عرض مشاركة واحدة
قديم 17-02-09, 02:43 AM   #2
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: الشاعرمحمد مهدي الجواهري-متنبي العصرالحديث


الراعي - لمحمد مهدي الجواهري



--------------------------------------------------------------------------------

لَفَّ العَباءَةَ واستقَـلاَّ *** بقطيعِهِ عَجَلاً .. ومَهْلا

وانصاعَ يَسْحَبُ خَلْفَهُ *** رَكْبَاً يُعَرِّس حيثُ حَلاَّ (1)

أوْفَى بها.. صِلاًّ يُزاحِمُ *** في الرمالِ السُّمْـرِ صِلاَّ

يَرْمِي بها جبلاً فَتَتْبَعُ *** خَطْوَهُ .. ويَحُـطُّ سَهْلاَّ

أبداً يقاسِمُها نَصِيباً *** من شَظيف العَيْشِ عَدْلاََ

يَصْلَى كما تَصْلَى الهجيرَ *** ويستقي ثَمَدَاً وضَحْلاَ (2)

يُومِي فَتَفْهَمُ ما يُرِيدُ *** ويَرْتَمِي فَتَهُـبُّ عَجْلَى

وتكادُ تُعْرِبُ "بالثُغَاءِ" *** " هَلاَ " وَ"حَيِّهَلاَ " وَ"هَلاَّ"

يَقْفُو بِعَيْنِ النَّسْرِ تَرْقُبُ *** أَجْـدَلاً - ذئباً أَزَلاَّ (3)

وَيَحُوطُ كالأَسَدِ ٱجْتبى *** أشبالَهُ .. جَدْيَاً وَسَخْلاَ

أَوْفَى على رَوْضِ الحياةِ *** يَجُوبُهُ حَقْلاً فَحَقْـلاَ

وٱرْتَدَّ يَحْمِلُ ما يَصُونُ*** ذَمَاً .. وما أَغْنَى وقَلاَّ (4)

نَايَاً يَذُودُ بهِ الوَنَى *** وَيُلَوّنُ النَّسَـقَ المُمِلاَّ

وعَصَاً يَهُشُّ بها .. ويَرْقَى*** ذروةً .. ويُقِيـمُ ظِلاَّ

* * * * *

يا رَاعِيَ الأغْنَامِ : أَنْتَ *** أَعَزُّ مملكـةً وأَعْلَى

للهِ مُلْكُكَ مَا أَدَقَّ *** وَمَا أَرَقَّ . . وَمَا أَجَلاَّ

يرْوِيكَ مِنْ رَشَفَاتِهِ *** قَمَرُ السَّمَاءِ إذا أَطَلاَّ

ويَقِيكَ في وَعْثِ السُّرَى *** وَهَجُ المَجَرَّةِ أَنْ تَضِلاَّ

وتَلُمُّ في الأَسْحَارِ عنقودَ *** النُّجُـومِ إذا تَـدَلَّى

أبداً تَشِيمُ الجَوَّ تَعْرِفُ*** عندَهُ خِصْبَاً ومَحْـلاَ

وتكادُ تَغْرِفُ وابِلاً *** حذقَاً وَتَرْشِفُ منهُ طَلاَّ

تُزْهَى ، بأنَّ الأرضَ خضراءٌ*** زَهَتْ نَبْتَاً وبَقْـلاَ

وَتَوَدُّ لَوْ حَنَتِ الفُصُولُ *** على الرَّبِيعِ فَكُنَّ فَصْلاَ

وَلَوَ أَنَّ كُلَّ الناسِ مِثْلُكَ *** من غَضَارَتِـها تَمَلَّى

أُعْطِيتَ نَفْسَاً لَمَّتِ الأجزاءَ *** حتّى صِرْنَ " كُلاَّ "

وأَسَلْتَ " بَعْدَاً " في غِمَارِ*** الذكرياتِ فعادَ " قَبْلاَ "

عُرْيَانُ من " عُقَدِ " النفوسِ*** عَصِلْنَ .. فٱستعصينَ حَلاَّ (5)

لم تَرْعَ من شجرِ التَّكَالُبِ *** وارفاً حقـداً وَغلاّ

وجهلْتَ مُتْرَفَةَ الحياةِ *** تَذَوَّبَـتْ كَسَـلاً وذُلاَّ

لم تَخْشَ بُؤْسَ غَدٍ يُشَوِّهُ *** من جمالِ " اليومِ " شَكْلاَ

لا تعرف " الأشباحَ " رَعْنَاءَ*** الخُطَى ، شَوْهَاءَ ، خَجْلَى

أَطْيَافُكَ الزَّهْرُ النَّدِيُّ*** شَـذَاً ، وألوانَـاً وظِلاَّ

وَمَطَارِحُ "المِعْزَى" تُعَاوِدُ *** عندَها وَطَنَـاً وأَهْلاَ

وَكَسَرْحِكَ الرَّاعِي تَعِنُّ*** رُؤَاكَ مُعْلَمَـةً وَغُفْـلاَ

تَرْتَادُ "مُعْجَمَةَ" الدُّنَى*** وَتَجُوسُهَا فَصْـلاً فَفَصْلاَ

وَتُسَامِرُ النَّجْوَى تَعُبُّ *** بِكَأْسِهَا نَهَـلاً وَعَلاَّ

وَتَرَى مُلَوَّنَةَ الطبيعـةِ *** إِذْ تَغُـمُّ .. وإذْ تَحَـلَّى

غُولَ الظَّلامِ إذَا تَعَلَّى *** وَسَنَا الصَّبَـاحِ إذَا تَجَلَّى

* * * * *

حُيِّيتَ رَاعِي الضَّأْنِ *** يَرْعَى ذِمَّـةً كَبُرَتْ و"إِلاَّ "

تلكَ الأمانةُ أَوْدَعَتْ *** أثقالَهَا كُفُـوَاً وَأَهْـلاَ

كانتْ لهُ غَـلاًّ وَآخَرُ*** شَاءَهَا للناسِ غُـلاَّ (6)

ما أقبحَ الدُّنيا إذا*** ضَلَّ الرُّعَـاةُ وما أَضَـلاَّ

* * * * *

-----------------

* نظمت والشاعر في طريقه إلى مدينة "علي الغربي"، حيث كان يعمل بالزراعة ، إذ استوقفه مشهد الرعيان في المروج الخضر .

(1) التعريس : نزول القوم من السفر في آخر الليل .

(2) الثمد : الماء القليل .

(3) الأجدل : الصقر . الأزَلّ : السريع .

الذما : بقية الروح .

(5) عصل : أعوج في صلابة خلقة .

(6) يريد بغل الأولى : المغنم ، وبالغل بالضم : القيد



حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس