ليل الشتاء الطويل
و أخيراً صدحت فيروز بأنشودتها الأروع (ليالي الشمال الحزينة ) بعد حوالي ربع الساعة من فضول سبابتي على مؤشر الراديو يمينا ً و يساراً في تلك الليلة الشتوية الباردة كمحاولة للفرار من ملل الليل الشتوي الطويل ، و بينما أنا منسجمة مع تلك الأنشودة يقطع صوت المذيعة تدفق اللحن بهدوء : مساء الخير معنا مكالمة أخرى...
و على الطرف الآخر يأتي صوت رجالي حزين و مضطرب بعض الشيء : مساء النور ممكن أشارك ؟!
تجيبه المذيعة : بالتأكيد .. نتحدث اليوم عن ليل الشتاء هل تراه طويلاً ؟
يجيبها : بالطبع و خصوصا ً على شخص يحيا وحيدا ً مثلي ..
تقاطعه المذيعة : أنت متزوج ؟
يجيبها : بالطبع .. و لدي ثلاثة من الأبناء تزوجوا و منذ أن أستقر كل منهم في بيته تبدل حال زوجتي و لم تعد تهتم حتى بالحديث معي و كأنما قد أنهيت مسؤوليتي في حياتها بتزويج الأبناء ..
تقاطعه من جديد : و لماذا لم تحاول أن تغير من روتين حياتكما و تقترب منها أكثر و كذلك ما موقف الأبناء؟
يجيبها بنبرة حزينة : لقد تركت لها البيت و أسكن حالياً وحدي و الأبناء تضامنوا معها ضدي فلا يزورني أي منهم ...
و هنا تشوش الصوت و كذلك أفكاري التي تسارعت على نحو تلقائي هل هذه هي حقيقة العلاقة بين الزوجين ؟! تختفي المودة و الرحمة و الحب و تفتقر العلاقة الأسمى في الوجود لكل معاني الإنسانية و تجليات المشاركة ، كل منهم يذهب في طريق بمجرد أن يكبر الأبناء
و يستقر كل منهم في داره ، و كأن الأساس تزعزع و أوشك البنيان على الانهيار و كأنهم الرابط الأوحد بين الزوجين و الحجر الأصلب في الأساس ، و هنا تذكرت مقولة الأديب كافكا حين قال ( لن أكون حراً حتى تموت زوجتي ) فهل تتحول العلاقة الأسمى في الوجود إلى قيد يدمي القلب و يقهر الحرية و يشرخ الروح ؟!!
همسة وصل :
ظننت للحظة و برهة من الاحتمال أنك القيد الأكثر حنوا ً ، و حين باغتتني مصافحتك الباردة انفك السوار و صارت يد قلبي أكثر حرية و معصمها يدور حول الإفلات من قبضتك الحديدية الأكثر قسوة من ليل الشتاء ...
بقلم صديقة عمري شيرين يوسف
|