عرض مشاركة واحدة
قديم 26-02-08, 03:34 AM   #42

معاذ
مشرف أول

رقم العضوية : 4355
تاريخ التسجيل : Mar 2006
عدد المشاركات : 2,085
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ معاذ
المقصد الثالث من خلاصة التحقيق


[align=center]المقصد الثالث

(تقليد المفضول)
[/align]


[align=justify]وأما المقصد الثالث فهل يجوز التقليد من غير اعتقاد الأرجحية فيما قلده، أم لا؟
قال الشيخ محمد البغدادى رحمه الله فى رسالته فى التقليد:
"واختلفوا فى أنه هل يجوز للمقلد تقليد المفضول مع وجود الأفضل؟
فجوزه الأئمة الحنفية(89 ) ، والمالكية(90 ) ، وأكثر الشافعية(91 ) .
ومنعه الإمام أحمد ، وطائفة من الفقهاء(92 ) .
كذا فى التحرير لابن الهمام، وشرحه لابن أمير حاج(93 ).
ونقل عن الإمام الغزالى( 94) أنه قال:
إذا اعتقد المقلد أحد المجتهدين بالفضل، لا يجوز له أن يقلد غيره، وإن كان لا يلزم البحث عن الأعلم إذا لم يعلم اختصاص أحدهم بزيادة الفضل والعلم.
أما إذا علم، واعتقد زيادة الفضل فى أحدهم، يلزم تقليد أورع العالمين، وأعلم الورعين، وإن تعارضا فى العلم والورع قدم الأعلم على الأصح( ). انتهى
وقال الشيخ محمد البغدادى أيضاً:
"فإن قلت: كيف يذكر ابن الهمام وشارح كلامه من علماء المذهب فى المسألة الفقهية كلام( 96) المخالفين من المالكية والشافعية فيستدلان /[10ق] على ما اختاراه من الوجه؟
قلت: إن المسألة إذا لم يكن لها اختصاص بواحد من الأئمة، بل كانت مشتركة فيما بينهم فى الحكم، كمسائل أصول الدين، والأحكام المتفق عليها فى الفروع، فيجوز الاستدلال عليها بقول الجميع، ومسألة التقليد، والاقتداء بالمخالف(97 ) من هذا القبيل، فلا محظور فى إيراد الدليل عليها من أي عالم/[13أ] كان". انتهى
فاعلم هذا فيما سنذكره .
وقال المحلي في شرح جمع الجوامع( 98) :
"تقليد المفضول من المجتهدين فيه أقوال:
أحدها : ورجحه ابن الحاجب(99 ): يجوز لوقوعه فى زمن الصحابة وغيرهم – رضى الله عنهم – مشهوراً متكرراً من غير إنكار.
ثانيها : لا يجوز: لأن أقوال المجتهدين فى حق المقلد كالأدلة فى حق المجتهد، فكما يجب الأخذ بالراجح من الأقوال، والراجح منها قول الفاضل، ويعرفه العاميّ بالتسامع وغيره(100 ).
ثالثها : المختار يجوز لمعتقده فاضلاً عنده أو مساوياً له، بخلاف من اعتقده مفضولاً ، ومن ثم لا يجب البحث عن الأرجح من المجتهدين لعدم تعيينه .
فإن اعتقد العامي رجحان واحد منهم تعين ، لأن تقليده – وإن كان مرجوحاً فى الواقع – عملاً باعتقاده المبني عليه .
والراجح علماً فوق الراجح ورعاً في الأصح ، لأن لزيادة العلم تأثيراً فى الاجتهاد ، بخلاف زيادة الورع .
وقيل العكس لأن لزيادة الورع تأثيراً في التثبت في الاجتهاد وغيره بخلاف زيادة العلم .
ويحتمل التساوى لأن لكلٍ ( 101) مرجحاً"(102 ). انتهى.
وقال الشيخ محمد البغدادى في رسالته :
"من أحوال المقلد أن يكون من العلماء ، فيعتقد بحسب حاله وعلمه رجحان مذهب الغير في تلك المسألة/[11ق] فيحسن له الاتباع للراجح في ظنه". انتهى
وقال المناوي في شرح الجامع(103 )/[14أ] نقلاً عن السبكي( 104):
أن المنتقل من مذهب لآخر له أحوال. نذكر منها :
أن يعتقد رجحان مذهب الغير، فيجوز عمله بالراجح فى ظنه.
ومنها: أن لا يعتقد رجحان شئ فيجوز". انتهى
