عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-07, 11:29 AM   #72
 
الصورة الرمزية حــــر

حــــر
محرر في زهرة الشرق

رقم العضوية : 2410
تاريخ التسجيل : Nov 2004
عدد المشاركات : 2,204
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حــــر

انا قلت الك في البدايه انه صعب احد يصف الشعور الداخلي سوى من هم بداخل فلسطين .. ومهما كتبت فلن تخرج الآمي وآهاتي كما هم من يذقون الويل في اليوم مئه مره ..

الحالة النفسيه للاطفال التي تكلمتي عنها ذكرتني بقصه كتبها اخت فلسطينيه مقيمة في دولة الامارات .. تقول والكلام لها ..

طفلي الصغير

ضيوف كثر زارونا منذ بداية عطلة عيد الفطر المبارك وحتى اليوم.. منهم من لا يزال في الأنحاء ومنهم من عاد أدراجه.. لم يلفتوا نظري كثيراً.. أناس عاديون.. دعوني أقول.. لم أخالطهم كثيراً... إلا أن ذلك الصغير ذو الجسد النحيل والسنوات التي لم تتجاوز الاثنتين لفتني كثيراً وأثار فضولي.. هو زائري من الأراضي المحتلة.. وبالتحديد هو ابن أختي التي تسكن في الضفة الغربية من الأرض الحبيبة..

ملأ هذا الصغير بيتنا ضجة وحيوية محببة إلى الجميع.. كل أفراد العائلة تعلقوا به تعلقاً شديداً.. فتارة نرى والدي يركض خلفه كالأطفال وتارة نرى والدتي تداعبه بالكرة... لا أظن أن هذه التفاصيل مهمة.. ما دعاني لأن أكتب ما كتبت في المنتدى الفلسطيني هو أنني رأيت بأم عيني كيف تتشكل خلايا أدمغة الأطفال الفلسطينيين لتتبرمج في النهاية وتشكل خلايا استشهادية بطلة.. الطفل محمد عندما جئنا به من المطار كانت أمه تحدثنا عن استعداده للرحلة فتقول: "أخبرت محمد أننا سنركب في السيارة أولاً ثم في الباص ثم في الطائرة لنصل إلى بيت جدك".. فيرد عليها محمد: "ماما والدبابة؟؟"..

في طريق عودتنا من المطار مررنا بشوارع إضافية لنطيل الطريق فلا نعود سريعاً إلى البيت، لتتمكن أختي من استنشاق بعض نسمات الحرية التي كانت قبضات الاحتلال تخنقها.. كانت أعين الصغير البراقة متعلقة بأضواء الشوارع في ذهول.. الحركة والناس والضوضاء... لم يكن يتحدث إلينا.. ربما اعتبرنا في البداية غرباء.. وربما كانت غرابة الشوارع واختلافها عن الشوارع التي اعتادها هو السبب.. لكن ما لاحظته في هذا الصبي أن لغته "المكسرة" مبطنة بكثير من ألفاظ الحرب.. فكلما سمع صوتاً من الأصوات الاعتيادية في الشوارع قطع تأملاته وصرخ: "ماما في طخ.." وكلما رأى مجموعة من الأضواء التي تزين المباني صرخ فزعاً: "ماما جيش".. ربما كان الجميع يضحك عندما يسمع كلماته تلك، ولكنني منذ رحلتنا من أرض المطار وحتى هذه اللحظة وأنا أراقب الكلمات الحربية – إن صح التعبير- والتي يستخدمها هذا الصغير الهادئ كثيراً في جمله –على قلتها-... "دم، طخ، جيش، دبابة...."، وكثيراً ما يلفت نظري التصاقه بالنافذة ونظره إلى السيارات المسرعة في الشارع وشهقاته المتلاحقة في خوف وفزع: "جيش.. جيش"..

العديد من المواقف والتصرفات –التي لن أذكرها الآن اختصاراً- جعلتني أدرك بأنه بهذه الطريقة تتبرمج عقول صغارنا، ربما كنت أقول ذلك الكلام نظرياً قبل أن أراه وبشكل عملي، إلا أنني اقتنعت تماماً بأن الساحة الفلسطينية لن تخلو أبداً من آلاف الاستشهاديين الذين تشكلت عقولهم منذ الصغر بقالب يمزح حب الوطن بكره المحتل، وأن كل الشعارات المغرضة التي تهدف إلى خنق الانتفاضة ما هي إلا فقاعات هواء ستذروها الرياح، وأن أقدام جحافل الاستشهاديين ستدوس أصحاب تلك الشعارات الخائبين الذين يتسولون السلام تسولاً من تحت أقدام أحقر أهل الأرض.. وأن كل عمليات السمسرة الجارية حالياً لبيع الأرض المقدسة جزءاً جزءاً ستحرقها شعل من الاستشهاديين..

ربما بالغت نوعاً ما في ربط تحركات الصغير بتأملاتي المستقبلية ونظرتي إلى الخريطة الفلسطينية على المدى القريب البعيد... لكن لم يعد أمامي سوى التأمل في زمن يزخم بالمتخاذلين...

هذا هو حال اطفال فلسطين بسبب الاحتلال ..

والله ثم والله يالما .. نومي على تراب فلسطين اغلى وافضل من مليون قصر يغطيني ويدفيني ..

دمتي بود


حــــر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس