عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-07, 06:49 PM   #10
 
الصورة الرمزية جارة القمر

جارة القمر
جيل الرواد

رقم العضوية : 2617
تاريخ التسجيل : Mar 2005
عدد المشاركات : 4,783
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ جارة القمر
رد: ... قضية اللاجئين الفلسطينيين .....


غزة: الحاج أبو الوليد يروي قصة

اللجوء والحنين إلى قريته زرنوقة

ما زال الحاج محمد عيد" أبو الوليد" (77 عاماً) من مخيم المغازي يحلم بالعودة إلى قريته زرنوقة التي أجبرته

العصابات الصهيونية على تركها العام 1948.

ويقول بغضب:ما زلت أحلم بالعودة إلى هناك، لدى إيمان عميق بأننا سنعود.

واستدرك: ربما لا أعود أنا، ولكن أبنائي وأحفادي سيعودون، هذا أمر لا مجال للشك فيه.

وتساءل بحزن : هل يمكن أن تنسى قطعة من جسدك؟ ونحن كذلك انسلخنا عن أجسامنا، ما زالت أرضنا هناك

تحمل بقايانا، ولهذا لا تفوتني أي فرصة للحديث عنها لأولادي وأحفادي.

وبعد أن يصمت لحظات يبدأ في الحديث بمرارة وكأنه يروي قصة حدثت بالأمس القريب.

وقال:تقع قريتنا زرنوقة ضمن قضاء الرملة، وكانت تشتهر بالحمضيات والخضار، وتعتبر قرية متطورة.

كانت العائلة تملك 150 دونماً كنا نزرعها بالبرتقال والخضار، لذا تفتحت عيناي منذ الصغر على الزراعة، وهناك

كبرت وترعرت وكنت أعتقد أن الحياة ستتواصل على هذا المنوال، إلا أن الزلزال حدث وأجبرنا على ترك القرية.

وأضاف: قبل أيام من سقوط القرية في أيدي العصابات الصهيونية أرسلوا لنا أحد الأشخاص لتسليم السلاح، لكننا

رفضنا الخروج وآثرنا الموت، فواصلت تلك العصابات تهديدنا وإطلاق النار على القرية من المستعمرات اليهودية

المجاورة للبلدة مثل مستعمرة "جعبات" (شيلر ورخوبت)

قبل أيام من سقوط القرية حاصرت مجموعة من العصابات اليهودية أحد المنازل التي كان سكانه يحيون حلقة ذكر

دينية، وألقوا في الداخل قنبلة أدت إلى مصرع الشيخ أحمد أبو شاويش صاحب المنزل، وزوجة المواطن عيسى

الشوربجي.

تابع الحاج أبو الوليد: بعد هذه الحادثة طوقت العصابات البلدة وبدأوا في إطلاق النار وقذائف المورتر ودارت

اشتباكات محدودة بسبب قلة العتاد لدينا، وبعد أن اشتد القصف والدمار بدأ سكان القرية في الهرب إلى القرى

المجاورة على أمل العودة بعد أيام إلى منازلهم.

ويقول: كان عمري يومها (22 عاماً) وكنت متزوجاً ولدي طفل وطفلة، وبعد أن رأيت سكان القرية يفرون تبعتهم

وذهبنا إلى قرية يبنا المجاورة وأمضينا الليل في أطراف القرية على أمل العودة إلى القرية في اليوم التالي، وعندما

اشتدت الأوضاع قسوة،تسللت إلى القرية لإحضار بعض الأغطية للعائلة، فوجدت العصابات الصهيونية تعيث فيها

فساداً، فعدت أدراجي إلى حيث العائلة.

وبعد أن يتوقف الحاج أبو الوليد لحظات يعود للحديث : بعد أيام ركبنا إحدى السيارات وذهبنا إلى قرية اسدود في

الجنوب ، وفي الطريق شاهدنا عشرات الجثث الملقاة على جانب الطريق ، وكانت جثث من تعدمهم القوات

الصهيونية أثناء فرارهم، فواصلنا الهرب في اتجاه أسدود بحذر، إلا أننا اصطدمنا بكمين.

أطلقت العصابات النار علينا، إلا أننا واصلنا السير وأطلقنا عليهم النار من بنادق كانت قديمة بحوزتنا ، وبالفعل

نجحنا في مواصلة الطريق ثم مكثنا في أسدود عشرة أيام هربنا بعدها إلى غزة، حيث سكنا في منزل أحد الأقارب

لتبدأ حياة اللجوء والغربة بعيداً عن القرية التي ولدنا وترعرعنا فيها.

ويقول الحاج أبو الوليد أن الحياة بعيداً عن القرية كانت مثل الجحيم، ولهذا يتمنى لو أنه توفي هناك، ولم يمر بتجربة

اللجوء والهجرة بعيداً عن قريته زرنوقة.

وتابع : في البداية سكنت مع عائلتي في مخيم دير البلح، ومن خلال أحد الأقارب استطعت العمل في وكالة الغوث

الدولية كمراقب على حراس منشآت الوكالة التي بدأت العمل في إمداد اللاجئين بالمواد التموينية والصحية، على

أمل أن يعودوا إلى بلداتهم ومدنهم الأصلية.

ويصمت الحاج أبو الوليد عدة دقائق ينظر خلالها في وجوه أبنائه وأحفاده الذين تجمعوا حوله يستمعون للقصة بتأثر

واضح، رغم أنهم سموعها عشرات المرات كما يقول ابنه مازن.

وفجأة يعود للحديث قائلاً: قبل يوم من سقوط القرية حصدت محصول القمح ووضعته في مكان بعيد عن المستعمرة

المجاورة ، وحين هربنا تركنا خلفنا كل شيء وأضاف : لو كنت أعرف هذه النتيجة ما خرجت وليحدث ما يحدث.

ويقول: عشنا سنوات طويلة نحلم بالعودة إلى قريتنا كل يوم، لكننا لم نعلم أن الغربة ستطول إلى هذا الحد، وفي

العام 1970 رجعت إلى القرية مع عدد من الأهالي وعندما وصلت إلى مشارفها شعرت بالحزن ووددت تقبيل

حجارتها وترابها، كنت أطوف في شوارعها ولدي رغبة شديدة في البقاء هناك، إلا أنني لم أستطع.

وأضاف: كانت القرية على حالها ولم يتغير فيها شيء سوى أن منزلنا كان محترقاً، وعلمنا فيما بعد أن العصابات

الصهيونية أحرقته بعد أيام من الهجرة انتقاماً من أخي الكبير الذي كان يضربهم ويعتدي عليهم إذا دخلوا أراضي

القرية.

وتابع أبو الوليد: أمضيت عدة ساعات في القرية وتابع : وعندما حل الظلام عدت إلى غزة شبه محطم وأمضيت

في الفراش أسبوعاً كاملاً لا أقوى على الحراك، واعتقد الجميع أنني سأموت قهراً على اغتصاب وضياع قريتي

لكنني شفيت على أمل العودة إلى هناك.

وبدأ يتساءل : من ينسى مسقط رأسه ومن يستطيع أن ينسى أرضه لو ذهبت إلى هناك الآن لعرفت كل شبر فيها

ومن كان يملكه، رغم أنهم غيروا طبيعتها.

وأضاف : لا أبالغ إن قلت أن زرنوقة كانت مثل الجنة وأنا على استعداد للتنازل عن كل شيء هنا في سبيل العودة

إلى القرية والموت في أحضانها.

وحين نسأله عن حق العودة وإحياء النكبة يبتسم قليلاً ويقول: من حقي أن أعود إلى هناك لو رفض كل العالم هذا

الحق، فهل يستطيع أحد أن يمنعني من مواصلة هذا الحلم حتى يتحقق بإذن الله.

وتابع :أقول مرة أخرى ومليون مرة أننا سنعود إلى هناك رغم كل الصعوبات وكل الأسلحة والاتفاقات.


المصدر/ جريدة الأيام


توقيع : جارة القمر
[align=center][/align]


زهرة الشرق
zahrah.com

جارة القمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس