الموضوع: تحية المسجد
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-07-06, 08:38 AM   #42

معاذ
مشرف أول

رقم العضوية : 4355
تاريخ التسجيل : Mar 2006
عدد المشاركات : 2,085
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ معاذ
الرد على من يزعم أن تحية المسجد واجبة


[ALIGN=CENTER]
الدليل الثالث:
إقرار النبي ص لبعض الصحابة على الجلوس في المسجد دون صلاة تحية المسجد.
وفي ذلك أحاديث كثيرة نذكر بعضها.
أ- حديث عبد اللَّه بن بسر:
قال:
"كنت جالسًا إلى جنب المنبر يوم الجمعة فجاء رجل يتخطى رقاب الناس ورسول اللَّه ص يخطب الناس فقال له رسول اللَّه ص إجلس فقد آذيت وآنيت"(69),
وقدضعف هذا الحديث ابن حزم فقال: لا يصح، لأنه من طريق معاوية بن صالح لـم يره غيره، وهو ضعيف(70) .
قلت: معاوية بن صالح ليس ضعيفًا، والحديث روي من طريق آخر وتفصيل ذلك.
أولاً: معاوية بن صالح ليس ضعيفًا بل هو ثقة، وثقة غير وتحد من الأئمة، قال على ابن المديني: كان عبد الرحمن بن مهدي يوثقه وقال العجلي والنسائي: ثقة، وقال أبو زرعة: ثقة محدث، وقال ابن سعد: كان بالأندلس قاضيًا لهم، وكان ثقة كثير الحديث.
ومن العلماء من يراه وسطًا ليس بالثبت ولا بالضعيف.
قال ابن خراش: صدوق، وقال ابن عدي: لا أرى بحديثه بأسًا وهو عندي صدوق، وقال البزار: ليس به بأس، وقال أيضًا: ثقة، وقال محمد بن وضاح: قال يحيي بن معين: جمعتم حديث معاوية بن صالح، قلت: لا، قال: ضعتم واللَّه علمًا عظيمًا وذكره ابن حيان في الثقات(71) .
وعلى هذا فأقل أحواله أن يكون حديثه حسنًا.
هذا وقد صحح الحديث الحاكم ووافقه الذهبي(72) ، وصححه ابن حجر في التلخيص الخبير وقال: رواه ابو داود والنسائي وابن حيان والحاكم والبزار، وضعفه ابن حزم بما لا يقدح(73) .
ثانيًا: أما قول ابن حزم أنه لـم يره غيره فأيضًا ليس بصحيح، كما أنه ورد من طريق غير طريق معاوية بن صالح، الأمرين خلافًا لما قال ابن حزم.
إعتراض: اعترض الصنعاني(74) والشوكاني(75) على الاستدلال بهذا الحديث وقالوا إنه لا دليل على أنه لـم يصليهما، فإنه يجوز أن يكون صلاهما - يعني ركعتي التحية - في كرف المسجد، ثـم جاء يتخطى الرقاب.
تنبيه: استدل بهذا الحديث من قال لا تصلح تحية المسجد والإمام يخطب، وقالوا: قد أمره النبي ص بالجلوس، ولو كانت تحية المسجد تصلى والإمام يخطب لأمره بالصلاة وليس بالجلوس. أما القائلون بأن التحية تصلى ولو كان الإمام يخطب فقد أجابوا عن هذا الحديث بأجوبة عن هذا الحديث بأجوبة. ومن هؤلاء ابن حزم وابن حجر.
أجاب ابن حزم على من لـم يجوز صلاة التحية والإمام يخطب على المنبر، بأجوبة منها: أن الحديث ضعيف ولـم يصب في ذلك.
ومنها: أنه يجوز أن يكون صلاها في طرف المسجد ثـم جاء يتخطى الرقاب، ثـم قال: ولو صح الخبر وصح فيه أنه لـم يركع لما كان لهم فيه حجة؛ لأننا لـم نقل أنهما فرض وإنما قلنا أنهما سنة يكره تركها.
ثـم تبعه ابن حجر فقال أيضًا: إحتمال أن يكون الرجل صلى تحية المسجد ثـم جاء يتخطى الرقاب ثـم قال: وترك أمره بالتحية لبيان الجواز فإنها ليست واجبة.
الجواب:
1- أن الاستدلال بهذا الحديث يكون مردودًا إذا ثبت أن الرجل صلى ركعتي تحية المسجد في طرف المسجد قبل تخطيه رقاب الناس، لأن ظاهر الحديث أنه لـم يصليها.
وشرط آخر يجب اعتباره لرد الاستدلال بالحديث وهو علم الرسول ص بأن الرجل صلاها.
إذًا لا يتصور - لو كانت تحية المسجد واجبة - أن يأمره النبي ص بالجلوس إلا بعد علمه يأنه صلاها وإلا يكون قد أمره بترك الواجب على حد قولهمز.
