اعتقل بتاريخ 20/9/1990م
الأسير القسامي/ حافظ محمود الدبل
حمل الهم ودافع عن أرضه.. فكان الأسر بالانتظار
لأنهم شموع تحترق لتضيء لشعبهم طريق الحرية والكرامة.. ولأنهم الأبطال والرجال في زمن عز فيه هؤلاء.. ولأنهم هم الذين صنعوا صفحات العز والمجد والفخار للشعب الفلسطيني.. فكانت قضيتهم العادلة المنبثقة من حقوق شعبهم المسلوبة والتي دافعوا عنها بكل ما يملكون.. فرضوا أن يعيشوا في غرف مظلمة وخلف قضبان حديدية.. ورضوا أن يعيشوا خلف الشمس وبعيدا عنها لتشرق شمس الحرية على غيرهم.. وهم على أمل أنها ستشرق عليهم يوما.. فهم الأسرى الأبطال الذي تركوا أهلهم وأبنائهم وأحبابهم والقلوب تحت إلى رؤيتهم ولقياهم.. لكنها الأيام كما جمعتهم فرقتهم ستعود لتجمعهم من جديد بمنة من الله وفضل.. هم الأسرى على اختلاف ألوانهم وانتماءاتهم والحديث عنهم يطول، وهنا كان الحديث عن أحدهم والذي رفض أن يساوم على خروجه من السجن مقابل عرض من الدنيا.. إنه الأسير البطل حافظ محمود عبد الدبل ابن الـ41عاما من مخيم البريج.
ميلاد بطل
ولد الأسير حافظ بتاريخ 18-7-1966م في مخيم الصمود والتحدي مخيم البريج وسط قطاع غزة، في أسرة ملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتلقى دراسته في المدارس التابعة لوكالة الغوث للاجئين للمرحلة الإبتدائية، ولم يكمل دراسته الثانوية بسبب وفاة والده محمود.
فألقيت على كاهلي حافظ مهمة رعاية الأسرة وإعالتها والتي تتكون من أختين والأم، وأخوين موجودين داخل السجون الإسرائيلية.
لكن فترة طويلة استطاع حافظ أن يتقدم لاختبار مرحلة الثانوية العامة فرع "الأدبي"، ونجح بتقدير 67 بالمائة، وحصل على دورات في أحكام التلاوة لتجويد القرآن، وحاول أن يتقدم ليدرس الثانوية العامة فرع العلمي لكن الأوضاع لم تساعده في ذلك.
محبوب من الجميع
أطباع حافظ الهادئة والتي تميز بها لم تكن من فراغ، حيث التزم منذ صغره بالمساجد، وعندما كان يشاهد والده وهو يصلي يقوم بتقليده، حتى كبر وأصبح رجلا محبوبا من الجميع، وجعل له أصدقاءا يسألون عنه وعن أحواله في كل وقت وحين لأنه كان حنونا بهم وحبيبا لهم، وخصوصا شباب المسجد الكبير بالبريج والذي كان ملتزما به.
حب حافظ لم يكن على قدر أصدقاءه فقط، فقد أحب والدته ووالده كثيرا وكان حنونا جدا على أخواته البنات، ولا يرفض طلبا لوالديه وكلمة "حاضر" على لسانه دوما، فهو صاحب الأخلاق الطيبة والسلوك الهاديء، والحريص أشد الحرص على أن تبقى أموره الشخصية محل كتمان وسرية دون التحدث بها إلى اي أحد كان، فلم يكن يحدث أحدا من أصدقاءه عن أخباره الشخصية.
نضاله وتضحياته لم تقتصر فقط خارج السجن، بل كانت كذلك داخله وكان نضالا مشهودا في داخل السجن، فقد أحب حركة المقاومة الإسلامية حماس بشدة، وعندما قيل له إذا بدلت انتماءك وغيرته وتركت حركة حماس سنخرجك من السجن ونعيدك إلى أهلك، رفض بشدة ذلك لأنه يعتز بإنتمائه لهذه الحركة وبأفرادها فردا فردا.
الاعتقال والتعذيب
اعتقل حافظ بتاريخ 20/9/1990م على خلفية مقتل الجندي الإسرائيلي آمنون في مخيم البريج، وقد لقي أشد العذاب من اليهود، حيث كان يلقى عليه الماء البارد والثلج لمدة طويلة، كما وعذب بالكهرباء والضرب الشديد والمبرح.
ووجهت إليه التهم بمشاركته بإلقاء الحجارة على الجندي آمنون ما أدى إلى مقتله حسب رواية اليهود، ويلاقي حافظ الآن وجميع الأسرى داخل السجن معاملة سيئة للغاية.
يشهد له أحد أقربائه بأنه تميز بالصبر والتأني والتفاؤل وحب المستقبل أكثر من الماضي، كما كان كثير الإصرار على عدم إعطاء أحد من أصدقاءه أي معلومة عنه وعما يقوم به، إلا أنه كان دائما يسكت الجميع بقوله بأنه فقط يرمي الحجارة كباقي أبناء الشعب الفلسطيني في الإنتفاضة على اليهود ومستوطناتهم ودباباتهم وجيباتهم وجنودهم.
موقف مؤثر
من المواقف المؤثرة في حياة حافظ وهو في الأسر تلقى نبأ وفاة والدته التي كانت دائما تردد اسمه وتتمنى رؤيته مع باقي إخوته المأسورين، والتي كان حافظ يحبها أيضا ويتمنى أن يجلس معها ولو مرة واحدة، وبالرغم من أن اخوته الذين معه في السجن حزنوا وضاق صدرهم إلا أنه تقبل خبر الوفاة بالصبر وحمد الله تعالى على هذا المصاب.
نال حافظ حكما ظالما من أعداء الله اليهود، فحكموا عليه لمدة 25 عاما وخمسة أيام، قضى منها في السجون الإسرائيلية 16 عاما ظلما وزورا وبهتانا.