الموضوع: يحكى أن
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-09-08, 12:05 AM   #27
 
الصورة الرمزية حبىالزهرة

حبىالزهرة
المراقب العـام

رقم العضوية : 1295
تاريخ التسجيل : Oct 2003
عدد المشاركات : 29,780
عدد النقاط : 263

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حبىالزهرة
رد: يحكى أن



ونتابع معا

يحكى أن

عن الإمام العادل كتب الحسن إلى عمر بن عبدالعزيز يشرح له صفات الإمام العادل

قال مروان بن الحكم لابنه حاكم مصر: أرسل حكيماً ولا توصه

يُحْكَى أنَ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه, لما ولي الخلافة, طلب من الحسن بن أبي الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل, فكتب إليه الحسن: اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قَوام كل مائل, وقصد كل جائر, وصلاح كل فاسد, وقوة كل ضعيف, ونَصَفَة كل مظلوم, ومَفْزَع كل ملهوف. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله, الرفيق بها الذي يرتاد لها أطيب المراعي, ويذودها عن مراتع الهلكة, ويحميها من السباع, ويُكِنُها من أذى الحر والقر. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده, يسعى لهم صغاراً ويعلمهم كبارا,ً يكتسب لهم في حياته ويدخر لهم بعد مماته. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البَرَة الرفيقة بولدها,حملته كرها ووضعته كرها, وربته طفلاً تسهر بسهره وتسكن بسكونه, ترضعه تارة وتفطمه أخرى, وتفرح بعافيته وتغتم بشكايته. والإمام العادل يا أمير المؤمنين وَصِيُ اليتامى, وخازن المساكين, يربي صغيرهم ويُمَوِن كبيرهم.والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح, تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده. والإمام العادل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده, يسمع كلام الله ويسمعهم, وينظر إلى الله ويريهم, وينقاد إلى الله ويقودهم, فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما مَلَكك الله عز وجل كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله فبدد المال وشرد العيال فأفقر أهله وفرق ماله, واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش,فكيف إذا أتاها من يليها! وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده, فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم, واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده وقلة أشياعك عنده وأنصارك عليه, فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر. واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه يطول فيه ثواؤك ويفارقك أحباؤك يسلمونك في قعره فريداً وحيداً, فتزود له ما يصحبك يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه, واذكر يا أمير المؤمنين "إذا بُعْثِر ما في القبور. وحُصِل ما في الصدور", فالأسرار ظاهرة والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها, فالآن يا أمير المؤمنين وأنت مُهِل قبل حلول الأجل وانقطاع الأمل, لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين, ولا تسلك بهم سبيل الظالمين, ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين, فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلَا ولا ذمة, فتبوء بأوزارهم مع أوزارك وتحمل أثقالهم مع أثقالك. ولا يغرنَك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك. ولا تنظر إلى قدرتك اليوم ولكن انظر إلى قدرتك غداً وأنت مأسور في حبائل الموت وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين, وقد عنت الوجوه للحي القيوم.

إني يا أمير المؤمنين وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهي من قبلي, فلم آلك شفقة ونصحاً, فأَنْزِل كتابي إليك كمداوي حبيبه, يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

ويحكى أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أرسل إلى سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب فقال لهما: أشيرا علي. فقال له سالم: اجعل الناس أباً وأخاً وابناً فبر أباك واحفظ أخاك وارحم ابنك. وقال له محمد بن كعب: أحبب للناس ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك واعلم أنك لست أول خليفة.

وقال عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز لأبيه عمر: يا أبت ما لك لا تَنْفَذ في الأمور, فوالله لا أبالي في الحق لو غَلَت بي وبك القدور. فقال له عمر: لا تعجل يا بني فإن الله تعالى ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة, وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيَدَعُوه وتكون فتنة.

وقال المنصور لولده عبد الله المهدي: لا تُبْرِمْ أمراً حتى تفكِر فيه; فإن فكرة العاقل مرآة, تريه حسناته وسيآته. واعلم أن الخليفة لا تصلحه إلا التقوى, والسلطان لا تصلحه إلا الطاعة, والرعية لا يصلحها إلا العدل. وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة, وأنقص الناس عقلاً من ظلم مَنْ هو دونه.

وقال أبو عبيد الله كاتب المهدي: ما أحوج ذا القدرة والسلطان إلى دين يحجزه وحياء يكفه وعقل يعقله وإلى تجربة طويلة وعين حفيظة وأعراق تسري إليه وأخلاق تسهل الأمور عليه, وإلى جليس شفيق وصاحب رفيق, وإلى عين تبصر العواقب وقلب يخاف الغير. ومن لم يعرف لؤم الكبر لم يسلم من فلتات اللسان ولم يتعاظم ذنباً وإن عظم, ولا ثناء وإن سمح.

ولما انصرف مروان بن الحكم من مصر إلى الشام استعمل عبد العزيز ابنه على مصر وقال له حين ودعه: أرسل حكيماً ولا توصه. أيْ بُنَي, انظر إلى عمالك, فإن كان لهم عندكم حق غدوة فلا تؤخره إلى عشية, وإن كان لهم عشية فلا تؤخره إلى غدوة, وأعطهم حقوقهم عند محلها تستوجب بذلك الطاعة منهم. وإياك أن يظهر لرعيتك منك كذب فإنهم إن ظهر لهم منك كذب لم يصدقوك في الحق. واستشر جلساءك وأهل العلم فإن لم يستبن لك فاكتب إلي يأتك رأيي فيه إن شاء الله تعالى. وإن كان بك غضب على أحد من رعيتك فلا تؤاخذه به عند سَوْرة الغضب, واحبس عنه عقوبتك حتى يسكن غضبك ثم يكون منك ما يكون وأنت ساكن الغضب منطفئ الجمرة, فإن أول من جعل السجن كان حليماً ذا أناة. ثم انظر إلى أهل الحسب والدين والمروءة فليكونوا أصحابك وجلساءك ثم اعرف منازلهم منك على غير استرسال ولا انقباض. أقول هذا واستخلف الله عليك.

انتهى

نفس المصدر ولنا لقاء باذن الله تعالى


توقيع : حبىالزهرة

الصدق في أقوالنا أقوى لنا
والكذب في أفعالنا أفعى لنا


زهرة الشرق .. أكبر تجمع عائلي

حبىالزهرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس