|
ضائعون في زمن بلا ملامح
.
منذ وقت طويل والعلماء والمفكرون حائرون في تسمية هذا الزمان
فقالوا أننا في عصر الآلة . . يصنعها الانسان ويعبدها الانسان .. أي عصر الوثنية التكنولوجية ، فلم يعد الصنم من حجر وإنما هو من حديد وأسلاك كهربائية وشرائح .
فالانسان قد اتخذ من الآلة مثلا أعلى ، تمثال بلا عواطف .. قطع غيار يحل بعضها محل بعض .. لا رأي له ، لا يخرج عن الصف يموت واقفا .. لا يقول: لا .. ولا يقول: نعم . .
وقيل أنه عصر الكل من أجل الواحد .. كل الناس من أجل شخص واحد .. يعيشون إن عاش ويموتون إن مات ، فهم يرون فيه مجدهم وتاريخهم ومستقبلهم وشرفهم ومبرر وجودهم .
أو هو زمن الكل من أجل الكل ، كل الناس من أجل جميع الناس ، فلا أحد يملك أكثر ، ولا أحد يقول أكثر ولا أحد يعلو على أحد .
أو هو زمن الواحد من أجل الواحد .. زمن الأنانية ، فيا روح ما بعدك روح وأنا ومن بعدي الطوفان .
وقيل أنه زمن الكراهية النبيلة ، زمن الوطنية المتطرفة التي ترفض أي وطنية أخرى .. زمن القومية التي تعادي كل القوميات ، سيادة عنصر على كل العناصر ..
وقيل زمن الانسان الصغير ، الفلاح والعامل الذين هم فتات المجتمع . . النفايات البشرية .. رجل الشارع الذي ليس رجل المكتب ولا رجل القصر الملكي أو الجمهوري .
وزمن الشئ الصغير .. أي زمن الذرة التي عندما انشطرت وانفصلت ، تولدت منها طاقة لم نعرفها من قبل . . فكانت القنابل الذرية والهيدروجينية ، زمن القنابل النظيفة التي ليس لها إشعاع أو رماد قاتل ، و إنما هي تصيب وتقتل دون أن تلوث الناس .
وكما أن الذرة تخرج منها أعظم القوى ، فكذلك النفس البشرية: إنها غابة من الوحوش ، اختزنها الانسان على شكل دوافع ومخاوف ورغبات عدوانية . . فمن القفص الصدري للانسان ظهرت كل وحوش التاريخ . .
ففي جوف كل انسان كل ما عرف و مالم يعرف من قوى الطغيان والرغبة في القتل . . .
وقيل أنه زمن الكوكب الذي تخرج منه كل إبداعات العقل الانساني المحدود لمعرفة مجاهل الكون . .
وعلى الرغم من أن أرضنا ليست سوى حبة رمل على شاطئ محيط القدرة الالهية ، فإن سكانها يريدوا أن يتعاظموا ويتطاولوا وتترامى أطرافهم الصناعية – التليسكوب والميكروسكوب والرادار – الى مالا نهاية من جوانب الكون .
فنحن اذا في عصر التمرد على حدود القدرة الانسانية . .
نحن في عصر الكراهية أيضا ، عصر العنف . . العنف الفردي والارهاب الجماعي والمافيا والحرب ، ومن أجل المزيد من القوة اخترعنا كل وسائل الدمار . . فلولا الحرب ما ظهرت السيارة والطائرة والرادار والتصنت الالكتروني .
وتاريخ الانسان هو سجل حافل لحروبه . . فلم تعرف الانسانية الا سنوات قليلة من وقف إطلاق النار والمفاوضات من أجل تثبيت الحدود لتهدمها في حروب جديدة وبأسلحة أكثر تطورا . .
ولا تزال الشعوب كلها تفضل المدفع على الرغيف . . تفضل الجوع في الحرب على الشبع في السلام . . تفضل الموت مع الهتاف بسقوط الاعداء ، على السلام والتعايش مع الاصدقاء والاشقاء . .
نحن إذا في عصر اليتامى والايامى ، فما دامت الحروب هي الاصل فموت الاب والزوج هو القاعدة
. . فكل الاطفال يتامى ، وكل النساء أرامل وأيامى ..
. . . ترى ما هو الاسم الملائم وما هو التعريف المناسب لهذا الزمن المشوه ؟
. . . . مجرد تأملات
مع محبتيlonely
|