وهذا كله يقتضى أنه لا يلزم المقلد اعتقاد الأرجحية فى مذهبه، وإن كان الأولى اعتقادها للخروج من الخلاف الواقع فى ذلك كما ترى.
وعلى الأولوية، وعدم اللزوم يحمل ما وقع فى الأشباه والنظائر( 105) فى أواخر الفن الثالث نقلاً عن المصفى( 106):
إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفينا فى الفروع يجب علينا أن نجيب بأن مذهبنا صواب يحتمل الخطأ، ومذهب مخالفينا خطأ يحتمل الصواب، لأنك لو قطعت القول لما صح قولنا: المجتهد يخطئ ويصيب.
وإذا سئلنا عن معتقدنا، ومعتقد خصومنا فى العقائد، يجب علينا أن نقول: الحق ما نحن عليه، والباطل ما عليه خصومنا.
هكذا نقل عن المشايخ(107 ). انتهى.
ولا يحتاج أن نحمل ذلك على المجتهدين فى المذهب أصحاب الترجيح كأبى الحسن الكرخى( )، والطحاوى( )، والسرخسى( )، وأمثالهم( 111) إذا سئلوا يجيبوا بما ذكر، وليس المراد أن يكلف كل مقلد أن يعتقد ذلك فيما قلده منه. إلى آخر كلامه.
وقد علمت فساد هذا الحمل بما ذكرنا من النقول فى جواز تقليد المفضول مع العلم بالفاضل وإن/[15أ] ذلك لا يختص بمقلد دون مقلد، /[12ق] وإن الخلاف فى ذلك فى حق كل مقلد، والله الموفق.
[/align]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[align=right](89) قال فى مسلم الثبوت (2/404) يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل .
راجع أيضاً التقرير والتحبير 3/349 حاشية ابن عابدين 1/33 .
(90) قال صاحب مراقى السعود (2/342):
وجائز تقليد ذى اجيهاد وهو مفضول بلا استبعاد
وقال فى شرحه نشر البنود:
اختلفوا فى جواز تقليد العامى للمجتهد المفضول فى العلم والورع مع وجود الفاضل فى ذلك ، فالأكثرون أجازوا ذلك ، وصححه الفهري منا ، والجمهور، ورجحه ابن الحاجب لوقوعه فى زمن الصحابة رضى الله عنهم، وغيرهم منتشراً متكرراً من غير نكير .
وفى أصول الباجى صـ 644:
وإن كان فى المصر فقهاء جماعة ، وكان بعضهم أفضل من بعض جاز له الأخذ بقول أيهم شاء .
راجع أيضا تنقيح الفصول ص 442 ، 443 ، نفائس الأصول 9/4133 .
(91) نهاية السول بهامش التقرير 3/348 ، مع البدخشي 2/297 ، المستصفى 2/390 ، البرهان 2/1343
فقرة 1516 ، روضة الطالبين 8/91 .
(92) قال في شرح روضة الناظر (8/201) :
وقد روي عن أحمد – رحمه الله – ما يدل على جواز تقليد المفضول ، فإن الحسين بن يسار سأله عن مسألة في الطلاق فقال : إن فعل حنث، فقال: يا أبا عبد الله ، إن أفتاني إنسان – يعنى لا يحنث – فقال: تعرف حلفه المدنيين – حلقة بالرصافة – فقال: إن أفتونى به حل ؟ قال: نعم .
وهذا يدل على التخيير بعد الفتيا .
وفى شرح روضة الناظر أيضاً (8/190) :
ورجح ابن قدامة أن يسأل من شاء من المجتهدين ، فإن اختلفوا تخيّر، وقيل يأخذ بقول الأفضل، وقيل يأخذ بالأخف.
ونقل المنع من تقليد المفضول عن أحمد كلاً من :
الآمدى 4/241 ، صاحب فواتح الرحموت 2/404 ، الكرماستى صـ 218 ، صاحب مراقي السعود 2/342 ، وقال في نشر البنود شرح مراقي السعود :
أن ابن القصار من المالكية ، وابن سريج ، والغزالي – زاد الأمدي ـ : والقفال – من الشافعية، والإمام أحمد منعوا تقليد المفضول مع وجود الفاضل .
وعلى هذا يكون للإمام أحمد قولين فى هذه المسألة ، أو كما يسميه أصحابه روايتين .
قال ابن عابدين فى حاشية (1/33) :
يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل ، وبه قال الحنفية والمالكية وأكثر الحنابلة والشافعية.
وفي رواية لأحمد وطائفة كثيرة من الفقهاء لا يجوز .
(93) التقرير والتحبير 3/349 ..
(95) قال الإمام الغزالى فى المستصفى فى آخر مسألة في الفن الثاني من القطب الرابع (2/391) :
وأما إذا كان أحدهما أفضل وأعلم فى اعتقاده ، اختار القاضي أن يتخيّر أيضاً ، لأن المفضول من أهل الاجتهاد لوانفرد ، فكذلك إذا كان معه غيره ، فزيادة الفضل لا تؤثر.
والأولى عندى أن يلزمه اتباع الأفضل .
ونقل النووي في روضة الطالبين (8/91) كلام الغزالي :
إذا اعتقد المقلد أن أحدهم أعلم لم يجز أن يقلد غيره ، وإن كان لا يلزمه البحث عن الأعلم ، إذا لم يعتقد اختصاص أحدهم بزيادة علم . ثم تعقبه النووى قائلاً :
قلت: الذى قاله الغزالى قد قاله غيره أيضاً ، وهو وإن كان ظاهراً ففيه نظر، لما ذكرنا من سؤال آحاد الصحابة -رضى الله عنهم ـ مع وجود أفاضلهم الذين فضلهم متواتر ، وقد يمنع هذا ، وعلى الجملة المختار ما ذكره الغزالي ، فعلى هذا يلزمه تقليد أورع العالمين ، وأعلم الورعين ، فإن تعارضا قدم الأعلم على الأصح. والله أعلم
راجع هذه المسألة في : المحصول 2/533 ، مختصر ابن الحاجب 2/309 ، البرهان 2/1344 فقرة رقم 1519، التقرير والتحبير 3/349 .
(96) فى النسخة (أ) كيف والتصويب من النسخة "ق"
(97) مسألة الاقتداء بالمخالف هى موضوع المقصد الرابع ، وسوف نأتى بشيء من التفصيل .
(98) مع حاسية البنانى 2/395 ، 2/396 ، مع حاسية العطار 2/435 ، 2/436 .
(99) مختصر ابن الحاجب 2/309 .
قال الإسنوى فى نهاية السول (3/348) مع التقرير : ورجح ابن الحاجب جواز تقليد المفضول ، واختاره الآمدي 4/242 ، والكرماستى ص218 ، والباجي في أحكام الفصول ص644.
(100) قال في التقرير (3/349) : يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل فى أصول ابن مفلح : عند أكثر أصحابنا كالقاضي ، وأبي الخطاب ، وصاحب الروضة – يعني روضة الناظر – وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد فى رواية .
وأحمد فى رواية أخرى وطائفة كثيرة من الفقهاء كابن سريج ، والقفال المروزي ، وابن السمعاني على المنع .
وقيل: يجوز لمن يعتقده فاضلاً أو مساوياً
راجع أيضاً مختصر ابن الحاجب 2/309 ، حاشية ابن عابدين 1/46 ، 47 .
(100) فى "ق" لأن كلاً مرجحاً.
(101) من جمع الجوامع بحاشية البنانى 2/396 ، مع حاشية العطار 2/436 .
راجع أيضاً التقرير والتحبير 3/349 .
(104) فيض القدير 1/273.

(105) الأشباه والنظائر ص453، غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر 4/127.
(107) فى حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1/33:
ان ما ذكر عن النسفى من وجوب اعتقاد أن مذهبه صواب يحتمل الخطأ مبنى على أنه لا يجوز تقليد المفضول، وأنه يلزمه التزام مذهبه، وأن ذلك لا يتأتى فى العامى.
وقد رأيت فى آخر فتاوى ابن حجر الفقهية التصريح ببعض ذلك. فإنه سئل عن عبارة النسفى المذكورة، ثم حرر أن قول أئمة الشافعية كذلك ثم قال: أن ذلك مشى على الضعيف من أنه يجب تقليد الأعلم دون غيره، والأصح أن يتخير تقليد أى شاء ولو مفضولاً، وإن اعتقده كذلك، وحينئذ فلا يمكن أن يقطع أو يظن أنه على الصواب، بل على المقلد أن يعتقد أن ما ذهب إليه إمامه يحتمل أنه الحق.
(111) فى النسخة "ق" ونحوهم.
[/align]


توقيع : معاذ
زهرة الشرق

معاذ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس