الحرِ، وإذا أخذ إبلا من قوم أغار عليهم لم يَطْرُدْها طَرْداً شديداً خوفاً من أن يُلْحق، بل يسُوقها سَوْقاً على تُؤَدة ثقةً بما عنده من القوة.
75- إِنَّ ضَجَّ فَزِدْهُ وِقْراً
ويروى " إن جَرْجَرَ فزده ثقلا" أصلُ هذا في الإبل، ثم صار مثلا لأن تُكَلِّفَ الرجلَ الحاجةَ فلا يضبطها بل يَضْجَر منها فيطلب أن تخفف عنه فتزيده أخرى، كما يقال: زيادة الإبرام، تُدْنيك من نيل المرام. ومثلُه.
76- إنْ أعْيَا فَزِدْهُ نَوْطاً
النَّوْطُ: العِلاَوة بين الجُوَالَقَيْنِ. يضرب في سؤال البخيل وإن كرهه.
77- إنَّما يَجْزِي الفَتى لَيْسَ الجَملَُ
يريد "لا الجمل" يضرب في المكافأة، أي إنما يَجْزِيك مَنْ فيه إنسانية لا من فيه بهيمية، ويروى "الفتى يجزيك لا الجمل" يعنى الفتى الكَيِّس لا الأحمق.
78- إِنَّما القَرْمُ مِنَ الأفيِلِ
القَرْم: الفحل. والأفِيل: الفَصِيلُ يضرب لمن يعظم بعد صغره.
79- إذَا زَحَفَ البَعيرُ أعْيَتْهُ أُذُناهُ
يقال: زَحَفَ البعير، إذا أعيا فَجَرَّ فِرْسِنَهُ عَياء، قاله الخليل.
يضرب لمن يثقل عليه حمله فيضيق به ذَرْعاً. [ص 25]
80- إحْدَى نَوادِهِ البَكْرِ
وروى أبو عمرو " إحدى نواده النكر" النَّدْهُ: الزجر، والنواده: الزواجر.
يضرب مثلا للمرأة الجريئة السَّلِيطة، وللرجل الشَّغِب.
81- إنَّما أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِل الثَّوْرُ الأبْيَضُ
يورى أن أمير المؤمنين عليا رضي اللّه تعالى عنه قال: إنما مَثَلي ومثلُ عثمان كمثل أنوار ثلاثة كنَّ في أَجَمةٍ أبيضَ وأسودَ وأحمرَ، ومعهن فيها أسد، فكان لا يقدِرُ منهن على شيء لاجتماعهن عليه، فقال للثور الأسود والثور الأحمر: لا يُدِلُّ علينا في أَجَمتنا إلا الثورُ الأبيضُ فإن لونه مشهور ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكُلُه صفَتْ لنا الأَجمة، فقالا: دونَكَ فكُلْه، فأكله، ثم قال للأحمر: لوني على لونك، فَدَعْني آكل الأسود لتصفو لنا الأجَمة، فقال: دونَكَ فكُلْه، فأكله، ثم قال للأحمر: إني آكِلُكَ لا مَحاَلة، فقال: دني أنادي ثلاثا، فقال: افْعَلْ، فنادى ألاَ إني أكِلْتُ يوم أكِلَ الثورُ الأبيض، ثم قال علي رضي اللّه تعالى عنه: ألا إني هُنْتُ - ويورى وَهَنْتُ - يوم قتل عثمان، يرفع بها صوته.
يضربه الرجل يُرْزَأ بأخيه.
82- إنْ ذَهَبَ عَيْرٌ فَعَيْرٌ في الرِّبَاطِ
الرِّباط: ما تشد به الدابة، يقال: قَطع الظبْي رِباطَه، أي حِبالته. يقال للصائد: إن ذهب عَيْر فلم يَعْلَقْ في الحِبالة فاقتصر على ما علق.
يضرب في الرضا بالحاضر وترك الغائب.
83- إنَّما فُلاَنٌ عَنْزٌ عَزُوزٌ لَها دَرٌّ جمٌّ
العَزُوز: الضيقة الإحليل. يضرب للبخيل الموسِرِ.
84- إنَّما هُوَ كَبَارحِ الأَرْوَى، قَلِيلاً ما يُرى
وذلك أن الأرْوَى مساكنُها الجبالُ فلا يكاد الناس يرونها سانحةً ولا بارحةً إلا في الدهر مرة. يضرب لمن يرى منه الإحسان في الأحايين. وقوله "هو" كناية عما يبذل ويعطى، هذا الذي يضرب به المثل.
85- أوَّلُ الصَّيْدِ فَرَعٌ
الْفَرَعُ: أول وَلَد تنتجه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم يتبركون بذلك، وكان الرجل يقول: إذا تمت إبلي كذا نَحَرْتُ أول نتيج منها، وكانوا إذا أرادوا نحره زَيَّنُوه [ص 26] وألبسوه، ولذلك قال أوس يذكر أزمة في شدة البرد
وَشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبَامُ من الْ * أقْوَامِ سَقْباً مُجَلِّلاً فَرَعَا
قال أبو عمرو: يضرب عند أول ما يرى من خير في زَرْع أو ضَرْعٍ وفي جميع المنافع. ويروى: أول الصيد فَرَع ونِصَاب. وذلك أنهم يُرْسِلون أول شيء يصيدونه يتيمنون به، ويروى: أولُ صيدٍ فَرَعَه (فرعه في هذا التفسير: فعل ماض معناه أراق دمه).
|