فمن قال باحتمال أنه صلاها في طرف المسجد، قلنا: إن سلمنا لك بذلك ف‘ين الدليل على أن رسول اللَّه ص علم بصلاته؟ ليس هناك دليل على أن الرسول ص علم يصلاته - على فرض أنه صلى - فأمره ص للرجل بالجلوس مع عدم علمه بأنه صلى دل على جواز الجلوس بدون التحية وأنها ليست واجبة.
2- والرسول ص قد رأى الرجل عندما جاء وأمره بالجلوسس فلو كانت صلاة التحية واجبة لساله هل صليت؟ قبل أن يأمره بالجلوس، فإن كان صلى كان، وإن لـم يكن صلى أمره بالصلاة كما سأل سليك.
فقد سأل رسول اللَّه ص سليكًا: أصليت؟ قال: لا فلما تيقن ص أنه لـم يصلِّ أمره بالصلاة.
وفي رواية ابن ماجة أصليت قبل أت تجيء(76) .
قال ابن حجر:
قبل أن تجيء أي: إلى الموضع الذي أنت به الآن، وفائدة الاستفهام احتمال أن يكون صلاها في مؤخرة المسجد ثـم تقدم ليقرب من سماع الخطبة كما تقدم في قصة الذي تخطى الرقاب(77) .
وقال في موضع آخر:
إن الأمر بالركعتين يتقيد برؤية الإمام الداخل في حال الخطبة بعد أن يستفسر هل صلى أم لا(78) ؟
فلو كانت تحية المسجد واجبة لما أمر الرسول ص الرجل بالجلوس إلا بعد تيقنه أنه صلى التحية.
3- القول باحتمال أن يكون الرجل صلى في طرف المسجد قول بالظن والظن أكذب الحديث، وهو لا يغني عن الحق دليل.
قال العيني:
والاحتمال إذا كان ناشيء عن غير دليل فهو لغو لا يُعْتَدُّ(79) به. أهـ
ولوو كانت الاحتمالات ترد الأدلة لما بقى دليل في الشريعة يعتمد عليه.
يقول الشاطبي:
والظاهر هو المعتمد، فلا يصح الاعتراض عليه لأنه من التعمق والتكلف، ولو جاز الاعتراض على المحتملات لـم يبق للشريعة دليل يعتمد عليه، لورود الاحتمالات وإن ضعفت، والاعتراض المسموع مثله يضعف الدليل.
ووجه ثالث: لو اعتبر مجرد الاحتمال في القول لـم يكن لإنزال الكتب ولا إرسال النبي ص فائدة، إذ يلزم ألا تقوم الحجة على الخلق بالأوامر والنواهي والإخبارات إذ ليست في الأكثر نصوصًا لا تحتمل غير ما قصد بها، لكن ذلك باطل بالإجماع والمعقول.
ووجه رابع: وهو مجرد الاحتمال إذا اعتبر أدى غبى انخرام العادات والثقة بها، وفتح باب السفسطة وجحد العلوم(80) .
4- من قال باحتمال أنه صلاها في طرف المسج وجب عليه أن يقول باحتمال آخر وهو علم رسول اللَّه ص بصلاته وما قلناه في الاحتمال الأول نقوله في الاحتمال الثاني ثـم إن وقوع الاحتمالين معًا أقل بكثير جدًا من وقوع احتمال واحد أو وقوعهما على حده.
5- اعتبار الاحتمالين أو أحدهما اتهام للصحابي راوي الحديث نقص شيئًا، وهو هنا على قولهم صلاة الرجل في طرف المسجد يقول إذا ذكر له حديث: لعله نقص منه شيء يبطل هذا الحكم الوارد فيه(81) .
6- جميع الاحتمالات مرددة لأن الظاهر هو المعتمد، فالحديث يظل على ظاهره لعدم وجود صارف له عن ظاهره، وإنما ترمك الرسول ص أمره بالتحية أو سؤاله هل صلاها أم لا؟ لبيان جواز الجلوس بدونها ولبيان عدم وجوبها كما صرح بذلك ابن حزم(82) وابن حجر(83) .
ب- حجيث كعب بن مالك الطويل في قصة تخلفه عن غزوة تبوك والشاهد منه قوله:
فجئت فلما سلمت عليه، تَبَسَمْ تَبَسُمْ المغضب ثـم قال: تعال، فجئت حتى جلست بين يديه.
وفي آخره فقمت فمضيت(84) .
وقد بوب النسائي في هذا الحديث باب الرخصة في الجلوس في المسجد والخروج منه بغير صلاة.
قال السندي في حاشيته على النسائي: "حتى جئت" أخذ منها المصنف أنه جلس بلا صلاة، وقوله: "فمضيت" أنه خرج بلا صلاة وهو محتمل فليتأمل.
قلت: بل هو الظاهر.
ولا يقال هذا مسكوت عليه إلا على سبيل المراوغة والهروب من الحق، فقد استدل البخاري، وابن حجر في أكثر من موضع بعدم وجود الشيء على عدم وجوده كما سيأتي في الحديث التالي ويتضح الأمر ايضًا بهذا السؤال: عندما يحكي إنسان ما حدث له في أمر معين أو حادثة معينة هل يحكي ما حدث له وما فعله؟ أم يحكي ما لـم يحدث وما لـم يفعله؟
هل يقول مثلاً فعلت كذل وكذا؟ أم يقول لـم افعل كذا ولـم أفعل كذا؟ فما معنى أن يقال هذا مسكوت عليه؟
هل يريدون أن يقول كعب بن مالك ولـم أصل تحية المسجد ولـم أكن أحمل على ظهري قربة ماء، ولـم أكن أحمل على كتفي حزمة من الحطب. إن من يدعي فعل هذه الأشياء عليه أن يأتي بالدليل، عليه أن يثبت أنه صلى تحية المسجد لو كان يحمل شيئًا.
أما من قال: إنه لـم يصل تحية المسجد ولـم يكن يحمل حزمة حطب أو قربة ماء فلا يحتاج إلى دليل، إذ ليس في الحديث ما يُشير إلى أن كعبًا فعل شيئًا من ذلك.
ومن ثـم يتضح لمل ذي لُبّ أن القول بأن هذا مسكوت عليه هي محاولة للمراوغة.
فإن قلت: فَلِمَ ترك رسول ص أمره بالركعتين، وقد أمر بهما سليك.
قلنا: أمر سليكًا لبيان جواز صلاة تحية المسجد والإمام يخطب على المنبر، وهي حجة على من يقول لا يصلي والإمام على المنبر. ولـم يأمر كعبًا بصلاة التحبة لبيان جواز الجلوس بدون صلاة التحية، وهي حجة على من قال بوجوبها.
فالغاية من الأمر والترك واحدة، والحمد للَّه رب العالمين.
ثـم إن كعبًا قد أتى في أمر خطير وهو تخلفه عن رسول اللَّه ص بلا عذر، فخلاصة مما وقع فيه من المحذور شغله عن فعل المندوب وإلا فنحن نظن بالصحابة أنهم كانوا أحرص الناس على الخبر.
جـ- حديث الرجل الذي جاء ليدعو لهم رسول اللَّه ص بالسُّقْيا وفيه أن رجلاً دخل يوم الجمعة ورسول اللَّه ص قائم يخطب فاستقبل رسول اللَّه ص قائمًا فقال: يا رسول اللَّه: هلكت المواشي... فرفع رسول اللَّه ص يديه فقال اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا...
ثـم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول اللَّه ص قائم يخطب، فاستقبله قائمًا(85) .
قال صاحب العرف الشذي: فَلِمَ يأمره ص بالتحية؟ وكذلك في الجمعة التي تليها لـم يأمره بها(86) .
وقد شغب بعضهم على هذا الحديث بأن صلاة التحية مسكوت عليها في الحديث.
قلت: قد بوب البخاري في كتاب الاستسقاء.
11- باب ما قيل أن النبي ص لـم يحول رداءه فى الاستسقاء يوم الجمعة.
وقال ابن حجر في شرح الحديث:
"وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم... وإدخال دعاء الاستسقاء في خطبة الجمعة والدعاء به عبى المنبر، ولا تحويل فيه ولا استقبال، والاجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء وليس في السياق ما يدل على أنه نواها مع الجمعة(87) ".أهـ
فبالرغم من أن تحويل الرداء واستقبال القبلة مسكوت عليه في الحديث إلى أن ابن حجر ومن قبله البخاري استدل على عدم فعل الرسول ص بعد ذكر ذلك في الحديث فأنس لـم يقل في الحديث ولـم يحول الرسول ص رداءه.
فقال ابن حجر: لا استقبال فيه ولـم يقل هذا مسكوت عليه ولـم يقل أنس أن الرجل لـم يصلِّ تحبة المسجد.
فنقول: أن الرجل لـم يصلِّ تحية المسجد ولا نقول: هذا مسكوت عليه.
وقد استدل ابن حجر بعدم ذكر الشيء على عدم وجوده في عدة مواضع أذكر منها واحدًا.
في كتاب الوضوء باب أبوال الإبل من صحيح البخاري.
وضع ابو موسى فى دار البريد والسرقين والبرية إلى جنبه فقال: هاهنا وثـم سواء(88) .

قال الحافظ ابن حجر: "وقد رواه سفيان الثوري في جامعه عن الأعمش بسنده ولفظه" "صلى بنا أبو موسى على مكان فيه سرقين".
وهذا ظاهر في أنه بغير حائل(89) . أهـ
قلت: لـم يقل أحد من رواة الحديث.
رغم أن الحائل مسكوت عليه، إلا أن ابن نحدر استدل بالسكوت عليه على محرم وجوده.
فالقول بأن تحية المسجد مسكوت عليها حجة على قائله؛ لأن المسكوت عليه دليل على عدم وجوده.
.

.
[/ALIGN]


توقيع : معاذ
زهرة الشرق

معاذ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس