عرض مشاركة واحدة
قديم 19-01-09, 02:01 PM   #2
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: يا قوم لا تتكلموا للشاعر معروف الرصافي


[COLOR="DarkRed"][SIZE="3"][FONT="Arial Narrow"][B]ولادتهُ ونشأته
ولد في بغداد عام 1292هـ/1875م، ونشأ فيها حيث أكمل دراسته في الكتاتيب، ثم دخل المدرسة العسكرية الإبتدائية فتركها، وأنتقل إلى الدراسة في المدراس الدينية ودرس على علماء بغداد الأعلام كالشيخ عبد الوهاب النائب، والشيخ قاسم القيسي، والشيخ قاسم البياتي، والشيخ عباس حلمي القصاب، ثم أتصل بالشيخ العلامة محمود شكري الألوسي ولازمهُ أثنتي عشرة سنة، وتخرج عليهِ وكان يرتدي العمامة وزي العلماء وسماهُ شيخهُ الألوسي (معروف الرصافي) ليكون في الصلاح والشهرة والسمعة الحسنة، مقابلاً لمعروف الكرخي.

وعين الرصافي معلماً في مدرسة الراشدية التي أنشأها الشيخ عبد الوهاب النائب، شمال الأعظمية، ثم نقل مدرساً للأدب العربي في الأعدادية ببغداد، أيام الوالي نامق باشا الصغير عام 1902م، وظل فيها إلى أعلان الدستور عام 1908م، ثم سافر إلى استانبول فلم يلحظ برعاية ، ثم عين مدرساً لمادة اللغة العربية في الكلية الشاهانية ومحرراً لجريدة سبيل الرشاد عام 1909م، وأنتخب عضواً في مجلس المبعوثان عام 1912م، واعيد أنتخابه عام 1914م، وعين مدرساً في دار المعلمين في القدس عام 1920م، وعاد إلى بغداد عام 1921م. ثم سافر إلى الإستانة عام 1922م، وعاد إلى بغداد عام 1923م، وأصدر فيها جريدة الأمل، وأنتخب عضواً في مجمع اللغة العربية في دمشق، عام 1923م، وبعد ذلك عين مفتشاً في مديرية المعارف ببغداد عام 1924م، ثم عين أستاذاً في اللغة العربية بدار المعلمين العالية عام 1927م.

ولقد بني لهُ تمجيداً لذكراه تمثالاً في الساحة المقابلة لجسر الشهداء عند التقاطع مع شارع الرشيد المشهور قرب سوق السراي والمدرسة المستنصرية الأثرية.


شعرهِ
امتاز أسلوب الرصافي بمتانة لغته ورصانة أسلوبه، وله آثار كثيرة في النثر والشعر واللغة والآداب أشهرها ديوانه "ديوان الرصافي" حيث رتب إلى أحد عشر باباً في الكون والدين والإجتماع والفلسفة والوصف والحرب والرثاء والتاريخ والسياسة وعالم المرأة والمقطعات الشعرية الجميلة.

قال في وصفه عظمة الله
انظر لتلك الشجرة ذات الغصون النظرة

كيف نمت من حبة وكيف صارت شجرة

فابحث وقل من ذا الذي يخرج منها الثمرة


[عدل] في وصفهِ للفقر
ويقول في مشاهدته لأرملة وبنتها الصغيرة، توفي زوجها وتركهما بين الفقر والبؤس الذي يذيب القلوب الجامدة حيث‏ بلغ القمة بوصفه إذ قال:
لقيتها ليتنـي ما كنـت ألقاها تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها

أثوابـها رثة والرجـل حـافية والدمع تذرفه في الخد عيـناها

بكت من الفقر فاحمرت مدامعها وأصفر كالورس من جوع محياها

مات الذي كان يحميـها ويسعدها فالدهر من بـعده بالفقر أنساها

الموت افجعهـا والفقر أوجعها والـهم انحلهـا والغم أضـناها

فمنظر الحـزن مشهود بمنظرها والبؤس مــرآه مقرون بمرآها

تمشي وتحمل باليسرى وليدتها حملا على الصدر مدعوما بيمناها

تقول: يا رب لا تـترك بلا لبن هذي الرضيعة وارحمني وإياها

كانت مصـيبتها بالـفقر واحدة ومـوت والدهـا باليتـم ثناها

هذي حكاية حال جئـت اذكرها وليس يخفى على الأحرار مغزاها


[عدل] في السياسة
لقد شارك الرصافي في قضايا أمته السياسية والاجتماعية ، ودعا إلى بناء المدارس ونشر العلم ، والتي ينبغي لطالب العلم ألا يكون طلبه للعلم لذاته بل لغايات اجتماعية وذلك من خلال ربطه بالعمل فهل وفى اللفظ بهذا المعنى ؟ لذلك نجده يقول:

ابنوا المدارس واستقصوا بها الأملا حتى نطـاول في بنيانها زحلا

جودوا عليها بما درت مكاسبكم وقابلـوا باحتقار كل مـن بخلا

لا تجعلوا العلم فيها كـل غايتكم بل علموا النش‏ء علما ينتج العملا

ربـوا البنيـن مع التعليم تربية يمسي بهـا ناطق الدنيا به المثلا

فجيشوا جيش علم من شبيبتنـا عرمرما تضـرب الدنيا به المثلا

أنا لمن أمة في عهد نـهضتنا بالعلم والسيف قبلا انشات دولا


في ردهِ على الأحتلال البريطاني
وعندما احتل الإنجليز العراق سنة 1920م، سرعان ما نصبوا فيصل ملكاً على البلاد وأصدروا دستورا وأنشئوا برلمانا مزيفين وأصبحت أمور البلاد بأيديهم ثار الشعب العراقي وثار الرصافي معهم حيث أنشد قصيدته التي جاء فيها:

علم ودستور ومجلس أمة كل عن المعنى الصحيح محرف

أسماء ليس لنا سوى ألفاظها أما معانيها فليست تعرف

من يقرأ الدستور يعلم أنه وفقا لصك الانتداب مصنف

فكان الدستور الذي سن في نظره ليس إلا وثيقة جديدة للانتداب الذي فرضه الإنجليز على العراق، دستور مزيف وعلم الدولة مزيف هو الآخر، وحتى المجلس الذي يسمى بمجلس الأمة أيضا كان مزيفا، ثم نلاحظ الشاعر الرصافي يصرخ ساخرا ويقول:

يا قوم لا تتكلموا إن الكلام محرم

ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم

وتأخروا عن كل ما يقضي بأن تتقدموا

ودعوا التفهم جانبا فالخير أن لا تفهموا

أما السياسة فاتركوا أبـداً ولا تنـدموا


في يوم الفلوجة
ومن قصائده الرائعة قصيدة يوم الفلوجة قالها في مدح مدينة الفلوجة البطلة ومقاومتها ضد الاستعمار عام 1941يقول :

أيها الإنكليز لن نتناسى بغيكـم فـي مساكـن 'الفلوجـة'

ذاك بغي لن يشفي الله إلا بالمواضـي جريحه وشجيجـه

هو كرب تأبى الحمية أنا بسوى السيـف نبتغـي تفريجـه

هو خطب أبكى العراقييـن والشام وركـن البنيـة المحجوجـه

حلها جيشكم يريد انتقاماً وهو مُغـرٍ بالساكنيـن علوجـه

يوم عاثت ذئاب [ آثور ] فيها عَيْثةً تحمل الشَنـارسميجـه

فاستهانت بالمسلمين سَفاهاً واتخذتم من اليهود وليجـه

وأدرتم فيها على العُزْل كأساً من دماء بالغدر كانت مزيجـه

واستبحتم أموالها وقطعتم بين أهل الديـار كـل وشيجـه

أفهـذا تمـدن، وعـلاء شعبكـم يدّعـي إليـه عروجـه

أم سكرتم لما غلبتم بحرب لم تكن في انبعاثهـابنضيجـه

قد نتجنا لقوحها عن خِداج فلذاك انتهـت بسـوء النتيجـه

هل نسيتم جيشاً لكم مُبْذعرَّاً شهدت جُبنه سواحـل إيجـه

وهوى بانهزامه حصن 'أقريط' وأمسى قذىً علـى 'عيـن فيجـه'

سوف ينأى بخزي وبعار عن بـلاد تريـد منهـا خروجـه

لا تغرنكم شِبـاكْ كبـارٌ أصبحـت لاصطيادنـا منسوجـه

لستم اليوم في المسالك إلا جملاً تحـت صـدره دُحروجـه

وطن عشت فيه غير سعيد عيش حر يأبى على الدهر عوجه

أتمنى فيه السعادة لكن ليـس لـي فيـه ناقـة منتوجـه

أخصب الله أرضه ولو انّي لست أرعى رياضـه ومروجـه

كـل يـوم بعـزّه أتغنـىّ جاعـلاً ذكـر عـزّه أهزوجـه

ما حياة الإنسان بالذل إلا مـرة عنـد حَسْوِهـا ممجوجـه

فثناءً [للرافديـن] وشكـرا وسلامـاً عليـك يـا فلوجة

فللرصافي مشاهد كثيرة في الحكم والأوصاف والأقاصيص الحزينة التي تظهر بؤس وفقر الأمة ومقاومتها للاستبداد وظلم الأجنبي ، بالإضافة إلى آرائه الحدية في السياسة وانتقاد السلطة ، فهو يدعو إلى الثورة الاجتماعية والسياسية ليعم الرخاء ولتنعم البلاد بالحرية والمساواة .

عاصر معروف الرصافي الشاعرَ العراقي جميل صدقي الزهاوي وقد دعى كلاهما إلى تحرير المرأة ونزع الحجاب (العباءة) التي كانت مستخدمة من قبل عامة نساء العراق. ولكن كانت المنافسة والعدواة بينهما شديدة حيث قال الرصافي اشياء كثيرة في النيل من الزهاوي.

ولكن الحمد لله أنتهت العداوة بالصلح بينهما قبل وفاتهما في جلسة صلح نظمها محمود صبحي الدفتري في داره في الحيدرخانة وقد حضر الجلسة عبد العزيز الثعالبي وروفائيل بطي و فؤاد السمعاني والعلامة محمد بهجت الأثري.


حياته
لقد استأثرت حياة الشاعر العراقي معروف الرصافي باهتمام الباحثين والدارسين ولم يتركوا شاردة ولا واردة إلا أحصوها، ويأتي ذلك بسبب الحياة الطويلة العريضة التي عاشها الشاعر بأنفلات واضح في السلوك والتصرف وغشيان الكثير من المحظورات، وقد أهتم الباحث العراقي الدكتور يوسف عز الدين ببعض أحاديث الرصافي وحققها ونشرها عام 2004م، والأحاديث المنشورة في الكتاب الذي عنونه الدكتور يوسف بـ"الرصافي يروي سيرة حياته"، سجل للحياة الإجتماعية والسياسية والفكرية بكل جراءة وصراحة، والصادر عن دار "المدى" يتوزع على ثلاثة أبواب،

الأول: الأحاديث التي أدلى بها الرصافي لصديقه حاكم محكمة الصلح في الفلوجة المرحوم خالد محمد حافظ.
الثاني: أحاديثه يوم غادر الفلوجة إلى محلة السفينة بالأعظمية والمدونة من قبل الأستاذ خالد كذلك، وقد سبق للأستاذ المحقق المدقق عبدالحميد الرشودي أن نشرها في جريدة "الاتحاد" الأسبوعية الصادرة عن اتحاد الصناعات العراقي خريف عام 1989م.


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس